«فالملاحظ عليه أنه دائماً يستجوب وزراء من خارج دائرة القبائل لمشاكل يكونون «سياسيا» هم اصحاب المسؤولية! فمثلاً مشكلة المخازن الحكومية في عهد وزير التجارة فلاح الهاجري، لم يهاجم البراك الوزير القبلي وتوجه بدلا عنه لوزير الدولة آنذاك اسماعيل الشطي! ثم تعلمون جيداً كم هي درجة قدسية ديوان المحاسبة لدى الشعبي والبراك عند مراقبة الحكومة، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب عندما دان الديوان محمد ضيف الله شرار (صاحب أطول اسم حكومي في عهده) بالفساد، حينها كان موقف البراك ضد طرح الثقة!»
هذا الكلام قلته قبل اشهر، النائب مسلم البراك. المحصلة التي اردتها في تلك المقالة انه صاحب عندما يكون الامر خارج دائرة القبائل وحينما يكون الآخرون تحت مرمى النيران، فساعتها تراه أسدا غضنفر اشوس شرسا شجاعا مقداما، فدائيا مضحيا بالنفس والنفيس، لا يخاف في الله لومة لائم. بمجرد ان يكون الوزير او الموظف من المقربين، يصير مع بو حمود التهاب باللثة وتقرحات باللسان!
الموضوع ليس تقصدت ولا شخصانية، كما قلت سابقا بأني كنت من المؤيدين له وسأبقى ان كانت المطالبات مستحقة. لكنه حينما يبتعد عن الحق، تكون الوقفة ضده كما كانت ضد غيره. الآن نحن فيها، فهو احد المنظرين والمؤسسين والمحاربين في الاستجواب الذي لم يكتب له النجاح لوزير المالية، الوزير الذي يملك زمام مؤسسة التأمينات الاجتماعية. فهل سمعتم البراك يتحدث عن الرجعان كما تحدث عن الشمالي أو المضف؟
لاحظ المعادلة. مصطفى الشمالي وزير شيعي، شعيب المويزري وزير قبلي، فهد الرجعان مدير التأمينات مدير قبلي، وصلاح المضف مدير التسليف مدير حضري. هاجم البراك اثنين وترك اثنين، اختار الوزير الشيعي والمدير الحضري، وترك الوزير القبلي والمدير القبلي!
للامانة راجعت تصريحات البراك لمدة اسبوعين متواصلين (النتيجة نفسها لو راجعت اكثر)، وما قاله من هجوم على الشمالي، لم اجد ولا اشارة، تخيّل، ولا اشارة او نغزة للطرف القبلي حول الفساد المستشري الذي يتهم به وزارة المالية! فلا قبل اذاعة «الراي» لخبر تجميد البنوك السويسرية لأرصدة الرجعان (10 مايو) ولا بعده. هجومه دائما ينحرف صوب «غير القبلي».
الاختيار بانتقائية مع وجود الشبهات على الجميع هو اختيار قبلي وبامتياز. لا ابرئ ساحة احد ولا اتهم احدا، فالشبهة واردة على الرجعان كما واردة على المضف، والشبهة الدستورية واردة على المويزري كما الفساد بعين البراك راكب الشمالي! لكن الدفاع عن الحق يكلف الانسان الشيء الكثير، وهي تكلفة عالية لا يريد صاحبنا ان يدفع فاتورتها!
عزيزي البراك قل ما شئت عن نفسك، او ليقل الناس فيك ما شاؤوا، لكن شيئا واحدا لا يمكن ان نطلقه عليك وهو أنك «حر» وانك ولدتك امك لمحاربة الفساد. فالفساد بحاجة لرجال احرار، والحر من يترك كل شيء لأجل الحق، وهذا تحديدا ينقصك.
د. حسن عبدالله عباس
[email protected]