| أنوار مرزوق الجويسري |
آن للمقال أن يهدأ وللنفس أن تطمئن وللأجواء أن تصفو، آن للمجتمع أن يتقارب ويتواصل وآن للسياسة أن تبطؤ حركتها وتسكن وآن لكل المشاحنات أن تُطفأ، آن لنا جميعاً أن نستقبل رمضان كما يليق به و أن نتوجه ملكاً يتسامى عن كل رذائل الدنيا، سياستها، اقتصادها وأخطاء أهلها، لأنه المغفرة في كل حال والسكينة في كل وقت، ولأن رمضان كفيل بأن يغيّر الحال من حال إلى ضده، فاطمئنوا له يا أهل الدول المنكوبة، ويا دول السياسات المرتبكة ويا كل الشعوب الثائرة.
قد نخرج عن نص المقال السائد وتمتلئ الصحف بمقالاتٍ رمضانية كثيرة لا لأننا نفرض أنفسنا والمقال على رمضان بل لأن رمضان قد فرض نفسه علينا وغمرنا بقدومه وروحانيته، قد نمتلئ شاعرية لقدوم رمضان جديد وقد نفيض بالعقلانية وقد نعيش ما بين الروحانية والعقلانية يوماً بعهد يوم حتى نتم الشهر، لم يكن رمضان يوماً شهرا نعطّل فيه أعمالنا ومصالح البلاد، و لم يكن رمضان يوما شهراً تضيق فيه نفوسنا على البشر ولم يكن رمضان يوماً شهراً ننكب فيه على التلفاز كأنه رمز رمضان المقدّس.
إن الأوقات تمر بنا ولا نمر بها، تأتي إلينا ولا نذهب إليها، تعمل وتؤثّر بنا ولا نؤثر عليها، وإن رمضان لن ينقص منه شيئاً إن تخلّفنا فيه و لن يضره شيء إن كنا به كعادتنا في كل شهر، لأنه الوقت ونحن البشر، لأنه الفاعل المؤثّر والمنحة الكبرى ونحن فاعلون على مستوى أقل تأثيراً وأكثر انفعالاً.
نادراً ما يُجدي الوعظ والحديث وغالباً ما تؤثّر الصورة والمشهد، نحن جميعاً قد نخرج عن نص رمضان، لأنه ليس لرمضان نص وليس هناك حد أدنى أو أعلى للعبادة في رمضان، لا وجود لصورة رمضانية نتبعها وليس هناك طريقة يُفترض أن نتخذها أو أنه من المفروض علينا ألا نخرج عنها، رمضان بلا حدود وبلا تعقيدات، بلا مثاليات وبلا تقليد، هو لكل واحد منا بطابع مختلف وبوجه آخر، ولكل شخص أن يمثّل رمضانه كما يشاء وعلى أي حال يريحه، لأنه شهر السعة والانفتاح والتحرر من كل قيد دنيوي.
@anwar1992m
anwaraljuwaisri@hotmail.com