محمد صالح السبتي / واضح / العبث القانوني

تصغير
تكبير
| محمد صالح السبتي |

في الأسبوع الماضي وافق مجلس الامة على مشروعي قانون بالمداولة الاولى احدهما بتشديد عقوبة الطعن على الذات الآلهية أو الرسول (ص) لتكون الاعدام وثانيهما بقصر مدة الحبس الاحتياطي لأربعة أشهر وسبعة ايام كحد أقصى لجميع السلطات ابتداء برجال المباحث وانتهاء بمحكمة الموضوع.

وفي ظني أن هذين القانونين وإن كان ظاهرهما الدفاع عن المعتقدات وحمايتها والدفاع عن الحريات وكف يد العبث بها إلا ان الحقيقة انهما جاءا كبداية نكوص عن قواعد الدولة المدنية واقرب للمتاجرة بأمور الدين، كما انهما جاءا كردة فعل على حوادث فردية وتشدقا بمبدأ الحريات دون النظر في ضرورة الحفاظ على الأمن العام في البلاد، وبلا أي شك فإننا جميعا دون استثناء مع انزال العقوبة على من تعدى على رسول الله (ص) ومع سن قوانين تحمي اي إنسان من تعسف جهات الداخلية او سلطات التحقيق حال قرارهم الحبس الاحتياطي، إلا ان هذين القانونين «مشوّهان» ونتائجهما خطيرة بلا شك.

لا أحد يرضى بالتعدي على الرسول (ص)، لكن إنزال عقوبة الاعدام - وهي العقوبة الشرعية لهذا الفعل - يعني انها بداية لفرض احكام الحدود في البلاد، الكويت دولة مدنية دينها الاسلام، نظامها لا يجبر أحدا على الاسلام ولا يعاقب على الكفر... هناك محظورات قانونية مجرّمة كالتعدي على الذات الآلهية والانبياء والصحابة وغيرها من المجرّمات إن فعلها الانسان عوقب بعقوبة رادعة... هل هذا القانون بداية لفرض عقوبة القتل على من يرتد عن دينه ليعتنق ديانة أخرى مثلا؟ وهل هو باب لمنع الديانات الاخرى من ممارسة شعائرها؟ وغيرها من الاسئلة التي نعتقد ان اجوبتها اصبحت واضحة وفق بداية المشرعين بهذا القانون.

ان استغلال حب المسلمين للرسول (ص) وحماستهم للدفاع عنه وتهييج مشاعرهم وتصوير كل من خالف هذا القانون بأنه متخاذل في الدفاع عن الرسول أمر في غاية الخطورة، وترهيب بالسطوة الدينية التي بات واضحا رغبة البعض في فرضها على اركان الدولة المدنية.

اما قانون قصر مدة الحبس الاحتياطي، فإن هذا القانون من اخطر ما شرّع حديثا على أمن البلاد كما اعتقد، يكفي ان نعرف ان المدة القصوى للحبس الاحتياطي لجميع الجهات هي اربعة أشهر وسبعة ايام. لو طبقنا هذا القانون عمليا، وكانت قضية مقتل «الميموني» رحمه الله لا تزال في التحقيق مثلا، فإن هذا يعني انه إن لم يُحكم في هذه القضية خلال هذه الفترة، فإننا سوف نرى قتلته يمشون أمامنا طلقاء!!! هناك قضايا قتل وقضايا شبكات تجسس وقضايا سرقات مالية كبيرة، هل يظن هؤلاء النواب ان هذه المهلة كافية لأن تقوم المباحث والنيابة بواجبها في هذه القضايا؟ وهل يظنون ايضا ان في الامكان صدور احكام خلال هذه الفترة ايضا؟!!!

كان الاجدر بالنواب الاستمهال وسماع رأي من سيقوم بتنفيذ هذا القانون من رجال المباحث والنيابة ورجال القضاء. هذا القانون يعني باختصار، أنك ممكن أن ترى قاتل أبيك أو أخيك حرا طليقا يمشي امامك قبل الحكم عليه!!!!

من الواضح ان هذه القوانين جاءت كردة فعل وأن ردة الفعل جاءت أسوأ من الفعل ذاته. نحن امام عبث قانوني قد يؤدي لانتكاسة كبيرة.



@lawyermodalsbti
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي