عائشة عبدالمجيد العوضي / في العمق / ثوْرةٌ مُستَحَقَّة

تصغير
تكبير
| عائشة عبد المجيد العوضي |

كتبت في رمضان الماضي مُرحبة، كأنه بالأمس! ما أسرع الأيام حين تمضي مهرولة، انتهى رمضان ورثينا انتهاءه وها نحن اليوم نستقبله من جديد، كلّها أيام معدودات تضاهي البرق في سرعته وسنعود لنودّعه متألمين!

رمضان اليوم هو ثاني رمضان في زمن الثورات العربية، شهد كيف أن الإنسان استطاع ويستطيع الرفض ويقوى مواجهة صروف العذاب لإحقاق الحق، وبما أنّ تحليل الشيء يفضي بنا لأساسه فها أنا أقف موجِزة ومُختصرة على معنى الثورة وأساس انبثاقها ابتداءً من الجزائر مروراً بليبيا ومصر وانتهاءً بسورية، لماذا ثار مَن ثار مِن الشعوب؟ كيف توحّدت همومهم فتكاتفوا؟ هنا ومضة ٌ صارخة تدل على تجاهل الحُكّام العرب - فاقدي الحكمة - لما يسمى بالطاقة الاستيعابية للشعوب، ما أدى إلى تفجّر قلق داخليّ بنوعيه العقلي والنفسي، القلق العقلي هو الذي صعّب على الشعوب مواصلة الاندماج مع الظروف والاستكانة للواقع الذي بات يشعرهم بمسؤولية عظيمة لتحسين الوضع، فصارت لديهم المعاناة مضاعفة، إنها معاناة ظلم رئيس الدولة مضافة إلى معاناة قلق العقل! أما قلق النّفس يسببه الخوف ونتيجته توترٌ وعدم استقرار يرتبط بالحاضر أو بالمستقبل أو بكلاهما معاً، وهذه معاناة أخرى تضاف للسابقتين، وكان القلق هو الجانب الأهم المحرّك للتغيير!

إنّ هذه الثورات مظهر من مظاهر الحقّ ومجلى من مجاليه، وبمناسبة رمضان أدعوك قارئي العزيز لتقلق، نعم اقلق! وكما أشار الدكتور عبدالكريم بكار إلى أن «القلق في الأساس مهم لأنه جزء مما هو مطلوب لتوازن الشخصية»، على ألا يزيد على الحد ليصبح مرضا، وإنما بالقدر الملائم لإحداث حالة التوازن، اقلق لأنك تحب نفسك، تريد لها الأفضل، تسابق الزمن، تستثمر رمضان، إنها الثورة على الذات، ربما يحتاج الإنسان أن يثور على نفسه في أيامٍ أخَر، لكن رمضان هو الفرصة الأربح والأكبر، فالنفس فيه مُهيأة بفوْرةٍ روحيّة فاغتنمها قبل أن تسكن.

إننا في عصر تفتّح الوعي على المنافع الشخصية، المنافع هنا أعمق من كونها مادية، بل هي منافع إنعاشيّة للروح والثقافة بعيداً عن براثن الماديّة، العبادة، قراءة القرآن، تزكية النّفس ومجاهدتها، الانضباط، التوازن، الرحمة، التواصل الاجتماعي، كل ذلك وغيره الكثير يعد حماية للنفس من التدهور والتراجع، وهو في رمضان إذ الأجواء مهيّأة ومردة الشياطين مصفّدة يكون أيسر على النّفس، فالتفت لذاتك واغتنم رمضانك.





Twitter: @3ysha_85

A.alawadhi-85@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي