خواطر تقرع الأجراس / حضارتنا بين تذكير المؤنث وتأنيث المذكر

مصطفى سليمان





| مصطفى سليمان * |
بدايةً أعلن أنني مع المرأة، لأنني مع الحضارة، مع الحياة. وضد الرجل، لأنني ضد الهمجية، ضد الموت. في بدء الخلق لم تقتل امرأةٌ امرأةً!. قتل الرجل أخاه ولا يزال، وسيبقى! يريد الرجل الآن أن يُذَكِّر المؤنث. يريد للمرأة أن تدمر الحضارة حتى لا يبقى وحده مسؤولاً عن تدميرها. وفي القرآن الكريم: «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون». (سورة البقرة 30). ألم يُحكَم على البشر بالعداوة؟ قال تعالى: «وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين» (سورة البقرة 36).
ترى مَنْ مِنَ البشر مسؤول عن سفك الدماء؟ المرأة أم الرجل؟ أراه الرجل!
الرجال في كثير من الدول «المتقدمة» يعسكرون النساء بجعلهن يحاربن ويسفكن الدماء. المرأة منذ تاريخ خلقها وهي تنزف الدماء؛ حائضاً، وولوداً للحياة لا الموت!. بل قد تموت وهي تلد لنا الحياة.
عمّن نتحدث؟ عن المرأة المصارعة، وبطلة كمال الأجسام ذات العضلات الصلبة المفتولة المحقونة بالهرمونات؟. ما أقبحها امرأةً! وما أجملها وهي تحكي قصة ساحرة برشاقة جسدها المتموج مع الحكاية، في رقصة «الباليه»! ما أقبحها وهي تصرخ بوحشية مهللة للعنف في حلبات المصارعة البشرية، وقتل الثيران في حلبات المصارعة الحيوانية! وما أبهاها وهي تغني بصوت عبقري لا يوصف إلا بما وصفه الفنان ابن الرومي:
(مَدَّ في شأو صوتها نفَسٌ كافٍ/ كأنفاس عاشقيها مديدُ)
(فتراه يموت طوراً ويحيا/ مُستلَذٌّ بسيطُه والنشيدُ)
(فيه وشْيٌ وفيه حَلْيٌ من النّغْمِ مصوغ يختال فيه القصيدُ)
في أميركا تُسن القوانين لعسكرة المرأة، وفي إسرائيل كذلك. لا أتصور امرأة تحمل سلاح الموت وتقتل. نعم في التاريخ أمثلة عن نساء تقلدن شؤون السياسة والحرب: كليوباترا. زنوبيا. شجرة الدر. مارغريت تاتشر. بينازيربوتو. غولدا مائير. منهن من قاومت الحرب والعدوان. ومنهن من قامت للحرب والعدوان.
عبر التاريخ، الجنرالاتُ (ليس الجمع هنا جمعاً مؤنثاً سالماً!) وقادةُ الجيوش والمحاربون، طوعاً أو كرهاً، والمستعمرون، وقاطعو الرؤوس، وذابحو الأطفال... كلهم جمع مذكر، سالماً وتكسيراً!
يريد الرجل أن يعسكر جينات المرأة، ويُذَكْرِن فطرتَها الأنثوية. وأخطر مجال هو مجال الحرب وسفك الدماء، بسفح أنوثتها على مذابح «العسكرتاريا»!
بعد الحروب المدمرة التي شنها «رجال» الإغريق في جميع بلاد اليونان، طرح الكاتب المسرحي الساخر أريستوفانس في مسرحيته (ليسِسْتراتا) فكرة طريفة من شأنها أن تجعل الرجال يقلعون عن الحروب. حرّضت ليسِسْتراتا جميع نساء اليونان على هجر أزواجهن في المضاجع! حتى يقلعوا عن الحروب التي تفتك بالرجال والنساء والأطفال، وتدمِّر حضارة اليونان.
تجاوبت النساء مع دعوتها، فقاطعن أزواجهن في الفراش، في محاولة لإقامة دولة عادلة... ترعى النساء جميع شؤونها!
لكن الدوافع الجنسية القاهرة تدفع ببعض النساء والرجال إلى لقاءات سرية!
لم يتحمل الجميع هذه المقاطعة. وكانت النتيجة أن تصالح الرجال والنساء. وأقسم الرجال على عدم العودة إلى الحرب.
مسرحية فذّة تتضمن مسؤولية الرجل عن الحروب، وإلى الثقة في قدرة النساء على إنقاذ الرجل من نزعته العسكرية، ومن ميله إلى الحرب وسفك الدماء، وبالتالي إنقاذ الحضارة من التدمير.
لكن السؤال الكبير الآن: هل تسمح أنانية الرجل للمرأة بأن تتسلم مقاليد الحياة؟
من ينتصر؟ تذكير المؤنث؟ أم تأنيث المذكر؟
* كاتب سوري
بدايةً أعلن أنني مع المرأة، لأنني مع الحضارة، مع الحياة. وضد الرجل، لأنني ضد الهمجية، ضد الموت. في بدء الخلق لم تقتل امرأةٌ امرأةً!. قتل الرجل أخاه ولا يزال، وسيبقى! يريد الرجل الآن أن يُذَكِّر المؤنث. يريد للمرأة أن تدمر الحضارة حتى لا يبقى وحده مسؤولاً عن تدميرها. وفي القرآن الكريم: «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون». (سورة البقرة 30). ألم يُحكَم على البشر بالعداوة؟ قال تعالى: «وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين» (سورة البقرة 36).
ترى مَنْ مِنَ البشر مسؤول عن سفك الدماء؟ المرأة أم الرجل؟ أراه الرجل!
الرجال في كثير من الدول «المتقدمة» يعسكرون النساء بجعلهن يحاربن ويسفكن الدماء. المرأة منذ تاريخ خلقها وهي تنزف الدماء؛ حائضاً، وولوداً للحياة لا الموت!. بل قد تموت وهي تلد لنا الحياة.
عمّن نتحدث؟ عن المرأة المصارعة، وبطلة كمال الأجسام ذات العضلات الصلبة المفتولة المحقونة بالهرمونات؟. ما أقبحها امرأةً! وما أجملها وهي تحكي قصة ساحرة برشاقة جسدها المتموج مع الحكاية، في رقصة «الباليه»! ما أقبحها وهي تصرخ بوحشية مهللة للعنف في حلبات المصارعة البشرية، وقتل الثيران في حلبات المصارعة الحيوانية! وما أبهاها وهي تغني بصوت عبقري لا يوصف إلا بما وصفه الفنان ابن الرومي:
(مَدَّ في شأو صوتها نفَسٌ كافٍ/ كأنفاس عاشقيها مديدُ)
(فتراه يموت طوراً ويحيا/ مُستلَذٌّ بسيطُه والنشيدُ)
(فيه وشْيٌ وفيه حَلْيٌ من النّغْمِ مصوغ يختال فيه القصيدُ)
في أميركا تُسن القوانين لعسكرة المرأة، وفي إسرائيل كذلك. لا أتصور امرأة تحمل سلاح الموت وتقتل. نعم في التاريخ أمثلة عن نساء تقلدن شؤون السياسة والحرب: كليوباترا. زنوبيا. شجرة الدر. مارغريت تاتشر. بينازيربوتو. غولدا مائير. منهن من قاومت الحرب والعدوان. ومنهن من قامت للحرب والعدوان.
عبر التاريخ، الجنرالاتُ (ليس الجمع هنا جمعاً مؤنثاً سالماً!) وقادةُ الجيوش والمحاربون، طوعاً أو كرهاً، والمستعمرون، وقاطعو الرؤوس، وذابحو الأطفال... كلهم جمع مذكر، سالماً وتكسيراً!
يريد الرجل أن يعسكر جينات المرأة، ويُذَكْرِن فطرتَها الأنثوية. وأخطر مجال هو مجال الحرب وسفك الدماء، بسفح أنوثتها على مذابح «العسكرتاريا»!
بعد الحروب المدمرة التي شنها «رجال» الإغريق في جميع بلاد اليونان، طرح الكاتب المسرحي الساخر أريستوفانس في مسرحيته (ليسِسْتراتا) فكرة طريفة من شأنها أن تجعل الرجال يقلعون عن الحروب. حرّضت ليسِسْتراتا جميع نساء اليونان على هجر أزواجهن في المضاجع! حتى يقلعوا عن الحروب التي تفتك بالرجال والنساء والأطفال، وتدمِّر حضارة اليونان.
تجاوبت النساء مع دعوتها، فقاطعن أزواجهن في الفراش، في محاولة لإقامة دولة عادلة... ترعى النساء جميع شؤونها!
لكن الدوافع الجنسية القاهرة تدفع ببعض النساء والرجال إلى لقاءات سرية!
لم يتحمل الجميع هذه المقاطعة. وكانت النتيجة أن تصالح الرجال والنساء. وأقسم الرجال على عدم العودة إلى الحرب.
مسرحية فذّة تتضمن مسؤولية الرجل عن الحروب، وإلى الثقة في قدرة النساء على إنقاذ الرجل من نزعته العسكرية، ومن ميله إلى الحرب وسفك الدماء، وبالتالي إنقاذ الحضارة من التدمير.
لكن السؤال الكبير الآن: هل تسمح أنانية الرجل للمرأة بأن تتسلم مقاليد الحياة؟
من ينتصر؟ تذكير المؤنث؟ أم تأنيث المذكر؟
* كاتب سوري