رسالة ندم

أنا من أضاعت نفسها...!

تصغير
تكبير
إن كان للسذاجة والجهالة اسم آخر فهو اسمي..... وإن كان للألم والحسرة وصفٌ آخر فهو وصفي وحالي... لأني لا أستطيع أن أدعي أننى ضحية مجتمع قاسٍ... أو نتاج أسرة مفككة... فأنا من أضاعت نفسها وتتبعت خطوات الشيطان خطوة بخطوة... على الرغم مما كان لديها من أسباب الصلاح والاستقامة ما لم يتوفر لكثير غيرها... من أمِ حنون صالحة تقية... وأخوة مشفقون محبون... وظروف أسرية رائعة... لكنها رمت بذلك كله وراء ظهرها... وانطلقت تجري وراء من كان سبب شقائها.
أول خطوات الشيطان هي استجابتي لمحاولات صديقتي للتحدث بالهاتف مع احد الرجال لمرة واحدة فقط ( وياليتنى لم أستجب ) حيث كانت كافيةً لوقوعي في مصيدة العفيفات الغافلات... منذ سمعت صوته وانصّتُ إلى حديثه حتى ملك علي قلبي وعقلي وصرت لا استغنى عن إتصاله ولو مرة واحدة بالأسبوع تبعاً لظروفي حتى طلب اللقاء... فلم أتمكن إلا من النظر إليه من بعيد أثناء خروجي مع أهلي بعد الاتفاق معه على ذلك... حتى جاء اليوم الذي طلبني فيه للزواج فكدت أطير من شدة الفرح لعدم ارتياحي للحديث في الهاتف معه لعلمي بأن ذلك سيغضب أمي وأخوتي... لذلك أسرعت أخبر أمي أن هناك من يريد خطبتي... وبعد السؤال عنه وجدوه بلا وظيفة وقد سبق له دخول السجن وسلوكه مشكوك به... فأخبروني بالرفض... لكنى أريده ولا أريد زوج غيره فأعلنت رفضي لرفضهم ورجوتهم وتصادمت معهم وأنا الابنة المطيعة الخلوقة... قاطعت أمي وأنا ابنتها البارة... وتوصلت إلى اتفاق مع أحد اخوتى بأن يذهب معي إلى المحكمة لعقد قراني على ذلك الرجل الذي سرق منى حياتي كلها... (وياليتهم منعوني أو حبسوني) تزوجته بعدما قاطعت أهلي وبدأت تتكشف الأمور... فقد لاحظت فقدانه لتركيزه معظم اليوم... والتزامه البيت وعدم خروجه لأي سبب حتى جاء اليوم الذي وجدته فيه يتعاطى مخدرات فوقع علي ذلك كالصاعقة ولكن بعد فوات الأوان فقد حملت منه بتوأمين ووقع الفأس بالرأس... ماذا أفعل وأنا قد قطعت صلتي بأهلي وتركت الدنيا خلفي من أجله ؟! وهــــل تعرفـــــون مـــــاذا كانت ردة فعله بعد اكتشافى لأمره...
أدخلني إلى عالمه الشقي وأنا أطيعه كمن لا عقل لها... فجربت لأول مرة الحشيش وتدرجت حتى وصلت إلى الهيروين ولم أفكر حتى بالتوأمين اللذين أحملهما... وبعد أن ساءت حالي وصل الخبر إلى أمي الطيبة الحبيبة فلم تقدر على تركي أغرق مع ذلك الحقير على الرغم مما فعلته معها، ألم أقل لكم أنها الأم الحنون... فجاءت وأخذتني لبيتنا بمعاونة أشقائي وطلبوا لي الطلاق وشرعوا في علاجي حيث أدخلوني مستشفى الطب النفسي أكثر من ست مرات بلا فائدة حيث كنت أرجع إلى وحل الإدمان مرة أخرى بعد أن سكن المخدر جسدي وتمكن مني... وفى أثناء ذلك ولدت بنتين جميلتين لكن لم يشعرني ذلك أبداً بأمومتي فقد افقدني المخدر حتى إنسانيتي... وجزاها الله أمي عنى خيراً فقد تولتهم منذ ولدتهما كما تولتني في صغري وتنكرت لها في كبري... وبعد أن باءت محاولات أهلي لعلاجي بالفشل حيث كنت أرجع مرة أخرى إلى السم عن طريق شراء المخدر بأي طريقة قدرت عليها ولو بسرقة المال من أمي أو سرقة هواتف أخواتي... هل رأيتم كيف تحولت إلى مسخ جائع لا هم له إلا الحصول على ذلك السم... حتى بدأت بحقن نفسي عن طريق الإبر ولأول مرة... حينها تيقن أهلي بأن آخر العلاج الكي... وأنه لابد من ذلك حتى لا يجدوني يوماً وقد سقطت بجرعة زائدة... هل تعرفون ما هو ذلك العلاج المر... والذي كان أشد مرارة علي مما كنت فيه... لقد أبلغ عني أخي المباحث... بعد الاتفاق مع قريب لنا يعمل هناك... لضمان عدم حصولي على المخدر ولا أنسى ذلك اليوم الذي دخل علي أخي وأنا في غرفتي شبه غائبة عن الوعي وقال لأمي ساعديها لتغيير ملابسها ولتأتِ لي في الطابق الأرضي فانا انتظرها وعندما دخلت وجدت مجموعة من الرجال ومعهم أخي الأكبر فقالوا لي اخرجي معنا بهدوء فنحن من المباحث... حينها نظرت إلى أخي مستفهمة عما يحدث فلم يرد علي إلا بقوله: عندما تستعيدين وعيك وتخرج تلك السموم من جسدك... ستعرفين لم أنا فعلت ذلك... دخلت السجن بتهمة التعاطي... وصدقوني لا استطيع أن أصف لكم ما عانيته منذ ذلك اليوم... ياليتنى لم أكن من الأحياء أو ياليت أخي قد دفنني ولم يرسلني إلى هذا العذاب فقد كانت بداية دخولي إلى السجن عذابا لا يوصف... حيث حُملت إلى المستشفى مرات عديدة ما بين الحياة والموت... وأخواني يراقبون من بعيد حتى بدأت الحياة تدب فيني من جديد وصار لي إحساس وشعور كباقي البشر... وأصبحت أفكر بحالي وما كنت فيه وأهلي وأمي وبناتي... لقد منّ الله عليّ بالشفاء... لكن السجن ومرارته... والزنازين وقسوتها... والذل والندم كلها مشاعر مؤلمة تعصف بقلبي كل يوم... لم يخففها عني بعد الله إلا زيارة الحبيبة لي في السجن مع أخواتي... بالإضافة إلى انضمامي إلي حصص مركز الرشاد... حيث عرفت الطريق إلى الله... عرفت معنى التوبة الحقيقية... والتي لابد أن تقترن بالرجوع إلى الله والوقوف بين يديه... والاستعانة به... لقد عرفت لم كنت لا أستمر في الإقلاع عن المخدرات سابقاً... لأنها كانت توبة ناقصة باهتة لا حياة فيها... فالإيمان بالله هو حياة القلوب والأجساد معاً... واليوم بعد مرور ثمانية أشهر على سجني أسأل الله أن يثبتني على ما أنا عليه وأن يزيدني من فضله وأن يهون عليّ ألم الحسرة والندم... !!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي