«الراي» عاينت «معركة الطبيبين» وجالت في اميون... انه الـvendetta time

انتخابات «كورة الزيتون» اليوم... باكورة استحقاق الـ 2013 الكرة «في مرمى» مَن.... «القومي» أو «القوات» اللبنانية

تصغير
تكبير
|بيروت - من ليندا عازار|

... فتى لا يتجاوز عمره 13 عاماً، يلعب «بالطابة» مع رفيقٍ له، «تفصل» بينهما (من فوق) لافتة كُتب عليها « الكورة وطنية ومثال الدولة العلمانية» من توقيع «أصدقاء الدكتور وليد العازار»، وخلف «الخصم» صورة للدكتور فادي كرم كُتب عليها «لكورة العزّ وثورة الأرز».

... هذا المشهد «الرياضي» يمكن اسقاطه على طريقة «الرياضيات» على الانتخابات الفرعية التي تشهدها منطقة الكورة (شمال لبنان) اليوم حيث تُفتح صناديق الاقتراع امام نحو 60 الف مقترع سيختارون نائباً يملأ المقعد الارثوذكسي الذي شغر بوفاة نائب «القوات اللبنانية» فريد حبيب واكمال ولايته حتى موعد الانتخابات العامة بعد نحو ثمانية أشهر.

فـ «فرعية» الكورة سرعان ما تحوّلت «كرة انتخابية» في «ملعبٍ» اختلطت فيه الجغرافيا بالسياسة، والتاريخ بالحاضر بكل «حواضره» المحلية والاقليمية، حتى باتت «انتخابات المقعد» تختصر المشهد اللبناني الذي يشهد منذ أعوام «سباق بدَل» بين أزمات غالباً ما تتحوّل مباريات - مبارزات يكون فيها لبنان «اللاعب البديل».

... الى الكورة دُر. هكذا أدار لبنان أنظاره منذ وفاة النائب حبيب في 31 مايو الماضي ثم تسمية «القوات اللبنانية» الدكتور فادي كرم (نقيب اطباء الاسنان في طرابلس بين 2005 و2008) كمرشّح يكمل ما تبقى من الولاية، واعتبار الحزب السوري القومي الاجتماعي ان اختيار ابن أميون التي تُعتبر «عرينه» شكّل «اعلان حرب» عليه في «قلب البيت» قرّر الردّ عليه بمرشّح «أميوني» هو الدكتور وليد العازار (طبيب الصحة) علّه «يقلب الطاولة» على «القوات»، لتصبح المعركة على طريقة «يا قاتل يا مقتول».

وفي موازاة الأبعاد السياسية الكبرى التي أُعطيت لانتخابات اليوم بما هي «منازلة» بين «مشروعين» و«خياريْن» يعبّر عنهما كل من قوى 14 آذار المتوحّدة خلف مرشّح «القوات» وفريق 8 آذار المتكتّل وراء مرشّح «القومي»، فان «حرب الطبيبيْن» تكتسب «رمزيّة» ظهّرتها عناوين «المعسكريْن» اللذين يتصارعان في قضاء الوصْل بين البترون وبشري، الذي يتميّز بموقعه بين السفح الغربي لسلسلة جبال لبنان الغربية وشاطئ البحر الأبيض المتوسط. وفي حين جاءت شعارات «القومي» مستمدّة من الجغرافيا المترامية على امتداد «الهلال الخصيب»، أتت «الحوافز الانتخابية» لـ «القوات» انسجاماً مع شعار «تأسيسي» يمتدّ على رقعة الـ 10452 كيلومتراً مربعاً (حدود لبنان) «مخصَّباً» بعنوان «القومية اللبنانية».

ولم «يسْلم» التاريخ من الاستحضار كجزء من «عُدّة» التجييش في القضاء الوحيد الذي يمثّله ثلاثة نواب ارثوذكس، حتى بدا الصراع حول «الكورة لمَن»: لشارل مالك «الكيانيّ» اللبناني وأحد رموز «الفكرة اللبنانية»، او عبد الله سعادة احد الرموز التاريخيين لـ «سورية الكبرى» وورثة فكر انطون سعادة مؤسس الحزب «القومي».

أكثر من «لقب» أُعطي لـ «موقعة» الكورة... «البروفة» للانتخابات العامة بعد نحو ثمانية اشهر، الانتخابات «التمهيدية» او «التسويقية» لاستحقاق 2013 التي يدخلها الرابح في «اختبار» اليوم مع ADVANTAGE POINTS تضمن له تقدماً معنوياً في «امّ المعارك» المتوقّعة السنة المقبلة، انتخابات «ردّ الاعتبار» لقوى 8 آذار التي خسرت المقاعد الثلاثة في استحقاق 2009 وبفارق نحو 2700 صوت، انتخابات «تحديد الأحجام» لـ «القوات» ضمن 14 آذار ولـ «القومي» داخل 8 آذار... وما بين هذه العناوين من أبعاد سياسية أُسبغت على تاريخ 15 يوليو تتخطى الاطار المحلي الى ربْطها بما يجري في سورية وبالتحولات في العالم العربي الذي وضعته الثورات المتدحرجة امام مفترق «انعطف» معه التاريخ.

«... العازار مرشّح (الرئيس السوري) بشار الأسد»، «كرم مرشح من خارج الحدود بمال خليجي»، شعاران اتّهامان اختصرا «الامتدادات» السياسية لانتخابات اليوم التي تخاض على قاعدة ان مَن يفوز فيها سيربح معركة تمثيل مسيحيي الشمال الذي يُعتبر وللمفارقة المنطقة اللبنانية الأكثر تأثُّراً بالأزمة السورية التي تطوله تشظّياتها ولا سيما في عكار التي يخشى كثيرون ان تشكّل يومياتها الساخنة «بوابة عبور» لـ «كرة النار» السورية الى لبنان.

واذا كانت «الكورة الخضراء» ذات الغالبية الأرثوذكسية والتي يقارب عدد الناخبين فيها 60 الفاً يتوزعون على نحو 50 قرية تقف بهذا المعنى على تماس مباشر مع «العاصفة» السورية، فانها تطلّ ايضاً على «الربيع العربي» الذي يحضر في خلفيات المعركة التي يحذّر «القومي» من ان يؤدي فوز «الخصم» فيها الى منح صدقية للمتحالفين مع «الأصوليات» قارعاً «ناقوس الخطر» حيال ما قد يرتّبه «استكمال الربيع العربي حصاده»، في حين تخوض «القوات» المواجهة انطلاقاً من الثوابت التي قاربت بها «ربيع الثورات» من زاوية انسانية وأخلاقية ومبدئية وسياسية، مراهِنة على ان «الممارسة» ستؤدي الى تلاشي «فوبيا» الاسلاميين.

وبين هذين الحدين، رسم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الخط الفاصل» للمعركة التي اعلنها لـ «تلاقي ربيع الانتخابات الديموقراطية الذي يُزهر في منطقتنا أخيراً»، محدداً بُعدها «الكبير» باعتبار انها «ليست انتخابات فرعية، بل هي معركةٌ اساسية بنتائجها وتردداتها (...) انها معركة الـ«لا» بوجه ما تبقى من النظام السوري وأدواته الداخلية، معركة الـ «لا» بوجه القمع والارهاب والاغتيال، معركة الـ«لا» بوجه من يبشرنا كل يوم بأن النظام في سورية لن يسقط وسيسقط».

في المقابل، دقّ «القومي» النفير، لاعباً على «وتر» تصاعد الأصوليات الاسلامية في شمال لبنان و«المعروف من يدعمها من حلفاء «القوات»، معلناً انها معركة «في وجه الهجمة الشرسة التي يخوضها المال السياسي والفكر الانقسامي المذهبي في تغيير هوية لبنان القوميّة والنضاليّة تنفيذاً لأجندة خارجية تسعى الى تفتيت المنطقة الى كونتونات مذهبية لتبقى اسرائيل مهيمنة على ثرواتنا»، ومتوعداً بأنه «في 15 يوليو ستثبت الكورة بان ارادة أبنائها عصية على كنوز العالم وتيجان أمراء النفط والغاز».

وهكذا صارت «كورة الثقافة» امام استحقاق يختزن الماضي و«موروثاته» الفكرية والسياسية ويغرف من الحاضر عناوين من مختلف «الاعيرة» وُضعت على الطاولة خدمةً لمعركة «الحياة او الموت» التي تستشرف المستقبل الذي تكاد ان تختصره لبنانياً انتخابات سنة 2013 التي يرى كثيرون ان «فرعية الكورة» ستحدد مصيرها على المستوى «الاجرائي»، فاذا مرّت انتخابات اليوم «على خير» تأخذ الانتخابات العامة «دفعاً»، واذا عكّرتها اي أحداث أمنية يصبح استحقاق الـ 2013 في «دائرة الخطر» الذي تفوح «رائحته» منذ فترة.

ومَن يزُر الكورة عشية انتخابات اليوم لا يمكنه الا ان «يلتقي» بمجمل هذه الأبعاد التي تتشابك كـ «خيوط العنكبوت» على «أرض الزيتون» التي تشكّل جزءاً من الشمال المسيحي الذي يشهد منافسة تقليدية على الزعامة بين القطبين المارونييْن زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع، والتي تجعلها خريطة قواها السياسية مساحةً لمواجهة متعدّدة المحور تخوضها «القوات» مع «اعتى» الخصوم اي الحزب السوري القومي الاجتماعي، «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» ضمن اطار طائفي (بحسب جدول العام 2009) يتحّكم معه الأرثوذكس بـ «خيوط اللعبة» بعدد ناخبين يقارب نحو 37 ألفا (61 في المئة) يليهم الموارنة 11 ألفا (19 في المئة) والسنة 7 آلاف (15 في المئة) والشيعة ألف صوت (2 في المئة) والعلويون 400 (1 في المئة).

ومن خلف «زحمة» اللوحات الاعلانية التي طغت عليها صور مرشح «القوات» فادي كرم، تزدحم الأسئلة حول «سرّ» اختيار «القوات» هذا الطبيب مفضّلة عدم اتباع العُرف عبر ملء المركز الشاغر بوفاة الراحل فريد حبيب بأحد الاقارب من الابناء او الزوجة او الاشقاء ناقلاً المقعد النيابي من بلدة كوسبا الى عاصمة القضاء أميون.

وتختلف بين أبناء الكورة القراءة لهذه الخطوة التي اعتبرها «القومي» استفزازاً «جرّه» الى معركة قال انه «لم يكن يريدها» وان «القوات» فرضتها ايضاً على حلفائها... في بعض الزوايا في ساحل الكورة الذي «يسترخي» على البحر، الجواب «واضح» عند البعض الذي يعتبر أن جعجع «وجد بعد الفوز بالمقعد لدورتين متتاليتين وبعدما حقق في 3 من بين أكبر 4 بلدات في الكورة أكثرية نسبية من الأصوات تقدمت فيها «القوات» على منافسيها، انه لا يزال تحتاج الى «الفوز» بأكبر هذه البلدات اي أميون كي يصبح الرقم الصعب في الكورة».

ويشير هؤلاء الى انه بعد كوسبا مسقط رأس حبيب والنائب نقولا غصن، وأنفة مركز «ثقل» نائب رئيس البرلمان فريد مكاري، وكفرعقا، يكتسب مجرّد تحقيق تقدُّم كبير بالنتيجة في أميون «حصن» القوميين نكهة خاصة تعزّز صورة «القوات» بين حلفائها كقوّة «قرار» ربما تحصل على نائبين من اصل 3 في القضاء.

«تحليل» آخر يشغل متابعين للشأن الانتخابي من خصوم «القوات» الذين يعتبرون ان المعركة التي تحصل على مقعد نيابي «مفتعلة» وهي اساساً «ما بتحرز» وأرادها جعجع علّه يحقق انتصاراً يصيب به «ثلاثة عصافير بحجر واحد» هي «المردة» و«التيار الحرّ» و«القومي»، و«لكننا لن نعطيه هذا الشرف».

وفي أنفة، حيث تحوّلت دارة النائب مكاري «خلية نحل» مواكبةً لانتخابات اليوم، «مناصرون» ومؤيدون استوقفهم «استلحاق» قوى 8 آذار الأمر ووقفوهم قبل 48 ساعة من فتح صناديق الاقتراع جهاراً خلف المرشح العازار بعد ملامح تردُّد ولا سيما من النائب سليمان فرنجية الذي قيل انه يواجه صعوبات في حشد انصاره في الكورة لتأييد المرشح «القومي»، وسط استحضار البعض المعارك التي نشبت بين «المردة» والقوميين أيام الوجود السوري والتي أسفرت عن «ضبط» الانفلاش الزغرتاوي في الكورة، وحصره في القرى المارونية برعاية سورية، من دون اغفال «حساسية» جمهور «التيار الحر» حيال الحزب «القومي» وممارساته ضده في الكورة ابان مرحلة «الوصاية» السورية.

واذا كان بعض الضليعين في الملف الانتخابي الكوراني يشيرون الى ان «القوات» اذا نجحت في الفوز اليوم ستخرج «الرابح الاول بين الفائزين من 14 آذار» وستربح عملياً «كل شيء»، يلفت هؤلاء الى ان «الفتور» الذي طبع بدايةً سلوك «التيار الحر» و«المردة» مردّه الى عدم رغبتهم في «ربط مصيرهم» بمآل هذه المعركة عبر ترك «القومي» في الواجهة، فاذا ربح يكون الثلاثة فازوا اما اذا هُزم فيكون تلقى «الضربة» لوحده، علماً ان خسارة حزب انطون سعادة ستعني هذه المرة انه «يخسر كل شيء».

وتبعاً لهؤلاء «المتمرّسين» في الاستحقاقات الانتخابية ان «سياسة رجل في البور واخرى في الفلاحة» التي اعتمدها العماد عون والنائب فرنجية سقطت كلياً مع اعلانهما صراحةً دعمهما لمرشح «القومي» ما يعني انهم باتوا معاً «في مركب واحد»، فاما يربحون معاً او يخسرون معاً، وهو ما عبّر عنه مباشرةً جعجع حين أعلن يوم الجمعة رداً على «الذين قالوا انّ هذه المعركة ليست معركة الحزب القومي فقط»، أن «هذا صحيح، والخسارة أيضاً لن تكون للحزب القومي فقط».

ومجمل هذه القراءت تزدحم في دائرة مكاري، التي امضى فيها الامين العام لـ «تيار المستقبل» احمد الحريري اياماً قليلة تولى خلالها الاشراف مباشرة على ماكينة التيار التي وضعت «نصب عينيها» رفع مستوى الاقتراع بين الناخبين السنّة الذين يبلغ عددهم نحو 7400 حالياً كان اقترع منهم في 2009 نحو 4700 صوّت 3 آلاف منهم لمصلحة لائحة 14 آذار فيما نالت لائحة «التيار الحر» وحلفائه في 8 اذار (القومي والمردة) 1700 صوت.

ويعوَّل كثيراً على «البلوك» السني لاعطاء ارجحية لمرشح «القوات»، وسط اعلان مدير عام «ستاتيكس لبنانون» الخبير الانتخابي ربيع الهبر ان ثلاثي «التيار الحر» و«المردة» و«القومي» يملك قوة تجييرية تفوق بقليل «القوات» لوحدها، ما يجعل الصوت السني هو الكفيل بمعادلة النتيجة»، مشيراً في السياق نفسه الى ان الصوت الشيعي (الف مقترع) صبّ بنسبة 100 بالمئة الا واحد في الـ 2009 لمصلحة لائحة «التيار الحر» وحلفائه في 8 آذار فيما ذهب الصوت الوحيد منهم الى «القوات».

وتحرص دوائر متابعة في هذا الاطار على رفض اعتبار الصوت السني مقرراً في النتيجة بمعنى ان يقال ان المسيحيين فازوا بأصوات السنّة، «رغم ان هذا ليس مأخذاً»، معتبرة انه من باب «سلامة النقاش» فان فريق 8 آذار حصل في الـ 2009 على 1700 صوت سني (اي 30 في المئة من الاصوات) والف صوت شيعي اي ما مجموعه 2700 صوت غير مسيحي مقابل 3 آلاف صوت سني لـ 14 آذار في حين جاء الفارق 2751 صوتاً بين اول الرابحين من لائحة 14 آذار اي النائب الراحل حبيب الذي نال 14952 صوتاً واول الخاسرين الوزير الحالي فايز غصن الذي نال 12201 صوت، واذا حسمنا 3 آلاف صوت من حبيب يكون نال 11952 صوتاً في حين يوصل حسم 2700 صوت من غصن الى رقم 9500.

وحين تسأل «الراي» الحريري عن حضوره شخصياً الى الكورة وألا يعطي ذلك لـ «القومي» سلاحاً لـ «شدّ العصَب» هو الذي يتحدث عن المال السياسي وتحالف «القوات» مع المتحالفين مع الاصوليات يقول: «اولاً نحن تيار الاعتدال ولا نحتاج الى شهادات من احد في هذا الاطار، وثانياً «القوات اللبنانية» حليفتنا ونحن نخوض المعركة ضمن تحالف سياسي ونحن يداً بيد لينجح مرشح 14 آذار».

وعن اعتبار البعض ان انتخابات الكورة ستشهد «فرعية» ثانية بين «المستقبل» وجمهوره لرصد مدى قدرته على استنهاض الناخبين السنّة، قال الحريري: «لا يلعب احد على وتر العلاقة بيننا وبين جمهورنا العابر للطوائف اساساً، ومعيب اتهام السنّة بانه يتم شراؤهم، وهذا منطق المهزومين والمفلسين».

ويؤكد «ان انتخابات الاحد ستجعل الخاسر فيها يدخل استحقاق 2013 بنفسية المهزوم وستكون كفيلة بشدّ أزر المنتصر للمعركة الكبرى في 2013»، معلناً «لا يمكن لحزب (القومي) يشارك في قمع الثورة السورية ان يفوز بنائب في لبنان».

ومن أنفة الى أميون، التي تكاد ان تختصر الأبعاد «الوجودية» لـ «موقعة» اليوم... في عاصمةُ القضاء وأكبر بلداته الوادعة في ظلال غابة من أشجار الزيتون الذي يشكّل المورد الاقتصادي الأكبر للكورانيين، علامات فارقة تؤكد ان هذه «المدينة الفكرية» تقف على مفترق لن يكون ما قبله كما بعده.

«طقوس» الانتخابات من صور للمرشحيْن الرئيسييْن ولافتات، حاضرة بقوة في «أرض المعركة» التي لها «طعم خاص» هنا لأنها ستدور بين «الأرزة الخضراء» (تتوسط علم «القوات») و«الزوبعة الحمراء» (الشعار الذي يتوسّط علم القومي).

في شوارع أميون، التي تُعدّ بلديتها من الاقدم والاكثر عراقة في لبنان، يحضر الماضي بقوة في الزوايا التي يتردّد فيها دويّ «نبش القبور» من زمن الحرب الاهلية والتي تفوح منها «رائحة الثأر».

في هذه المدينة، التي تَعدّ اكبر عدد من الناخبين ولكنها سجلت ثاني اعلى رقم في عدد المقترعين العام 2009 بعد أنفة، يعيد «الصدى» الهجوم العنيف الذي اعتمده الدكتور وليد العازار في التصويب على «القوات» من بوابة «تاريخها الدموي» كما اسماه محاولاً «اصابتها» مما يعتبره «الخاصرة الرخوة»: «نخوض المعركة بهدف ابقاء قرار الكورة في الكورة ولا ان يصبح خارجها، وعنوان معركتنا هو المعرفة والمحبّة والوحدة، في مواجهة من شنّوا الحرب على الكورانيين يوما، وهذه الصورة لم تمح بعد من رأس أهالينا، واليوم يهاجموننا بالسياسة دون أي اعتذار على ما تسببوه، وهذا ما يمقته الكورانيون ويحاربونه، وما يرحبون به هو القاسم المشترك الذي يرسّخ علاقة حزبنا مع أهل الكورة».

في المقابل، يقول خصوم لـ «القومي» ان الأخير له من الممارسات الميليشوية في قضاء الكورة التي لا تختلف كثيرا عن ممارسات سائر الميليشيات اللبنانية خلال الحرب وما بعدها. وما زال الحزب المذكور يحتفظ بترسانته العسكرية تحت مسمى «المقاومة».

وعلى «الموجة» نفسها، تدور في الصالونات احاديث عن خلفيات اختيار «الحكيم» (اللقب الذي يطلقه القواتيون على جعجع) ابن اميون ليخوض معركة «الكورة لبنانية».

في بعض المجالس، «اكتشاف» لـ «قطبة مخفية» مفادها ان أصوات أميون تحتاج الى «قسمة» حتى لا تصبّ كلّها في مصلحة مرشح القومي، ومن هنا جاء قرار اختيار «القوات» لكرم لتحفيز الناخبين الذين لا يُقبلون على الانتخابات بـ «خيار غير «القومي»، وان فوز «طبيب القوات» سيجعلها تدخل «قلعة» القوميين وتمدّد نفوذها في أقوى بلدات الكورة استعداداً لاستحقاق الـ 2013.

وفي «جَمعات» أخرى، مجاهرة من خصوم «القوات» بان الأخيرة تحاول استهداف الحزب «القومي» في عرينه «وأن جعجع يريد دخول أميون من الباب الانتخابي بعدما دخلها في العام 1976 على ظهر الدبابات، الا انه لن ينجح في ذلك».

وبين هذا الصالون وذاك، اقتناع تام في اوساط قواتية بان «القومي» استخدم ترشيح الدكتور كرم كذريعة لتبرير دخول معركة كان سيخوضها ضدنا في كل الاحوال لانها معركة «فرضها النظام السوري و«حزب الله» على حلفائهما للحؤول دون اعطاء الدكتور جعجع نصراً مجانياً».

الا ان الأكثر «اثارة» في «أميون الزيتون» المعروفة بـ «نجمة سهل الكورة» التي تفاخر بآثارها الفينيقية والرومانية وبـ «ثروتها» من رجالات الفكر والادب والسياسة، هو انها بدت كأنها تضرب اليوم موعداً مع «الانتقام» الذي لم يسبق ان حصل بين خصمين يتواجهان للمرة الاولى انتخابياً «رأساً برأس» وبمرشحيْن من البلدة التي يعتبرها احدهما («القومي») معقله الرئيسي ومنطقة رئيسه السابق الراحل عبد الله سعادة ونجله النائب السابق سليم سعادة.

ففي هذه البلدة التي ترتفع عن سطح البحر بين 300 - 400 متر وتتميز عن باقي قرى القضاء بأنها عبارة عن سلسلتين صخريتين تتجهان من الشرق نحو الغرب، تضاف اليهما خمس تلال صخرية كلسية تؤلف بمجملها الروابي السبع التي تقوم عليها البلدة بمساكنها المختلفة الطراز (نحو 1300 وحدة سكنية) وكنائسها التي تناهز العشرة، يحضر مؤسِّس «القوات اللبنانية» بشير الجميّل الذي اغتاله «القومي» باعتراف المتهَم حبيب الشرتوني (تم سجنه لـ 8 سنوات قبل أن يتم تهريبه بعد دخول القوات السورية المناطق المسيحية في 13 اكتوبر 1990 لازاحة العماد عون قصر بعبدا) في 14 سبتمبر 1982 بعد 21 يوماً على انتخابه رئيساً للجمهورية في 23 اغسطس من العام نفسه.

وترى دوائر مراقبة ان 15 يوليو هو الـ vendetta time اي «زمن الثأر» في صناديق الاقتراع لاغتيال «البشير» وفي «عقر دار» القومي، اميون، وبأحد ابنائها، وبهذا المعنى سيكتسب الانتصار بحال حصل رمزية استثنائية «تنتقم» معها «القوات» لمؤسسها وتوجّه ما ترى انه سيكون «ضربة قاضية» تعري القومي امام حلفائه وتُظهر انه يدخل البرلمان «على ظهرهم» وليس بقوته الذاتية.

ومن خلف «غبار» هذا الملف الذي لم ينطوِ في ذاكرة القواتيين وقسم كبير من المسيحيين رغم مرور 30 عاماً عليه، أوحى «الكلام الكبير» بين «القومي» و«القوات» بان أميون ستشكّل ساحة «حرب داحس والغبراء» الانتخابية ولا سيما بعد بلغ الامر حد استخدام «السلاح الاحتياط» الكلامي على شاكلة الاتهامات المتبادلة سواء لكرم بانه «يعمل بموجب امر عمليات من اميركا واسرائيل والسعودية بهدف تغيير وجه الكورة ووجهتها»، ولـ«القومي» بانه «يعمل بموجب أمر اليوم الصادر اليه من اسياده في انظمة المحاور الاقليمية».

وفي حين يؤكد الدكتور كرم المرتاح الى مسار التحضيرات للانتخابات «ان القومي يحاول تسويق صورة استفزازيّة للقوّات من أجل محاولة جذب الأصوات، معلناً انه «لا يوجد في الكورة فكر دخيل وفكر أصيل (...) لهم خيارهم ولنا خيارنا نحن اخترنا القوميّة اللبنانيّة ولبنان الدولة الديموقراطيّة أما هم فيؤمنون بسورية الكبرى»، يقول الدكتور العازار لـ «الراي» ان «المعركة اتخذت منحى التحدي نتيجة محاولة جعجع نقلها الى قلب الكورة الذي يشكل حساسية معينة»، معلناً «نحن نمثل شرعية الكورانيين، بينما الفريق الآخر اذا وصل فسيكون ذلك بشراء الاصوات، ونقول لهم ان الكورة ليست للبيع وليكفوا عن التحريض المذهبي والطائفي، ونعدهم باننا سنُسقط هيمنة المال وسنفاجئهم، وليس ذنبنا اذا كانت صورة «القوات» في الكورة هي القتل والدمار».

... اليوم الكورة على موعد مع الاستحقاق «الموعود»، فهل تعيد 14 آذار «الكرّة» وتحقق «القوات» انتصارها المدوّي ام يسدد «القومي» في «مرمى» الآخرين؟





الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي