دور العبادة الإسلامية والمسيحية احتضنت أمل ثوار مصر
مسجد عمر مكرم وكنيسة قصر الدوبارة وفّرا الأمان للمتظاهرين وتحوّلا إلى «مشافي» ميدانية للمصابين

كنيسة قصر الدوبارة

مسجد عمر مكرم




| القاهرة - من أغاريد مصطفى |
تحولت دور العبادة «الإسلامية والمسيحية»، والتي لها تاريخ وباع طويل وشهرة كبيرة في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، إلى لعب أدوار متميزة** وفاعلة في مسار واحتضان الثورة وبعث الروح والأمل في قلوب المصريين، ومن هذه الأماكن مسجد عمر مكرم و الكنيسة الإنجيلية في قصر الدوبارة وسط القاهرة.
فلم يقتصر دور مسجد عمر مكرم، والذي كان دار المناسبات الأشهر في مصر، والتي تقام فيها سرادقات عزاء المشاهير وعلية القوم المصريين، على كونه مقرا دائما للثوار ولكنه كان بمثابة الانبعاث الروحي الذي يملأ قلوب المصريين... مسلمين ومسيحيين.
ويتحول المسجد الذي اشتهرت دار مناسباته بأنها مقر عزاء كبار شخصيات النظام الذي أسقطه الشعب، إلى مقر آمن للثوار أثناء الاشتباكات التي جرت منذ جمعة الغضب وحتى أحداث مجلس الوزراء قبل حوالي شهر.
وكذلك لا يمكن نسيان الدور الذي قامت به الكنيسة في الثورة... فهناك عدة عوامل ساعدتها للقيام بهذا الدور البطولي التاريخي، إلى جانب العامل المكاني وهو تمييز هذه الكنيسة... من خلال خدماتها وأفكارها وفهمها لروح الإنجيل بشكل واقعي.
ومع بداية الثورة المصرية كان مسجد عمر مكرم بداية شرارة الأحداث، بالرغم من توقع الكثيرين القائمين عليه أنهم سيعارضون الثورة بحجة الاستقرار وعدم التخريب، لكن ما جرى كان أمرا مختلفا فإمام مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين كان هو من خطب معظم أيام الجُمع، وجاء إليه أيضا خصيصا من قطر الداعية يوسف القرضاوي الذي حضر في خطبة النصر عقب خلع مبارك في 11 فبراير الماضي.
وحضر إليه مرتين المقرئ الشهير محمد جبريل، حتى ان مرشحي الرئاسة تسابقوا للصلاة به وكان المرشح المنسحب في سباق الرئاسة محمد البرادعي هو أول من توسط المصلين فيه، مطالبا بالتغيير في الأيام الأولى للثورة، وتبعه في ما بعد المرشحون عمرو موسى وحازم صلاح أبو إسماعيل وعبد المنعم أبوالفتوح حينما أعلن كل منهم نيته للترشح للرئاسة.
ولم يتوقف دور مسجد عمر مكرم عند 11 فبراير، وإنما لعب دورا بارزا في مواجهات محمد محمود، حيث تحولت القاعة المجاورة له لأشهر مستشفى ميداني، وتحول المسجد نفسه لمأوى للثوار من الملاحقات الأمنية في هذا الوقت ثم أخذ المسجد منحنى آخر عندما أصبح - للمرة الأولى - ملجأ لأطفال الشوارع الذين ظهروا بكثافة في أحداث مجلس الوزراء حيث أصبح مقرا لغذائهم ومقرا لحمايتهم وعلاجهم أيضا في حال إصابتهم.
فضلا عن ذلك كان تجمعا لأطباء التحرير الذين لعبوا دورا بالغ الأهمية في الثورة المصرية، ومركزا إعلاميا لإجراء الحوارات مع قادة الثورة ومكان تجمع الصحافيين والمراسلين.
وجاء آخر فصول المسجد عند الاحتفال بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للثورة، عندما انتشر فيديو على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«يوتيوب»، وعرض على عدد من القنوات الفضائية، ويظهر فيه أحد الشباب وهو يتبول عند مئذنة مسجد عمر مكرم كما يظهر الفيديو عددا من المواطنين وهم يضربون مجموعة من الأشخاص فوق سطح المسجد.
وهو الأمر الذي جعل وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي يستدعي إمام المسجد الشيخ مظهر شاهين، للتحقيق معه والوقوف على حقيقته، ومعرفة سبب الإهمال الذي تعرض له المسجد بعد ثورة 25 يناير.
وكان «شاهين» قد رد على هذا الفيديو في خطبة الجمعة الماضية، وأكد أنه ليس لديه علم بهذه الواقعة، وأشار «شاهين» إلى وجود من يريد تشويه صورة مسجد عمر مكرم، وصورة شيخه الذي دعّم الثورة منذ بدايتها في 25 يناير.
بقي أن نشير إلى أن عمر مكرم هو نقيب الأشراف وحامل لواء الجهاد ضد الاحتلالين الفرنسي والإنكليزي، وكذلك النضال الدؤوب ضد استبداد الولاة وظلمهم في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وكانت أولى مواجهاته مع الاحتلال الفرنسي عام 1798، عندما نزل الفرنسيون على شواطئ الإسكندرية وتوجهوا ناحية القاهرة فقام السيد عمر مكرم بتعبئة الجماهير للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش النظامي «جيش المماليك في ذلك الوقت».
وثاني جولاته كانت مع الاحتلال الإنكليزي حيث قاد المقاومة الشعبية ضد حملة فريزر الإنكليزية 1807 لاحتلال مصر، تلك المقاومة التي نجحت في هزيمة القائد الإنكليزي فريزر في رشيد ما اضطره إلى الجلاء عن مصر.
أما تمثال عمر مكرم الملاصق للمسجد فكان شاهدا لوقائع الثورة حيث رفع عليه منذ اليوم الأول للثورة وخلال 18 يوما لافتة كبيرة كتب عليها: «ارحل يا مبارك» وفي 11 فبراير ارتدى التمثال علم مصر وعليه شعار «الشعب خلاص أسقط النظام» وفي أحداث محمد محمود قام الثوار بوضع غمامة على عينه اليسرى وفي أحداث مجلس الوزراء كان حاضرا بلافتة كتب عليها «عمر مكرم يطالب بالكشف عن الطرف الثالث».
أما الكنيسة الإنجيلية في قصر الدوبارة، فعرفت بالخدمات الفريدة التي تقدمها لرعيتها وجاء دورها في الثورة بشكل طبيعي مكملا لخدماتها الواقعية، فرؤية الكنيسة التي تتحرك من خلالها حسب قول أحد مسؤوليها آية إنجيلية تقول كلماتها المقدسة «لأن الأرض تمتلئ من معرفة مجد الرب كما تغطي المياه البحر».
من هنا جاءت خدمات الكنيسة لتعبر عن هذه الروح فقد تحولت الكنيسة إلى مستشفى لعلاج المدمنين من خلال خدمة الحرية من الإدمان قبل أن تصبح مستشفى ميدانياً لعلاج مصابي الثورة.
كما توجد بالكنيسة خدمة تُسمى خدمة المحبة العملية «التي ليست مجرد كلام»، ودور فريق هذه الخدمة تجسيد محبة الله العملية غير المشروطة لكل فئات المجتمع المهمشة ولكل منكسري القلوب وكل المتروكين وذلك من خلال قوافل الحب التي تقوم بزيارة المستشفيات ودور المسنين والأيتام ومجهولي النسب وأطفال الشوارع واللاجئين لتقديم الحب والمساعدات لهم.
من هنا جاء انخراط شباب الكنيسة في ميدان التحرير وتقديم المعاونة لكل محتاج. كذلك كان للكنيسة دور متميز في محاربة البطالة. وكانت أول كنيسة تقيم اجتماعا للصم والبكم وهناك أيضا دور رائع تقوم به في إطار المشورة الزوجية وتربية الأطفال.
وفي الطريق العملي نفسه يسير راعي الكنيسة القس سامح موريس الذي يقدم فيها شرحا لتعليم الدين المسيحي بشكل عمل.
وقاد موريس الترانيم في ميدان التحرير قائلا: «بارك بلادي يا سامع الصلاة... بارك بلادي»، وكان من الطبيعي أن تتحول الكنيسة إلى مستشفى ميداني وأكبر مخزن للأدوية، وهو ما استمر بعد الـ 18 يوما للثورة، كما حدث في أحداث محـــــمد محمــــود ومجــــلس الوزراء.
تحولت دور العبادة «الإسلامية والمسيحية»، والتي لها تاريخ وباع طويل وشهرة كبيرة في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، إلى لعب أدوار متميزة** وفاعلة في مسار واحتضان الثورة وبعث الروح والأمل في قلوب المصريين، ومن هذه الأماكن مسجد عمر مكرم و الكنيسة الإنجيلية في قصر الدوبارة وسط القاهرة.
فلم يقتصر دور مسجد عمر مكرم، والذي كان دار المناسبات الأشهر في مصر، والتي تقام فيها سرادقات عزاء المشاهير وعلية القوم المصريين، على كونه مقرا دائما للثوار ولكنه كان بمثابة الانبعاث الروحي الذي يملأ قلوب المصريين... مسلمين ومسيحيين.
ويتحول المسجد الذي اشتهرت دار مناسباته بأنها مقر عزاء كبار شخصيات النظام الذي أسقطه الشعب، إلى مقر آمن للثوار أثناء الاشتباكات التي جرت منذ جمعة الغضب وحتى أحداث مجلس الوزراء قبل حوالي شهر.
وكذلك لا يمكن نسيان الدور الذي قامت به الكنيسة في الثورة... فهناك عدة عوامل ساعدتها للقيام بهذا الدور البطولي التاريخي، إلى جانب العامل المكاني وهو تمييز هذه الكنيسة... من خلال خدماتها وأفكارها وفهمها لروح الإنجيل بشكل واقعي.
ومع بداية الثورة المصرية كان مسجد عمر مكرم بداية شرارة الأحداث، بالرغم من توقع الكثيرين القائمين عليه أنهم سيعارضون الثورة بحجة الاستقرار وعدم التخريب، لكن ما جرى كان أمرا مختلفا فإمام مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين كان هو من خطب معظم أيام الجُمع، وجاء إليه أيضا خصيصا من قطر الداعية يوسف القرضاوي الذي حضر في خطبة النصر عقب خلع مبارك في 11 فبراير الماضي.
وحضر إليه مرتين المقرئ الشهير محمد جبريل، حتى ان مرشحي الرئاسة تسابقوا للصلاة به وكان المرشح المنسحب في سباق الرئاسة محمد البرادعي هو أول من توسط المصلين فيه، مطالبا بالتغيير في الأيام الأولى للثورة، وتبعه في ما بعد المرشحون عمرو موسى وحازم صلاح أبو إسماعيل وعبد المنعم أبوالفتوح حينما أعلن كل منهم نيته للترشح للرئاسة.
ولم يتوقف دور مسجد عمر مكرم عند 11 فبراير، وإنما لعب دورا بارزا في مواجهات محمد محمود، حيث تحولت القاعة المجاورة له لأشهر مستشفى ميداني، وتحول المسجد نفسه لمأوى للثوار من الملاحقات الأمنية في هذا الوقت ثم أخذ المسجد منحنى آخر عندما أصبح - للمرة الأولى - ملجأ لأطفال الشوارع الذين ظهروا بكثافة في أحداث مجلس الوزراء حيث أصبح مقرا لغذائهم ومقرا لحمايتهم وعلاجهم أيضا في حال إصابتهم.
فضلا عن ذلك كان تجمعا لأطباء التحرير الذين لعبوا دورا بالغ الأهمية في الثورة المصرية، ومركزا إعلاميا لإجراء الحوارات مع قادة الثورة ومكان تجمع الصحافيين والمراسلين.
وجاء آخر فصول المسجد عند الاحتفال بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للثورة، عندما انتشر فيديو على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«يوتيوب»، وعرض على عدد من القنوات الفضائية، ويظهر فيه أحد الشباب وهو يتبول عند مئذنة مسجد عمر مكرم كما يظهر الفيديو عددا من المواطنين وهم يضربون مجموعة من الأشخاص فوق سطح المسجد.
وهو الأمر الذي جعل وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي يستدعي إمام المسجد الشيخ مظهر شاهين، للتحقيق معه والوقوف على حقيقته، ومعرفة سبب الإهمال الذي تعرض له المسجد بعد ثورة 25 يناير.
وكان «شاهين» قد رد على هذا الفيديو في خطبة الجمعة الماضية، وأكد أنه ليس لديه علم بهذه الواقعة، وأشار «شاهين» إلى وجود من يريد تشويه صورة مسجد عمر مكرم، وصورة شيخه الذي دعّم الثورة منذ بدايتها في 25 يناير.
بقي أن نشير إلى أن عمر مكرم هو نقيب الأشراف وحامل لواء الجهاد ضد الاحتلالين الفرنسي والإنكليزي، وكذلك النضال الدؤوب ضد استبداد الولاة وظلمهم في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وكانت أولى مواجهاته مع الاحتلال الفرنسي عام 1798، عندما نزل الفرنسيون على شواطئ الإسكندرية وتوجهوا ناحية القاهرة فقام السيد عمر مكرم بتعبئة الجماهير للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش النظامي «جيش المماليك في ذلك الوقت».
وثاني جولاته كانت مع الاحتلال الإنكليزي حيث قاد المقاومة الشعبية ضد حملة فريزر الإنكليزية 1807 لاحتلال مصر، تلك المقاومة التي نجحت في هزيمة القائد الإنكليزي فريزر في رشيد ما اضطره إلى الجلاء عن مصر.
أما تمثال عمر مكرم الملاصق للمسجد فكان شاهدا لوقائع الثورة حيث رفع عليه منذ اليوم الأول للثورة وخلال 18 يوما لافتة كبيرة كتب عليها: «ارحل يا مبارك» وفي 11 فبراير ارتدى التمثال علم مصر وعليه شعار «الشعب خلاص أسقط النظام» وفي أحداث محمد محمود قام الثوار بوضع غمامة على عينه اليسرى وفي أحداث مجلس الوزراء كان حاضرا بلافتة كتب عليها «عمر مكرم يطالب بالكشف عن الطرف الثالث».
أما الكنيسة الإنجيلية في قصر الدوبارة، فعرفت بالخدمات الفريدة التي تقدمها لرعيتها وجاء دورها في الثورة بشكل طبيعي مكملا لخدماتها الواقعية، فرؤية الكنيسة التي تتحرك من خلالها حسب قول أحد مسؤوليها آية إنجيلية تقول كلماتها المقدسة «لأن الأرض تمتلئ من معرفة مجد الرب كما تغطي المياه البحر».
من هنا جاءت خدمات الكنيسة لتعبر عن هذه الروح فقد تحولت الكنيسة إلى مستشفى لعلاج المدمنين من خلال خدمة الحرية من الإدمان قبل أن تصبح مستشفى ميدانياً لعلاج مصابي الثورة.
كما توجد بالكنيسة خدمة تُسمى خدمة المحبة العملية «التي ليست مجرد كلام»، ودور فريق هذه الخدمة تجسيد محبة الله العملية غير المشروطة لكل فئات المجتمع المهمشة ولكل منكسري القلوب وكل المتروكين وذلك من خلال قوافل الحب التي تقوم بزيارة المستشفيات ودور المسنين والأيتام ومجهولي النسب وأطفال الشوارع واللاجئين لتقديم الحب والمساعدات لهم.
من هنا جاء انخراط شباب الكنيسة في ميدان التحرير وتقديم المعاونة لكل محتاج. كذلك كان للكنيسة دور متميز في محاربة البطالة. وكانت أول كنيسة تقيم اجتماعا للصم والبكم وهناك أيضا دور رائع تقوم به في إطار المشورة الزوجية وتربية الأطفال.
وفي الطريق العملي نفسه يسير راعي الكنيسة القس سامح موريس الذي يقدم فيها شرحا لتعليم الدين المسيحي بشكل عمل.
وقاد موريس الترانيم في ميدان التحرير قائلا: «بارك بلادي يا سامع الصلاة... بارك بلادي»، وكان من الطبيعي أن تتحول الكنيسة إلى مستشفى ميداني وأكبر مخزن للأدوية، وهو ما استمر بعد الـ 18 يوما للثورة، كما حدث في أحداث محـــــمد محمــــود ومجــــلس الوزراء.