أم نسمة تقود عشرات الرجال وتلقب بـ «المرأة الحديد»
صعيدية أشهر مقاولة هدم في مصر: زلزال 92 سبب علاقتي بالبنايات المنهارة

ام نسمة





| القاهرة - من أحمد عبدالعظيم |
«اسمها زي الطبل» كما يقولون في الأمثال الشعبية المصرية، فالجميع في منطقة روض الفرج الشعبية، في حي شبرا الشهير، شمال القاهرة يعرفونها جيدا، والسبب هو كونها المرأة الوحيدة في مصر التي تعمل مقاولة لأعمال الهدم، إنها سناء أو أم نسمة كما يطلق عليها أهل المنطقة، والتي حضرت بصحبة والديها من الصعيد إلى القاهرة قبل عشرات السنين، حيث كان والدها يعمل ناظر مدرسة، واختار أن تكون إقامته وأسرته في هذه المنطقة الشعبية.
أم نسمة، والتي يطلق عليها المحيطون بها لقب «المرأة الحديدية».. كانت الفتاة الوحيدة لوالديها فحظيت بحرية كبيرة وحياة مرفهة ولكن نظرا لطبيعة التقاليد الصعيدية فلم تكد تكمل عامها الـ 16، حتى تم عقد قرانها على أحد أبناء العائلات الصعيدية المعروفة بحيّ روض الفرج، ولكن الزوج كان يفتقد القدرة على تحمل المسؤولية بالرغم من سعيها لمساعدته، خاصة بعد أن رزقهما الله بـ 3 أبناء هم نسمة وياسمين وأحمد.
لم تجد سناء أو أم نسمة أمامها سوى بيع مصوغاتها الذهبية وشراء شاحنة متوسطة ليعمل عليها زوجها في نقل الخضراوات والفاكهة، ولكن لإصرارها على أن تكون السيارة باسمها، حدث خلاف مع زوجها ووقوع الانفصال بينهما، ليكون هذا الانفصال هو بداية مرحلة جديدة في حياتها لتصبح أكبر مقاولة هدم والمرأة الوحيدة العاملة في هذا المجال.
أم نسمة، وهي إمرأة في الخمسين من عمرها سمراء البشرة وقد حفرت المهنة على ملامحها علامات الخشونة والصلابة، التقتها «الراي»، علي مقهى شعبي، وقالت : « مع بداية التسعينات ووقوع زلزال 1992 كانت تلك الفترة هي بداية اللجوء إلى العمل في مجال المقاولات، خصوصا أنني كنت في هذه الفترة أعاني من حالة كساد في أعمال نقل الخضراوات، وانتشرت عقب الزلزال عمليات هدم وتكسير المنازل وإخلائها بعد انهيارها وكانت شركة عثمان أحمد عثمان لها النصيب الأكبر في هذه العمليات خلال تلك الفترة».
وأضافت.. إنها تعاملت مع شركة المقاولون العرب، أشهر شركات المقاولات في مصر- ولكن بعد مرور 6 اشهر كانت قد تعلمت أصول المهنة وقامت ببيع شاحنتها النقل وبدأت في مزاولة أعمال سمسرة مقاولات الهدم والتكسير إذ تتعاقد مع أصحاب سيارات ومعدات الهدم، والذين يتركزون في قرية الخصوص بمحافظة القليوبية (40 كيلو متراً شمال القاهرة).
وذكرت أنها تعمل على مدار اليوم وتتخذ من المقهى الموجود أسفل المنزل التي تقيم فيه مقرا لإدارة عملها، حيث تستقبل الزبائن وأيضا توزع الأدوار والمهام على العمال، ولم تكن البداية سهلة فقد حاربها الرجال العاملون في نفس المجال خصوصا أنها تقدم أسعاراً أقل من غيرها، وبدأوا في تشويه صورتها على اعتبار أنها امرأة، ولا تقوى على هذه المهنة، ولكنها تحدتهم بإصرارها وصلابتها.
وقالت أم نسمة إن طبيعة المهنة أجبرتها على الخروج يوميا للعمل من الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا.. حيث أن عمليات الهدم عادة ما تكون ليلا، وتذهب إلى موقع العمل لمتابعة العمال والبلدوزرات في الهدم وطرق النقل بالسيارات ودفع الأجرة للعمال والتعامل بحكمة مع السكان المجاورين لموقع عملها لتجنب تذمرهم من العمل ليلا وغير ذلك، وكانت تترك أبناءها مع والدتها، وتحملت مشقة الخروج ليلا ونظرات المحيطين بها واستنكارهم لهذا الأمر، ولكن رغبتها في توفير حياة كريمة لأبنائها كانت دافعها دائما لمواصلة عملها.
وتدريجيا تحسنت أحوال أم نسمة وتمكنت من شراء شقة سكنية جديدة بروض الفرج أيضا بعدما تركت الشقة التي تقيم بها نظرا لضيق مساحتها، وافتتحت مكتبا لإدارة أعمالها في الشقة الجديدة واستطاعت شراء شاحنتين ويعمل معها أكثر من 15 عاملاً مقسمين على ورديتين في العمل، لتنتقل من مجرد وسيط مقاولات إلى اكبر مقاولة هدم وتكسير على مستوى محافظات مصر.
قامت أم نسمة بعمل دعاية مكثفة لها وأصبحت أعمالها منتشرة في الأحياء والمحافظات وتتعامل أيضا مع البنوك والشركات الخاصة التي تطلبها للقيام بعمليات الهدم للمباني التابعة لها، وحققت حلمها في أن تلحق أبناءها بالجامعات، إذ حصلت نسمة على بكالوريوس السياحة والفنادق، وياسمين طالبة بكلية الخدمة الاجتماعية، أما أحمد فيدرس بمعهد الموسيقى.
وأثناء جلوسي مع أم نسمة كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء وهو موعد خروجها للعمل، فطلبت منها أن تصطحبني معها وبالفعل ذهبت معها ومع عمالها حيث كانوا يتولون مهمة تكسير أحد مواقع بنك الطعام الموجودة بروض الفرج، ولاحظت أن أم نسمة تتعامل كالرجال وتتحرك بينهم وتعطي الأوامر لحثهم على العمل، وتمسك في يدها «دفترا» لتدوين كل ما يحدث في العمل.
وأثناء ممارستها لعملها، قالت أن أهم شيء في إدارتها للعمل هو ألا يشعر أحد أنه يتعامل مع إمرأة حتى لا تضيع هيبتها، فبالرغم من أن التعامل مع العمال يكون بشكل أخوي إلا أن ذلك لا يمنع من وقوع بعض المشاجرات والمشاحنات نتيجة تكاسل البعض أو استهتاره بالعمل، مشيرة إلى أنها اضطرت يوما إلى ضرب احد العمال عندما تحدث معها بشكل غير لائق.
أم نسمة، قالت، إن قصتها لا تخلو من المخاطر فسقوط الحجارة وبعض أجزاء المباني التي يتم التعامل معها يحدث بشكل مستمر، بالإضافة إلى مخاطر الخروج للعمل ليلا والعودة في الساعات الأولى من الصباح واحتمالية التعرض للسرقة.
وأكدت أم نسمة، أنها تستعين بأحد الرجال لإدارة أعمالها، لأنها مقتنعة أن المال لا يحفظه إلا صاحبه، وتقول إن الزبون إذا لم يشعر بوجودي في كل خطوة من خطوات العمل فسوف يرفض التعامل معي لهذا فإن المخاطر هي ضريبة النجاح في هذه المهنة.
وذكرت أن علاقاتها بأوساط المقاولين حاليا أصبحت جيدة، خاصة أنهم اقتنعوا أنها لا تفرق عنهم في شيء في إدارة أعمالها واعتبروها واحدة منهم، وتبادلهم المجاملات في الأفراح والتعازي، وتقول ان مجاملاتها في الأفراح والتي دفعتها في شكل نقطة تعدت 200 ألف جنيه.
وأشارت، إلى أنها لم تنس دورها في رعاية أبنائها حيث تعتبر بمثابة الأب والأم لهم، ولم تكن قاسية عليهم، بل على العكس كانت صديقة لهم وتثق بهم ثقة كبيرة، ولكنهم يرجعون إليها في كل شيء للحصول على مشورتها، ومع ذلك فهي ترفض أن يعملوا معها في نفس مجالها لأنه عمل شاق عليهم.
وقالت سناء، أو أم نسمة، قبل أن نتركها، إنها لم تفكر في الزواج مرة أخرى بالرغم من انفصالها عن زوجها منذ أكثر من 20 سنة لأنها ترى أنه من الصعب أن يقودها رجل فهي التي تستطيع قيادة الرجال، وهي تفضل أن تعيش لأبنائها.
«اسمها زي الطبل» كما يقولون في الأمثال الشعبية المصرية، فالجميع في منطقة روض الفرج الشعبية، في حي شبرا الشهير، شمال القاهرة يعرفونها جيدا، والسبب هو كونها المرأة الوحيدة في مصر التي تعمل مقاولة لأعمال الهدم، إنها سناء أو أم نسمة كما يطلق عليها أهل المنطقة، والتي حضرت بصحبة والديها من الصعيد إلى القاهرة قبل عشرات السنين، حيث كان والدها يعمل ناظر مدرسة، واختار أن تكون إقامته وأسرته في هذه المنطقة الشعبية.
أم نسمة، والتي يطلق عليها المحيطون بها لقب «المرأة الحديدية».. كانت الفتاة الوحيدة لوالديها فحظيت بحرية كبيرة وحياة مرفهة ولكن نظرا لطبيعة التقاليد الصعيدية فلم تكد تكمل عامها الـ 16، حتى تم عقد قرانها على أحد أبناء العائلات الصعيدية المعروفة بحيّ روض الفرج، ولكن الزوج كان يفتقد القدرة على تحمل المسؤولية بالرغم من سعيها لمساعدته، خاصة بعد أن رزقهما الله بـ 3 أبناء هم نسمة وياسمين وأحمد.
لم تجد سناء أو أم نسمة أمامها سوى بيع مصوغاتها الذهبية وشراء شاحنة متوسطة ليعمل عليها زوجها في نقل الخضراوات والفاكهة، ولكن لإصرارها على أن تكون السيارة باسمها، حدث خلاف مع زوجها ووقوع الانفصال بينهما، ليكون هذا الانفصال هو بداية مرحلة جديدة في حياتها لتصبح أكبر مقاولة هدم والمرأة الوحيدة العاملة في هذا المجال.
أم نسمة، وهي إمرأة في الخمسين من عمرها سمراء البشرة وقد حفرت المهنة على ملامحها علامات الخشونة والصلابة، التقتها «الراي»، علي مقهى شعبي، وقالت : « مع بداية التسعينات ووقوع زلزال 1992 كانت تلك الفترة هي بداية اللجوء إلى العمل في مجال المقاولات، خصوصا أنني كنت في هذه الفترة أعاني من حالة كساد في أعمال نقل الخضراوات، وانتشرت عقب الزلزال عمليات هدم وتكسير المنازل وإخلائها بعد انهيارها وكانت شركة عثمان أحمد عثمان لها النصيب الأكبر في هذه العمليات خلال تلك الفترة».
وأضافت.. إنها تعاملت مع شركة المقاولون العرب، أشهر شركات المقاولات في مصر- ولكن بعد مرور 6 اشهر كانت قد تعلمت أصول المهنة وقامت ببيع شاحنتها النقل وبدأت في مزاولة أعمال سمسرة مقاولات الهدم والتكسير إذ تتعاقد مع أصحاب سيارات ومعدات الهدم، والذين يتركزون في قرية الخصوص بمحافظة القليوبية (40 كيلو متراً شمال القاهرة).
وذكرت أنها تعمل على مدار اليوم وتتخذ من المقهى الموجود أسفل المنزل التي تقيم فيه مقرا لإدارة عملها، حيث تستقبل الزبائن وأيضا توزع الأدوار والمهام على العمال، ولم تكن البداية سهلة فقد حاربها الرجال العاملون في نفس المجال خصوصا أنها تقدم أسعاراً أقل من غيرها، وبدأوا في تشويه صورتها على اعتبار أنها امرأة، ولا تقوى على هذه المهنة، ولكنها تحدتهم بإصرارها وصلابتها.
وقالت أم نسمة إن طبيعة المهنة أجبرتها على الخروج يوميا للعمل من الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا.. حيث أن عمليات الهدم عادة ما تكون ليلا، وتذهب إلى موقع العمل لمتابعة العمال والبلدوزرات في الهدم وطرق النقل بالسيارات ودفع الأجرة للعمال والتعامل بحكمة مع السكان المجاورين لموقع عملها لتجنب تذمرهم من العمل ليلا وغير ذلك، وكانت تترك أبناءها مع والدتها، وتحملت مشقة الخروج ليلا ونظرات المحيطين بها واستنكارهم لهذا الأمر، ولكن رغبتها في توفير حياة كريمة لأبنائها كانت دافعها دائما لمواصلة عملها.
وتدريجيا تحسنت أحوال أم نسمة وتمكنت من شراء شقة سكنية جديدة بروض الفرج أيضا بعدما تركت الشقة التي تقيم بها نظرا لضيق مساحتها، وافتتحت مكتبا لإدارة أعمالها في الشقة الجديدة واستطاعت شراء شاحنتين ويعمل معها أكثر من 15 عاملاً مقسمين على ورديتين في العمل، لتنتقل من مجرد وسيط مقاولات إلى اكبر مقاولة هدم وتكسير على مستوى محافظات مصر.
قامت أم نسمة بعمل دعاية مكثفة لها وأصبحت أعمالها منتشرة في الأحياء والمحافظات وتتعامل أيضا مع البنوك والشركات الخاصة التي تطلبها للقيام بعمليات الهدم للمباني التابعة لها، وحققت حلمها في أن تلحق أبناءها بالجامعات، إذ حصلت نسمة على بكالوريوس السياحة والفنادق، وياسمين طالبة بكلية الخدمة الاجتماعية، أما أحمد فيدرس بمعهد الموسيقى.
وأثناء جلوسي مع أم نسمة كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء وهو موعد خروجها للعمل، فطلبت منها أن تصطحبني معها وبالفعل ذهبت معها ومع عمالها حيث كانوا يتولون مهمة تكسير أحد مواقع بنك الطعام الموجودة بروض الفرج، ولاحظت أن أم نسمة تتعامل كالرجال وتتحرك بينهم وتعطي الأوامر لحثهم على العمل، وتمسك في يدها «دفترا» لتدوين كل ما يحدث في العمل.
وأثناء ممارستها لعملها، قالت أن أهم شيء في إدارتها للعمل هو ألا يشعر أحد أنه يتعامل مع إمرأة حتى لا تضيع هيبتها، فبالرغم من أن التعامل مع العمال يكون بشكل أخوي إلا أن ذلك لا يمنع من وقوع بعض المشاجرات والمشاحنات نتيجة تكاسل البعض أو استهتاره بالعمل، مشيرة إلى أنها اضطرت يوما إلى ضرب احد العمال عندما تحدث معها بشكل غير لائق.
أم نسمة، قالت، إن قصتها لا تخلو من المخاطر فسقوط الحجارة وبعض أجزاء المباني التي يتم التعامل معها يحدث بشكل مستمر، بالإضافة إلى مخاطر الخروج للعمل ليلا والعودة في الساعات الأولى من الصباح واحتمالية التعرض للسرقة.
وأكدت أم نسمة، أنها تستعين بأحد الرجال لإدارة أعمالها، لأنها مقتنعة أن المال لا يحفظه إلا صاحبه، وتقول إن الزبون إذا لم يشعر بوجودي في كل خطوة من خطوات العمل فسوف يرفض التعامل معي لهذا فإن المخاطر هي ضريبة النجاح في هذه المهنة.
وذكرت أن علاقاتها بأوساط المقاولين حاليا أصبحت جيدة، خاصة أنهم اقتنعوا أنها لا تفرق عنهم في شيء في إدارة أعمالها واعتبروها واحدة منهم، وتبادلهم المجاملات في الأفراح والتعازي، وتقول ان مجاملاتها في الأفراح والتي دفعتها في شكل نقطة تعدت 200 ألف جنيه.
وأشارت، إلى أنها لم تنس دورها في رعاية أبنائها حيث تعتبر بمثابة الأب والأم لهم، ولم تكن قاسية عليهم، بل على العكس كانت صديقة لهم وتثق بهم ثقة كبيرة، ولكنهم يرجعون إليها في كل شيء للحصول على مشورتها، ومع ذلك فهي ترفض أن يعملوا معها في نفس مجالها لأنه عمل شاق عليهم.
وقالت سناء، أو أم نسمة، قبل أن نتركها، إنها لم تفكر في الزواج مرة أخرى بالرغم من انفصالها عن زوجها منذ أكثر من 20 سنة لأنها ترى أنه من الصعب أن يقودها رجل فهي التي تستطيع قيادة الرجال، وهي تفضل أن تعيش لأبنائها.