حوار / مدير المكتب الثقافي في لندن نصح الطلبة بالابتعاد عن العاصمة... بسبب «الغلاء الفاحش»

محمد الهاجري: تخلصنا إلى غير رجعة من الجامعات السياحية

تصغير
تكبير
| كتب جعفر رجب |

على بعد خطوات من هاردوز في «النايتس بريج» حيث التسوق على اشده والسيارات الأجرة تقف بالدور لحمل الزوار، دخلت مكانا لا علاقة له بالتسوق والسياحة، بل بالعمل وحده، مكان يتابع 2300 طالب وطالبة كويتيين، ويستعد لاستقبال 700 مستجد... إنه المكتب الثقافي في لندن، حيث لقاء مديره الدكتور محمد الهاجري. ووسط جو لندني حار، لا ينقصه سوى الغبار حتى يصبح كويتيا خالصا، أسهب الدكتور محمد الهاجري، في الحديث عن أجواء الدراسة في بريطانيا، ودور المكتب الثقافي في التعامل مع الطلبة وخصوصا الطالبات، مقدما النصائح المفيدة للطلبة المستجدين عن أحوال المعيشة والتكاليف والسكن وكيفية إختيار الجامعة وغيرها من الأمور الأكاديمية.

وأشارالدكتور محمد الهاجري، إلى أنه تم التخلص إلى غير رجعة من الجامعات السياحية، مشددا على ضرورة اتصال الطلبة مباشرة بالمكتب الثقافي للتسجيل والقبول في الجامعات البريطانية، بدلا من المكاتب الخاصة، ناصحا من سيدرس في بريطانية، الابتعاد عن العاصمة لندن لارتفاع مستوى المعيشة والغلاء الفاحش فيها، لافتا إلى إنه في السنة الاولى يتم تسجيل الطالبات في جامعات ومدن محددة، حرصا على خلق بيئة اجتماعية تسهم في دعمهن أكاديميا... وإلى نص الحوار.



• عادة ما يردد المبتعث الجديد...ماذا افعـــــل، وايــــن اذهــب، مما يشير الى نقص المعلومة لديه، والتي غالبا ما تؤدي الى تأخر المبتعث...ماذا تقولون له؟

- المشكلة الاساسية عند الكثير من الطلبة في مصدر المعلومة، فهم لا يأخذون المعلومة من المصدر الذي يفترض ان يأخذ منه، بل عادة يأخذونها من الاقرباء والاصدقاء، أو يأتي معتمدا على معلومات سابقة وتصورات مسبقة وخاطئة، وكثيرا ما نواجه مثل هذه المشاكل، فالبعض يأتي من دون أن يكون مهيأ ماديا ونفسيا للبعثة، وللاوضاع الجديدة التي سيواجهها.

وهناك مثلا من يأتي للدراسة في العاصمة لندن، من دون علمه بغلاء المعيشة في هذه المدينة، مما قد يولد لديه مشاكل جمة بسبب النقص المادي، وهذا بدوره يؤثر عليه سلبا من الناحية النفسية والعلمية.

والمكافأة للطلبة لا تتجاوز 1400 جنيه إسترليني، في حين ان ارخص استيديو في لندن لا يقل عن 1200 شهريا، وهو بامكانه الحصول على شقق افضل واكبر في المدن البريطانية بنصف هذا المبلغ، كما أن المصاريف من حيث المعيشة والمواصلات اقل بكثير من العاصمة لندن.

ولهذا انصح الطلبة الابتعاد عن العاصمة لندن، واختيار مدن اخرى للعيش والدراسة فيها، فتكاليف المعيشة في لندن صعبة جدا للطالب.

• وكيف تتواصلون مع الطلبة في بريطانيا؟

- نحن نتواصل مع الطالب عبر موبايله، والموقع الالكتروني للمكتب، وعبر الايميل المباشر للطالب، بالاضافة إلى حساب في التويتر، وكله من اجل تحقيق تواصل اكثر، واظن انه كلما ازداد الاتصال بالطالب، ودعم من المكتب اكثر، يساهم في خلق بيئة مناسبة للتعلم بالنسبة له، فتجاهل الطالب ومشكلاته يتسبب في هبوط مستواه الاكاديمي.

• وماذا من الناحية الاكاديمية، ماهي اهم المشكلات التي تواجه الطلبة؟

- لدينا مشكلة اللغة، مع الاسف بعض الطلبة يتاخر في تقديم اختبارات اللغة في «التوفل» او «الايلت»، مما يؤدي تاخر الطالب في الدراسة لمدة عام كامل رغم تميز الكثير منهم في اللغة الانكليزية، ولهذا دائما ننصح الطلبة المتميزين بتقديم اختبارات مستوى اللغة قبل نجاحه في الثانوية، حتى لا يتاخر عاما دراسيا كاملا في دراسة اللغة الانكليزية، رغم المامه باللغة.

اللغة الانكليزية سهلة وتعامل معها الطالب في المدرسة، وهي ليست غريبة عليه، واغلب طلبة النظام العام، مستواهم العلمي جيد، يعانون من مشكلة في اللغة فقط في السنة الاولى، ولكنهم من حيث المستوى الدراسي لاحظنا انهم اكثر تميزا، من خريجي المدارس الخاصة الاجنبية.

• وهل هناك حالات تسرب؟

- بصورة عامة التسرب قليل جدا، واغلب من يتسرب بسبب ظروف خاصة، وليس بسبب الجانب الاكاديمي، ونسبة تسرب الطالبات مقارنة مع الطلبة اكثر، واعتقد ان السبب راجع إلى عدم التكيف والابتعاد عن الاهل وفقدانهن للحياة الاجتماعية، خصوصا وان الطالب هنا يعيش في مجتمعات مغلقة، ومختلفة تماما عن المجتمعات الشرقية.

• ألم تحاولوا وضع حل لهذه المشكلة، والتقليل من نسبة التسرب، خصوصا للطالبات؟

- بالفعل قمنا ببعض الخطوات المهمة في هذا المجال، حيث نقوم بمتابعة الطالبة على الدوام، بالاضافة إلى حل مشكلة الغربة من خلال تسجيل الطالبات في مدن معينة، ليكون هناك تجمع للطالبات في هذه المدينة، وخصوصا في السنة الاولى، لان هذا يؤدي إلى التقليل من الشعور بالعزلة والغربة.

وكما هو معروف فإن السنة الاولى هي المفصلية، وبعدها يستطيع الطالب او الطالبة التكيف اكثر مع الاوضاع، واتصور ان تطور وسائل الاتصال ساهم كثيرا في التقليل من الشعور بالغربة للطلبة.

• وكيف بالنسبة للطلبة، ماهي السياسية التي تتخذونها، في توزيعهم على المدن والجامعات؟

- بالنسبة للطلبة فالوضع مختلف، ونعتمد عدم تكديسهم في مدن او جامعات محددة، بل نسعى إلى توزيعهم على عدة مدن لعدة اسباب، اهمها انه لوحظ تراجع مستوى الطالب بصورة عامة في الاماكن التي يتكدس فيها الطلبة، لان هذا التكدس يعني ان الطالب المستجد يعتمد على غيره في تدبير اموره، وفي تعامله مع الجامعة، وحتى في دراسته، مما يؤدي إلى تراجع مستواه الاكاديمي.

وفي السنة الاولى يفترض في طالب اللغة أن يتفاعل مع المجتمع ويتكيف مع الاوضاع الجديدة، ويعتمد على نفسه حتى يكون لغته الخاصة، ويتكيف مع النظام الاكاديمي والحياة الاجتماعية، أما حالة التكدس فانه يساهم بشكل كبير في عدم تكيف الطالب، بالاضافة إلى خلق مشاكل اجتماعية وعنصرية.

• هل واجهتم بالفعل مشاكل عنصرية أو اعتداءات لاسباب عنصرية؟

- لا ليست اعتداءات خطيرة، او مواجهة حادة، ولكن عندما يتكدس الطلبة عادة ينغلقون على انفسهم، ولا يتعاملون مع الاخرين في الجامعة، ووفقا للطريقة العربية عادة يمشون في جماعات، وينجزون اعمالهم مع بعضهم البعض، ويتحدثون لغتهم الخاصة، مما يخلق نوعا من الشعور بالعداء والعنصرية تجاههم دون ان يقصدوا ذلك، ولذلك دائما ننصح الطلبة الابتعاد عن التجمعات التي قد تشكل استفزازا للاخرين، خصوصا مع ارتفاع الموجة العنصرية في أوروبا تجاه العرب خاصة، والمسلمين بصورة عامة، وان كان الشعب البريطاني بطبيعته يتقبل الاخر، ويتعامل بصورة حسنة مع الطلبة الزائرين.

• ما الوسيلة الافضل للطالب للحصول على القبول في الجامعات، فكثيرا ما يعاني المتقدم مشكلة التسجيل في بريطانيا، وكيفية التعامل مع الجامعات وطريقة اعتماد الشهادة الثانوية، ونظام القبول في هذه الجامعات؟

- في البداية على الطالب ان يهيئ نفسه للتعلم، وان الامور ليست سهلة ولا هي معقدة، المهم ان يعرف كيف يتعامل مع الوضع الاكاديمي الجديد.

والقضية ليست أن يبحث الطالب عن جامعة «مافيها دوام، وينجحون، ونحصل على شهادة...»، لم يعد الوضع كما كان، لا وجود للجامعات السياحية، لقد قمنا وبجهد من العاملين بوضع معايير معينة وواضحة للجامعات في بريطانيا، وشددنا عليها اكثر حتى من البريطانيين انفسهم، واضفنا ثلاثة معايير اضافية على المعايير الثمانية التي توضع عادة، ومنها معيار الابحاث، ومستوى الجامعة، وسمعتها العالمية، ومدى توفر اعضاء هيئة التدريس في التخصص.

ووضعنا قائمة كاملة بالجامعات المعتمدة في بريطانيا للبكالوريوس والدرسات العليا، وبامكان اي طالب بسهولة الدخول إلى موقع الكتب الثقافي الكويتي في بريطانيا، ومعرفة الجامعات وتخصصاتها المعتمدة، ولم تعد هناك جامعة سهلة اوصعبة، الصعوبة والسهولة تأتي من خلال التزام الطالب بالدراسة.

• هذا يعني التخلص من الجامعات المتدنية المستوى والتجارية نهائيا؟

- نعم الجامعات والدراسات السياحية انتهت الى غير رجعة، لا مكان لجامعات تجارية وسياحية، ولا مجال لان ينام الطالب في بيته ويصبح مهندسا مثلا، ولا مجال لكسب الماجستر والدكتوراه بالواتساب والايميل، الالية الجديدة التي عملنا بها ساهمت في القضاء على هذه الظاهرة غير التربوية، وقد اوصلنا هذه المعايير إلى الجامعات البريطانية وتقبلتها بصدر رحب، واشكر بالفعل العاملين في المكتب على هذا المجهود الذي قاموا به.

• ماذا عن الجامعات التي يقوم الطالب من خلال المكاتب الخاصة بالتسجيل فيها؟

- هذه نقطة مهمة ومحورية، حاليا في المكتب الثقافي نقوم بكل شيء، سواء التصديق على الشهادات او معادلتها، او القبول في الجامعات، انا انصح الطلاب والطالبات بالاتصال مباشرة بالمكتب الثقافي للحصول على المعلومات الكاملة، لان لدينا موظفين متخصصين بالجامعات، وعلى علم كامل بالنظام التعليمي البريطاني، وعلى دراية كاملة بالاوراق المطلوبة، وانا اطالب الطلاب والطالبات بالاتصال المباشر بالمكتب والمكتب الثقافي في لندن، لاننا نقوم بكل الاجراءات، واهمها اعتماد القبول، وكلها تتم خلال ايام، إذا تم الاتصال المباشر بالكتب، عبر هواتف موجودة ومحددة في المكتب الثقافي، او الموقع الالكتروني، ونوفر لهم كافة المعلومات دون الحاجة إلى الذهاب للمكاتب الخاصة.

• في بريطانيا نظام يسمى بـ«الفانونديشن»، وهو مختلف إلى حد ما من النظام الأميركي، فهل من الممكن ان نعرف الفرق؟

- هذا النظام هي السنة الاولى الذي يفترض على الطالب فيها ان يحصل على معدل معين لاكمال دراسته في اي من الجامعات المعتمدة، وليس بالضرورة ان يستمر في نفس الجامعة، وان كنا دائما نسعى على ان يكمل الطالب في نفس الجامعة.

وانصح الطلبة على التركيز اكثر في هذه السنة للحصول على القبول في التخصص الذي يأملونه، واعتقد ان اهم سنة هي السنة الاولى لاي طالب وطالبة، وتفوقه ونجاحه يساهم في تعبيد الطريق امام الطالب في السنوات اللاحقة، ويتخلص من العثرات التي تواجهه مستقبلا.

• في السنة الفائتة تم الحديث عن نظام التأمين الصحي في بريطانيا، إلى اين وصلت الامور بالنسبة للطلبة؟

- في الواقع التأمين الصحي هنا اكثر تعقيدا من أميركا، فهنا قليلا ما يقوم المواطن بالتأمين الصحي لانه اساسا نظام اميركي، وواجهنا بعض التعقيدات في البداية، ولكن بصورة عامة الامور تسير إلى الافضل، والتأمين الصحي ضرورة للطالب بصورة عامة، لانها تعطي شعورا بالامان للطالب، وتساهم في بعث الطمأنينة، وتقلل من مصاريفه، خصوصا إذا وجد عارض صحي لا سمح الله.

• لا يخفى حالة الاحتقان السياسي في الكويت، والازمات السياسية التي خلقت نوعا من الحساسية المذهبية، والفئوية في المجتمع، هل هذه الحساسيات انتقلت الى بريطانيا؟

- لا، عادة الطلبة هنا اقل تاثرا بالاوضاع، حيث انهم مشغولون بالجانب الاكاديمي، كما أن عدم تكدسهم بصورة كبيرة ساهم من تخفيف الاحتقان، وزيادة الالفة بين الطلبة بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والسياسية والمذهبية، واثبت الطلبة والروابط الطلابية انهم بالفعل على قدر المسؤولية، وانهم يضعون الكويت امام اعينهم قبل كل شيء.

• ماذا قدم المكتب للدكتور محمد الهاجري على المستوى الشخصي؟

- هنا المسؤوليات مختلفة، والاحتكاك مع الادارات والجامعات والصروح الاكاديمية المختلفة، ساهم في اثراء التجربة الادارية، وان تكون مدير مكتب ثقافي يعني ان تكون مسؤولا عن آلاف الطلبة، وتتابع كل احتياجاتهم، هي تجربة جميلة لمن يريد ان يستفيد منها، واعتقد انها تكسب الفرد تجربة جيدة تساهم في دعمه اكاديميا وادرايا.

• كلمة اخيرة، قبل ان نغلق هذا الملف؟

- في الواقع اشكر «الراي» على هذا اللقاء، وفي هذا الوقت بالذات، والذي ارجو أن يسهم في تعريف الطلبة المستجدين بنظام الدراسة وطرق التسجيل في بريطانيا، كما أود أن اشكر جميع العاملين في المكتب الثقافي في بريطانيا، فهم بالفعل الجنود المجهولون، الذين يعملون بكل طاقتهم من اجل الوقوف مع الطلاب والطالبات وحل مشكلاتهم... مع تمناياتي للجميع بالتوفيق.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي