يتقاتلون دفاعا أو هجوما على ديكتاتور ويفتحون صالاتهم للديكتاتور ويتصالحون في... الديكتاتور
اللبنانيون المنفصمون يشاهدون النجوم ليلاً وفي... عز الظهر


| بيـروت - من علــي الــرز |
يتشاطر اللبناني حتى وهو يعطي تفسيرا لحالة الانفصام التي يعيشها فيقول انها قضية تكاملية لا علاقة للشيزوفرينيا بها. فالتظاهر لتطبيق القانون يترافق مع كل مظاهر الخروج على القانون مثل استعراض السلاح وقطع الطرق وحرق الاطارات. والوقفات الاحتجاجية التي يقوم بها شبان وشابات من اجل تطبيق قوانين المرور تنتهي غالبا بصورة فولكلورية حين يطلق سائق العنان لبوق سيارته احتجاجا على احترام السائق الذي امامه اشارة المرور الحمراء ليتبعها بعبارة «العما بقلبك تحرك شو مفكر حالك بسويسرا؟».
ولبنان لم يعد سويسرا الشرق طبعا لكن من يقنع اللبنانيين بذلك. فهم يمكن ان يتقبلوا ان تكون سويسرا «لبنان الغرب»، كيف لا وهم يعتبرون ان بلادهم تحتضن كل متناقضات الكرة الارضية ويمكنها ان تدخل موسوعة غينيس كل يوم بأكبر صحن تبولة واكبر كوب ليموناضة فيما الكهرباء مقطوعة دائما وخفافيش النهار يزرعون الصواعق في مصاعد السياسيين، وسيارات الوزيرالبعثي السابق الفخمة تخطف غير المرغوب فيهم من مقاهي شارع الحمراء... اي سويسرا اي بطيخ؟
شيزوفرينيا عجيبة غريبة. يتقاتل لبنانيان في الشارع او التلفزيون او الجريدة دفاعا عن الديكتاتور السوري او هجوما عليه ثم يسهران معا في ملهى «الديكتاتور» حيث الموسيقى والمشروبات والرقص والفقش... هذا اذا لم يشاهدا معا فيلم «الديكتاتور» الذي يعرض في مختلف صالات بيروت فيما رفضت بعض صالات السينما في سويسرا عرضه لما اعتبرته اساءات تضمنها ضد العرب والمسلمين كما رفض مسؤولو المهرجانات السينمائية الدولية ادراجه في مسابقتها.
لكن «الديكتاتور» لا يمكنه الاستفراد بسلطة حياة الليل في لبنان لان التنوع يفرض التعددية، خصوصا مع وجود «الامبراطور» حاكم الميوزك هول ميشال الفترياديس الذي يحاول السيطرة والتمدد ما امكن على مملكة الليل وهو يواجه ايضا بانتفاضة قادتها «جمهورية الموسيقى الديموقراطية» الملهى الكبير المجاور الطامح الى مواكبة شعارات الربيع العربي موسيقيا. ومع ذلك يبقى لملهى «الانقلاب» رواده الكثر وكذلك لـ «تشي» الاسم الاول لغيفارا الموجود دائما على قمصان لبنانيين ولبنانيات وفي عقولهم وقلوبهم، يحبون تواضعه وزهده وعيشته في الغابات فيما فاتورة مجموعة منهم قد تتجاوز الالف دولار في السهرة الواحدة... شيزوفرينيا لا يريدون الاعتراف بها.
تخرج مجموعات مدججة باسلحة او بافكار اقبح من الاسلحة لتقطع الطرق صباحا وتفصل المناطق اللبنانية عن بعضها بحجج مختلفة، فيما تمتلىء الساحة الواقعة بين البيال والسان جورج في بيروت باكثر من عشرة آلاف شخص ع«الواقف» ينتظرون الاخ انريكه اغليزياس كي يبدأ اغانيه فيظهر على المسرح قائلا ان والده خوليو ابلغه عن جمال لبنان وجميلات لبنان حيث كانت صديقته لبنانية واعتقد انه يبالغ لكنه فوجىء بان لبنان واللبنانيات اجمل مما قال له والده... تشتعل الساحة ويكتشف انريكه انه رمى كلمة السحر لا كلمة السر وان كل من في الحفلة حافظ لاغانيه اكثر منه ربما. طار اللبنانيون فوق المناطق المقطعة الاوصال وتوحدوا امام هذا الاسباني الذي عرف كيف يخرج اجمل ما فيهم.
بعد انريكه بيوم واحد، وبما ان الاجواء كلها «ديكتاتور» وامبراطور وسلاطين طرب وصل الى جبيل بي بي كينغ ملك البلوز الاميركي الذي زاد من شعبية اوباما عندما تصور الاخير معه وعزفا سوية في الانتخابات السابقة. وصل حاملا 86 عاما وادى بعض الاغاني امام جمهور تجاوز الخمسة آلاف ثم تعب وافرغ ما في معدته على المسرح واعتذر للحضور قائلا انه طار 20 ساعة كي يصل الى لبنان وانه استهان بثقل عمره من اجل لبنان... فكاد الجمهور ينتحب واحاط بالمسرح مرددا اغانيه ليساعده على الاستمرار والتفاعل.
يتقاتلون من اجل ديكتاتور ويتفقون في «الديكتاتور» يقطعون الطرق نهارا ويتوحدون ليلا عند «الملك» يتجمعون في «الانقلاب» ويتخيرون السهر بين الامبراطور وجمهورية الموسيقى الديموقراطية. يستقبلون جميع نجوم العالم في الليل بينما القطع الدائم للكهرباء وتفخيخ السياسيين وخطف المعارضين والتهديد الدائم بقمصان سود و7 ايار وحرب اهلية يريهم النجوم في عز الظهر... هكذا هم اللبنانيون الذين يرفضون الاعتراف بالانفصام، واذا اعترفوا لا يكونون لبنانيين.
يتشاطر اللبناني حتى وهو يعطي تفسيرا لحالة الانفصام التي يعيشها فيقول انها قضية تكاملية لا علاقة للشيزوفرينيا بها. فالتظاهر لتطبيق القانون يترافق مع كل مظاهر الخروج على القانون مثل استعراض السلاح وقطع الطرق وحرق الاطارات. والوقفات الاحتجاجية التي يقوم بها شبان وشابات من اجل تطبيق قوانين المرور تنتهي غالبا بصورة فولكلورية حين يطلق سائق العنان لبوق سيارته احتجاجا على احترام السائق الذي امامه اشارة المرور الحمراء ليتبعها بعبارة «العما بقلبك تحرك شو مفكر حالك بسويسرا؟».
ولبنان لم يعد سويسرا الشرق طبعا لكن من يقنع اللبنانيين بذلك. فهم يمكن ان يتقبلوا ان تكون سويسرا «لبنان الغرب»، كيف لا وهم يعتبرون ان بلادهم تحتضن كل متناقضات الكرة الارضية ويمكنها ان تدخل موسوعة غينيس كل يوم بأكبر صحن تبولة واكبر كوب ليموناضة فيما الكهرباء مقطوعة دائما وخفافيش النهار يزرعون الصواعق في مصاعد السياسيين، وسيارات الوزيرالبعثي السابق الفخمة تخطف غير المرغوب فيهم من مقاهي شارع الحمراء... اي سويسرا اي بطيخ؟
شيزوفرينيا عجيبة غريبة. يتقاتل لبنانيان في الشارع او التلفزيون او الجريدة دفاعا عن الديكتاتور السوري او هجوما عليه ثم يسهران معا في ملهى «الديكتاتور» حيث الموسيقى والمشروبات والرقص والفقش... هذا اذا لم يشاهدا معا فيلم «الديكتاتور» الذي يعرض في مختلف صالات بيروت فيما رفضت بعض صالات السينما في سويسرا عرضه لما اعتبرته اساءات تضمنها ضد العرب والمسلمين كما رفض مسؤولو المهرجانات السينمائية الدولية ادراجه في مسابقتها.
لكن «الديكتاتور» لا يمكنه الاستفراد بسلطة حياة الليل في لبنان لان التنوع يفرض التعددية، خصوصا مع وجود «الامبراطور» حاكم الميوزك هول ميشال الفترياديس الذي يحاول السيطرة والتمدد ما امكن على مملكة الليل وهو يواجه ايضا بانتفاضة قادتها «جمهورية الموسيقى الديموقراطية» الملهى الكبير المجاور الطامح الى مواكبة شعارات الربيع العربي موسيقيا. ومع ذلك يبقى لملهى «الانقلاب» رواده الكثر وكذلك لـ «تشي» الاسم الاول لغيفارا الموجود دائما على قمصان لبنانيين ولبنانيات وفي عقولهم وقلوبهم، يحبون تواضعه وزهده وعيشته في الغابات فيما فاتورة مجموعة منهم قد تتجاوز الالف دولار في السهرة الواحدة... شيزوفرينيا لا يريدون الاعتراف بها.
تخرج مجموعات مدججة باسلحة او بافكار اقبح من الاسلحة لتقطع الطرق صباحا وتفصل المناطق اللبنانية عن بعضها بحجج مختلفة، فيما تمتلىء الساحة الواقعة بين البيال والسان جورج في بيروت باكثر من عشرة آلاف شخص ع«الواقف» ينتظرون الاخ انريكه اغليزياس كي يبدأ اغانيه فيظهر على المسرح قائلا ان والده خوليو ابلغه عن جمال لبنان وجميلات لبنان حيث كانت صديقته لبنانية واعتقد انه يبالغ لكنه فوجىء بان لبنان واللبنانيات اجمل مما قال له والده... تشتعل الساحة ويكتشف انريكه انه رمى كلمة السحر لا كلمة السر وان كل من في الحفلة حافظ لاغانيه اكثر منه ربما. طار اللبنانيون فوق المناطق المقطعة الاوصال وتوحدوا امام هذا الاسباني الذي عرف كيف يخرج اجمل ما فيهم.
بعد انريكه بيوم واحد، وبما ان الاجواء كلها «ديكتاتور» وامبراطور وسلاطين طرب وصل الى جبيل بي بي كينغ ملك البلوز الاميركي الذي زاد من شعبية اوباما عندما تصور الاخير معه وعزفا سوية في الانتخابات السابقة. وصل حاملا 86 عاما وادى بعض الاغاني امام جمهور تجاوز الخمسة آلاف ثم تعب وافرغ ما في معدته على المسرح واعتذر للحضور قائلا انه طار 20 ساعة كي يصل الى لبنان وانه استهان بثقل عمره من اجل لبنان... فكاد الجمهور ينتحب واحاط بالمسرح مرددا اغانيه ليساعده على الاستمرار والتفاعل.
يتقاتلون من اجل ديكتاتور ويتفقون في «الديكتاتور» يقطعون الطرق نهارا ويتوحدون ليلا عند «الملك» يتجمعون في «الانقلاب» ويتخيرون السهر بين الامبراطور وجمهورية الموسيقى الديموقراطية. يستقبلون جميع نجوم العالم في الليل بينما القطع الدائم للكهرباء وتفخيخ السياسيين وخطف المعارضين والتهديد الدائم بقمصان سود و7 ايار وحرب اهلية يريهم النجوم في عز الظهر... هكذا هم اللبنانيون الذين يرفضون الاعتراف بالانفصام، واذا اعترفوا لا يكونون لبنانيين.