حوار / مسؤول العلاقات الخارجية في «هيئة التنسيق الوطنية» اعتبر أن الدعوة لقرار تحت الفصل السابع تمثل عودة إلى مناخ الصراعات التي سبقت مؤتمر جنيف
الخير: لا أعتقد أن عاقلاً في العالم يقبل أن يجلس مع نظام يقصف شعبه بالمدافع والطائرات ويقتل عشرات السوريين يومياً

عبدالعزيز الخير


| دمشق - من جانبلات شكاي |
انتقد مسؤول العلاقات الخارجية في «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة في سورية عبد العزيز الخير بشدة مطالبة «مؤتمر أصدقاء سورية» الأخير في باريس بضرورة اصدار قرار بخصوص سورية من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، معتبرا أن ما جرى في هذا المؤتمر يمثل محاولة التفاف على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف ويمثل عودة الى مناخ الصراعات الذي سبقه.
وبيّن الخير في لقاء له مع «الراي» أن «الحديث عن تدخل عسكري من خارج مجلس الأمن هو أقرب الى الوهم منه الى الحقيقة وهي ورقة تستخدم لتأجيج الصراع وزيادة سفك الدماء في سورية وليس أكثر»، موضحا أن هيئة التنسيق قاطعت مؤتمر أصدقاء سورية لأنها لمست «في كواليس المؤتمر وتحضيراته مساعي واضحة لحشر المؤتمر كله من أجل دفع الملف السوري الى تحت الفصل السابع ولا شيء آخر».
الخير العائد أخيرا من القاهرة بعد مشاركته في مؤتمر توحيد المعارضة السورية برعاية الجامعة العربية رحّب بنتائج مؤتمر المعارضة، وقال انها مثلت أمرا ايجابيا، لكنه انتقد انسحاب الأكراد منه على خلفية عدم تضمين الوثيقة الصادرة عنه مصطلح الشعب الكردي، موضحا أن «الأكراد رفعوا سقف مطالبهم بل ان بعضهم تحدث عن نوايا فيديرالية وكونفيديرالية وحق تقرير المصير».
كما أعلن الخير أن «هيئة التنسيق ترحب بنتائج مؤتمر جنيف وتراها بالاتجاه الصحيح لكنها لا تزال بحاجة الى آلية تنفيذ متفق عليها وملزمة وبحاجة الى جدول زمني لتصبح حقائق على الأرض»، موضحا أن «الهيئة تنظر الى خطة المبعوث الدولي كوفي أنان بنقاطها الست كحزمة واحدة وتشدد على اعتبار أن تأمين البيئة المناسبة هو شرط مسبق قبل التفاوض مع النظام على المرحلة الانتقالية».
وشدد الخير على أن «خروج العميد مناف طلاس من سورية انما يمثل انشقاقا بالتأكيد وهي حادثة كبيرة الأهمية تؤشر الى أن الخلافات وصلت الى مستوى الدائرة الضيقة الحاكمة، وأشعلت ضوءا أحمر كبيرا فاذا كان النظام عاجزا من الانتباه اليه فانه يعيش في عالم وهمي ويعيش بعيدا كليا عن الواقع ويسير نحو نهايته بأسرع وقت».
وردا على سؤال عن كيف يقرأ مطالبة «مؤتمر أصدقاء سورية» باصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بعد مؤتمر القاهرة الذي استبعد التدخل العسكري الخارجي قال الخير «ان المسألة ليست مسألة هيئة تنسيق اليوم وانما هو موقف المعارضة الذي ينص على رفض التدخل الخارجي بوضوح تام».
وتابع: «هناك مجموعات قليلة كانت موجودة في مؤتمر المعارضة بالقاهرة حرصت على أن تشطب من مشروع النص عبارة تقول ان التغيير سيتم بارادة السوريين وأيديهم، وأصروا على شطب كلمة بأيديهم فاستبدلنا العبارة لتصبح «بارادة الشعب السوري وتضحياتهم»، وبالتالي فان هذا كان مؤشرا على نوايا معينة».
وأضاف: «ان هذه المجموعات القليلة واضح أن لديها تفكيرا هجره معظم المعارضين السوريين وألقوه وراءهم وكانت هيئة التنسيق سباقة اليه برفضها التدخل العسكري الخارجي».
واعتبر الخير أن ما صدر من مؤتمر أصدقاء سورية في باريس كان «من الواضح أنها محاولة غربية لتضع قسما من المعارضة السورية في الواجهة من أجل الالتفاف لما تم الاتفاق عليه بين الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن خلال مؤتمر جنيف، وذلك بمسعى منها بحشر الملف السوري تحت الفصل السابع الذي يفتح الباب من أجل التدخل العسكري في الموضوع المثار في مجلس الامن».
وحول أن الهدف من المطالبة بصدور قرار تحت الفصل السابع هو فقط لالزام النظام السوري بتنفيذ خطة المبعوث الدولي كوفي أنان، قال الخير: لا أعرف اذا كانت هناك نوايا صادقة في هذه المسألة لكن القرارات الدولية لا يمكن الاعتماد فيها على النوايا فمجرد ادراج ملف تحت الفصل السابع في مجلس الأمن فانه يفتح الباب من دون امكانية لوقف العملية، للتدخل العسكري الخارجي وحتى لو أرادت بعض الأطراف رفض التدخل العسكري الخارجي».
وبين الخير أنه «من هنا يصبح مفهوما رفض روسيا والصين الشديد والقطعي لهذه القضية، وبالتالي فان مؤتمر أصدقاء سورية يعيد الأجواء الى ما قبل مؤتمر جنيف وبل الى ما قبل أشهر عديدة من ذلك حيث كان هناك صراع شديد الوضوح بين الحلف الروسي الصيني والحلف الأميركي حول كيفية معالجة الملف السوري وهو ما قاد الى استعصاء مجلس الأمن واستخدام الفيتو».
وقال ان «اعادة مجلس الأمن الى هذه المناخات سيعني اصطدامه بالفيتو مجددا وعدم تحقيق أي تقدم على الأرض، وبالتالي فان ما جرى على الأرض في مؤتمر أصدقاء سورية في باريس هو محاولة للالتفاف الى ما تم الاتفاق عليه في جنيف والعودة الى مناخ الصراعات الذي سبقها».
وردا على سؤال حول تقييمه لتصريحات بعض المعارضين الذين تحدثوا عن أن التحرك العسكري سيتم من خارج مجلس الأمن اذا ظهر الفيتو الروسي مجددا ضد أي قرار حول سورية، قال الخير: «لا أعرف على ماذا يعتمد هذا البعض في تصريحاته وما أعرفه أن هناك في مواجهة مثل هذه الدعوات تصريحات وتأكيدات من قائد الحلف الأطلسي ووزراء دفاع الأطلسي ومن شخصيات سياسية من مختلف البلدان المعنية تؤكد أنه لا يوجد حتى مجرد تفكير للتدخل العسكري في سورية وبالتالي فان الحديث عن تدخل عسكري من خارج مجلس الأمن بالنسبة لي هو أقرب الى الوهم منه الى الحقيقة وهي ورقة تستخدم لتأجيج الصراع وزيادة سفك الدماء في سورية وليس أكثر».
وأكد الخير «أن هيئة التنسيق لم تشارك في مؤتمر أصدقاء سورية على ضوء ما لمسوه في كواليس المؤتمر وتحضيراته حيث ظهرت مساع واضحة لحشر المؤتمر كله من أجل دفع الملف السوري الى تحت الفصل السابع ولا شيء آخر، بدلا من دعم مقررات مؤتمر جنيف».
وحول تقييم «هيئة التنسيق» لانسحاب «المجلس الوطني الكردي» والأحزاب الكردية من مؤتمر المعارضة الذي عقد أخيرا في القاهرة على خلفية عدم ادراج مصطلح الشعب الكردي في الوثيقة التي صدرت عنه قال الخير: «من حيث المحتوى والشكل فان الانسحاب مؤسف للغاية ونتمنى عدم حدوثه اطلاقا، وكان هناك تباين شديد الوضوح بين رأي المجموعة الكردية الموجودة في المؤتمر وآراء بقية المشاركين بصدد مصطلح الشعب الكردي حيث دفع ورود هذه العبارة مجموعات قومية أخرى موجودة في سورية الى الطلب بأن يطلق عليها أيضا صفة شعب، وهو ما بادرت اليه المجموعة التركمانية للحديث عن الشعب التركماني وفتح السجال ولم يكن واضحا أين سينتهي، ووجهت انتقادات مباشرة لمثل هذا التفكير من قبيل أن الدولة في القانون الدولي هي لشعب واحد وليس لشعوب، أي لشعب ربما تكون فيه ألوان وأطياف قومية، ولكن هناك دولة واحدة وشعب واحد وكل القوى السياسية السورية المعارضة كانت تؤيد الشعب الواحد فكان الخلاف شديد الوضوح بين المجموعة الكردية وبقية المؤتمرين ما أدى الى انسحاب المجموعة الكردية».
وتابع: «نحن في هيئة التنسيق قلنا انه يفضل أن يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه مسبقا وهو نص يتحدث عن وجود قومي كردي في سورية بصفته جزءا أصيلا وتاريخيا من أطياف الشعب السوري والعمل على تضمينه في الدستور السوري المقبل». وأضاف: «كان واضحا جدا أن الأكراد رفعوا سقف مطالبهم في هذا المؤتمر بل ان بعض الأكراد كان أكثر وضوحا من خلال الحديث عن نوايا فيديرالية وكونفيديرالية وحق تقرير المصير وهذا لم يكن في وضع اجماع بينهم لكن ظهر من بينهم من تحدث عن مثل هذه القضايا».
وبيّن الخير أن «هيئة التنسيق ستعمل من أجل اعادة الأمور الى ما كانت عليه مع الأكراد قبل مؤتمر القاهرة»، وقال: «سنجد جسرا يتجاوز الشرخ الذي حصل، فاحدى النتائج الايجابية لمؤتمر القاهرة هو خلق مناخ يسمح بالتفاعل بين مختلف الرؤى السياسية في المعارضة السورية وهو مناخ يجب التمسك به وتعزيزه لاتاحة الفرصة مرة أخرى لتكوين قيادة مشتركة للمعارضة، وهو الأمر الذي لم يتم في هذا المؤتمر مع أنه كان يجب أن يتم وحاولنا في هيئة التنسيق الوصول الى ذلك بشدة ولكن هناك من قاومها بنفس الشدة ورغم أنهم كانوا أقلية في المؤتمر لكنهم استطاعوا أن يعيقوا هذا الموضوع وتم تأجيله الى مرحلة لاحقة».
وعن تقييم هيئة التنسيق لمؤتمر المعارضة رغم كل الخلافات التي طفت على السطح وأمام عدسات الكاميرات، قال الخير: ان «الهيئة أوضحت أن مجرد اجتماع كل هذه الألوان السياسية للمعارضة في قاعة واحدة وتفاعلها واتضاح الخلافات والوصول الى تسويات أو عدم الوصول الى تسويات هو في المحصلة أمر ايجابي بشكل أساس لأن هذا جزء من الديموقراطية التي تقوم على الاختلاف والتنوع»، وتابع: «من جهة ثانية فان اقرار وثيقة العهد هو أمر له الكثير من الأهمية بالنسبة لامتلاك تصور مشترك عن سورية المستقبل وقد وافق عليه المؤتمر بما يشبه الاجماع وهو أمر جيد جدا لأن هذا العهد يتضمن مبادئ ديموقراطية أساسية وصحيحة».
وأضاف: «يبقى الاتفاق على تصورات المرحلة الانتقالية عبر رؤى مشتركة وفيها تباينات وخلافات وأحيانا صدامات وهذه يمكن العمل لتذليلها لاحقا وقلنا في بيان أصدرناه أن العديد من النقاط الواردة في وثيقة المرحلة الانتقالية بحاجة الى وقفة متأنية لتكوين تفاهم حقيقي لأن الوقت لم يكن كافيا لبناء مثل هذا التفاهم».
وعن تقييم «هيئة التنسيق» لما انتهى اليه مؤتمر مجموعة الاتصال الخاصة بسورية في مؤتمر جنيف، قال الخير: «نحن نظرنا الى هذا المؤتمر من زاوية أنه المرة الأولى التي تجمع فيه الدول الخمسة الدائمة العضوية على تصور محدد وهذا ايجابي»، وأضاف «ان المؤتمر ثبت مرحلة انتقالية ينبثق عنها دستور وانتخابات نزيهة وشفافة واعتبرنا أن هذين البندين يمثلان اقترابا أكبر من قبل المجتمع الدولي نحو آراء المعارضة السورية وآرائنا نحن في هيئة التنسيق الوطنية بشكل خاص، وتحفظنا على ما صدر حين اشترطنا بضرورة أن ترفق هذه التصورات بجدول زمني وخطة عملية للتنفيذ».
وقال «ان قرارات مؤتمر جنيف هي مؤشر بالاتجاه الصحيح ولكنها لا تزال بحاجة الى آلية تنفيذ متفق عليها وملزمة وبحاجة الى جدول زمني لتصبح حقائق على الأرض».
وأكد الخير «أن هيئة التنسيق تنظر الى خطة أنان بنقاطها الست كحزمة واحدة ولا يمكن فصل أي بند عن الفصول الأخرى، بما يعني ضرورة وقف اطلاق نار تام وشامل من قبل النظام وسائر المسلحين وأيضا اطلاق سراح سائر المعتقلين وقبول حق التظاهر السلمي ووصول الاغاثة وما الى ذلك في الخطة، واذا ما تم ذلك فان الهيئة مستعدة للتفاوض مع شخصيات في النظام لم تتلوث أيديها بالدم والفساد من أجل اخراج سورية من أزمتها الحالية والوصول الى نظام ديموقراطي تعددي وبرلماني وتداولي».
وردا على سؤال عن أن ما سبق يعني أن خلق البيئة المناسبة للتفاوض أو للتحاور مع النظام، مازال شرطا مسبقا لدى الهيئة قال: «لا أعتقد أن عاقلا في العالم يستطيع أو يقبل أن يجلس مع نظام يقصف شعبه بالدبابات والمدافع والطائرات ويدمر المدن والقرى ويقتل يوميا العشرات ان لم يكن المئات ويخطف المواطنين من دون أي سبب ومن دون قرارات محكمة ولا يعرف أهلهم أين أصبحوا، وهذا الطيف الواسع من انتهاكات حقوق الانسان بصورة اجرامية لا يسمح أبدا باطلاق عملية سياسية مادامت هذه المناخات الوحشية والدموية مستمرة، وعندما تتوقف هذه الأعمال يمكن التفكير في الخطوات اللاحقة».
وعن تقييم «الهيئة» لخروج العميد مناف طلاس من سورية وان كان ذلك يمثل انشقاقا أو اختلافا بالرأي داخل الأسرة الواحدة قال «انه يمثل انشقاقا بالتأكيد طالما أنه قرر مغادرة البلاد بهذه الطريقة، ونحن نعتقد ان هذه الحادثة الكبيرة الأهمية تؤشر الى أن الخلافات وصلت الى مستوى الدائرة الضيقة الحاكمة».
وتابع ان «العميد مناف طلاس كان قائدا للواء في الحرس الجمهوري وهي الجهة المعنية بأمن النظام بصورة رئيسية وخروجه بهذه الطريقة وما سمعناه وما عرفناه من آرائه السياسية يؤكد أن ما قام به عملية انشقاق، وهذا بات أمرا حتميا نتيجة سياسة النظام التي تضع الضباط والجنود السوريين في أزمة ضمير انساني ووطني وتجبرهم على مواجهة خيارين: اما المشاركة في قتل الشعب وتدمير البلاد أو رفض الأوامر والانشقاق وهذا حصل وسيحصل وسيزداد حصولا في المستقبل».
وبيّن الخير أن «الانشقاقات بعدما وصلت الى مستوى الذروة فانها تشعل ضوءا أحمر، واذا كان النظام عاجزا من الانتباه اليه فانه يعيش في عالم وهمي ويعيش بعيدا كليا عن الواقع ويسير نحو نهايته بأسرع وقت».
وعن دقة المعلومات التي تتحدث بأن العميد مناف فتح قنوات اتصال مع «هيئة التنسيق»، قال الخير: «من ضمن قناعات العميد مناف، كما عبر عنها عديدون اجتمعوا به، وما عرف عنه أنه لعب دورا سياسيا في بداية الثورة وبتكليف من القصر الجمهوري وقيادة الجيش للوصول الى تسويات وحلول سياسية في مناطق متفرقة، وبالتالي هو التقى بكثيرين وحاورهم لكنه لم يقم بهذه الحوارات بصفة رسمية وان كان ضابطا بموقع مهم، ولم يكن مكلفا أو صاحب صلاحيات للتحاور مع أي جهة، وهو التقى بأفراد وليس بهيئات وهو طرح أفكارا كان يقول انها على مسؤوليته الشخصية ولكنها تبقى ذات دلالة لأنها تأتي من ضابط بمثل هذا الموقع داخل السلطة».
وان كان خروج ضابط بمثل هذه المواصفات يؤشر على أن النظام سيذهب نحو مزيد من التشدد تجاه حل الأزمة، قال الخير ان «السؤال كيف سيكون رد فعل النظام هي مسألة مرهونة بالنظام، اذا كان سينتبه أن ضوءا أحمر كبيرا قد أشعل في وجهه بانشقاق العميد مناف طلاس وعليه أن يغير من سياسته التي قادت الى مثل هذه النتيجة وقادت الى انشقاق الآلاف من العسكريين الأفراد وضباط الصف والضباط قبل ذلك، وعندها يكون قد أدرك الواقع واذا لم يغير سياسته وقرر أن يركب رأسه فستحصل انشقاقات أوسع وأوسع وفي النهاية يمكن أن يجد النظام نهايته في مثل هذه الانشقاقات».
انتقد مسؤول العلاقات الخارجية في «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة في سورية عبد العزيز الخير بشدة مطالبة «مؤتمر أصدقاء سورية» الأخير في باريس بضرورة اصدار قرار بخصوص سورية من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، معتبرا أن ما جرى في هذا المؤتمر يمثل محاولة التفاف على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف ويمثل عودة الى مناخ الصراعات الذي سبقه.
وبيّن الخير في لقاء له مع «الراي» أن «الحديث عن تدخل عسكري من خارج مجلس الأمن هو أقرب الى الوهم منه الى الحقيقة وهي ورقة تستخدم لتأجيج الصراع وزيادة سفك الدماء في سورية وليس أكثر»، موضحا أن هيئة التنسيق قاطعت مؤتمر أصدقاء سورية لأنها لمست «في كواليس المؤتمر وتحضيراته مساعي واضحة لحشر المؤتمر كله من أجل دفع الملف السوري الى تحت الفصل السابع ولا شيء آخر».
الخير العائد أخيرا من القاهرة بعد مشاركته في مؤتمر توحيد المعارضة السورية برعاية الجامعة العربية رحّب بنتائج مؤتمر المعارضة، وقال انها مثلت أمرا ايجابيا، لكنه انتقد انسحاب الأكراد منه على خلفية عدم تضمين الوثيقة الصادرة عنه مصطلح الشعب الكردي، موضحا أن «الأكراد رفعوا سقف مطالبهم بل ان بعضهم تحدث عن نوايا فيديرالية وكونفيديرالية وحق تقرير المصير».
كما أعلن الخير أن «هيئة التنسيق ترحب بنتائج مؤتمر جنيف وتراها بالاتجاه الصحيح لكنها لا تزال بحاجة الى آلية تنفيذ متفق عليها وملزمة وبحاجة الى جدول زمني لتصبح حقائق على الأرض»، موضحا أن «الهيئة تنظر الى خطة المبعوث الدولي كوفي أنان بنقاطها الست كحزمة واحدة وتشدد على اعتبار أن تأمين البيئة المناسبة هو شرط مسبق قبل التفاوض مع النظام على المرحلة الانتقالية».
وشدد الخير على أن «خروج العميد مناف طلاس من سورية انما يمثل انشقاقا بالتأكيد وهي حادثة كبيرة الأهمية تؤشر الى أن الخلافات وصلت الى مستوى الدائرة الضيقة الحاكمة، وأشعلت ضوءا أحمر كبيرا فاذا كان النظام عاجزا من الانتباه اليه فانه يعيش في عالم وهمي ويعيش بعيدا كليا عن الواقع ويسير نحو نهايته بأسرع وقت».
وردا على سؤال عن كيف يقرأ مطالبة «مؤتمر أصدقاء سورية» باصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بعد مؤتمر القاهرة الذي استبعد التدخل العسكري الخارجي قال الخير «ان المسألة ليست مسألة هيئة تنسيق اليوم وانما هو موقف المعارضة الذي ينص على رفض التدخل الخارجي بوضوح تام».
وتابع: «هناك مجموعات قليلة كانت موجودة في مؤتمر المعارضة بالقاهرة حرصت على أن تشطب من مشروع النص عبارة تقول ان التغيير سيتم بارادة السوريين وأيديهم، وأصروا على شطب كلمة بأيديهم فاستبدلنا العبارة لتصبح «بارادة الشعب السوري وتضحياتهم»، وبالتالي فان هذا كان مؤشرا على نوايا معينة».
وأضاف: «ان هذه المجموعات القليلة واضح أن لديها تفكيرا هجره معظم المعارضين السوريين وألقوه وراءهم وكانت هيئة التنسيق سباقة اليه برفضها التدخل العسكري الخارجي».
واعتبر الخير أن ما صدر من مؤتمر أصدقاء سورية في باريس كان «من الواضح أنها محاولة غربية لتضع قسما من المعارضة السورية في الواجهة من أجل الالتفاف لما تم الاتفاق عليه بين الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن خلال مؤتمر جنيف، وذلك بمسعى منها بحشر الملف السوري تحت الفصل السابع الذي يفتح الباب من أجل التدخل العسكري في الموضوع المثار في مجلس الامن».
وحول أن الهدف من المطالبة بصدور قرار تحت الفصل السابع هو فقط لالزام النظام السوري بتنفيذ خطة المبعوث الدولي كوفي أنان، قال الخير: لا أعرف اذا كانت هناك نوايا صادقة في هذه المسألة لكن القرارات الدولية لا يمكن الاعتماد فيها على النوايا فمجرد ادراج ملف تحت الفصل السابع في مجلس الأمن فانه يفتح الباب من دون امكانية لوقف العملية، للتدخل العسكري الخارجي وحتى لو أرادت بعض الأطراف رفض التدخل العسكري الخارجي».
وبين الخير أنه «من هنا يصبح مفهوما رفض روسيا والصين الشديد والقطعي لهذه القضية، وبالتالي فان مؤتمر أصدقاء سورية يعيد الأجواء الى ما قبل مؤتمر جنيف وبل الى ما قبل أشهر عديدة من ذلك حيث كان هناك صراع شديد الوضوح بين الحلف الروسي الصيني والحلف الأميركي حول كيفية معالجة الملف السوري وهو ما قاد الى استعصاء مجلس الأمن واستخدام الفيتو».
وقال ان «اعادة مجلس الأمن الى هذه المناخات سيعني اصطدامه بالفيتو مجددا وعدم تحقيق أي تقدم على الأرض، وبالتالي فان ما جرى على الأرض في مؤتمر أصدقاء سورية في باريس هو محاولة للالتفاف الى ما تم الاتفاق عليه في جنيف والعودة الى مناخ الصراعات الذي سبقها».
وردا على سؤال حول تقييمه لتصريحات بعض المعارضين الذين تحدثوا عن أن التحرك العسكري سيتم من خارج مجلس الأمن اذا ظهر الفيتو الروسي مجددا ضد أي قرار حول سورية، قال الخير: «لا أعرف على ماذا يعتمد هذا البعض في تصريحاته وما أعرفه أن هناك في مواجهة مثل هذه الدعوات تصريحات وتأكيدات من قائد الحلف الأطلسي ووزراء دفاع الأطلسي ومن شخصيات سياسية من مختلف البلدان المعنية تؤكد أنه لا يوجد حتى مجرد تفكير للتدخل العسكري في سورية وبالتالي فان الحديث عن تدخل عسكري من خارج مجلس الأمن بالنسبة لي هو أقرب الى الوهم منه الى الحقيقة وهي ورقة تستخدم لتأجيج الصراع وزيادة سفك الدماء في سورية وليس أكثر».
وأكد الخير «أن هيئة التنسيق لم تشارك في مؤتمر أصدقاء سورية على ضوء ما لمسوه في كواليس المؤتمر وتحضيراته حيث ظهرت مساع واضحة لحشر المؤتمر كله من أجل دفع الملف السوري الى تحت الفصل السابع ولا شيء آخر، بدلا من دعم مقررات مؤتمر جنيف».
وحول تقييم «هيئة التنسيق» لانسحاب «المجلس الوطني الكردي» والأحزاب الكردية من مؤتمر المعارضة الذي عقد أخيرا في القاهرة على خلفية عدم ادراج مصطلح الشعب الكردي في الوثيقة التي صدرت عنه قال الخير: «من حيث المحتوى والشكل فان الانسحاب مؤسف للغاية ونتمنى عدم حدوثه اطلاقا، وكان هناك تباين شديد الوضوح بين رأي المجموعة الكردية الموجودة في المؤتمر وآراء بقية المشاركين بصدد مصطلح الشعب الكردي حيث دفع ورود هذه العبارة مجموعات قومية أخرى موجودة في سورية الى الطلب بأن يطلق عليها أيضا صفة شعب، وهو ما بادرت اليه المجموعة التركمانية للحديث عن الشعب التركماني وفتح السجال ولم يكن واضحا أين سينتهي، ووجهت انتقادات مباشرة لمثل هذا التفكير من قبيل أن الدولة في القانون الدولي هي لشعب واحد وليس لشعوب، أي لشعب ربما تكون فيه ألوان وأطياف قومية، ولكن هناك دولة واحدة وشعب واحد وكل القوى السياسية السورية المعارضة كانت تؤيد الشعب الواحد فكان الخلاف شديد الوضوح بين المجموعة الكردية وبقية المؤتمرين ما أدى الى انسحاب المجموعة الكردية».
وتابع: «نحن في هيئة التنسيق قلنا انه يفضل أن يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه مسبقا وهو نص يتحدث عن وجود قومي كردي في سورية بصفته جزءا أصيلا وتاريخيا من أطياف الشعب السوري والعمل على تضمينه في الدستور السوري المقبل». وأضاف: «كان واضحا جدا أن الأكراد رفعوا سقف مطالبهم في هذا المؤتمر بل ان بعض الأكراد كان أكثر وضوحا من خلال الحديث عن نوايا فيديرالية وكونفيديرالية وحق تقرير المصير وهذا لم يكن في وضع اجماع بينهم لكن ظهر من بينهم من تحدث عن مثل هذه القضايا».
وبيّن الخير أن «هيئة التنسيق ستعمل من أجل اعادة الأمور الى ما كانت عليه مع الأكراد قبل مؤتمر القاهرة»، وقال: «سنجد جسرا يتجاوز الشرخ الذي حصل، فاحدى النتائج الايجابية لمؤتمر القاهرة هو خلق مناخ يسمح بالتفاعل بين مختلف الرؤى السياسية في المعارضة السورية وهو مناخ يجب التمسك به وتعزيزه لاتاحة الفرصة مرة أخرى لتكوين قيادة مشتركة للمعارضة، وهو الأمر الذي لم يتم في هذا المؤتمر مع أنه كان يجب أن يتم وحاولنا في هيئة التنسيق الوصول الى ذلك بشدة ولكن هناك من قاومها بنفس الشدة ورغم أنهم كانوا أقلية في المؤتمر لكنهم استطاعوا أن يعيقوا هذا الموضوع وتم تأجيله الى مرحلة لاحقة».
وعن تقييم هيئة التنسيق لمؤتمر المعارضة رغم كل الخلافات التي طفت على السطح وأمام عدسات الكاميرات، قال الخير: ان «الهيئة أوضحت أن مجرد اجتماع كل هذه الألوان السياسية للمعارضة في قاعة واحدة وتفاعلها واتضاح الخلافات والوصول الى تسويات أو عدم الوصول الى تسويات هو في المحصلة أمر ايجابي بشكل أساس لأن هذا جزء من الديموقراطية التي تقوم على الاختلاف والتنوع»، وتابع: «من جهة ثانية فان اقرار وثيقة العهد هو أمر له الكثير من الأهمية بالنسبة لامتلاك تصور مشترك عن سورية المستقبل وقد وافق عليه المؤتمر بما يشبه الاجماع وهو أمر جيد جدا لأن هذا العهد يتضمن مبادئ ديموقراطية أساسية وصحيحة».
وأضاف: «يبقى الاتفاق على تصورات المرحلة الانتقالية عبر رؤى مشتركة وفيها تباينات وخلافات وأحيانا صدامات وهذه يمكن العمل لتذليلها لاحقا وقلنا في بيان أصدرناه أن العديد من النقاط الواردة في وثيقة المرحلة الانتقالية بحاجة الى وقفة متأنية لتكوين تفاهم حقيقي لأن الوقت لم يكن كافيا لبناء مثل هذا التفاهم».
وعن تقييم «هيئة التنسيق» لما انتهى اليه مؤتمر مجموعة الاتصال الخاصة بسورية في مؤتمر جنيف، قال الخير: «نحن نظرنا الى هذا المؤتمر من زاوية أنه المرة الأولى التي تجمع فيه الدول الخمسة الدائمة العضوية على تصور محدد وهذا ايجابي»، وأضاف «ان المؤتمر ثبت مرحلة انتقالية ينبثق عنها دستور وانتخابات نزيهة وشفافة واعتبرنا أن هذين البندين يمثلان اقترابا أكبر من قبل المجتمع الدولي نحو آراء المعارضة السورية وآرائنا نحن في هيئة التنسيق الوطنية بشكل خاص، وتحفظنا على ما صدر حين اشترطنا بضرورة أن ترفق هذه التصورات بجدول زمني وخطة عملية للتنفيذ».
وقال «ان قرارات مؤتمر جنيف هي مؤشر بالاتجاه الصحيح ولكنها لا تزال بحاجة الى آلية تنفيذ متفق عليها وملزمة وبحاجة الى جدول زمني لتصبح حقائق على الأرض».
وأكد الخير «أن هيئة التنسيق تنظر الى خطة أنان بنقاطها الست كحزمة واحدة ولا يمكن فصل أي بند عن الفصول الأخرى، بما يعني ضرورة وقف اطلاق نار تام وشامل من قبل النظام وسائر المسلحين وأيضا اطلاق سراح سائر المعتقلين وقبول حق التظاهر السلمي ووصول الاغاثة وما الى ذلك في الخطة، واذا ما تم ذلك فان الهيئة مستعدة للتفاوض مع شخصيات في النظام لم تتلوث أيديها بالدم والفساد من أجل اخراج سورية من أزمتها الحالية والوصول الى نظام ديموقراطي تعددي وبرلماني وتداولي».
وردا على سؤال عن أن ما سبق يعني أن خلق البيئة المناسبة للتفاوض أو للتحاور مع النظام، مازال شرطا مسبقا لدى الهيئة قال: «لا أعتقد أن عاقلا في العالم يستطيع أو يقبل أن يجلس مع نظام يقصف شعبه بالدبابات والمدافع والطائرات ويدمر المدن والقرى ويقتل يوميا العشرات ان لم يكن المئات ويخطف المواطنين من دون أي سبب ومن دون قرارات محكمة ولا يعرف أهلهم أين أصبحوا، وهذا الطيف الواسع من انتهاكات حقوق الانسان بصورة اجرامية لا يسمح أبدا باطلاق عملية سياسية مادامت هذه المناخات الوحشية والدموية مستمرة، وعندما تتوقف هذه الأعمال يمكن التفكير في الخطوات اللاحقة».
وعن تقييم «الهيئة» لخروج العميد مناف طلاس من سورية وان كان ذلك يمثل انشقاقا أو اختلافا بالرأي داخل الأسرة الواحدة قال «انه يمثل انشقاقا بالتأكيد طالما أنه قرر مغادرة البلاد بهذه الطريقة، ونحن نعتقد ان هذه الحادثة الكبيرة الأهمية تؤشر الى أن الخلافات وصلت الى مستوى الدائرة الضيقة الحاكمة».
وتابع ان «العميد مناف طلاس كان قائدا للواء في الحرس الجمهوري وهي الجهة المعنية بأمن النظام بصورة رئيسية وخروجه بهذه الطريقة وما سمعناه وما عرفناه من آرائه السياسية يؤكد أن ما قام به عملية انشقاق، وهذا بات أمرا حتميا نتيجة سياسة النظام التي تضع الضباط والجنود السوريين في أزمة ضمير انساني ووطني وتجبرهم على مواجهة خيارين: اما المشاركة في قتل الشعب وتدمير البلاد أو رفض الأوامر والانشقاق وهذا حصل وسيحصل وسيزداد حصولا في المستقبل».
وبيّن الخير أن «الانشقاقات بعدما وصلت الى مستوى الذروة فانها تشعل ضوءا أحمر، واذا كان النظام عاجزا من الانتباه اليه فانه يعيش في عالم وهمي ويعيش بعيدا كليا عن الواقع ويسير نحو نهايته بأسرع وقت».
وعن دقة المعلومات التي تتحدث بأن العميد مناف فتح قنوات اتصال مع «هيئة التنسيق»، قال الخير: «من ضمن قناعات العميد مناف، كما عبر عنها عديدون اجتمعوا به، وما عرف عنه أنه لعب دورا سياسيا في بداية الثورة وبتكليف من القصر الجمهوري وقيادة الجيش للوصول الى تسويات وحلول سياسية في مناطق متفرقة، وبالتالي هو التقى بكثيرين وحاورهم لكنه لم يقم بهذه الحوارات بصفة رسمية وان كان ضابطا بموقع مهم، ولم يكن مكلفا أو صاحب صلاحيات للتحاور مع أي جهة، وهو التقى بأفراد وليس بهيئات وهو طرح أفكارا كان يقول انها على مسؤوليته الشخصية ولكنها تبقى ذات دلالة لأنها تأتي من ضابط بمثل هذا الموقع داخل السلطة».
وان كان خروج ضابط بمثل هذه المواصفات يؤشر على أن النظام سيذهب نحو مزيد من التشدد تجاه حل الأزمة، قال الخير ان «السؤال كيف سيكون رد فعل النظام هي مسألة مرهونة بالنظام، اذا كان سينتبه أن ضوءا أحمر كبيرا قد أشعل في وجهه بانشقاق العميد مناف طلاس وعليه أن يغير من سياسته التي قادت الى مثل هذه النتيجة وقادت الى انشقاق الآلاف من العسكريين الأفراد وضباط الصف والضباط قبل ذلك، وعندها يكون قد أدرك الواقع واذا لم يغير سياسته وقرر أن يركب رأسه فستحصل انشقاقات أوسع وأوسع وفي النهاية يمكن أن يجد النظام نهايته في مثل هذه الانشقاقات».