أعشقها. أهيم في حزنها وضحكها. يسحرني غنجها. إذا تدللت دللتها، وإن سال دمعها ضممتها بين ذراعيّ واحتويتها... أعشقها بجنون. وتعشقني هي أيضا بجنون... لثلاث سنوات حافظتُ على حبها، في حضورها وغيابها. لم أخنها يوما. أبدا لم أخنها. وكيف أخونها وقد ذوّبني جمرها، وأطربني صهيلها. هي مهرتي وأنا فارسها. مهرتي «الأصيل» التي تمنعت مرارا فصرخت فيها بغضب: «اجهَنَبْ»، فأرخت جفنيها ووضعت خدها على صدري معلنة السمع والطاعة، بعدما أدركت أن لا مزاج لدي للمزاح. ومرارا أخرى كانت تأتيني لوحدها «تهذب» وتدور في اتجاهاتي الأربعة فـ«أزعفرها» بيدي وأطعمها... لثلاث سنوات سمان، بالتمام والسعادة والشقاء، حافظتُ على حبها وأخلصت.
قبل أن أمتلك عنانها كنت في الظل، وبفضلها انتقلت إلى مركز الشمس بسرعة اخترقت حاجز الصوت. كنت متابعا للميدان فأصبحت مشاركا فيه. كنت أردد كثيرا لجلسائي، قبل أن أمتطيها: لو كنت في الميدان لقلبت «عاليه واطيه». فقيل لي: ليس على الكلام ضرائب، ثم إن «لو» لا تفتح المدن، وإنما تفتح شيئا واحدا، عمل الشيطان. فتمتمت بصوت مسموع: بشروا شيطاني. قلت ذلك ثم خلعت بزتي العسكرية، وصحت فيهم: «قربوا مربط المقالة مني». وأطلقت للأصيلة عنانها. فتعالت صيحات التشجيع والدهشة... أصيلة هي ومدهشة. لله درها. لولا أنها تطاوعني أحيانا في اقتحام الأراضي الحمراء، فأخرج مصابا بطعنات غائرة مصحوبة بنصائح المحبين: ليتك لم تفعل، خفنا عليك. فأوافقهم الرأي. وما أن يغيبوا عن ناظري حتى أقتحم أرضا حمراء أخرى.