«كناسة الصحف» ... تأريخ مهني بقلم العزبي

تصغير
تكبير
| القاهرة- من رحاب لؤي |
ليس أفضل من صحافي مخضرم ليخبرك بأوجاع المهنة وأسقامها، وفي كتابه «كُناسة الصحف» الصادر حديثا عن «كتاب الجمهورية» عن دار التحرير المصرية، يخبرك الكاتب المصري محمد العزبي عما آلت إليه أحوال مهنة الصحافة والصحافيين في مصر، ويمكننا أن نفهم المشهد بوضوح عبر فقرة من كتابه يقول فيها:
«قبعت في ركن بالصفحة الثانية، وقال لي رئيس التحرير الأسبق: أحسن، حتى لا يأخذ «ولاد الإيه» بالهم من كلامك، ثم انتقلت بعون الله وبعد سنوات ومع تغيير القيادات إلى صفحة داخلية، ولم يكن يهمني المكان، دائما شطب كلمات حسب المزاج وتقارير شفوية من شخص ما- في ما يسمى مطبخ الصحيفة- يعمل ناضورجياً يفتش في ضمائر الكتاب ويبلغ مخاوفه ومبالغاته لصاحب الأمر والنهي المشغول في سهرات علاقات عامة مع الكبراء والوزراء والشماشرجية... ليس عنده وقت والشطب أسهل الأمور...»!
الكتاب يضم كتابات العزبي التي أنجزها خلال السنوات السابقة، كان من أبرزها مقال له بعنوان «آخر خدمة الغز عمود».. هكذا يعلق العزبي على انتقال عموده «من غير ليه» إلى الصفحة الأخيرة دون مبرر، تمهيدا لانتقاله خارج الجريدة تماما، فعقب كل تغيير صحافي، تكون مكافأة نهاية الخدمة عمودا صحافيا يضاف إلى الجريدة حتى أصبحت الأعمدة الصحافية ـ بحسب العزبي- «على قفا من يشيل».
وهي ظاهرة يعبر عنها قائلا: «حاولت أن أحصيها فأخطأت الحساب وأصابني الملل، المقال في الصحف الجديدة، خصوصا بالنسبة للمستجدين، أصبح يقاس بالمتر كأحد أصحاب محال الكباب، لم تعد المقالات مهما تكن هي التي توزع الصحف، كما كانت من قبل سببا لوجود أسماء مثل طه حسين».
لكل حدث في الحاضر جذور في الماضي، كان الكاتب جزءا منها بشكل أو بآخر، فمحاولات ترميم العلاقات مع أفريقيا ما هي إلا وصل لما انقطع على مدار سنوات طويلة سابقة... الكاتب زار أفريقيا خلال فترات التواصل وظل أربع سنوات في أدغالها، يحكي خلالها عجائب وغرائب كان بإمكان المصريين أن يخابروها لولا أن العلاقات لم تعد كما كانت.
يمكننا القول إن الكاتب قد جال في أنحاء الكرة الأرضية، ومع كل بلد كان يكتب مواقف جديرة بالقراءة، فها هو في الصين كان على وشك أن يأكل شوربة «كلاب»، وفي هاواي رأى كم الجمال والعذوبة ومعنى أن يكون لك جزيرة تعيش عليها وحدك، وفي الأدغال تعرف على الماساي، تلك القبائل التي تثبت رجــــولتها بصـــــيد الأسود، وتثقب آذانها... ويــــروي لك فنـــادق مسكونة، وأخرى مخيفة تــــتوزع عــــلى بلاد العالم.
في الفصل الأخير يأتي مقاله الذي يحمل الكتاب اسمه بعنوان «كناسة الصحف»، ويتحدث فيه عن القمامة الصحافية، وزمن التهويش والاتهامات والمهام التي لا يقوم بها من هــــم غـــــير أهــــل لها، كوظيفة الخبير الاستراتيجي التي يمارسها كثير من اللواءات المتقاعدين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي