محبوب العرب... عطاء وفكر وإنجاز

تصغير
تكبير
| بقلم: محمد علي داود |

في الأسابيع القليلة الماضية كان الكثير من فئات المجتمع وبأعمار مختلفة خصوصاً الشباب منهم شغوفين بمتابعة متواصلة لأحد البرامج التي تتكبد عناء التعب والمشقة في البحث والتنقيب والسعي لاكتشاف مواهب فنية تقدم لمجتمعاتنا. وحقيقة لا أستخف بمثل هذه النوعية من البرامج فلكل منا هواياته التي يرغب في إشباعها، ولن أقف كثيرا أمام توقيت عرضه في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها بعض الدول العربية من خلال مرحلة تغيير الجلود التي وهنت وترهلت أو في وقت يقتل فيه أبناء الشعب السوري يوما بعد يوم دون محاولة الالتفاف لبناء(سد) قد يساعد في إيقاف أنهار من الدماء تغطى الشوارع هناك في كل لحظة تمر.

وفي الواقع لم أهتم به كثيرا أو حتى أشاهد أي حلقة من حلقاته المنتهية باستثناء مقتطفات من حلقته الأخيرة وكان ذلك بناءً على بعض من المكالمات التي وردتني تستفسر لمن سأصوت اليوم.إنها الحلقة الأخيرة التي سيتضح فيها من هو (محبوب العرب) فقادني فضولي للمتابعة وما أثار اندهاشي أن شباب العرب اتفقوا على محبوب واحد مرة أخرى بعد ما مر عبر عصورهم عظماء عديدون لا يختلف اثنان على حبهم. ولاحظت مدى اهتمام بعض القنوات العربية والمواقع الالكترونية بخصوص هذا الشأن.ويشاء القدر أن يتزامن هذا مع تكريم الدكتور (مجدي يعقوب) وذلك لحصوله على لقب أسطورة الطب في العالم، بينما كان الاهتمام الأكبر ببرنامج ( محبوب العرب) يغطي كثيرا من الاهتمامات لدى الكثيرين فكان هناك من تداول خبر تكريم الجراح العالمي البريطاني، المصري الأصل على مضض بل إنه حتى وقتنا هذا إذ لا يوجد من هو على علم بوجود معجزة طب لهذه الأمة بشكل عام، ولبلاده بشكل خاص يكرم في لندن بلقب يتمناه ويحلم به كل طبيب على مستوى العالم.

وما يُحزن أنه لا يوجد من مر على مسامعه هذا الاسم من قبل لرجل تجاوز عمره الثمانين عاما ولازال يسعى لاستغلال أي وقت يقضيه بلا عمل في البحث والتعلم عن كل ما هو جديد في عالم الطب يوميا. رجل كرمته ملكة بريطانيا بلقب ( سير ) ومنحته وسام فارس. رجل دخل التاريخ بأنه أول عربي وثاني طبيب على مستوى العالم يقوم بعملية زرع قلب مفتوح وقد صنف ضمن أشهر ستة جراحين على مستوى العالم. فكان من المُحزن غياب الوعي أو تغيبه بنوعية هذه البرامج بغرض التسلية دون الالتفاف إلى خبر كهذا يدعو للفخر ويبعث على الأمل اقتداءً بالفائز ليتردد صداه وبأنه مازال في عالمنا عقول نابغة تستطيع أن تكون وسام شرف لنا وخير ممثل للوطن العربي.

وفي المقابل إن نظرنا إلى المبالغ التي أنُفقت على هذا البرنامج في حلقته الأخيرة فقط سنجد أن مجموع الأصوات تخطت حاجز الأربعين مليون صوت ولو فرض أن الصوت الواحد كانت تكلفته ما يوازي دولارا واحدا فسنجد أن العائد تخطى حاجز الأربعين مليون دولار. مبلغ قد يكون كفيلاً بإقامة اقتصاد دولة أو قد يكون حلاً لإنهاء مجاعة دولة أخرى كالصومال مثلا، أو يستخدم كوسيلة لإمداد الشعب السوري بالمساعدات الإنسانية أو حتى حلا لمشكلة ثلاثة ملايين طفل تحت خط الفقر.

في النهاية وكما أسلفت سابقا فلا أعد هذا تقليلا من شأن هذه النوعية من البرامج ولا طريقاً لمحاربة الفن والموهوبين، لأنه من المعروف أن الفن إحدى الوسائل التي تسمو بروح الإنسان وخير ممثل لثقافة مجتمعات وشعوب، ولكنها قد تكون محاولة لأن تتوازن الأمور وتصطف في نصابها الصحيح وأن ينال كل صاحب إنجاز التقدير المناسب بقدر الإنجاز الذي حققه. فلابد دائما أن يكون لكل مقام مقال.



الجامعة العربية المفتوحة

@Mohamed__D
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي