د. حسن عبد الله عباس / 2 > 1 / ملاحظات حول انشقاق مناف طلاس

تصغير
تكبير
| د. حسن عبدالله عباس |

هروب مناف طلاس وانشقاقه عن نظام الاسد كان خبرا مفاجئاً للجميع. بل لا أستبعد ان يكون الخبر الذي نقلته وكالات الاخبار قد شكل تغييرا على سير الاوضاع الدائرة هناك. لكن منذ لحظة هروبه وانا احمل شعورا غريبا حول هذا الموضوع، دعوني اشرح ما اقصد:

الرجل هرب من سورية بمعية الجيش الحر، فهو من وفر له الغطاء الأمني لايصاله للجانب التركي (او اللبناني بحسب «السفير»).

لكن الغريب في هذا الخبر «المريح» الذي سمعناه من الاعلام الدولي أنه لم يترافق مع صور حية لتسند سلاسة الأمر، فلم يخرج الرجل علينا بتصريح صحافي، ولا رأيناه وهو يسلم على هولاند مثلا في فرنسا باعتباره اكبر وأهم شخصية انشقت إلى الان على النظام، ولا فيديو يكشف عن نيته كما فعل السفير السوري في العراق، فكل ما رأيناه هو صورته مع خلفية الغروب ويدخن السيجار. فهل حقا انشق؟ أم اختطفه الجيش الحر؟ ام انه ما زال مختبئا خوفا من انتقام النظام؟ أم ان التحقيقات ما زالت جارية وتتستر الاجهزة الاستخباراتية عليه وتحرص ألا يكشف عن شيء للصحافة مثلا؟ قد يكون أي شيء، لكن الشيء المؤكد الآن ان انشقاقه ما زال مشكوكا فيه ومؤجلا لحين خروجه وحديثه للاعلام!

الثاني او لنقل الاستغراب الثاني هو ان طلاس لم يكن وزيرا للتخطيط مثلا او للمالية حتى نقول ساعتها ان الرجل مدني ولم يعجبه الوضع بعدما رأى تلك المجازر وآلة قتل تحصد الارواح ليلا نهارا. على العكس من كل ذلك، فطلاس كان عميدا في الجيش وقائدا ميدانيا. يحتل الرجل منصبه من زمان، ومنذ عام ونصف وهو يدير قوات عسكرية ويمارس بحكم وظيفته عمليات ميدانية في الساحة السورية ويضرب بآليات الجيش الثقيلة! ومع هذا الرجل ليس مرحبا به دوليا ومن قبل المعارضة فحسب، بل لدرجة ان ممثل المعارضة ميشال كيلو رشحه ليكون أفضل رجل ليمثل مرحلة ما بعد الاسد! وحتى على فرضية النقل الاخباري بأنه رفض الانصياع للأوامر الصادرة بمهاجمة حي بابا عمر مارس الماضي بحجة انه سني المذهب وهي عقيدة أهل المدينة، يظل طلاس قائدا لفرق موت كثيرة اخرى هنا وهناك منذ اندلاع الاحداث منذ عام ونيف المنتشرة في جميع البقاع السورية، كما لا تنسى انه قائد عسكري منذ زمن وبمدة طويلة سبقت التحركات لنظام دكتاتوري بزعم «اصحاب اليوم» في المعارضة!

الثالث والاخير وهو التساؤل: هل حقا انشق؟! فهل انشق بمعنى انقلب على النظام وصار معارضة، ام ان الأمر فيه مبالغة بحسب رأي عبدالحليم خدام وبأن أمره مشكوك فيه. حسن غندور في مقاله «بين جدلية الانشقاق والفرار» يناقش تحديدا الفرق بين الفرار والانشقاق العسكري، ويوضح ان الأمر هنا مغاير تماما لما حصل مع العميد طلاس الذي اقرب ما يكون الى الفرار وانقاذ النفس عن رفع السلاح ولكن في الجبهة المضادة، وهذا ما ذهبت اليه الاستاذة المساعدة في جامعة اكسفورد الدكتورة شارمين نارواني وعلقت بقولها: «محض دعاية»! لذا لننتظر ونرى!

 

hasabba@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي