«لا خلاف أبدا على أن هناك تأخيرا في تنفيذ المشاريع لكن هل الحل إلغاؤها؟»

الوقيان عن سقوط «الخطة الثالثة»: لا أعلم ما تكنّه الصدور

تصغير
تكبير
| كتب رضا السناري |

علّق الأمين العام للمجلس الاعلى للتخطيط الدكتور عادل الوقيان على رفض مجلس الأمة للخطة السنوية الثالثة، في اطار خطة التنمية الحكومية بالقول «لا أعلم لماذا رفض المجلس الخطة، ولا أعرف ما تكنه الصدور». واعتبر أن «رفض الخطة بالجملة دون تفصيل قد يفهم أنه نكوص عن اتباع التخطيط ورجوع الى الموازنة من دون رؤية».

ورد الوقيان في مقابلة مع «الراي» على اتهامات بعض النواب لخطة التنمية بالفشل، قائلاً «خطة التنمية ليست كذبة أو خرافة (...) بل رسم للمستقبل والعمل على تحقيقه».

ومع اقراره بصعوبة تحقيق خطة التنمية والتأخير في تنفيذ المشاريع، تساءل الوقيان «هل الحل الغاء الخطة؟»، مذكّراً بأن اساس وضع «التنمية» استنهاض الاجهزة بالتنفيذ ومعالجة المعوقات القائمة».

ولفت الى ان تقارير المتابعة اظهرت أن نسب الانجاز والتنفيذ لم تتحسن ومعدلات الانفاق أقل من السنة الأولى، الا انه يرى بعد جواز الحكم على فشل أو نجاح الخطة الا بعد انتهاء امدها»، موضحا ان «الأمانة» تنظر بقلق شديد الى التأخر في انجاز المشاريع، وان الكويت ستدفع الثمن غاليا في المستقبل اذا استمر هذا التأخير.

وبين الوقيان ان تأخير الخطة السنوية الأولية احدث ضغطا أكبر في السنة الثانية لتسريع التنفيذ، وعدم اقرار الخطة الثالثة سيؤثرعلى درجة التنفيذ، خصوصا انه لا يوجد لا قانون يحاسب على التنفيذ والمتابعة! مشيرا الى ان مشاريع تكررت في كل خطة سنوية لاستغراقها أكثر من سنة ولا بد من ذكرها في حالة استمرارها.

وقال الوقيان ان هدف «الامانة» ألا تتراجع عن الخطة ولو فقدت غطاءها التشريعي.

وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

• لنبدأ من حيث انتهى مجلس الامة، عمليا... ماذا يعني رفض مجلس الامة للخطة السنوية الثالثة؟

-اعتقد انه تراجع عن الزامية التطبيق الذي اقره المجلس من قبل عند اقراره لقانون الخطة الانمائية متوسطة الاجل للاعوام 2010 /2011-2013 /2014 في عام 2010. اذ ان الخطة متوسطة الأجل والتي بنيت على اسس علمية سليمة وواجهت مشكلات حقيقية تتضمن مستهدفات وسياسات تحتاج الى ادوات تنفيذية من أهمها المشاريع بأنواعها التي تتقدم بها الجهات الحكومية وتلتزم بتنفيذها، فالمادة السادسة من القانون تلزم اصدار خطة سنوية بمشاريع تنفيذية لكل جهة حكومية تعرض بالتزامن مع عرض الميزانية، ويرصد لها نظام للمتابعة، وبعدم اقرار الخطة السنوية الثالثة فان حالها أصبح مثل قانون الخطة السنوية الثانية للعام الماضي 2011 /2012 والتي عبرت المداولة الأولى فقط قبل عدة ايام من نهاية سنة الخطة، ولذا فان عدم اقرار الخطة السنوية الثالثة بمثابة تراجع المجلس عن الزامية تطبيق لقراره.

خطوات الاعداد

• وبالنسبة لكم كامانة عامة للتخطيط؟

-يمكن القول اننا ماضون في عملنا كما حددته القوانين، سنستمر بالمتابعة كما استمررنا بها للخطة السنوية الثانية بالرغم من عدم اقرارها حتى الآن، وسنقوم بكل خطوات اعداد الخطة السنوية القادمة تطبيقا لقانون التخطيط الاقتصادي والاجتماعي رقم 60 لعام 1986، والذي لم ير التفعيل عمليا الا في عام 2009 /2010 بعد غياب التخطيط لفترة تزيد على 20 سنة، وأن تجسيد منهج التخطيط العلمي السليم فكرا وتطبيقا ومتابعة سيستمر ولن يتوقف.

الاعتراض المحدد

• وماذا عن الآثار المعنوية التي يمكن ان يعكسها عدم اقرارالخطة على «الأمانة»؟

- بالطبع ليست بالأمر البسيط أو العابر، فغرس فكر منهج التخطيط في أجهزة التنفيذ الحكومية يحتاج الى الاستمرار في الزامية الخطة باصدارها بقانون على المستوى التشريعي بما يكفل الالتزام والمحاسبة، كما أن المفترض أن تكون أداة تحقيق الخطة متوسطة الاجل هي الخطط السنوية التنفيذية، وأن رفضها بالجملة دون تفصيل ومن دون تحديد لمواطن الضعف ومن دون الاعتراض المحدد والتعاون لاعادة صياغتها للوصول الى صيغة توافقية قد يفهمها المجتمع على أنها نكوص عن اتباع التخطيط كمنهج ادارة وعمل وأنه رجوع الى عهد الموازنة والمشاريع دون اتجاه عام ورؤية وبرنامج زمني ومتابعة وغيرها.

تأخير التنفيذ

• برأيك لماذا رفض المجلس الخطة السنوية الثالثة، وما رأيك في ما يردده البعض من النواب ان الخطة مجرد كذبة كبيرة وانها مجرد مشاريع قص ولزق؟

-لا أعلم الغيب، ولا أعرف ما تكنه الصدور، لكن الاعتراضات التي سمعتها تركزت على عدم التنفيذ كما هو موصوف بالخطة، واذا كان ليس هناك خلاف ابدا على أن هناك تأخير في تنفيذ المشاريع لكن هل الحل الغاء الخطة؟ هل الحل هو السير على منهج اللاخطة بعشوائية وبردود الافعال كما كنا ننتقده بشدة في الماضي؟ اليس هذا الاسلوب المتبع منذ التحرير حتى الآن هو ما اوقعنا في تعميق الاختلالات الهيكلية ونقص وتزاحم شديد على الخدمات العامة بما لا يتوافق مع النمو السكاني السريع وطموحات المواطن الكويتي؟ اليس المطلوب الآن البدء في وضع البنية الاساسية للمركز التجاري المراد تنفيذه من مستودعات جمركية ومناطق تخزينية وتخليص جمركي فعال وبناء ميزتنا التنافسية كدولة تريد فعلا تنويع اقتصادها؟ كيف يتم ذلك وبالمناسبة ماذكرته هو فقط جزء من الخطة الانمائية متوسطة الاجل اذا لم يكن لدينا اداة تنفيذية بمشروعات واضحة ببرنامج زمني واضح وخطوات مستلسلة يمكن محاسبة المقصر ومكافئة المنجز؟ كما أن من الاعتراضات التي قدمت أن مشاريع تكررت في كل خطة سنوية وهذا صحيح لسبب منطقي وذلك لكون معظم المشاريع يستغرق انشاؤها أكثر من سنة ولابد من ذكرها في حالة استمرارها، وهناك مشاريع شبه متوقفة لأسباب مختلفة ينبغي دراسة وعلاج توقفها على وجه السرعة.

ترتيب المشاريع

• اذا ما الحل الذي يمكن ان تقدمه الأمانة كمعالجة حقيقية لتأخير تنفيذ المشاريع؟

- التعرف على الموقف التنفيذي لكل مشروع، وترتيب هذه المشاريع حسب أهميتها، والوقوف على أسباب توقف هذه المشاريع لكي يكون هناك توافق نيابي-مجتمعي على انجاز المشاريع حسب اهميتها للدولة. ومع أن الأمانة ليست مسؤولة عن تنفيذ المشروعات الا في ما يدخل في اختصاصاتها الا أنها تنظر بقلق شديد الى التأخر في الانجاز بسبب مكرر منذ مدة طويلة وحتى الآن لم يوجد له حل وهو البطء الشديد للاجراءات والموافقات الذي سندفع ثمنه غاليا في المستقبل من وجهة نظر تنموية قياسا على ما تقوم به الدول الأخرى. واذا استمر الرفض وعدم الاتفاق على خطة تنفيذية تسير عليها الدولة فان مشاكلنا ستتعقد وحلها سيكون مكلفا وعندها لن نستطيع مواجهة مشاكلنا كلها في آن واحد.

مشاريع التقدم

• لكن ما رأيك في ما يرده بعض النواب بان خطة التنمية مجرد كذبة؟

- بالعكس اعتقد انها هي رسم للمستقبل والعمل على تحقيقه، وليست كذبة مستقبلية وليست خرافة تتعلق بالمستقبل. واذا كنا لا ننكر انها صعبة التحقيق لكن اساس وضعها هو استنهاض الاجهزة المعنية بالتنفيذ لتحقيق الخطة ومساعدتها على التغلب على العوائق. فالخطة تحاول من خلال مشاريعها التقدم بحلول عملية، لبعض المعوقات منها على سبيل المثال اصدار التراخيص، التي تواجه الكثير من النقد من تقارير مختلفة اقربها تقرير ماكنزي لتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري، وقد استجابت وزارة التجارة بمشروع ميكنة خدمات التراخيص التجارية وأحد مؤشرات التنفيذ هي قياس نسبة الانجاز في تحويل نظم العمل الحالية الى النظم الآلية الجديدة. نفس الامر ينطبق على بقية المشروعات التي تزيد على 1200.

المشاريع الكبرى

• وبرأيك ما افضل الممارسات عند مناقشة الخطط التنفيذية؟

- ان تتم بشكل هرمي بحيث يتم مناقشة المؤشرات التنموية العامة ثم التوزيع الاستثماري القطاعي ثم تدراس تفاصيل المشاريع الكبرى والاستراتيجية وتفاصيل المشاريع الداعمة لتحقيق السياسات، كان من الممكن اجراء التعديلات بعد التوافق عليها، لكن الرفض كان غير محدد. قوانين التخطيط نظمت التقدم بالمشاريع لوضع الخطة السنوية وقد اتبعتها الأمانة بشكل منضبط وبالتالي تصبح مسؤولية التنفيذ من اختصاص الجهات المتقدمة بهذه المشاريع وبذلك يصبح الالتزام قانونيا وذاتيا حال اصدار قانون الخطة السنوية. وبناء على التجارب السابقة، كان المجلس في السابق هو يطالب الحكومة بتقديم خطتها للمجلس ليضطلع بدور المتابعة والمراقبة.

امد الخطة

• بالنسبة لتوجهات الوزارة ومستقبل الخطة نفسها هل يمكن القول ان يقود رفض الخطة الثالثة عالى سقوط خطة التنمية؟

-لا يمكن الحكم على الفشل والنجاح الا بعد انتهاء امد الخطة، كما أن معايير هذا النجاح أو الفشل يختلف حسب عين الناقد ورؤيته للأمور، فمن يجتهد لابد أن يخطئ ويصيب، ومن يعمل في الميدان نظرته مختلفة كلياً عمن يرى الامور من على مقعد الراحة ويبدأ بتوجيه النقد، انا أرى من الافضل أن نرى مواطن النجاح وأن كان بسيطا فنشجعه ونحرص على دفعه للأعلى وأن نرى التقصير فنعين المقصر على تلافي اسباب الفشل أو أن نأتي بخير منه ان احتاج الامر، وعندما نبدأ في اطلاق الفشل على أنفسنا في منتصف الطريق نجد أن ندفع انفسنا باتجاه الفشل، ونستسلم لما قررناه بانفسنا اننا فاشلون وهذا ما يسر العدو ويحزن الصديق. ولدينا تجربة نحو سنتين في أول خطة رسمية منذ التحرير، فالمطلوب الوقوف بجد للتعرف على أسباب التقصير ومعالجتها حثيثا والا سنراها تستمر مستقبلا ولن يكون الحال أفضل.

جدية الانجاز

• رغم اللهجة الحكومية الحازمة سابقا حول تشكيل لجنة لمتابعة الاعمال ومحاسبة لم نسمع عن عقاب اتخذ هنا او هناك؟ وما اساس المحاسبة والعقاب في ظل غياب الخطة التفصيلة بمكوناتها المختلفة مشروعاتها وموازناتها؟

- ليس هناك من شك أن المحاسبة جزء مهم يضمن الجدية في الانجاز، لكن الامانة ليست جزءا ممن منظومة المحاسبة والمعاقبة بل يتضمن عملها التخطيط والمتابعة. ومتى ما طلب من الامانة أن تشارك في هذا الموضوع فلن نتوانى عن ذلك، لكنها لا تتدخل الا في حال أن تم الطلب منها ذلك. وهي تقوم ارسال البيانات التي لديها بخصوص مشروعات محددة وعرضها على الجهات العليا. وهنا يتبين الاثر السلبي لعدم اصدرا الخطة بقانون.

الانتقادات النيابية

• من الواضح أن عقدة شركات المساهمة العامة المدرجة ضمن خطة التنمية لدى المستثمرين لا تزال على حالها وهي الحالة التي جسدتها مزايدة الضمان الصحي وقرار «هيئة الاستثمار» اعادة المزايدة من جديد، فماذا يعني ذلك برأيك وهل يعكس حالة من عدم استعداد حكومي لطرح هذه المشاريع؟

كان من ابرز الانتقادات النيابية عدم القدرة على انشاء الشركات المساهمة لكونها أحد ابرز أهداف الخطة واحدى آليات تعزيز دور القطاع الخاص، ومن تقارير المتابعة السبعة الصادرة عن الامانة (اربعة للسنة الاولى وثلاثة للسنة الثانية ونعكف حاليا على التقرير النهائي وتوافق نتائجه مع الحساب الختامي للدولة) نلاحظ تأخرا شديدا في انجاز هذه المشروعات. وقد استمعنا لوجهات نظر المسئولين كثيرا في اجتماعات الحكومة لمتابعة تنفيذ المشروعات وحاولنا حل المشكلات الفنية والاجرائية لكن حتى مع كل هذه المحاولات فالنتائج الحالية ليست مشجعة. مرة أخرى وفي ظل غياب قانون الخطة السنوية الثالثة، كيف هل ستعمل المتابعة التنفيذية بنفس الكفاءة دون غطاء قانوني كما كان للخطة السنوية الأولى؟





الإنفاق في السنة الثانية أقل من الأولى!



* بعيدا عن الديبلوماسية، كيف تقيّم مستوى الانجاز في السنتين الأوليين من خطة التنمية؟

-لاحظنا من تقارير المتابعة الثلاثة المصدرة عن الخطة الثانية التي انتهت ولم تقر بعد أن نسب الانجاز والتنفيذ لم تتحسن، وأن معدلات الانفاق مازالت أقل من السنة الأولى، وأن ذلك يتطلب جهدا مضاعفا لرفع نسب الانجاز وما يرتبط بها من انفاق استثماري، كما أن تداعيات تأخير الخطة السنوية الأولية احدثت ضغطا أكبر في السنة الثانية لتسريع التنفيذ كما تم تحديده في السنة الأولى. واتمنى أن أكون مخطئا في توقعي هذا، لكن عدم اقرار الخطة الثالثة لاشك سيؤثر ولو معنويا على درجة التنفيذ اذ لا قانون يحاسب على التنفيذ والمتابعة.

* هل تعتقد أن تمديد الجدول الزمني للخطة ممكن، أم الأفضل اعداد خطة جديدة تتضمن المشاريع المتأخرة؟

-المشاريع المتأخرة تصبح الزاما في حال اقرار خطة سنوية تفصيلية تكون اساس عمل نظام المتابعة لما تحتويه من خطوات تنفيذية محددة ومبرمجة زمنيا، أما الآن فالمنهج المتبع هو اقرار ميزانية بلا خطة تنفيذية عند عدم اقرار الخطة السنوية الثالثة. هذا هو المنهج نفسه المتبع منذ التحرير حتى وقت اعداد الرؤية الاستراتيجية والاهداف الاستراتيجية لدولة الكويت واقرارها في عام 2008 /2009 والعمل على تطبيقها بخطط تنموية متوسطة تشتمل على خطط سنوية تفصيلية تشمل الجهات الحكومية ومتوافقة مع الميزانية. السنة الماضية والسنة الحالية عدنا الى المنهج القديم من الناحية القانونية. هدفنا في الامانة ألا نتراجع بل نتعامل مع الخطة على أنها ملزمة ونتابع خطواتها حتى ولو فقدنا غطاءها التشريعي المفروض حسب القانون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي