7 يوليو 2012
12:00 ص
2021
أعلن السيد وزير التربية عن النية لخصخصة التعليم (صحف الثلاثاء 3 يوليو الجاري)، وأن المشروع سيبدأ ببضع مدارس، وذلك من أجل الارتقاء بالمستوى التعليمي، خاصة وأن كثيرا من الأسر تتجه لتعليم أبنائها في المدارس الخاصة.
ولا أعلم إن كان معالي الوزير يعرف أنه عندما أقرت قوانين الخصخصة في عام 2010 تم استثناء النفط والتعليم والصحة، بصفتها من الحقوق الأساسية التي يجب أن ترعاها الدولة.
وقد نتفق مع السيد وزير التربية حول تدني العملية التعليمية الحكومية وتخلف المناهج الدراسية عن متطلبات العصر، والتي من شأنها تخريج طلبة أقرب إلى الجهل والتخلف والتدني بالمستويات المعرفية والعلمية.
والحل البديهي لهذا التدني بالخدمات التعليمية هو العمل على تطويرها، بدءا بالمناهج الدراسية التي لا تشجع التلاميذ والطلبة على التفكير والبحث والاستنباط، وتكرس الحفظ والتكرار الممجوج، حتى أصبح تلميذ المرحلة الابتدائية لا يعرف تركيب الكلمات والجمل بل يحفظها كصورة، وهذا من شأنه تجميد العقول وإخراج طلبة نصف أميين، ناهيك عن مستوى إعداد المربي والمدرس المسؤول عن بناء رجال المستقبل.
كما يبدو أيضاً أن السيد الوزير لم يتابع المآسي التعليمية لخصخصة التعليم بالدول التي سبقت الكويت في هذا المجال، فبعض الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفييتي كانت نسبة الأمية فيها صفراً في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، وبعد أن استقلت وخصخصت التعليم بدأت تنتشر فيها الأمية بينما من المفروض أنه كلما تقدم العصر تصبح الأمية تاريخاً يشبه تاريخ انتشار الأوبئة في العصور القديمة.
فخصخصة التعليم تعني بيع قطاع التعليم العام للشركات الخاصة، والتي لن يكون هدفها الرئيسي هو الارتفاع بمستوى التعليم، بل الأهم لديها هو الربح بالمعادلة الرأسمالية المعروفة التي تضمن هذا الربح، أي تقليل التكاليف عن طريق استيراد مدرسين بأجور متدنية ورفع رسوم التعليم كأي تجارة أخرى، وهذا من شأنه إرهاق الأسر وخاصة تلك التي لديها عدد من الأطفال، وليس من المستبعد التساهل في منح الشهادات كما تفعل بعض الجامعات التجارية في العالم.
فتجربة التعليم الجامعي الخاص في الكويت تثبت صحة ما نقوله، من حيث جلب أساتذة من فيتنام ودول أخرى أجورهم زهيدة ومستواهم العلمي متدنٍ، هذا ناهيك عن إرهاق الطلبة وأهاليهم بالرفع المستمر للرسوم وفرض رسوم على كل ورقة يستخرجها الطالب من إدارة الجامعة.
وعلى السيد وزير التربية مراجعة تجارب الدول التي انتهجت سياسات الخصخصة تلبية لأوامر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي أدت إلى افقار الدول والشعوب واغراقها بالديون واضطرارها لانتهاج سياسات التقشف، أدت بالنهاية إلى البطالة والفقر وصدام الشعوب مع أنظمتها، فجزء من احتجاجات الشعب السوداني الفقير مثلاً هو نية الحكومة السودانية انتهاج سياسة الخصخصة، كما أن عدداً من دول أمريكا الجنوبية مثل البرازيل وبوليفيا وغيرهما، تراجعت عن سياسة الخصخصة التي أفقرت شعوبها وضخمت من أرباح الشركات الأجنبية.
إن سياسات الخصخصة في العالم هدفها النهائي هو دعم الشركات الكبرى في الدول الرأسمالية، والتي تعاني من أزمة اقتصادية بنيوية عميقة، على حساب ثروات شعوبنا وعرق مواطنينا.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com