د. سعيد فهمي / المصري أفندي / السلطان الحائر... !!

تصغير
تكبير
| د. سعيد فهمي |
كان المشهد مهيبا وغير مسبوق ولكنه سابق التجهيز وتم اعداده بطريقة آخر واااااو وبكل احترافية... كل شيء كان جاهز على التصوير ومنقول صوت وصورة على أُمه لا اله الا الله والقنوات الفضائية... المشهد كان كرنفال سياسي وتجاري ويفط بشعارات وحناجر مطلوقة تم شحنها وتجهيزها قبل الاحتفالية... ياريتك كنت دققت في اليفط والاعلانات وفكرت في تمنها كام ومين اللي دفع ومين صاحب المصلحة في الشعارات الميدانية... حاول تربط بين أصحاب الاعلانات وأصحاب الخِيّم اللي بكل الألوان والجاهزة دايما لاحتلال الميدان وبسرعة خيالية... لكن وزي ما شفنا الكل هاص وزاط وهلل وكبّر لما شافوا الرئيس المنتخب بشحمه ولحمه واقف زنهار من غير واقي على المنصة الرئيسية... قاعد يبص يمين وشمال وكأنه مش مصدق نفسه ومئات الآلاف من اللي جابوهم في يوم وليلة للاعتراض علي الاعلان الدستوري المكمل وسقوط المنظومة التشريعية... الوطن خلاص بقى أسير الجعجعة والصوت العالي ولويّ الدراع والبلطجة الثورية... المهم كان الجمع المحشود ببراعة هو البرواز والعنوان الواضح للجميع تحت بند نحن هنا وعلى المتضرر يخبط دماغه في الحيط وسلم لي عالشرعية... باختصار الموقف كان كتير حماسي والله كان في عون سيادته ما هو برضه بشر زينا ولازم نحترم مشاعره وانتماءاته المحسوبة عليه قبل الانتخابات الرئاسية... مسكين ريسنا الجديد كان واقف محتار مش عارف يراضي مين وللا مين وازاي يبتدي الحديث في أول خطاب بعد انتخاب سيادته رئيسا للجمهورية... قبل ما تُحكم على كلامه لازم تحط نفسك مكانه وتتخيل الموقف وانك أصبحت فجأة مسؤول عن كل دول ومطلوب منك تنفيذ وعود وعهود وتحقيق أحلام وأماني اللي بيحلم بيها كل السادة الثورجية... وبعدين كل واحد أو جماعة جايين وعاملين حسابهم ان دي ثورتهم وفرحانين برئيسهم وان الليلة عيد يبقى لازم كلهم ياخدوا العيدية... والعيدية كانت انهم سمعوا وشافوا في الفضائيات ان سيادته بقى الريس الجديد بس دلوقت هم شايفينه بشحمه ولحمه ولايف وبالألوان الطبيعية... ودارت حوارات وتساؤلات بين الاخوة في الميدان ياعيني مش مصدقين عينيهم ان اللي قدامهم ده هو فعلا الريس الجديد وأول مدني منتخب لجمهورية مصر العربية... الناس كانت بتسأل نفسها تفتكر النتيجة اللي أعلنها المستشار سلطان وهم وللا خيال وللا فعلا حقيقة واقعية... نعمل ايه علشان نصدق نفسنا يا اما نقرص نفسنا يا اما علشان نصدقه يقوم يمسك رغيف ويشقه على عينيه ويحلف قدامنا على النعمة الشريفة انه بقى فعلا رئيس جمهورية... المهم بدأ الحدث بالهتافات المعتادة والموجودة زي البهارات في الحواوشي والمتكررة بدون ملل وانقطاع بسقوط حكم العسكر مع شوية تطاول على المؤسسة العسكرية... الغريب الشتيمة كانت جاية من الميدان اللي لولا ضمير العسكر الوطنى لا كانت قامت ولا كملت أصلا أحداث ثورة يناير التاريخية... عمرك شفت رد جميل بكل هذا النكران وتشوف منظومة تعيد تشكيل حياتك وتحميك وتيجي انت ترد الجميل ليها بالنكران وبذاءة اللسان والألفاظ السوقية... منظومة بتحميك وبفضل الله وبطبيعة واجبها بتحييك وبتدافع عن شرفك بكل شهامة وجسارة وفدائية... خلينا نرجع للحدث التاريخي ونشوف رئيسنا الجديد وفرحته بالمنصب الجديد وحماسته رغم ثقل المهمة وكثرة المهام والملفات المصيرية... كانت الأجواء حماسية والوعود الرئاسية كذلك رغم صعوبة تنفيذ الكثير منها حسب القانون والدستور وأحكام سلطات بلاد تانية من اللي بيحترموا أحكامهم القضائية... كان الحماس متبادل بين خطاب المنصة وكورال الميدان في أوركسترا سيمفوني لا يخفى على المواطن البسيط تصنيفها حسب الميول السياسية... فخامة الرئيس كان محتار مش عارف يرضي مين وللا مين الجماعة في الميدان وللا رفاق الدرب المقلوشين من البرلمان وللا صقور مجلس الشورى اللي بتحشر دايما مناخيرها وبتتدخل في نفي واثبات نوايا الرئيس في تمازج غريب مش عارفين الفرق بين رئيس حزب مهما كانت قوته ورئيس جمهورية... بشعار واحد يضرب والتاني يعتذر تلاقي الحرس الثوري اياه يتكلم باسم نوايا السيد الرئيس والمتحدث الرئاسي ينفي بعد ما يكون الخبر بقى على كل لسان وحقق الهدف المراد حسب اللي في القلب والنيّة... المهم سيادته كان كريم مع الجميع ووزع عهوده ووعوده وربنا يديك ويدينا طول العمر ويتحقق منها حتى لو 50 في الميّة... لكن كله كوم وبروفة حلف اليمين في الميدان بناء على طلب الجماهير سابقة غير مسبوقة في النُظم الدستورية... سيادة الرئيس لك كل العذر في التعبير عن الفرحة الغير متوقعة أو محاولة قلع الجاكت للتأكيد عن خلو ملابسك من واقي الرصاص وانك في حماية الحشود الجماهيرية... لك كل العذر بالتعبير عن الفرحة تحت تأثير الفوز والبحبحة مع الناس وكمان نعشمهم بالافراج عن فلان أو عودة برلمان أو الاحتماء بالناس ضد أي سُلطة تسعى لتحجيم سلطاتك الرئاسية... لكن قسم اليمين مش موال يُقال بناء على طلب الجماهير ولا هو كوبليه من أغنية في ما يطلبه المستمعون في البرامج الاذاعية... مصر بلد كبير وفوق مستوى أي خيال وعنوان زعيمها المهابة والثقة والالتزام بنواميس القانون والتصرف بمسؤولية... أنت رئيس كل مصر والمصريين والمجاملة لارضاء فئة بعينها شيء مرفوض وبداية تثير الشك والمصداقية... الله يكون في عون السيد الرئيس وربنا يعينه علينا وعلى ارضاء شعب أصوله وجذوره فرعونية... الطريق لسه في بدايته والليلة شكلها طويل لكن الشيء الأكيد وواضح وظاهر ان أي فصيل حتى لو كان شمشون مش حيقدر على حكم بهية... وهي دي الخلاصة وبداية القضية...!!
said_elmasryfahmy@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي