| فهد توفيق الهندال |
لا أزعم أن علاقتي بالحارس العملاق واللاعب الخلوق المرحوم سمير سعيد هي علاقة شخصية، بالرغم من أنها ممتدة لأكثر من 25 سنة، بدأت منذ عرفناه ونحن صغار كأحد أعمدة المنتخب الوطني في موقع خطير جدا في صفوف «الأزرق» كحراسة المرمى والذود عنه في البطولات المحلية والدولية، وربما كان عزاؤنا الوحيد في عدم تعرفنا عليه بصورة شخصية، أننا جميعا أحببناه كثيرا وكنا مطمئنين لوجوده في عرينه «الأزرق» لأنه كان يحمي الوطن بكل جماهيره وأطيافه وفئاته.
الكابتن المرحوم سمير سعيد وقد تناول سيرته الجميلة في معناها والبسيطة في تكوينها الكثير من المتحدثين والكتاب إبان إصابته ووفاته، أجد الواجب يحتم عليّ أن أشارك الجميع في هذا المصاب الجلل للوقوف مع محبيه وذويه في استذكاره حتى تتضح رمزية شخصيته الوطنية المتمثلة في عطائه اللامحدود لهذه الأرض الطيبة، واجتهاده الحميد في تحقيق طموحه الشخصي وتأكيد عزيمته الرائعة في خوض غمار المباريات الصعبة وتحمل الإصابات المتربصة والنتائج القاسية ومواجهة خصومه رجلا لرجل.
سمير سعيد كان رقما صعبا في المعادلة الوطنية في حياته، كما ضرب ضعفها المتنامي وفاء في رحيله. جمع أبناء الوطن، دون أي قسمة عنصرية أو طرح بغيض بات للبعض اليوم بضاعة مضروبة وتسللا خطيرا إلى مرمى الوطن الحبيب.
سمير سعيد لم يفاخر بغير عمله الشريف ووطنه الجميل، لم يرتد قميصا أطول من حلمه، ولم يسحب ذيلا للرياء أو الخيبة، بل أقدم على صعابه وكل ما قد يهابه، معتمدا على جهده الشخصي واسمه القدير الذي كبر بمحبته لمن حوله وتسامحه مع خصومه، وامتدت كلمته الطيبة إلى أن عانقت السماء مع انجازاته وعطاءاته الخالدة.
سمير سعيد لم يكن مجرد حارس مرمى أو رجل أعمال، بل كان مثالا رائعا للشباب الذي لم تغيّره المناصب ولا الألقاب ولا غيرها من مغريات الحياة الزائلة. كان حلما كويتيا جميلا يطوف حول مخيلتنا باستمرار للنجاح والاخلاص من الشباب الكويتي المتفاني في عمله، والصبور في سبيل تحقيق أمله برغم محاربة الآخرين له والتقليل من عزمه وطموحه.
رحم الله الكابتن الحبيب سمير سعيد، واسكنه فسيح جنانه، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
فاصلة أخيرة
سمير سعيد، وغيره الآلاف من الخالدين من أبناء الوطن، صنعوا تاريخا جميلا ورائعا بما اجتهدوا فيه لصالح الكويت وأبنائها، فحفظ التاريخ جميلهم، واحترمت الأجيال كفاحهم وعطاءهم وحكمتهم، وإن ذكروا فيذكرون بكل ما هو حسن لهم، لذودهم عن مرمى الوطن من هجوم الزمن، وضمنوا البقاء طويلا متوّجين بالاعتزاز بهم والترحم عليهم.
أما من يتسابقون إلى تسديد الركلات غير الحرة على مرمى الوطن، ويستغلون كل محاولة للتسلل خلف خطوط الدفاع الصديقة، ويتعمدون إثارة الجمهور بحركاتهم الاستعراضية والتمثيلية، فهؤلاء يعرفون تماما كيف سيذكرهم التاريخ، ولن يتوجهم الوطن وأبناؤه مطلقا على منصات الفوز والتكريم!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر
[email protected]