الثقة فيمن يستحق... فالصوت أمانة

تصغير
تكبير
| بقلم: محمد علي داود |

مُسبقا حينما أسست المجالس التي تمثل الشعب أمام الحكومة، كان الهدف منها أمور عديدة، أهمها أن يُعد المجلس هيئة تمثل السلطة التشريعية، وتتولى سن القوانين التي تحكم علاقات الأفراد ببعضها البعض، أو العلاقات بالدولة، وهو دور ليس بالهين لأنه يُصدر قوانين لتُطَبق وتؤثر في مجرى الحياة للمواطنين بالسلب والايجاب، ومراقبة السلطة التنفيذية في أداء مهمتها ومحاسبة المقصرين فيها.

ومن هنا يأتي دور النائب الممثل للأمة المشترط فيه مواصفات خاصة تجعله جديرا بثقة الناخبين، وليكن على دراية حقيقية بأوضاع البلاد ليصبح ذا خلفية سياسية تؤهله للدخول في معترك الحياة السياسية لتحقيق الهدف المأمول من تواجده في هذه الساحة، محققا المكاسب متنحيا خسارة الآخرين أو التعدي عليهم.

ويجدر بالنائب أن يكون على درجة عالية في دوره الرقابي والتشريعي، وبناء عليه لابد أن يمتلك من الخبرة ما يُؤهله للقيام بدوره على أكمل وجه ممكن، لا ليصبح ممثلا للشعب ليبدأ التعلم من البداية ويجرب عالما جديدا عليه، لأن مصلحة الأمم والشعوب ليست حقلا للتجارب يُجريها من لا خبرة له، ومن لا يمتلك الفطنة والحنكة والذكاء ليحقق مصلحة شخصية لفئة بعينها، ويكون ممثلا حقيقيا عنهم لا عن دائرة بأكملها ويكون واجهةً تحركها أيد خفية في الموقع الذي تراه، فيتقرب من هذا ويخاصم ذاك دون وعي منه كأنه مجرد آلة تتحرك وقتما يريد صاحبها.

نرى أفعالا غريبة دخيلة علينا في مجالسنا لم نعهدها من قبل وتتنافى كليا مع الهدف الرئيسي الذي جاء من أجله ممثل الشعب. وقد لا يقع اللوم عليه بالشكل الأكبر، بل يقع اللوم على من وضعوا ثقتهم في مثل هؤلاء النواب وتزاحموا على الصناديق ليصل بأصواتهم الى مكانة لم يكن يحلم بالمنافسة عليها، لولا هؤلاء الذين جُمْلت الصورة لهم، وهذا يعد تزويرا، فالتزوير ليس مجرد استخدام المادة لشراء الأصوات ولكن قد يكون تزويرا فكريا أو نفسيا بتهيئة الناخبين لصورة ثم يجدون عكسها تماما بعد ذلك.

وأذكر أنني رأيت أحد النواب حينما واجهه أحد أهالي دائرته بوعوده التي اندثرت وأدائه الهزيل فكانت المفاجأة أن النائب المحترم وبكل بساطة كان يضع اللوم على هذا الناخب لأنه وضع ثقته فيه وطالبه بعدم اعادة انتخابه له مرة أخرى.

صحيح أن ثقة الناس أمر من الصعب الحصول عليه، ولكن أيضا من السهل فقدان تلك الثقة وعندها لن تعود أبدا مهما استقام الحال بهذا الشخص بعد ذلك.

أتمنى أن يكون البعض استوعب الدرس جيدا وألا يضع ثقته بعد ذلك فيمن لا يستحق، وألا يضحي بصوته خلف وعود زائفة وصور مبهمة غير واضحة المعالم والملامح.



الجامعة العربية المفتوحة

Twitter: @Mohamed__D
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي