الهاجس الأمني يطغى على الاستقرار الهش

«شبح الاغتيالات» يضع الزعماء اللبنانيين في ... الإقامة الجبرية

تصغير
تكبير
| بيروت ـ «الراي» |

في الافطار السنوي الذي أقامه رئيس الجمهورية ميشال سليمان مساء الاربعاء الماضي في قصر بعبدا والذي درج عليه منذ انتخابه، استرعى المراقبين غياب بضعة زعماء سياسيين عن الافطار بقدر مواز تماماً لمضمون الكلمة التي ألقاها سليمان في المناسبة. والغائبون، كما بات معروفاً، هم رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري المقيم غالباً في السعودية، والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

السمة اللافتة التي جمعت هؤلاء الزعماء على الغياب عن مناسبة كهذه برزت مع العامل الامني المتمثل بخطر الاغتيالات، وهو عامل يرخي بثقله الكبير على المشهد الداخلي اللبناني في مرحلة محفوفة بكثير من المحاذير ومفتوحة على مزيد من التطورات كلما توغلت الازمة السورية نحو مراحل متقدمة من التفجر. حتى ان الاوساط المتابعة باهتمام للملف الامني تلفت الى ان الواقع الذي بدأ يحاصر لبنان ينذر بشل حركة او تحرك الكثير من الزعماء والنواب والسياسيين المدرجين في خانة التهديد بالاغتيال علماً ان معظم هؤلاء ينتمون الى فريق 14 آذار.

وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» ان بري صارح في اليومين الاخيرين بعض الذين التقاهم انه يتجنب حتى التوجه الى دارته في المصيلح (الجنوب)، ويلتزم مقره في عين التينة ولا يبارحه الا نادراً ويعقد فيه الاجتماعات العائدة الى هيئة مكتب مجلس النواب كل اربعاء. مما يعكس شعور الرجل بتهديد جدي يتربص به. والرئيس الحريري يغيب عن شهر رمضان الذي كان مناسبة سنوية تفتح فيه ابواب قصر قريطم يومياً امام ألوف المشاركين. وقد مضى على غيابه عن لبنان اكثر من سنة وثلاثة اشهر متواصلة. والنائب وليد جنبلاط انضم في الايام الاخيرة الى نادي الزعماء المهددين مجدداً ولزم قصر المختارة (الشوف) حيث يقال انه سيمكث فيه لمدة غير منظورة ولو انه لا يعلن ولا يصرح عن المعطيات الجديدة التي تلقاها حول تهديده. اما سمير جعجع الذي بات أسير مقر اقامته في معراب منذ محاولة اغتياله قبل اشهر قنصاً فيعتقد انه سافر بطريقة سرية جداً الى بلد ما منذ ايام عقب اعلان لافت عن بدء «اجازته الصيفية» حتى مطلع اغسطس المقبل.

هذه العينات التي يضاف إليها ملف محاولة اغتيال النائب بطرس حرب اخيراً، ترسم جانباً من المناخ المأزوم سياسياً وامنياً مع تصاعد العد العكسي لبلوغ الازمة السورية متاهات شديدة التفجر وما تمثله من خطر لزعزعة الاستقرار في لبنان.

وتقول الاوساط المتابعة ان احداً لا يمكنه التكهن بما ستفضي إليه المخاوف الواقعية على لبنان من جراء هذه الانعكاسات عليه خصوصاً في ظل تصاعد التحذيرات الدولية من ان يكون لبنان البلد الاكثر تأثراً وتضرراً بالازمة السورية من سائر دول الجوار السوري. ولكن الاوساط نفسها لا تبدي وجهة نظر حاسمة في التسليم لقاعدة زعزعة الاستقرار اللبناني تماماً امام هذا الخطر. اذ انها تلفت الى ان اكثر من عام ونصف العام من عمر الازمة السورية شكلت في جانب منها تجربة معقولة في لبنان، فرغم مشهد الاضطرابات المتنوعة فيه لم يسقط تماماً في متاهة حرب او زعزعة شاملة للامن.

وتلفت الاوساط عينها في هذا الصدد الى ان الخوف من هذا الخطر يبدو العامل الحقيقي الوحيد الذي يجمع الافرقاء السياسيين في كل المواقع، ولعل هذا ما يمكن التأسيس عليه للرهان على عدم سقوط لبنان في محظور الانهيار الامني الشامل.

وتضيف تلك الاوساط ان ثمة ارادة دولية تلاقي هذا الجانب بقوة وتضغط على نحو واضح لمنع انهيار لبنان، وقد تمثل آخر وجوه هذه الارادة برفض الاتحاد الاوروبي اخيراً طلب اسرائيل ادراج «حزب الله» في لائحة المنظمات الارهابية. ومع ان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لم يتطرق الى هذا الامر في الكلمة التي ألقاها قبل يومين، فإنه تحدث عن «حرب ناعمة» يتعرض لها حزبه على يد الولايات المتحدة الاميركية وزاد على ذلك قوله ان لبنان رغم كل مما فيه هو اكثر أمنا الآن من واشنطن ونيويورك. وهي اشارة قرأت فيها الاوساط تأكيداً ضمنياً من نصرالله على الحرص على استمرار الاستقرار ولو بحدوده الدنيا، ما يعني ان الستاتيكو اللبناني الراهن لا يزال مرشحاً للاستمرار والصمود.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي