«الراي» تنشر توصيات ندوة كلية الأمن الوطني تحت عنوان «الأمن الوطني في ظل المتغيرات المعاصرة»
النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي وسيلتان حاسمتان لتحقيق المصالح الأمنية للكويت وبناء قوة ردع استراتيجية


| كتب منصور الشمري |
خلصت حصيلة ندوة لكلية الأمن الوطني إلى أن مفهوم الأمن الوطني لدولة الكويت يختلف عن أي مفهوم لأي من دول الجوار لما تتميز به البلاد من موقع جغرافي وقدرة بترولية ووضع جيوبوليتيكي متفرد وتوزيع ديموغرافي، ومميزات حضارية للفرد الكويتي ضمن منظومة عادات وتقاليد في نظام ديموقراطي فعال.
ورأت التوصيات الختامية للندوة التي أقيمت تحت عنوان «الأمن الوطني في ظل المتغيرات الأمنية المعاصرة»، وحصلت عليها «الراي» أن الوضع الجيوبوليتيكي للكويت مؤثر وفعال في الأمن الوطني الكويتي، ويمكن تفعيله، بوضع منظومة تأمين حدودية قادرة على منع التسلل وتحقيق الانذار المبكر، وميزت الدراسة شقين للبعد السياسي في الأمن الوطني الكويتي، واعتبرت ان الشق الداخلي يتوجب فيه تماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وتراجع القبلية والطائفية بما يحقق الوحدة الوطنية، فيما اعتبرت أن النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي الوسيلتان الحاسمتان لتحقيق المصالح الأمنية للدولة وبناء قوة ردع استراتيجية.
وحذرت الدراسة من أن الخلل الاجتماعي لطبقات معينة يؤدي إلى تهديد داخلي حقيقي للأمن الوطني تصعب السيطرة عليه، فيما صنفت البعد الأيديولوجي باعتماده «القوة الناعمة» من خلال زيادة الشعور بالحرية والكرامة والرفاهية، بما يحقق الشعور بالانتماء والاندماج الوطني.
وجاء في مقدمة المحصلة الختامية للندوة أن الصيغة المعروفة للأمن الوطني تفيد بأنه: هو جملة المبادئ والقيم النظرية، والأهداف الوظيفية والسياسات العملية المتعلقة بتأمين وجود الدولة، وسلامة أركانها، ومقومات استمرارها واستقرارها، وتلبية احتياجاتها، وضمان قيمها ومصالحها الحيوية، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة داخلياً وخارجياً، مع مراعاة المتغيرات البيئية الداخلية والاقليمية والدولية.
وأضافت انه بالانطلاق من ان الدولة لا تطبق مفهومها للامن الوطني في فراغ، بل في مواجهة الدول الاخرى ومفاهيمها الامنية أولا، وفي مواجهة وحدات النظام الدولي الاخرى ومبادئها وأهدافها وسياساتها ثانيا، فإنها تواجه مشكلات شتى، وأن تصدي الدولة لهذه المشكلات، بما تنطوي عليه من تهديدات جزئية او كلية، يعد ضرورة حيوية لازمة لتحقيق أمنها.
وللأمن الوطني أبعاد أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وايديولوجية وجيوبوليتيكية ولها كلها خصائصها التي تثبت ترابطها وتكاملها. والبعد السياسي وهو ذو شقين داخلي وخارجي، يتعلق البعد الداخلي بتماسك الجبهة الداخلية، وبالسلام الاجتماعي، وتراجع القبلية والطائفية بما يحقق دعم الوحدة الوطنية. أما البعد الخارجي فيتصل بتقدير أطماع القوى الاقليمية في أراضي الدولة ومواردها، ومدى تطابق أو تعارض مصالحها مع الدولة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتحكمه مجموعة من المبادئ الاستراتيجية التي تحدد أولويات المصالح الامنية وأسبقياتها.
أما بالنسبة للبعد الاقتصادي فإن مسائل الاقتصاد والدفاع والامن كل لا يتجزأ، ولذلك فإن مجال الامن الوطني هو الاستراتيجية العليا الوطنية، التي تعنى بتنمية واستخدام كافة موارد الدولة، لتحقيق أهدافها السياسية. كذلك النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، هما الوسيلتان الرئيستان والحاسمتان لتحقيق المصالح الامنية للدولة، وبناء قوة الردع الاستراتيجية، وتنمية التبادل التجاري والاعتماد على التكنولوجيا وتوطينها خصوصا التكنولوجيا العالية والحيوية.
أما البعد الاجتماعي، فبغير اقامة عدالة اجتماعية من خلال الحرص على تقريب الفوارق بين الطبقات وتطوير الخدمات يتعرض الامن الوطني للخطر، ويرتبط هذا البعد كذلك بتعزيز الوحدة الوطنية، كمطلب رئيسي لسلامة الكتلة الحيوية للدولة، ودعم الارادة الوطنية، وإجماع الشعب الكويتي على مصالح وأهداف الامن الوطني، والتفافه حول قياداته الوطنية ويؤدي الخلل الاجتماعي لطبقات معينة الى تهديد داخلي حقيقي للأمن الوطني تصعب أحيانا السيطرة عليه.
أما البعد العسكري فتتحقق مطالب الدفاع والامن والهيبة الاقليمية، من خلال بناء قوة عسكرية قادرة على تلبية احتياجات التوازن الاستراتيجي العسكري، والردع الدفاعي على المستوى الاقليمي، لحماية الدولة من العدوان الخارجي، بواسطة الاحتفاظ بهذه القوة في حالة استعداد قتالي دائم، وكفاءة قتالية عالية، للدفاع عن حدود الدولة وعمقها. ورأت الدراسة في ان القوة العسكرية الدفاعية المتوازنة المحترفة، هي الاداة الرئيسية في تأييد السياسة الخارجية للدولة، وصياغة دورها القيادي وخصوصا على المستوى الاقليمي لتحقيق مطالب الردع في فترات السلم.
أما البعد الايديولوجي، فيعزز ويؤمن انطلاق مصادر القوة الوطنية في كافة الميادين، في مواجهة التهديدات الامنية الخارجية والداخلية، مع الاعتماد المتنامي على القوة الناعمة في جميع المجالات الممكنة وزيادة قاعدة الشعور بالحرية والكرامة وبأمن الوطن والمواطن، وبالقدرة على تحقيق درجة رفاهية مناسبة للمواطنين، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية بصورة مستمرة.
أما البعد الجيوبوليتيكي للدولة تحكمه دلالات الموقع الجغرافي وحدودها الطبيعية مع الدول المجاورة، وعلاقات التحالف وحسن الجوار، ومن أهم عناصر استراتيجية الامن الوطني لدولة الكويت والمصالح الوطنية الحيوية، ودور الدولة في السيطرة على أراضيها، وصادرات الطاقة، وحركة الافراد والسلع عبر الحدود المشتركة مع البلدان المجاورة.
ان استراتيجية الامن الوطني الكويتي:
أولا يجب ان تكون صريحة جدا في تحديد وتشخيص دور العامل الاقليمي خصوصا الدول المجاورة.
وأن تكون ثانيا: واضحة في تعريفها والتهديدات للكويت. وتتنبأ بالمستقبل ليكون مشرقا خلال السنوات المقبلة.
التوصيات الختامية
وخلاصة لما تم تناوله في الندوة جاءت التوصيات التالية:
1 - اهمية الأمن الوطني كموضوع يجب زيادة الوعي والمعرفة لكافة منتسبي وزارة الداخلية بصفة خاصة والمشاركين في منظومة الأمن الوطني من جميع اجهزة الدولة بصفة عامة بمعنى ضرورة تكرار عقد هذا النوع من الندوات العلمية.
2 - ان مفهوم الامن الوطني لدولة الكويت يختلف عن مفهومه في اي دولة اخرى من دول الجوار لما تتميز به دولة الكويت من موقع جغرافي، وقدرة بترولية عالية، ووضع جيبوليتيكي متفرد، وتوزيع ديموغرافي للسكان، وما يميز الانسان الكويتي من مخزون حضاري، وعادات وتقاليد ونظام ديموقراطي فعال.
3 - ان انسب تعريف للأمن الوطني الكويتي هو:
الأمن الوطني الكويتي: (منظومة أمنية مركبة، تحدد قدرة الدولة على حماية قدراتها، وتنمية امكاناتها، من جميع الاخطار الداخلية والخارجية، بكافة الوسائل المتاحة، وذلك بتقوية نظام الامن الداخلي، وتفعيل الخطط التنموية، وتأمين التحالفات الاقليمية والدولية ضد الاخطار الخارجية للدولة في اطار فلسفة وطنية وقومية شاملة).
4 - ان الوضع الجيوبوليتيكي للكويت هو:
مؤثر قوي وفعال في الأمن الوطني الكويتي: يمكن تفعيل هذا المؤثر بوضع منظومة تأمين حدودية قوية قادرة على منع التسلل وتحقيق الانذار المبكر، وزيادة قدرات المراقبة الالكترونية والاهتمام بكفاءة القوات وتنمية مهارتها في سرعة المناورة لتأمين كافة حدود الدولة وانشاء منظومة متكاملة للتأمين بالاضافة لاستمرار التعاون مع دول الجوار في شتى المجالات.
5 - يجب عمل دراسة متكاملة لقياس قدرات الدولة الشاملة للحد من نقاط الضعف وتقوية نقاط القوة ونظراً لما يميز المجتمع الكويتي من توزيع ديموغرافي للسكان وان نسبة الكويتيين لا تتعدى ثلث السكان على ارض الكويت وبالتالي يلزم وضع سياسات للحد من العمالة الهامشية ووضع خطة شاملة للاحلال ورفع كفاءة القوة العاملة الكويتية.
6 - بدراسة ابعاد الامن الوطني الكويتي اتضح لنا تميز البعد السياسي للكويت وقدرتها الديبلوماسية العالية، بالاضافة للبعد الاقتصادي واستثمارات صندوق التنمية الكويتي وما يحققه ضمن القوى الناعمة، وأخيراً البعد الاجتماعي القوي للدولة وما يمكن ان يدعم الامن الوطني، اما البعد العسكري يجب ان يعتمد على الكيف بالتدريبات المشتركة وبالتعاون مع جميع مستويات الأمن دون الاقليمي والاقليمي الدولي.
7 - بدراسة مخاطر ومهددات الأمن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب على الدولة التمسك بالممارسات الديموقراطية وتطويرها حتى تتمكن من تحقيق قدرات عالية على مجابهة المخاطر الداخلية، وزيادة تفعيل التحالفات الاقليمية مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول الشقيقة والصديقة حتى يمكن الحد من التهديدات الخارجية مهما كان مقصدها.
8 - بدراسة مخاطر ومهددات الامن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب تطوير خطط تأمني الجبهة الداخلية والتوسع في استخدام التكنولوجيا، وتفعيل برامج لدعم وتعزيز الوحدة الوطنية، والتركيز على عناصر الأمن الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية وتطبيق القانون والحد من الواسطة، واستكمال التشريعات لرفع مستوى العدالة.
9 - بدراسة مخاطر ومهددات الأمن الوطني الكويتي اتضح لنا اهمية القوى الناعمة وضرورة وتفعيل استخدام الصناديق الاستثمارية في السياسة الخارجية والمشاركة الفاعلة في المهمات الانسانية للدولة الصديقة والحليفة، لضمان حلفاء فاعلين مساندين للكويت ضد الاخطار الخارجية.
10 - بدراسة مخاطر ومهددات الامن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب الارتقاء بمنظومة التعليم في جميع المستويات، للحد من التطرف والارتقاء بالمواطنة للحد من التعصب للطائفية والقبلية، والعمل على تحسين وتطوير خدمات الصحة وربط الاصلاحات الاقتصادية بالخطط الانمائية، تحت مظلة أمنية وطنية.
11 - ان رؤية الكويت عام 2035 تؤكد عن حنكة المخطط باستشراف المستقبل واعتماده على تحويل الكويت لتكون مركزاً مالياً وتجارياً يضمن رؤية أمنية ثاقبة لأن استثمارات الآخرين على ارض الوطن وتسهيل السياسات المصرفية المالية يساعد على تدعيم الأمن الوطني للدولة، وأن الأمن الوطني يجب أن يتوافق في استراتيجيته مع رؤية دولة الكويت والتخطيط لتحقيق هذه الرؤية.
12 - يمكن للكويت تفعيل دور التنمية المستدامة في جميع المجالات وبناء قاعدة صناعية بتروكيماوية في مناطق الحدود تساعد على فرض طوق اقتصادي أمني للمعاونة في تحقيق الأمن الوطني الكويتي، بالاضافة لبناء قاعدة صناعية تكنولوجية لزيادة الوظائف وامتصاص الخريجين الجدد والحد من البطالة.
13 - ان ما نشهده حالياً من طفرة أمنية وقدرة عالية من حيث وسائل المراقبة وادخال أنظمة التتبع والحاسبات ورفع مستوى فرد الأمن ضمن منظومة شاملة تساعد في تحقيق الأمن الوطني الكويتي، على أن يتم ذلك من خلال خطة استراتيجية لوزارة الداخلية، ترتبط بالخطة التنموية للدولة وبالتنسيق مع بقية عناصر القوات المسلحة.
14 - أهمية تشكيل ادارة عامة في وزارة الداخلية تهتم بالتخطيط الاستراتيجي، والتطوير، وتتولى صناعة القرار وادارة الأزمات، وتكون المهمة الرئيسية لها وضع الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية بالتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط والتنمية في الدولة، وترتبط بنفس سنوات الخطة الإنمائية.
15 - أهمية تشكيل لجنة علمية من الأساتذة والمتخصصين والقادة والمديرين ومن جميع أجهزة الدولة ذات الصلة تهتم بالتخطيط الاستراتيجي للأمن الوطني، وتطويره، وتتولى تحليل المخاطر والتهديدات الداخلية والخارجية ووضع الحلول والبدائل، وتكون المهمة الرئيسية لها وضع الخطة الاستراتيجية للأمن الوطني بالتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط والتنمية في الدولة، وجهاز الأمن الوطني وترتبط بنفس سنوات الخطة الإنمائية.
16 - أهمية أن يكون للكويت مركز علمي للدراسات والبحوث الاستراتيجية يهتم بالمساهمة في التخطيط الاستراتيجي، وخلق قاعدة بيانات علمية، لجميع البحوث ومن خلالها يمكن تحقيق المعرفة لصناعة القرار وادارة الأزمات، وتكون المهمة الرئيسية للمركز تقديم دراسات وبحوث استراتيجية من خلال الندوات والمسابقات البحثية والاتصال التكنولوجي بكافة المراكز البحثية في العالم ويكون مرجعاً علمياً للباحثين وصناع القرار.
17 - أهمية وجود قوة أمن الجزيرة كما في قوة درع الجزيرة لدول مجلس التعاون والتنسيق مع دول المجلس لتفعيل استراتيجية أمنية مشتركة مع بناء قاعدة لتبادل المعلومات خاصة لمكافحة الارهاب.
وفي نهاية ندوتنا العلمية عن الأمن الوطني وما تبادلناه من آراء ودروس علمية نتوجه بالشكر لكم جميعاً ولكل من ساهم في انجاح هذه الندوة وندعو الله أن يحفظ الكويت وأن نعيش آمنين في وطننا الحبيب.
خلصت حصيلة ندوة لكلية الأمن الوطني إلى أن مفهوم الأمن الوطني لدولة الكويت يختلف عن أي مفهوم لأي من دول الجوار لما تتميز به البلاد من موقع جغرافي وقدرة بترولية ووضع جيوبوليتيكي متفرد وتوزيع ديموغرافي، ومميزات حضارية للفرد الكويتي ضمن منظومة عادات وتقاليد في نظام ديموقراطي فعال.
ورأت التوصيات الختامية للندوة التي أقيمت تحت عنوان «الأمن الوطني في ظل المتغيرات الأمنية المعاصرة»، وحصلت عليها «الراي» أن الوضع الجيوبوليتيكي للكويت مؤثر وفعال في الأمن الوطني الكويتي، ويمكن تفعيله، بوضع منظومة تأمين حدودية قادرة على منع التسلل وتحقيق الانذار المبكر، وميزت الدراسة شقين للبعد السياسي في الأمن الوطني الكويتي، واعتبرت ان الشق الداخلي يتوجب فيه تماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وتراجع القبلية والطائفية بما يحقق الوحدة الوطنية، فيما اعتبرت أن النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي الوسيلتان الحاسمتان لتحقيق المصالح الأمنية للدولة وبناء قوة ردع استراتيجية.
وحذرت الدراسة من أن الخلل الاجتماعي لطبقات معينة يؤدي إلى تهديد داخلي حقيقي للأمن الوطني تصعب السيطرة عليه، فيما صنفت البعد الأيديولوجي باعتماده «القوة الناعمة» من خلال زيادة الشعور بالحرية والكرامة والرفاهية، بما يحقق الشعور بالانتماء والاندماج الوطني.
وجاء في مقدمة المحصلة الختامية للندوة أن الصيغة المعروفة للأمن الوطني تفيد بأنه: هو جملة المبادئ والقيم النظرية، والأهداف الوظيفية والسياسات العملية المتعلقة بتأمين وجود الدولة، وسلامة أركانها، ومقومات استمرارها واستقرارها، وتلبية احتياجاتها، وضمان قيمها ومصالحها الحيوية، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة داخلياً وخارجياً، مع مراعاة المتغيرات البيئية الداخلية والاقليمية والدولية.
وأضافت انه بالانطلاق من ان الدولة لا تطبق مفهومها للامن الوطني في فراغ، بل في مواجهة الدول الاخرى ومفاهيمها الامنية أولا، وفي مواجهة وحدات النظام الدولي الاخرى ومبادئها وأهدافها وسياساتها ثانيا، فإنها تواجه مشكلات شتى، وأن تصدي الدولة لهذه المشكلات، بما تنطوي عليه من تهديدات جزئية او كلية، يعد ضرورة حيوية لازمة لتحقيق أمنها.
وللأمن الوطني أبعاد أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وايديولوجية وجيوبوليتيكية ولها كلها خصائصها التي تثبت ترابطها وتكاملها. والبعد السياسي وهو ذو شقين داخلي وخارجي، يتعلق البعد الداخلي بتماسك الجبهة الداخلية، وبالسلام الاجتماعي، وتراجع القبلية والطائفية بما يحقق دعم الوحدة الوطنية. أما البعد الخارجي فيتصل بتقدير أطماع القوى الاقليمية في أراضي الدولة ومواردها، ومدى تطابق أو تعارض مصالحها مع الدولة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتحكمه مجموعة من المبادئ الاستراتيجية التي تحدد أولويات المصالح الامنية وأسبقياتها.
أما بالنسبة للبعد الاقتصادي فإن مسائل الاقتصاد والدفاع والامن كل لا يتجزأ، ولذلك فإن مجال الامن الوطني هو الاستراتيجية العليا الوطنية، التي تعنى بتنمية واستخدام كافة موارد الدولة، لتحقيق أهدافها السياسية. كذلك النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، هما الوسيلتان الرئيستان والحاسمتان لتحقيق المصالح الامنية للدولة، وبناء قوة الردع الاستراتيجية، وتنمية التبادل التجاري والاعتماد على التكنولوجيا وتوطينها خصوصا التكنولوجيا العالية والحيوية.
أما البعد الاجتماعي، فبغير اقامة عدالة اجتماعية من خلال الحرص على تقريب الفوارق بين الطبقات وتطوير الخدمات يتعرض الامن الوطني للخطر، ويرتبط هذا البعد كذلك بتعزيز الوحدة الوطنية، كمطلب رئيسي لسلامة الكتلة الحيوية للدولة، ودعم الارادة الوطنية، وإجماع الشعب الكويتي على مصالح وأهداف الامن الوطني، والتفافه حول قياداته الوطنية ويؤدي الخلل الاجتماعي لطبقات معينة الى تهديد داخلي حقيقي للأمن الوطني تصعب أحيانا السيطرة عليه.
أما البعد العسكري فتتحقق مطالب الدفاع والامن والهيبة الاقليمية، من خلال بناء قوة عسكرية قادرة على تلبية احتياجات التوازن الاستراتيجي العسكري، والردع الدفاعي على المستوى الاقليمي، لحماية الدولة من العدوان الخارجي، بواسطة الاحتفاظ بهذه القوة في حالة استعداد قتالي دائم، وكفاءة قتالية عالية، للدفاع عن حدود الدولة وعمقها. ورأت الدراسة في ان القوة العسكرية الدفاعية المتوازنة المحترفة، هي الاداة الرئيسية في تأييد السياسة الخارجية للدولة، وصياغة دورها القيادي وخصوصا على المستوى الاقليمي لتحقيق مطالب الردع في فترات السلم.
أما البعد الايديولوجي، فيعزز ويؤمن انطلاق مصادر القوة الوطنية في كافة الميادين، في مواجهة التهديدات الامنية الخارجية والداخلية، مع الاعتماد المتنامي على القوة الناعمة في جميع المجالات الممكنة وزيادة قاعدة الشعور بالحرية والكرامة وبأمن الوطن والمواطن، وبالقدرة على تحقيق درجة رفاهية مناسبة للمواطنين، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية بصورة مستمرة.
أما البعد الجيوبوليتيكي للدولة تحكمه دلالات الموقع الجغرافي وحدودها الطبيعية مع الدول المجاورة، وعلاقات التحالف وحسن الجوار، ومن أهم عناصر استراتيجية الامن الوطني لدولة الكويت والمصالح الوطنية الحيوية، ودور الدولة في السيطرة على أراضيها، وصادرات الطاقة، وحركة الافراد والسلع عبر الحدود المشتركة مع البلدان المجاورة.
ان استراتيجية الامن الوطني الكويتي:
أولا يجب ان تكون صريحة جدا في تحديد وتشخيص دور العامل الاقليمي خصوصا الدول المجاورة.
وأن تكون ثانيا: واضحة في تعريفها والتهديدات للكويت. وتتنبأ بالمستقبل ليكون مشرقا خلال السنوات المقبلة.
التوصيات الختامية
وخلاصة لما تم تناوله في الندوة جاءت التوصيات التالية:
1 - اهمية الأمن الوطني كموضوع يجب زيادة الوعي والمعرفة لكافة منتسبي وزارة الداخلية بصفة خاصة والمشاركين في منظومة الأمن الوطني من جميع اجهزة الدولة بصفة عامة بمعنى ضرورة تكرار عقد هذا النوع من الندوات العلمية.
2 - ان مفهوم الامن الوطني لدولة الكويت يختلف عن مفهومه في اي دولة اخرى من دول الجوار لما تتميز به دولة الكويت من موقع جغرافي، وقدرة بترولية عالية، ووضع جيبوليتيكي متفرد، وتوزيع ديموغرافي للسكان، وما يميز الانسان الكويتي من مخزون حضاري، وعادات وتقاليد ونظام ديموقراطي فعال.
3 - ان انسب تعريف للأمن الوطني الكويتي هو:
الأمن الوطني الكويتي: (منظومة أمنية مركبة، تحدد قدرة الدولة على حماية قدراتها، وتنمية امكاناتها، من جميع الاخطار الداخلية والخارجية، بكافة الوسائل المتاحة، وذلك بتقوية نظام الامن الداخلي، وتفعيل الخطط التنموية، وتأمين التحالفات الاقليمية والدولية ضد الاخطار الخارجية للدولة في اطار فلسفة وطنية وقومية شاملة).
4 - ان الوضع الجيوبوليتيكي للكويت هو:
مؤثر قوي وفعال في الأمن الوطني الكويتي: يمكن تفعيل هذا المؤثر بوضع منظومة تأمين حدودية قوية قادرة على منع التسلل وتحقيق الانذار المبكر، وزيادة قدرات المراقبة الالكترونية والاهتمام بكفاءة القوات وتنمية مهارتها في سرعة المناورة لتأمين كافة حدود الدولة وانشاء منظومة متكاملة للتأمين بالاضافة لاستمرار التعاون مع دول الجوار في شتى المجالات.
5 - يجب عمل دراسة متكاملة لقياس قدرات الدولة الشاملة للحد من نقاط الضعف وتقوية نقاط القوة ونظراً لما يميز المجتمع الكويتي من توزيع ديموغرافي للسكان وان نسبة الكويتيين لا تتعدى ثلث السكان على ارض الكويت وبالتالي يلزم وضع سياسات للحد من العمالة الهامشية ووضع خطة شاملة للاحلال ورفع كفاءة القوة العاملة الكويتية.
6 - بدراسة ابعاد الامن الوطني الكويتي اتضح لنا تميز البعد السياسي للكويت وقدرتها الديبلوماسية العالية، بالاضافة للبعد الاقتصادي واستثمارات صندوق التنمية الكويتي وما يحققه ضمن القوى الناعمة، وأخيراً البعد الاجتماعي القوي للدولة وما يمكن ان يدعم الامن الوطني، اما البعد العسكري يجب ان يعتمد على الكيف بالتدريبات المشتركة وبالتعاون مع جميع مستويات الأمن دون الاقليمي والاقليمي الدولي.
7 - بدراسة مخاطر ومهددات الأمن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب على الدولة التمسك بالممارسات الديموقراطية وتطويرها حتى تتمكن من تحقيق قدرات عالية على مجابهة المخاطر الداخلية، وزيادة تفعيل التحالفات الاقليمية مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول الشقيقة والصديقة حتى يمكن الحد من التهديدات الخارجية مهما كان مقصدها.
8 - بدراسة مخاطر ومهددات الامن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب تطوير خطط تأمني الجبهة الداخلية والتوسع في استخدام التكنولوجيا، وتفعيل برامج لدعم وتعزيز الوحدة الوطنية، والتركيز على عناصر الأمن الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية وتطبيق القانون والحد من الواسطة، واستكمال التشريعات لرفع مستوى العدالة.
9 - بدراسة مخاطر ومهددات الأمن الوطني الكويتي اتضح لنا اهمية القوى الناعمة وضرورة وتفعيل استخدام الصناديق الاستثمارية في السياسة الخارجية والمشاركة الفاعلة في المهمات الانسانية للدولة الصديقة والحليفة، لضمان حلفاء فاعلين مساندين للكويت ضد الاخطار الخارجية.
10 - بدراسة مخاطر ومهددات الامن الوطني الكويتي اتضح لنا انه يجب الارتقاء بمنظومة التعليم في جميع المستويات، للحد من التطرف والارتقاء بالمواطنة للحد من التعصب للطائفية والقبلية، والعمل على تحسين وتطوير خدمات الصحة وربط الاصلاحات الاقتصادية بالخطط الانمائية، تحت مظلة أمنية وطنية.
11 - ان رؤية الكويت عام 2035 تؤكد عن حنكة المخطط باستشراف المستقبل واعتماده على تحويل الكويت لتكون مركزاً مالياً وتجارياً يضمن رؤية أمنية ثاقبة لأن استثمارات الآخرين على ارض الوطن وتسهيل السياسات المصرفية المالية يساعد على تدعيم الأمن الوطني للدولة، وأن الأمن الوطني يجب أن يتوافق في استراتيجيته مع رؤية دولة الكويت والتخطيط لتحقيق هذه الرؤية.
12 - يمكن للكويت تفعيل دور التنمية المستدامة في جميع المجالات وبناء قاعدة صناعية بتروكيماوية في مناطق الحدود تساعد على فرض طوق اقتصادي أمني للمعاونة في تحقيق الأمن الوطني الكويتي، بالاضافة لبناء قاعدة صناعية تكنولوجية لزيادة الوظائف وامتصاص الخريجين الجدد والحد من البطالة.
13 - ان ما نشهده حالياً من طفرة أمنية وقدرة عالية من حيث وسائل المراقبة وادخال أنظمة التتبع والحاسبات ورفع مستوى فرد الأمن ضمن منظومة شاملة تساعد في تحقيق الأمن الوطني الكويتي، على أن يتم ذلك من خلال خطة استراتيجية لوزارة الداخلية، ترتبط بالخطة التنموية للدولة وبالتنسيق مع بقية عناصر القوات المسلحة.
14 - أهمية تشكيل ادارة عامة في وزارة الداخلية تهتم بالتخطيط الاستراتيجي، والتطوير، وتتولى صناعة القرار وادارة الأزمات، وتكون المهمة الرئيسية لها وضع الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية بالتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط والتنمية في الدولة، وترتبط بنفس سنوات الخطة الإنمائية.
15 - أهمية تشكيل لجنة علمية من الأساتذة والمتخصصين والقادة والمديرين ومن جميع أجهزة الدولة ذات الصلة تهتم بالتخطيط الاستراتيجي للأمن الوطني، وتطويره، وتتولى تحليل المخاطر والتهديدات الداخلية والخارجية ووضع الحلول والبدائل، وتكون المهمة الرئيسية لها وضع الخطة الاستراتيجية للأمن الوطني بالتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط والتنمية في الدولة، وجهاز الأمن الوطني وترتبط بنفس سنوات الخطة الإنمائية.
16 - أهمية أن يكون للكويت مركز علمي للدراسات والبحوث الاستراتيجية يهتم بالمساهمة في التخطيط الاستراتيجي، وخلق قاعدة بيانات علمية، لجميع البحوث ومن خلالها يمكن تحقيق المعرفة لصناعة القرار وادارة الأزمات، وتكون المهمة الرئيسية للمركز تقديم دراسات وبحوث استراتيجية من خلال الندوات والمسابقات البحثية والاتصال التكنولوجي بكافة المراكز البحثية في العالم ويكون مرجعاً علمياً للباحثين وصناع القرار.
17 - أهمية وجود قوة أمن الجزيرة كما في قوة درع الجزيرة لدول مجلس التعاون والتنسيق مع دول المجلس لتفعيل استراتيجية أمنية مشتركة مع بناء قاعدة لتبادل المعلومات خاصة لمكافحة الارهاب.
وفي نهاية ندوتنا العلمية عن الأمن الوطني وما تبادلناه من آراء ودروس علمية نتوجه بالشكر لكم جميعاً ولكل من ساهم في انجاح هذه الندوة وندعو الله أن يحفظ الكويت وأن نعيش آمنين في وطننا الحبيب.