د. حسن عبد الله عباس / 2 > 1 / سب الرسول (ص)

تصغير
تكبير
| د. حسن عبدالله عباس |

علّق ما شئت حول كرنفال الفوضى الدائرة في قاعة عبدالله السالم، لكن امرين لا يمكن نكرانهما في ما يدور حول الحديث عن المقدسات والرموز الاسلامية. الاول خصوصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والثاني الفتوى الشرعية والرأي الاسلامي بالنسبة لمعنى الردة كونه رأيا فقهيا لا برلمانيا. فلا غبار على أن التعرض لأشرف مخلوق جريمة كبرى، لكن كيف يمتلك مجلس الأمة غير المتخصص في التشريع الاسلامي والفتوى، كيف له أن يقيم حدا شرعياً من دون الرجوع واستشارة أهل الاختصاص.

دعني أوضح اكثر. من يشهد أن لا اله الا الله وان محمداً رسول الله، كيف يمكن لانسان كهذا ان يشتم من يتشهد باسمه؟! لا اظن يوجد عاقل يدعي الاسلام يشتم الرسول وفي الوقت نفسه يصلي عليه! لذا يبدو ان اصل حرمة التعرض والمس بمقام الرسول (ص) تعتبر من المسلمات وموضع اتفاق المسلمين بلا استثناء.

اذا المشكلة ليست هنا، المشكلة كما اراها تكمن في التمييز والتفريق بين فكرة السب والتعرض للمقدسات كالذات الالهية ونبينا الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وبين الفهم لهذه الذات وللمقدسات ومن ثم الاسلوب في التعبير عنها. فمجرد التركيز على فكرة النبوة وكأصل اسلامي يعد من المسلمات، لكن تظهر الاختلافات عند الحديث عن مواصفات هذا المقام، فالفرق بين الاثنين كبير.

النبوة كمفهوم فكري يختلف كثيرا بين السنة والشيعة. بل الفرق يكون اكبر واوسع حينما نقارن بين السنة والجماعة والشيعة من جانب، وبينهما وبين السلفية من جانب ثان. فمثلا السنة والشيعة يتفقون على السماح بزيارة القبور، في حين ان السلفية تختلف مع الاثنين ويعدونها من البدع والكبائر.

فلو قال طرف انا لا اعترف بقول رسول يرفض الجمع بين الصلاتين انطلاقاً من قناعات مذهبه الفكرية، فهل كلام كهذا سيخرجه من ربقة الاسلام ويدخله في دائرة الكفر والارتداد؟ ام انه كلام ينطوي على خلاف مذهبي وفكري بين طائفتين؟ أو لاحظ مثلا الخلاف الفكري حول عصمة الرسول (ص). فهل يا تُرى سيحكم القاضي على السلفي بالردة والاعدام مثلا كونه يتبنى رأيا أقل تحفظاً ويقول بأن عصمة الرسول (ص) تشمل فقط ساحة تبليغ الرسالة، وعلى خلاف من الفكر الشيعي الذي يتبنى رأيا أكثر شدة ويذهب لأبعد من ذلك ويقول بأن المعصوم مرفوع عنه الخطأ دائما وأبداً سواء أكان ذلك في قراءة القرآن أم في غيره وصغيراً كان ام كبيرا وفي جميع تصرفاته وافعاله وسلوكه واقراراته!؟

كما قلت، لا يوجد خلاف على المبدأ الاسلامي وهو احترام المقدسات الاسلامية، ويأتي على رأسها الذات الالهية والنبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم! لكن مشكلتنا في التشخيص ومصداق ورود وظهور علامات الردة، فهنا المسألة بحاجة الى الاخذ بجميع الاراء طالما توجد مدارس ومذاهب فكرية متنوعة.

وبصراحة اقولها لكم بأن التشدد الوارد مقصود، وهو أخشى ما اخشاه لانها خطة ممنهجة لمضايقة ومحاربة اتباع المذاهب الأخرى!



[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي