علي محمد الفيروز / إطلالة / المتاهة الدستورية !

تصغير
تكبير
| علي محمد الفيروز |

يتساءل الشارع الكويتي اليوم عن الأوضاع السياسية المتأزمة في البلاد إلى متى؟!

وإلى أين نحن ذاهبون، وما أسباب تقديم الحكومة استقالتها، وإلى أين سيصل مجلس 2009، خصوصاً بعد استقالة الحكومة ورفض غالبية النواب مجلس الفصل الثالث عشر، فياترى هل الطعن في حكم المحكمة الدستورية هو الحل بعد بطلان مجلس 2012 ودستورية مجلس 2009 الذي جاء مرسوم حله بطريقة خاطئة وسريعة وبالتالي يعتبر باطلاً ويشوبه القصور، أم أن إعادة المجلس التشريعي الثالث عشر قد جاء لاكتمال مدته القصيرة المتبقية لانعقاد جلسات خاصة لاعتماد اقرار الميزانيات والحساب الختامي ثم يُفض دور الانعقاد ليأتي بعدها الحل؟!

نعم هناك سيناريوهات عدة مطروحة بين أعضاء الحكومة ومجلس 2009 الشرعي بحكم المحكمة الدستورية ولا نعلم إلى أين سينتهي الأمر، في حين نجد أن الحكومة مشوشة في اتخاذ قراراتها بعدما قدم نصف أعضائها استقالاتهم المسببة من قبل...

ومن وجهة نظري فإن أعضاء مجلس 2012 الذين جاؤوا بإرادة شعبية لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد أن حكمت المحكمة الدستورية بحكم فجّر المواقف والآراء وعجزت الحكومة عن التعامل معه، إذ ان عدم دستورية مرحلة الانتخابات السابقة وبطلان عضوية أعضائها في مجلس 2012 ليس أمراً سهلاً وبالأخص بعد انقضاء مدة تشريعية طويلة قد تصل إلى سنة مليئة بالإنجازات من حيث إقرار القوانين وتشكيل اللجان الموقتة الخاصة بالتحقيق مثل قضية التحويلات الخارجية وقضية الإيداعات اللتين تهمان الشارع الكويتي بالدرجة الأولى، مع انني غير مقتنع بتقديمهم بهذا الكم من الاستجوابات التي تعرقل سير عمل المجلس.

نحن نتحدث اليوم عن مدى مدة الإجراءات التي تمت في المحكمة الدستورية، وكيف جاء منطوق الحكم متأخراً، فهذه المدة الطويلة شابها الكثير من التساؤلات والانتقادات، وبالذات مجيئها بعد انقضاء فترة الانتخابات الأخيرة 2012 وقرب انتهاء فترة الدور الأول للمجلس، لذا لم يكن غريباً للغالبية من نواب 2012 أن تطعن سياسياً بحكم الدستورية الذي جاء من الدعوى المرفوعة من المرشحة صفاء الهاشم ومن الوزير والنائب السابق والمرشح روضان الروضان، فالأجواء مشحونة سياسياً والأعصاب مشدودة شعبياً تنتظر الحسم في ظل الاستقالة الجماعية للحكومة وعدم دستورية مجلس 2012 وبطلان سير الانتخابات.

ففي الواقع الشعب له مطالب وحقوق والغالبية تقول: لا لكسر إرادة الشعب والخضوع، فإذاً كيف ستكون الحال لو أن المحكمة حكمت بالسجن على نواب ورموز المعارضة التسعة المتهمين باقتحام مجلس الأمة مع عدد من المجاميع الشبابية مثلاً، بالتأكيد ستغص ساحة الإرادة بمؤيدي أعضاء المعارضة ولن تقبل بإسقاط رموزها ونوابها، والمضي قدماً نحو إصلاحات دستورية عدة في البلاد، في حين هناك حديث يحوم حول الساحة السياسية عن توجه الحكومة نحو تعديل الدوائر الانتخابية إلى عشر دوائر، وحديث عن بقاء المجلس الشرعي 2009 لإقرار مجموعة ميزانيات متعلقة وتحتاج عند مناقشتها موافقة عامة، وبالتالي يجب على أصحاب القرار أن يتجهوا نحو ترطيب الأجواء السياسية المشحونة سخونة وأن تبادر الدولة إلى إصدار مرسوم حل مجلس 2009 الذي جاء بقوة الحكم الدستوري على أن تكون وفق الأطر الدستورية الصحيحة حتى لا تشوبه أي مثالب دستورية ويرفع ذلك فور تشكيل أعضاء الحكومة الجديدة ورفع كتاب عدم تعاون امتثالاً للإرادة الشعبية وللعودة إلى نظام برلماني صحيح لا تشوبه الأخطاء الحكومية، علماً بأن أسباب الرغبة الأميرية السامية في حل مجلس 2009 مازالت قائمة وبالتالي لا داعي لأي تصرف سلبي من أعضاء مجلس 2009، وبالتالي أتوقع العزوف التام من أعضاء مجلس 2009 لأن هناك أسباباً أميرية قائمة على الحل!!

وأعني هنا أن المجلس الشرعي 2009 يجب ألا يستمر في ظل هذه الأوضاع غير المستقرة حتى لا يؤجج الشارع الكويتي أكثر وتحشد جماهير المعارضة في ساحة الإرادة ويحدث ما لا تحمد عقباه لأن هناك وعودا نيابية معارضة للأوضاع الراهنة وآراء شعبية رافضة بقاء النواب العائدين كون معظمهم يلقبون بـ «القبيضة» وبالتالي لا يريدون هؤلاء أن يمثلوهم تحت قبة البرلمان.

ان استعانة الحكومة بالنظر ودراسة تصورات وزارة العدل وإدارة الفتوى والتشريع هي من ضمن الخطوات التصحيحية لتكون آراء موحدة على جميع الجوانب الدستورية والقانونية وهي إجراءات سترضي الجميع إن شاء الله لكنها تعفي الحكومة المقبلة من الخوض في متاهات دستورية جديدة مع وجوب الاحتكام إلى إرادة الأمة عن طريق العودة إلى صناديق الاقتراع حتى تهدأ النفوس.

وفي النهاية الدولة مطالبة بتسوية القضايا السياسية الساخنة مع رموز المعارضة والإرادة الشعبية من خلال اجراء إصلاحات جذرية مع ضرورة تعديل الدستور، وفي الحقيقة مللنا من التأزيم السياسي بين السلطتين ونريد الحديث عن مستقبل واعد للكويت الحبيبة، وما أثلج صدري بعد حكم المحكمة الدستورية تلك الآراء الدستورية من الخبراء الدستوريين التي تؤكد بأن جميع التشريعات التي صدرت أثناء عمل مجلس 2012 هي سليمة وصحيحة لأنها صدرت من مجلس مشروع وقت صدورها.

«حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي