تركي العازمي / وجع الحروف / القيادي والمفاهيم الغائبة!

تصغير
تكبير
طلب مني الأخ وليد صالح الصالح عبر «تويتر» أن أتحدث عن القيادة ومفاهيمها الغائبة، القيادة التي أخذت سنوات من عمري أحببتها إلى حد الجنون ليس لأنها مادة قيمة تربط العلاقة بين القيادي كإنسان وبين متطلبات العمل من مهام إدارية تستدعي وجوب العدالة وفهم ثقافة المجتمع الذي تعمل فيه المؤسسة وغرس القيم والمفاهيم الصالحة التي تدر الارباح وتحافظ على سمعة المؤسسة!

في جامعة أكسفورد حضر زميل عزيز ورشة عمل عن القيادة وأبرز ما لفت انتباهه هو أن القيادي يستطيع تحقيق التميز النوعي للمؤسسة عن طريق «اللمسات الانسانية» Human Touch وتحقيق التميز في الانتاجية عن طريق وضع نظام عمل عادل واضح الأهداف وكلا الطريقين يؤدي إلى زيادة في الأرباح معنويا وماديا!

وأخذ يسرد لي انطباعاته وتركته إلى أن انتهى، وقلت إننا في بلاد مسلمة، أنعم الله علينا بقيم الإسلام العظيمة لكننا تركناها وأخذنا نقلد السلوك السيئ الغربي وتغلغلت بين صفوف قياديينا المصالح ولقد ذكرته بالتفصيل في بحث الدكتوراه.. وإن كنت صريحا فاعلم أنك لن تحصل على الترقية فالمجتمع يعشق صفات المنافقين!

ولو نظرنا على سبيل المثال إلى صفات القيادة للعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لإحدى الشركات العاملة في السوق الخليجية وحاولنا أخذ نمطه القيادي وطبقناه لأصبحنا في حال أفضل بكثير.

ذلك القيادي مدرسة، غرس الجانب الإنساني في تعامله مع جميع العاملين وكانت له مواقف انسانية لا يقفها إلا الأب مع أبنائه.. قمة في التواضع وصاحب رؤية ثاقبة، وصفة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ميزته ومازال على رأس عمله من نجاح في نجاح وندعو المولى عز وجل أن يثبته ويحفظه!

إن مشكلتنا القيادية تكمن في غياب الرؤية لدى القيادي، وإن كانت موجودة فتجدها معدة من قبل شركة أجنبية لا تفهم ثقافة واحتياجات أفراد المجتمع، ومشكلتنا الأخرى إن القيادي يحرص على إحاطته بمن يردد ما يقوله ولا توجد معايير للاختيار!

ومشكلتنا الأخرى، إن المفاهيم القيادية يتحدث عنها من لا يفقه جوانبها الانسانية ولهذا تجد التسريح من الوظائف وكثرة التغيير بين القياديين متى ما تغيرت نسبة الملاك ولا رقابة من أي جهة كانت ما دامت المصالح باقية ومحسومة لهم!

إن أهم صفة من صفات القيادة، الرشد واتخاذ القرار، وهنا نجد لا رشدا والقرار مختطف من بين يدي القيادي بسبب تدخل الملاك أو من يمثلهم حتى في الامور التشغيلية، وهذا يريد توظيف صديقه وذاك يريد «تضبيط» ربعه والخاسر هو المؤسسة!

والقيادة إن لم تكن صالحة فلا ترجو خيرا من المؤسسة، وكثير من الممارسات غير الأخلاقية شهدتها مؤسساتنا والدليل أسئلة النواب الأخيرة وما يثار على صدر صفحات الصحف من شكاوى عدة وظلم لدرجة أصبح فيها بعض الوافدين يتحكمون في بعض مؤسساتنا!

الشاهد، إن ما نعانيه يكمن في غياب الفكر القيادي الرشيد، و«المجاملة» على حساب المصلحة العامة سبب آخر ناهيك عن المصالح المتبادلة، ولن نفيق من غفلتنا القيادية إلا من خلال صحوة قيادية تبعد السيئ وتحضر لنا القيادي الانسان صاحب رؤية مستقبلية ويحرص على توظيف الكوادر حسب الكفاءات فليس بالضرورة أن «يحب» القيادي مسؤولا لديه ولكن احترام الكفاءة وانتاجية المسؤول من جانب انساني واجبة... والله المستعان!



د. تركي العازمي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي