الدليل الفقهي

الدكتور عبدالرؤوف الكمالي


|الدكتور عبدالرؤوف الكمالي|
مساحة خصصناها للتواصل مع قراء «الراي» الاعزاء، نقدم لهم من خلالها الاجوبة الشافية على ما يعن لهم من اسئلة حول امور وقضايا تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها. يجيب عن الاسئلة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقه في كلية التربية الاساسية.
وللتواصل ارسلوا بأسئلتكم عبر ايميل الجريدة
www.alraimedia.com
او فاكس رقم (24815921).
خصال الفطرة
السؤال: نريد الحديث عن خصال الفطرة بشيء من البيان والتوضيح.
الجواب: رَوَى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبْط».
- وروَى مسلمٌ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشرٌ من الفطرة»، وزاد على ما سبق: إعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وغَسل البراجم، وانتقاص الماء.
والاستحداد: هو حلق العانة، كما جاء صريحاً في رواية مسلم.
وانتقاص الماء: الاستنجاء به؛ لأن الماء يقطع البول ويرده.
* لا يجوز تركُ قصِّ الشاربِ والأظفار ونتفِ الإبط وحلقِ العانة لأكثرَ مِن أربعينَ يوماً؛ لحديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشارب، وتقليمِ الأظفار، ونتْفِ الإبْط، وحَلْقِ العانة: ألا نَترك أكثرَ من أربعينَ ليلةَ» رواه مسلم.
وفي روايةٍ للخمسة عدا ابن ماجه -: «وَقَّت لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ...».
* ويُستحب فعلُ المذكوراتِ عند طولها، وإن فَعَلها في كلِّ جمعةٍ فهو حسن.
* والأفضل في الشارب حَفُّهُ (وهو المبالغة في قَصِّهِ من جميعه)؛ للأمر به في عدة أحاديث، وثبت فعلُه عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين: وفِّروا اللحية، وأحْفُوا الشوارب» متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ للبخاري: «اِنْهَكُوا الشوارب، وأعفُوا اللِّحى».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جُزُّوا الشوارب وأرخوا اللحى؛ خالفُوا المجوس» أخرجه مسلم.
* وأما حَلْقُ الشارب بالكلِّيَّة، فهو مكروه؛ لأنه مخالفٌ للسُّنَّة.
* ولا بأس بتركِ سَبَلَتَيْهِ - (أي: طرفَيْ شاربه) - أو تقصيرِهما، مع حّفِّ الشارب مما يلي الشَّفة؛ لثبوته عن عُمَرَ رضي الله عنه.
* والأفضل في الإبْط النتف؛ لأنه السُّنَّةُ المنصوصُ عليه في الأحاديث.
ويجوز الحَلْقُ، والإزالةُ بأيِّ مادةٍ تساعد في ذلك؛ لأنه يتحقق بها المقصود مِن إزالة الشعر.
* ويستحب أن يبدأ بالإبْط الأيمن؛ لحديث التيمُّن، وهو حديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّي مُنَ في تَنَعُّلِهِ وتَرَجُّلِهِ وطُهورِه، وفي شأنه كلِّه» رواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله تعالى -: «قاعدة الشرع المستمرة: استحباب البُداءةِ باليمين في كلِّ ما كان مِن باب التكريمِ والتزيين، وما كان بِضِدِّها استُحِبَّ فيه التياسر».
* ويستحب في العانة الحلق. (والعانة: الشَّعر النابت حوالَيْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وفرج المرأة وفوقَهما).
* وأما شعر الدُّبُر والخصيتين، فلا تُشرع إزالتُه؛ لعدم الدليل عليه، إلا أن يحتاج إلى القَصِّ منه.
* ويجب إعفاء اللحية، وهو: إكثار شعرها، وذلك بإطالتها.
ودليل الوجوب:
1 - ما ثبت في عدة أحاديث مِن الأمر بإعفاء اللحية، ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين: وفِّروا اللحية، وأحفُوا الشوارب» متفقٌ عليه.
والأصل في الأمر الوجوب.
2 - أنَّ في حلق اللحية تغييراً لخَلْق الله عز وجل وهو محرَّمٌ تحريماً شديداً.
3 - أنّ فيه كذلك - تشبُّهاً بالمشركين، وهو محرَّم.
وعلى هذا، فلا يجوز الإكثارُ مِن الأخذ منها؛ لأنه مخالفٌ للأمر بإعفائها، فمِن بابٍ أَوْلى: يَحْرم حلقُ اللحية.
* ويحرم حلقها عند جمهور العلماء؛ لما سَبق من الأمر بإعفائها، ولكنْ يجوز أخذ ما زاد على القبضة، كما هو قول الحنفية والحنابلة، ونَصَّ عليه أحمد رحمه الله.
وذلك لأنه لا يُخالف معنى الإعفاء كما مرَّ.
ولأنه ثبت عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم، كابن عمر رضي الله عنهما، فإنه كان يفعله إذا حج أو اعتمر، كما رواه البخاري.
وذَكر السيد سابق رحمه الله تعالى كلاماً طيباً في هذا، حيث قال في بيان سنن الفطرة -: «إعفاء اللحية وتركها حتى تَكثر، بحيث تكون مظهراً من مظاهر الوقار، فلا تُقَصَّرُ تقصيراً يكون قريباً من الحلق، ولا تُترك حتى تَفحش، بل يَحْسن التوسط؛ فإنه في كل شيء حسن. ثم إنها مِن تمام الرجولة وكمال الفحولة» اهـ.
* ويجوز الأخذ من العارِضَيْن - (وهما صفحتا الخد) - وإن كان من اللحية؛ لأنه لا يعرض الإعفاءَ المأمورَ به في الأحاديث؛ فإنَّ معنى الإعفاءِ في اللغة الإكثار، كما قال تعالى: (حتى عَفَوْا وقالوا قد مس آباؤنا الضراء والسراء) أي: كثروا، والأمر بمطلق الإعفاء والإرخاء الذي هو الإطالة يَصْدق على أي فرد معنًى يتحقق به؛ كما لو قلت مثلاً لرجل: أكثِرْ من الصدقة، فبأي إكثارٍ تمت به الصدقة يكون قد امتثل الأمر وحقق المقصود، ولا يُشترط أن يخرج ماله كله حتى يكون مكثراً من الصدقة، وهكذا ما نحن فيه، فإذا ما تم الإكثار من شعر اللحية، تحقق المقصود والمطلوب،
وقد أخرج ابن جرير في «تفسيره» بإسنادٍ حسنٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر قوله تعالى: في آية الحج: (ثم ليقضوا تفثهم) بأنْ ذكر منه الأخذ من العارضين، وكأنه رضي الله عنه تعمَّد أن يَنُصَّ على ذلك ليبين للناس جواز الأخذ منهما. والله تعالى أعلم.
* كما يجوز أخذ العَنْفَقَةِ وما نبت على العنق، وهما ليسا من اللحية.
«فقه السنة» (ص34) ط دار الفكر 1412هـ - 1992م.
مساحة خصصناها للتواصل مع قراء «الراي» الاعزاء، نقدم لهم من خلالها الاجوبة الشافية على ما يعن لهم من اسئلة حول امور وقضايا تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها. يجيب عن الاسئلة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقه في كلية التربية الاساسية.
وللتواصل ارسلوا بأسئلتكم عبر ايميل الجريدة
www.alraimedia.com
او فاكس رقم (24815921).
خصال الفطرة
السؤال: نريد الحديث عن خصال الفطرة بشيء من البيان والتوضيح.
الجواب: رَوَى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبْط».
- وروَى مسلمٌ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشرٌ من الفطرة»، وزاد على ما سبق: إعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وغَسل البراجم، وانتقاص الماء.
والاستحداد: هو حلق العانة، كما جاء صريحاً في رواية مسلم.
وانتقاص الماء: الاستنجاء به؛ لأن الماء يقطع البول ويرده.
* لا يجوز تركُ قصِّ الشاربِ والأظفار ونتفِ الإبط وحلقِ العانة لأكثرَ مِن أربعينَ يوماً؛ لحديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشارب، وتقليمِ الأظفار، ونتْفِ الإبْط، وحَلْقِ العانة: ألا نَترك أكثرَ من أربعينَ ليلةَ» رواه مسلم.
وفي روايةٍ للخمسة عدا ابن ماجه -: «وَقَّت لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ...».
* ويُستحب فعلُ المذكوراتِ عند طولها، وإن فَعَلها في كلِّ جمعةٍ فهو حسن.
* والأفضل في الشارب حَفُّهُ (وهو المبالغة في قَصِّهِ من جميعه)؛ للأمر به في عدة أحاديث، وثبت فعلُه عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين: وفِّروا اللحية، وأحْفُوا الشوارب» متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ للبخاري: «اِنْهَكُوا الشوارب، وأعفُوا اللِّحى».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جُزُّوا الشوارب وأرخوا اللحى؛ خالفُوا المجوس» أخرجه مسلم.
* وأما حَلْقُ الشارب بالكلِّيَّة، فهو مكروه؛ لأنه مخالفٌ للسُّنَّة.
* ولا بأس بتركِ سَبَلَتَيْهِ - (أي: طرفَيْ شاربه) - أو تقصيرِهما، مع حّفِّ الشارب مما يلي الشَّفة؛ لثبوته عن عُمَرَ رضي الله عنه.
* والأفضل في الإبْط النتف؛ لأنه السُّنَّةُ المنصوصُ عليه في الأحاديث.
ويجوز الحَلْقُ، والإزالةُ بأيِّ مادةٍ تساعد في ذلك؛ لأنه يتحقق بها المقصود مِن إزالة الشعر.
* ويستحب أن يبدأ بالإبْط الأيمن؛ لحديث التيمُّن، وهو حديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّي مُنَ في تَنَعُّلِهِ وتَرَجُّلِهِ وطُهورِه، وفي شأنه كلِّه» رواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله تعالى -: «قاعدة الشرع المستمرة: استحباب البُداءةِ باليمين في كلِّ ما كان مِن باب التكريمِ والتزيين، وما كان بِضِدِّها استُحِبَّ فيه التياسر».
* ويستحب في العانة الحلق. (والعانة: الشَّعر النابت حوالَيْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وفرج المرأة وفوقَهما).
* وأما شعر الدُّبُر والخصيتين، فلا تُشرع إزالتُه؛ لعدم الدليل عليه، إلا أن يحتاج إلى القَصِّ منه.
* ويجب إعفاء اللحية، وهو: إكثار شعرها، وذلك بإطالتها.
ودليل الوجوب:
1 - ما ثبت في عدة أحاديث مِن الأمر بإعفاء اللحية، ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين: وفِّروا اللحية، وأحفُوا الشوارب» متفقٌ عليه.
والأصل في الأمر الوجوب.
2 - أنَّ في حلق اللحية تغييراً لخَلْق الله عز وجل وهو محرَّمٌ تحريماً شديداً.
3 - أنّ فيه كذلك - تشبُّهاً بالمشركين، وهو محرَّم.
وعلى هذا، فلا يجوز الإكثارُ مِن الأخذ منها؛ لأنه مخالفٌ للأمر بإعفائها، فمِن بابٍ أَوْلى: يَحْرم حلقُ اللحية.
* ويحرم حلقها عند جمهور العلماء؛ لما سَبق من الأمر بإعفائها، ولكنْ يجوز أخذ ما زاد على القبضة، كما هو قول الحنفية والحنابلة، ونَصَّ عليه أحمد رحمه الله.
وذلك لأنه لا يُخالف معنى الإعفاء كما مرَّ.
ولأنه ثبت عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم، كابن عمر رضي الله عنهما، فإنه كان يفعله إذا حج أو اعتمر، كما رواه البخاري.
وذَكر السيد سابق رحمه الله تعالى كلاماً طيباً في هذا، حيث قال في بيان سنن الفطرة -: «إعفاء اللحية وتركها حتى تَكثر، بحيث تكون مظهراً من مظاهر الوقار، فلا تُقَصَّرُ تقصيراً يكون قريباً من الحلق، ولا تُترك حتى تَفحش، بل يَحْسن التوسط؛ فإنه في كل شيء حسن. ثم إنها مِن تمام الرجولة وكمال الفحولة» اهـ.
* ويجوز الأخذ من العارِضَيْن - (وهما صفحتا الخد) - وإن كان من اللحية؛ لأنه لا يعرض الإعفاءَ المأمورَ به في الأحاديث؛ فإنَّ معنى الإعفاءِ في اللغة الإكثار، كما قال تعالى: (حتى عَفَوْا وقالوا قد مس آباؤنا الضراء والسراء) أي: كثروا، والأمر بمطلق الإعفاء والإرخاء الذي هو الإطالة يَصْدق على أي فرد معنًى يتحقق به؛ كما لو قلت مثلاً لرجل: أكثِرْ من الصدقة، فبأي إكثارٍ تمت به الصدقة يكون قد امتثل الأمر وحقق المقصود، ولا يُشترط أن يخرج ماله كله حتى يكون مكثراً من الصدقة، وهكذا ما نحن فيه، فإذا ما تم الإكثار من شعر اللحية، تحقق المقصود والمطلوب،
وقد أخرج ابن جرير في «تفسيره» بإسنادٍ حسنٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر قوله تعالى: في آية الحج: (ثم ليقضوا تفثهم) بأنْ ذكر منه الأخذ من العارضين، وكأنه رضي الله عنه تعمَّد أن يَنُصَّ على ذلك ليبين للناس جواز الأخذ منهما. والله تعالى أعلم.
* كما يجوز أخذ العَنْفَقَةِ وما نبت على العنق، وهما ليسا من اللحية.
«فقه السنة» (ص34) ط دار الفكر 1412هـ - 1992م.