من وحي الشارع / مدرسة جاسم القطامي

تصغير
تكبير
| ثريا البقصمي |

جاسم القطامي جاء إلى هذه الدنيا ليصنع تاريخا ورحل تاركاً خلفه حياة ملونة بالمواقف الوطنية والانسانية التي حفرت في جدار الخالدين في ضمير الوطن.

عرفته عن قرب من خلال اهتمامه الرائع بالفن، وكان حريصاً على حضور افتتاح معارضي، وكذلك المعرض السنوي لجمعية حقوق الإنسان التي كان يترأسها، وكم سعدت عندما طلب مني تصميم ملصق للجمعية وكان موضوعه الأسرى الكويتيين في معتقلات الطاغية صدام.

وكانت السعادة تغمرني عندما يقتني لوحة من أعمالي وذلك لأن لوحتي التي احتلت مكاناً في منزل إنسان عظيم ورائع وله مثل هذا التاريخ المشرق لهو شرف كبير لي.

وكنت دائماً أسعد بوجود «أم محمد» زوجته ورفيقة دربه، والتي كانت تشاركه باختيار اللوحات، وكنت أرى في عينيها حبا كبيرا لرجلها الذي ضحى بالكثير من أجل قول كلمة الحق. وسيرة المناضل جاسم القطامي مدرسة في الوطنية، وإن ما يبقى لأي إنسان من صورة في ذاكرة الآخرين هي سيرته العطرة، وليست أمواله المكدسة، وكل من فكر يوماً أن يتخلى عن مبادئه من أجل مصلحته وربحه للوصول إلى قمة لزجة غير نظيفة، وقبل أن يتحول إلى ذيل يهتز لأوامر سيده. أمثال هؤلاء منسيون، فقاعات هلامية ستحملها الرياح بعيداً عن ذاكرة البشر. وكان ويبقى اسم جاسم القطامي يلمع كاليرة الذهب، نقياً نظيفاً في شبابه لم يقبل أن يعاقب المتظاهرين الكويتيين بالضرب، واستقال أكثر من مرة من عمله لأنه رفض أن يظلم الناس وأن يدوسهم ليسعد من يتمسكون بالسلطة، وقال في أكثر من موقف ومكان كلمته ومشى غير خائف من العواقب، وظل يحلم بوطن نظيف والحرية طائر يرفرف فوق رؤوس الجميع. ولتبنيه قضية حقوق المرأة السياسية محطة مشرقة جديدة توقف عندها ليوثق نضاله السياسي بنيل المرأة لحق المواطنة المصادر.

والحديث عن تاريخ الراحل جاسم القطامي لن ينتهي، لكن تبقى سيرته العطرة مثالا يحتذي به السياسيون الشباب والذين متى تعلموا أن يقولوا كلمة الحق وأن يحترموا مبادئهم وألا يتحولوا لأذناب وأمّعات عندها يمكنهم بكل فخر الانتماء إلى مدرسة جاسم القطامي في الوطنية ونصرة الحق واحترام إنسانية الآخرين.



g_gallery1@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي