أماكن / رمادية (2 من 2)

جمال الغيطاني


| جمال الغيطاني | تتجه صوبي مبتسمة، في البداية لم أتوقع، غير أن ابتسامتها الرحبة، الفسيحة، المطمئنة، عندما دنت أيقنت أنها تخصني، أنني المقصود**، المعني، متوسطة الطول، متناسقة، ترتدي قميصا يبرز صدرها المتوثب، المشدود، قوام فتي، متوائم، متلائم، دفاعي، مهاجم، محرض، ملامحها مألوفة، قريبة كأنها من الأهل، أكاد أجزم أنها مثلت عندي من قبل، أين؟ لا أعرف، إقبالها ووافق لا يمكن مقابلته بالجفوة، أو الصد مهما كانت المحاذير، قالت شيئا بلغة لم أفهمها، أجبتها بالإنكليزية مرحبا.
أهي طالبة من اللواتي حضرن صباح اليوم في المدرج ليستمعن إليّ؟، ربما، لا يمكنني القطع، كل ما يبدو منها يؤكد أنها تعرفني، بل تألفني، هذه ليست ابتسامة مصاحبة لعرض عابر في الطريق.
«هل تستمتع بوقتك...»
أومأت، مددت يدها لتلمس معصمي برفق، تقول إنها متأهبة لإطلاعي على بعض مما يهمني، نطقت بعبارات شكر، بدأ يتصاعد عندي حذر، خصوصا مع عدم قدرتي على حسم حيرتي، هل ثمة معرفة سابقة حتى لو عابرة، أم أنها إحدى طرق بنات الهوى، ماذا لو ظهر من يصحبها على مسافة ليهاجمني مدعيا أنني الذي بدأت الحديث إليها للتحرش والسعي.
أومات مرددا كلمة شكرا، بينما أتخذ وضع التأهب لاستئناف مشيي، تعود إلى النطق بلغتها الغريبة عني، لم أفهم لكنني خمنت ما يعني حيرتها أنني لا أعرفها، ربما لأنها أشارت إلى صدرها، بدأت الخطو مجيبا، من الأفضل إنهاء هذا الموقف، أستأنف خطوي بينما تتطلع إليّ دهشة، تنطق متساءلة، عندما ألتفت كانت تولي متجاوزة الفندق الذي أقيم فيه، لايزال ملمسها لمعصمي ساريا.
لماذا لم أتحدث معها؟
لماذا لم أعرف اسمها على الأقل؟
إنني غريب، والغريب إلى جانب أنه ضعيف هو مستهدف، أسافر غدا وأحذر التورط في أي مشكلة عابرة ربما تؤدي إلى وضع لا أتوقعه، يحرجني مع الجهة التي استضافتني.
لكنها بدت حنونا، تضفي رقة ورغبة في القربى، ألست مبالغا في حذري؟
من الأفضل أن أكون كذلك بدلا من السعي إلى مشكلة ربما تعيق سفري، وتوجد وضعا لا أقدر على معالجته.
عندما وصلت إلى الساحة المؤدية إلى شارع الاستقلال، تطلعت إلى الخلف، إلى الجهة التي التقينا عندها، هل أعود ركضا علّي ألحق بها، أعتذر عن جفوتي، عما أكون قد سببته لها من ضيق، ليس سهلا أن تقبل أنثى على رجل فتلقى منه مثل هذا الصد؟
لم أنثن، يبدو هذا عبثا، كانت متاحة، قريبة، ساعية إلى القربى، لماذا وليت، لماذا نكصت، ألايزال خجلي القديم مقيما، أم أنه الحرص والخشية المبالغ فيها؟.
بأي لغة تكلمت، أعرف إيقاع التركية من الأغاني، ملامحها مصرية تماما وكأنها قادمة للتو من أزقة العطوف، بنت بلد، هكذا يبدو حضورها، أما اللون الذي بدأ يسري إلى صورتها المستعادة فهو الرمادي، لها وضعية المتساءلة الدهشة الحائرة لصد ربما لم تتوقعه، عندئذ أهفو لأثما نفسي، نادما على أوقات حنون كان ممكنا لها أن تدثرني، لم أستطع الاستمرار في المشي وتأمل الواجهات والملامح التي لا أعرف أصحابها، عدت إلى الطريق المؤدي إلى الفندق لعل وعسى.
أهي طالبة من اللواتي حضرن صباح اليوم في المدرج ليستمعن إليّ؟، ربما، لا يمكنني القطع، كل ما يبدو منها يؤكد أنها تعرفني، بل تألفني، هذه ليست ابتسامة مصاحبة لعرض عابر في الطريق.
«هل تستمتع بوقتك...»
أومأت، مددت يدها لتلمس معصمي برفق، تقول إنها متأهبة لإطلاعي على بعض مما يهمني، نطقت بعبارات شكر، بدأ يتصاعد عندي حذر، خصوصا مع عدم قدرتي على حسم حيرتي، هل ثمة معرفة سابقة حتى لو عابرة، أم أنها إحدى طرق بنات الهوى، ماذا لو ظهر من يصحبها على مسافة ليهاجمني مدعيا أنني الذي بدأت الحديث إليها للتحرش والسعي.
أومات مرددا كلمة شكرا، بينما أتخذ وضع التأهب لاستئناف مشيي، تعود إلى النطق بلغتها الغريبة عني، لم أفهم لكنني خمنت ما يعني حيرتها أنني لا أعرفها، ربما لأنها أشارت إلى صدرها، بدأت الخطو مجيبا، من الأفضل إنهاء هذا الموقف، أستأنف خطوي بينما تتطلع إليّ دهشة، تنطق متساءلة، عندما ألتفت كانت تولي متجاوزة الفندق الذي أقيم فيه، لايزال ملمسها لمعصمي ساريا.
لماذا لم أتحدث معها؟
لماذا لم أعرف اسمها على الأقل؟
إنني غريب، والغريب إلى جانب أنه ضعيف هو مستهدف، أسافر غدا وأحذر التورط في أي مشكلة عابرة ربما تؤدي إلى وضع لا أتوقعه، يحرجني مع الجهة التي استضافتني.
لكنها بدت حنونا، تضفي رقة ورغبة في القربى، ألست مبالغا في حذري؟
من الأفضل أن أكون كذلك بدلا من السعي إلى مشكلة ربما تعيق سفري، وتوجد وضعا لا أقدر على معالجته.
عندما وصلت إلى الساحة المؤدية إلى شارع الاستقلال، تطلعت إلى الخلف، إلى الجهة التي التقينا عندها، هل أعود ركضا علّي ألحق بها، أعتذر عن جفوتي، عما أكون قد سببته لها من ضيق، ليس سهلا أن تقبل أنثى على رجل فتلقى منه مثل هذا الصد؟
لم أنثن، يبدو هذا عبثا، كانت متاحة، قريبة، ساعية إلى القربى، لماذا وليت، لماذا نكصت، ألايزال خجلي القديم مقيما، أم أنه الحرص والخشية المبالغ فيها؟.
بأي لغة تكلمت، أعرف إيقاع التركية من الأغاني، ملامحها مصرية تماما وكأنها قادمة للتو من أزقة العطوف، بنت بلد، هكذا يبدو حضورها، أما اللون الذي بدأ يسري إلى صورتها المستعادة فهو الرمادي، لها وضعية المتساءلة الدهشة الحائرة لصد ربما لم تتوقعه، عندئذ أهفو لأثما نفسي، نادما على أوقات حنون كان ممكنا لها أن تدثرني، لم أستطع الاستمرار في المشي وتأمل الواجهات والملامح التي لا أعرف أصحابها، عدت إلى الطريق المؤدي إلى الفندق لعل وعسى.