شعر / جُغْرَافيَا السوادْ

تصغير
تكبير
| سـامي القريني |سَوَادٌ كُلُّ أَيَّامِيْ سَوَادُ

وَعُرْسُ القَلْبِ فِيْ جَسَدِيْ حِدَادُ

وَخَدِّيْ صَفْحَةٌ يَبِسَتْ حَنِيْناً

وَدَمْعِيْ فَوْقَ أَسْطُرِهَا مِدَادُ

وَاِنَّ الرُّوْحَ مَقْبَرَةٌ لِحُزْنِيْ

وَحُزْنِيْ لا يُزَارُ وَلا يُعَادُ

***

وَحِيْدٌ تَحْتَ أَنْيَابِ اللَّيَالِيْ

كَأَنِّيْ الْجُرْحُ لَيْسَ لهُ ضِمَادُ

تَغَمْغَمَ فِيْ مَلامِحِيَ اشْتِيَاقٌ

أَقُوْلُ لِمَنْ ؟ لَقَدْ بَعُدَ الْمُرَادُ

وَأَشْرَبُ خَمْرَ أَجْفَانِيْ وَأَمْضِيْ

أَنَا مُقَلٌ يُحَنِّطُهَا السُّهَادُ

أَنَامُ وَفِيْ يَدِيْ رَأْسِيْ قَتِيْلٌ

فَحَتَّىْ النَّوْمُ يَا عَيْنِيْ جِهَادُ!

لَقَدْ زَحَفَتْ عَلَىْ كَتِفِي الْمَنَايَا

وَرَاوَدَ عُرْيَ كَابُوْسِيْ الرُّقَادُ

وَحِيْنَ اللَّيْلُ رَاقَصَنِيْ يَتِيْماً

وَفَتَّتَ صَخْرَ أَضْلُعِيَ البِعَادُ

تَلَمَّسْتُ النَّزِيْفَ عَلَىْ ثِيَابِيْ

وَعَاقَرْتُ الْجُنُوْنَ وَبِيْ رَشَادُ

وَلَمْ أَكُ قَبْلَ هَذَا اليَوْمِ أَدْرِيْ

بِأَنَّ النَّاسَ أَكْثَرُهُمْ جَمَادُ

فَكَيْفَ أَرُوْمُ مِنْ زَمَنِيْ خَلاصاً

وَهَذَا العَصْرُ يَحْكُمُهُ الفَسَادُ؟

وَتَعْرِيْفُ السِّيَاسَةِ بِاخْتِصَارٍ

شُذُوْذٌ، وَاغْتِصَابٌ، وَاضْطِهَادُ!

 ***

أُعَانِيْ، لا أَرَىْ أَحَداً بِقُرْبِيْ

فَلا لَيْلَىْ تُحِسُّ وَلا سُعُادُ

وَحِيْنَ زَرَعْتُ فِيْ الدُّنْيَا طُمُوْحِيْ

طَوَانِيْ اليَأْسُ وَاحْتَرَقَ الْحَصَادُ

لأَنِّيْ لَمْ أَقُلْ يَوْماً لِمَاذَا

وَهَلْ لِيْ غَيْرُ تَمْرِ الصَّبْرِ زَادُ؟

وَاِنِّيْ عِشْتُ فِيْ دَهْرٍ عَقِيْمٍ

وَمِنْ حَوْلِيْ بَنُوْ الدُّنْيَا جَرَادُ!

***

 لأنِّيْ لا أُ        رِيْدُ ولا أُرَادُ

تَهَدَّمَ سُوْرُ صَدْرِيْ يَا لَمَوْتِيْ

فَبَيْتُ القَلْبِ لَيْسَ لَهُ عِمَادُ

أَنَا وَالتَّبْغُ نُمْعِنُ فِيْ التَّأَسِّيْ

وَلُغْزُ وُجُوْدِنَا أَبَداً رَمَادُ

تَقَمَّصَنِيْ الأَنِيْنُ وَشَاخَ صَوْتِيْ

فَهَلْ لِلْوَجْدِ يَا قَدَرِيْ نَفَادُ؟

لَقَدْ بَشِمَتْ مِنَ الأَوْجَاعِ نَفْسِيْ

وَهَا كُلُّ احْتِمَالاتِيْ قَتَادُ

أَتَىْ النِّسْيَانُ يَطْرُقُ بَابَ عَقْلِيْ

وحِيْنَ فَتَحْتُهُ دَخَلَ العِنَادُ!

وَقُلْتُ: غَداً سَأَنْسَىْ، انَّ عِشْقِيْ

يَكَادُ يَمُوْتُ، يَقْتُلُهُ الوِدَادُ

عَذَابِيْ الآنَ أَكْبَرُ مِنْ زَمَانِيْ

جَزَائِيْ كُلُّ مَا ارْتَكَبَ العِبَادُ

حَيَاتِيْ حَفْنَةٌ مِنْ جَمْرِ ذاتِيْ

كِيَانِيْ لَيْسَ يُدْفِئُهُ مِهَادُ

تَشَرَّدَتِ الْخُطَى فِيْ الدَّرْبِ بُؤْساً

وَبِتُّ اللَّيْلَ، أَرْصِفَتِيْ وِسَادُ !

***

اِذَا مَا النَّاسُ أَخْرَسَهُمْ قَصِيْدِيْ

وَلَمْ تُبْصِرْ كَوَاكِبِيَ البِلادُ

فَاِنَّ الأَرْضَ سَوْفَ تَمُوْتُ يَوْماً

وَبَعْدَ غَدٍ سَيُنْصِفُنِيْ الْمَعَادُ

وَأَمَّا فِيْ الْحَيَاةِ فَلا عَتَادُ

سَوَادٌ كُلُّ أَيَّامِيْ سَوَادُ !
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي