د. أحمد حسين / ثلاثية الإصلاح المفقودة

تصغير
تكبير
ماذا يجري في الكويت؟ سؤال يطرح منذ زمن يعكس حالة الخوف الممتزج بالاشمئزاز التي وصل إلى استشعارها المواطن بل والمقيم ايضا، فعندما تستيقظ في الصباح أيها الإنسان تتصفح الجرائد لتصدم - لا محالة بأخبار الصراعات بين الحكومة وأعضاء المجلس والمساومات التي بين السطور المقروءة تتسابق الصفحات الأولى لسردها، وكل يوم تتوقع فيه ان تطالع صفحة خالية من الهرج والمرج يخيب ظنك فيها فكلما خمدت فتنة أشعلت نيران فتنة أخرى.

اللون المناسب جدا لبعض الناس اليوم هو اللون الطائفي على المستويات كافة، تبدأ بقضايا وهمية مفتعلة إلى قضايا ذات بعد سياسي تم صبغها باللون الطائفي لتكريس حالة التشرذم الطائفي في المجتمع، وآخر صرعة هي تشريع قانون يقضي بإعدام من يسيء للنبي (ص) بدعوى حماية الشرع والدين، وهذه دعوى فيها ما فيها من البطلان والزور والبهتان السياسي، إذ ان الإسلام دين قد تكفل الله بحمايته ورسولنا الكريم الأعظم صلى الله عليه واله وسلم قد عصمه الله من الناس ويعصمه في كل عصر وزمان، إلا أن المشكلة إن الناس لا يعصمون أنفسهم من التلاعب بالدين.

اليوم تشهد برلمانا يشرع في دقائق معدودة ولقد كان هو ذاته بالأمس الذي يتقاعس السنين الطوال عن مهمته التشريعية ما احدث الفراغ التشريعي في بعض الأحيان الأمر الذي أدى إلى عدم وفاء القوانين بتنظيم المجتمع كما يجب أن يكون في دولة القانون، مما تسبب في التخلف و التلاعب باسم القانون وإهمال الضروري من التشريعات وتراجع الأداء المؤسسي.

من يتابع الحياة السياسية في الكويت يجد أن المؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية لا تملكان رؤية واضحة لتدبير البلاد وخلق المجتمع المفتوح الذي ينتج مجتمعا متقدما علميا وتكنولوجيا في الميادين والمجالات كافة بل أصبحت الرؤية لدى البعض مجرد مجاملة هذا، والمشي بحذر شديد على حبل السيرك الذي أوهم البعض حكومتنا الموقرة بوجوده وأنها تسير عليه لا محالة كما أصبح الشغل الشاغل لآخرين هو جر البلاد إلى فتنة طائفية ودخول حلبة مصارعة بين حين و آخر مما جعل الكويت اليوم ساحة لصراعات وليست ساحة لانجازات.

إنني لا أدافع عمن يسيء لنبينا الكريم، ولكن أقول كيف نخالف الشريعة المقدسة التي جاءنا بها نبينا الكريم بدعوى الدفاع عنه صلى الله عليه واله وسلم؟ ألسنا مطالبين بأن نرد على المسيئين بالقانون المتوافق مع أحكام الشريعة؟ وهل يصح إطلاق صفة الارتداد على كل من كتب شيئا ما دون أن نخضعه للضوابط الشرعية ولماذا هذا الاستعجال؟ لماذا لا يؤخذ رأي لجنة الفتوى بالأوقاف؟ لماذا لا يتم الرجوع إلى فقهاء وعلماء الكويت سنة وشيعة لوضع قانون يتفق مع الأحكام الإسلامية؟ وأسأل المشرعين الكرام عن ضرورة وجود مثل هذا القانون في ظل دولة إسلامية يوقر أهلها بتوجهاتهم كافة النبي واله وأصحابه في قلوبهم و يعظمونهم قبل أن يفرضه عليهم قانون ما؟

لقد انكشفت توجهات دعاة هذا القانون الطائفية، ولعل آخر الاختراعات الطائفية تلك التحرشات بالمقابر الجعفرية، فلقد أصبح شغل البلدية الشاغل إزالة أعلام وأقمشة من على القبور ولكنها تقصر في واجبها ضد الفاسدين المفسدين الذين يتلاعبون بأرواحنا وصحة أبنائنا.

أقولها بصراحة رغم كل شيء، ألم يحن الوقت ليقف أبناء الوطن الواحد معا في وجه المد الطائفي ودعاته ومشايخه من أي طرف كانوا؟ ولن يصلح أمرنا وكل فريق يجامل دعاة الفرقة منه و فزع لطائفته لأن الإصلاح لن يتحقق إلا بالعدالة والإنصاف والشجاعة الأدبية، وهذه الثلاثية نادرة الوجود اليوم.



د. أحمد حسين

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي