عام على انطلاق «ربيع دمشق» ... حوار الطرشان بين نظام مستأثر وشعب ثائر ودولة تذهب نحو الفلتان

سورية ... اشتدّي أزمة تنفرجي

تصغير
تكبير
| جانبلات شكاي |

مع تفتح أزهار ربيع عربي بدأ يلوح من تونس ثم مصر، هلل السوريون نظاما وشعبا، لحقبة جديدة بدأت الأمة العربية تدخل فيها.

فاعتبر النظام أن نهجه ونهج حلفائه الممانع، بدأ يسجل انتصاراته على نهج دول الاعتدال والتبعية، ورأى أنه قد حصن نفسه بخطابه القومي ونهجه المقاوم بما عصف ويعصف بدول «العمالة»، دون أن يدرك أن حمل لواء الدفاع عن كرامة الأمة، لا يعوض السوريين كرامتهم وحريتهم المسلوبة.

والشعب الذي كان سباقا عبر التاريخ في حمل مشعل النور، كسر حاجز الخوف وملأ المدن هتافا حرية.. حرية.. دون أن يعي أن ثورات المحطات الفضائية وصفحات الفايسبوك لن تستطيع الإطاحة بنظام خبر لعقود لعبة السلطة محليا وإقليميا ودوليا، وبدأ الرد تارة بيد من حديد ونار، وتارة بوعود إصلاحية لم تتعد الأساس النظري للتحول والدولة المنشودة.

بعد سنة ونيف من الذكرى الأولى لبدء الأزمة السورية وخروج التظاهرات المعارضة في العديد من المدن، مازال مبدأ «حوار الطرشان» هو السائد على العموم بين قطبي المعادلة الداخلية المتمثلة بالسلطة وحلفائها وبالمعارضة والشارع المنتفض.

ووسط بيئة متحركة ومتقلبة لم تصل لدرجة تحقيق إسقاط النظام، كما لم يستطع النظام بدوره القضاء على حراك الشارع أو استيعابه، ظل كل طرف يغني على ليلاه إذا صح التعبير، فبدأ النظام إجراءاته «الإصلاحية» من سن قوانين الأحزاب والإعلام والإدارة المحلية والانتخابات وصولا إلى لاستفتاء على دستور جديد للبلاد، على حين تطور حراك الشارع من تظاهرات سلمية معارضة توسعت لتشمل بشكل شبه كامل ست محافظات إضافة إلى مدن ومناطق في محافظات أخرى وصولا إلى ظهور الجماعات المعارضة المسلحة ومن ثم «الجيش الحر» وحتى «القاعدة».

ومع تجذر القطيعة الشاقولية بين الموالاة والمعارضة، ودخول البلاد في حالة من الفلتان الأمني وتراجع هيئة الدولة، تحولت سورية من لاعب إقليمي تمتد أذرعه بين لبنان والعراق وفلسطين المحتلة وتركيا وإيران بل وحتى آسيا الوسطى إلى حدود أرمينيا وأذربيجان، وأوربا الشرقية إذا صح التعبير، تحولت سورية إلى ساحة صراع، على السلطة من جهة بين نظام مستأثر وشعب ثائر، وعلى النفوذ بين قوى غربية وإقليمية تقودها الولايات المتحدة وقوى شرقية تقودها روسيا والصين.

من خلال عناوين مختلفة، من المعارضة الداخلية، إلى المعارضة الخارجية مرورا بتظاهرات الأكراد واصلاحات النظام والتأثيرات الاقتصادية للأزمة السورية والحرب الاعلامية والفنية والدور العربي والدولي، تلقي «الراي» الضوء على «الثورة السورية» بعد مرور نحو عام على انطلاقها.





معارضة الخارج ... الريادة للمجلس الوطني السوري



يعتبر «المجلس الوطني السوري» أبرز التيارات المعارضة التي تشكلت بعد اندلاع الاحتجاجات، وأعلن عن تأسيسه في 2 أكتوبر 2011 من إسطنبول في تركيا، ويترأسه المعارض والأكاديمي السوري برهان غليون المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، والقادم إليها من «هيئة التنسيق الوطنية» التي كان يمثلها في الخارج لكنه سرعان ما تخلى عنها.

يعتبر غليون المجلس إطارا موحدا للمعارضة وهو العنوان الرئيس لـ «الثورة» السورية ويمثلها في داخل البلاد وخارجها، وهو يسعى لتوحيد قوى المعارضة في مواجهة مجازر يومية ترتكب بحق المدنيين، ودوما بحـــــسب غلـــيون.

ويتكون المجلس من أمانة عامة وهيئة تنفيذيةـ وتضم الأمانة ممثلين عن الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الديموقراطي ومنهم الناطق الرسمي باسم الإعلان سمير نشار، والناطقة الإعلامية وعضو الهيئة الإدارية للمجلس الوطني السوري بسمة قضماني، والمراقب العام للإخوان المسلمين محمد رياض الشقفة، والمفكر عبد الباسط سيدا، وكذلك ممثلون عن الأقليتين الكردية والآشورية.

ويقول المجلس إنه سيوفر الدعم اللازم لتحقيق تطلعات الشعب السوري بإسقاط النظام القائم بكل أركانه بما فيه رأس النظام، وإقامة دولة مدنية دون تمييز على أساس القومية أو الجنس أو المعتقد الديني أو السياسي، وهو منفتح على جميع السوريين الملتزمين بمبادئ الثورة السلمية وأهدافها.

وبحسب وثيقته التأسيسية يرفض المجلس أي تدخل خارجي يمس السيادة السورية، لكنه يطالب في المقابل المنظمات والهيئات الدولية بتحمل مسؤولياتها والعمل على حماية الشعب السوري ووقف ما وصفها بالحرب المعلنة عليه من النظام السوري، والجرائم والانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها من خلال تفعيل المواد القانونية في القانون الدولي.

وعلى خلاف المبادئ السياسية المثبتة في وثائق المجلس إلا أن معظم أعضاء المجلس باتوا لاحقا يطالبون علنا بتدخل عسكري أجنبي في سورية، الأمر الذي شكل نقطة خلاف جذرية بينه وبين «هيئة التنسيق الوطنية» التي ترفض التدخل العسكري الخارجي.

ولم يكن المؤتمر الأول للهيئة العامة لـ «المجلس الوطني السوري» الذي عقد في تونس العاصمة منتصف ديسمبر الماضي أفضل من المؤتمرات السابقة حيث بقي ما ورد في بيانه حبرا على الورق من دون ترجمته على ارض الواقع.

وأقر المجلس نهاية مؤتمره برنامجه السياسي والنظام الأساسي الذي ينظم العمل والعلاقات بين مختلف المؤسسات، وأعاد هيكلة مكاتبه التخصصية باستثمار الطاقات المتوافرة، لتحقيق المشاركة الفاعلة لكل القوى السياسية وقوى الحراك الثوري والشخصيات الوطنية المستقلة المنضمة للمجلس، بما في ذلك تعزيز حضور المرأة في مؤسساته.

وجدد المجلس التزامه بخيارات الشعب السوري وأهداف ثورته المتمثلة في إسقاط النظام برأسه وكل رموزه وأركانه، وبناء سورية الجديدة، دولة مدنية ديموقراطية تعددية يتساوى فيها أبناؤها، نساءً ورجــالاً، في ظـــــل ســــــيادة القانون.

وتعهد المجلس ببذل كل جهد لتوفير كل متطلبات استمرار الشعب السوري في ثورته السلمية، بما في ذلك متطلبات إغاثة المناطق المنكوبة بشكل عاجل، وإنجاح «إضراب الكرامة» على طريق العصيان المدني.

وطالب المجلس الجامعة العربية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضرورة حماية المدنيين والثوار في سورية وذلك في مناطق آمنة وأخرى عازلة والتحرك السريع من أجل ذلك، متعهدا بتوفير الدعم والرعاية لـ «الجيش السوري الحر» ومعترفاً «بدوره المشرف في حماية ثورة شعبنا السلمية». وأقر المجلس رؤيته للمرحلة الانتقالية، والمبادئ العامة لسورية الجديدة، التي يسعى إلى تحقيق توافق وطني عام عليها، ودعا السوريين جميعاً إلى التلاحم والوحدة في مواجهة الظلم والطغيان، وإلى الانضمام إلى الثــــــورة والمشاركة في صناعة مســـتقبل البلاد.

وتنافس المجلس الوطني مع هيئة التنسيق الوطنية على قيادة المعارضة السورية، واستطاع المجلس الذي تقيم معظم قيادته في الخارج وتسيطر عليه إلى درجة معينة قوى إسلامية وتحديدا حركة الإخوان المسلمين، استطاع إلى ما قبل الأشهر الثلاث الأولى من العام الحالي، الحصول على الدعم العربي والدولي وصولا إلى الاعتراف به من بعض الدول وخصوصا من الاتحاد الأوربي، كممثل للمعارضة السورية أو بصيغة ديبلوماسية، كممثل للقوى الديموقراطية التي تسعى للتغيير في سورية، ونجح بافتتاح مكاتب في عواصم عربية مثل تونس وليبيا بل قامت الحكومات الواصلة إلى السلطة هناك على خلفية الربيع العربي، بإغلاق السفارات السورية واعتبار المجلس الممثل الوحيد للشعب السوري.

وسعت الدول العربية والدولية إلى خلق كيان قوي للمعارضة السورية من خلال دفعها إلى التوحد ضمن إطار جامع تمهيدا لخلق البديل الموعود للنظام الحالي، وعلى هذا الأساس سعت ودعمت جامعة الدول العربية جهود التقارب بين المجلس الوطني وهيئة التنسيق، لكن حدة الخلافات بين التنظيمين الرئيسين للمعارضة السورية وتحديدا في ما يتعلق والموقف من التدخل الخارجي أدى إلى إخفاق كل تلك الجهود.

وفي دلالة على حدة الخلافات بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني، لم ير النور اتفاق وقعه الجانبان في القاهرة على «قواعد الفترة الانتـــقالية المقبلة» بداية يناير الماضي وأكد على رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس سيادة واستقلال البلاد، مع الإشارة إلى أن التدخل العربي لا يعد أجنبيا، وشدد الاتفاق على ضرورة حماية المدنيين بكل السبل المشروعة في إطار القانون الدولي، وعلى تعزيز الوحدة الوطنية ورفض الطائفية. وبعد ساعات من الإعلان عن توقيع الاتفاق بين المجلس ممثلا برئيسه غليون وهيئة التنسيق ممثلا برئيس مكتبه في الخارج هيثم المناع، تتويجا لمحادثات استمرت في القاهرة لنحو شهرين، برزت خلافات حادة في صفوف المجلس الوطني وصولا إلى الإعلان عن رفض الاتفاق في وقت لاحق، بحجة أنه لم يسلك طرق الإقرار المتفق عليها داخل هيئات المجلس الوطني.

لم تقتصر الخلافات على الأسس والاستراتيجيات بين تيارات المعارضة الممثلة في هيئة التنسيق أو المجلس الوطني، بل تعدى الأمر ذلك فانتقلت هذه الخلافات إلى داخل التيارات والقوى المشكلة للمجلس الوطني ذاته حيث شكل 20 قياديا بارزا على الأقل من الأعضاء العلمانيين والإسلاميين في المجلس نهاية فبراير الماضي تيارا مستقلا، كاشفين بذلك أخطر شقاق في صفوف المعارضين للنظام منذ اندلاع الاحتجاجات، لكن هذه الشخصيات نفت أن يكون ما قاموا به بمثابة انشقاق عن المجلس الوطني.

وترأس المجموعة الجديدة هيثم المالح، وهو محامٍ وقاضٍ سابق قاوم حكم البعث واعتقل أول مرة في ثمانينات القرن الماضي كما سجن ثانية 2010 ومع بداية عهد بشار الأسد أسس ونشطاء آخرون جمعية حقوق الإنسان في سورية، وانضم إلى المالح، كمال اللبواني وهو من قيادات المعارضة وسجن ست سنوات وأفرج عنه في ديسمبر الماضي، كما انضم إلى المالح محامية حقوق الإنسان كاترين التلي والمعارض فواز تللو ووليد البني الذي كان من بين أكثر الشخصيات جرأة في المجلس والمسؤول عن السياسة الخارجية، وجميعهم كانوا من معارضة الداخل قبل أن يغادروا ســـــورية الــعـــــام الماضي وينضموا إلى المجلـــــس الوطــني.

وقال بيان للمجموعة: «لقد مضت أشهر طويلة وصعبة على سورية منذ تشكيل المجلس الوطني السوري دون نتائج مرضية ودون تمكنه من تفعيل مكاتبه التنفيذية أو تبني مطالب الثوار في الداخل وقد بات واضحا لنا أن طريقة العمل السابقة غير مجدية لذلك قررنا أن نشكل مجموعة عمل وطني تهدف لتعزيز الجهد الوطني المتكامل الهادف لإسقاط النظام بكل الوسائل النضالية المتاحة بما فيها دعم (الجيش الحر) الذي يقع عليه العبء الأكبر في هذه المرحلة».





مؤتمرات المعارضة... تعدّد المشارب واختلاف الرؤى



تميز نشاط المعارضة السورية خلال العقدين الأخيرين من عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بالسرية بعد أن تعرض معظم المعارضين للبطش الشديد على خلفية المواجهة بين النظام وحركة الإخوان المسلمين التي انتهت بداية ثمانينات القرن الماضي بانتصار ساحق للنظام.

ومع فسحة الأمل التي برزت بداية عهد الرئيس بشار الأسد بدأت المعارضة السورية للنشاط العلني أولا بأول، فازدهر «ربيع دمشق» على مدى ثلاث سنوات، لكن الخريف وربما الشتاء، سرعان ما عاد فعانت المعارضة ثانية من بطش أجهزة النظام، وخبا صوتها كثيرا ولم يعد السوريون يسمعون بتنظيمات ظهرت بداية القرن من قبيل لجان إحياء المجتمع المدني، أو إعلان دمشق لقوى التغيير الديموقراطي، أو منتدى الحوار الوطني، ومن ثم منتدى الأتاسي، أو التنظيمات المدافعة عن حقوق الإنسان مثل جمعية حقوق الإنسان في سورية، وسواسية، وغيرهما الكثير.

لكن هذه القوى والحركات السياسية والحقوقية عادت لتنشط بقوة مع انتفاضة الشارع السوري وانتقال ربيع الثورات العربية إلى داخل البلاد، ولعل أكثر ما برز تلك المؤتمرات العلنية للمعارضة والمستقلين سواء داخل أو خارج البلاد.

لقد ظهر أن شعار إسقاط النظام خصوصا في مؤتمرات الخارج، هو الأكثر ترددا بين المعارضين المؤتمرين، وعلهم بذلك كانوا صدى لما يردده المتظاهرون في الشارع السوري أسوة بالشعار الذي بات يدغدغ الشارع العربي عموما ألا وهو: «الشعب يريد إسقاط النظام».

ورغم التوحد تحت الشعار السابق إلا أن مؤتمرات المعارضة وقعت أحيانا في الجدال بشأنه.

ففي أواخر ابريل الماضي عقد عشرات المعارضين السوريين «لقاء اسطنبول من أجل سورية» تحت رعاية تركية، وكان من مقرراته «التخلص من نظام حكم الحزب الواحد وتنظيم انتخابات تشريعية على الفور».

ثم عقد «مؤتمر التحالف الوطني لدعم الثورة السورية» في بلجيكا في يونيو بمشاركة كتل سياسية معارضة وشخصيات مستقلة وممثلين عن عشائر سورية.

وقدم التحالف نفسه على أنه متحدث باسم الثورة التي أكد على سلميتها، لكن المجتمعين اختلفوا بين من طالب برحيل النظام وبين من طالب بمرحلة انتقالية.

ومع نهاية مايو وبداية يونيو استضافت مدينة أنطاليا التركية «المؤتمر السوري للتغيير» بمشاركة مستقلين يساريين وإخوان مسلمين وعلويين وأكراد وعشائر وشباب، وبلغ عدد المشاركين 420 شخصاً، انتخبوا نهاية المؤتمر هيئة استشارية مكونة من 31 شخصاً، تم تفويضها بالعمل على الوقوف إلى جانب «الثورة الشعبية» في سورية ودعمها. وانتخبت الهيئة الاستشارية مكتبها التنفيذي المكون من 10 أعضاء.

وطالب المؤتمر باستقالة الرئيس بشار الأسد من كل مناصبه، ونقل السلطات وفق الأطر الدستورية، إلى أن يتم تشكيل مجلس انتقالي، يقوم بوضع دستور جديد، والتحضير لانتخابات حرة تقود إلى قيام دولة ديموقراطية مدنية في البلاد، رافضا تكرار السيناريو الليبي في سورية، لكن معارضين آخرين قاطعوه لوجود أجندات خارجية ورائه حسب وصفهم.

واستضاف فندق سميراميس بدمشق في الثامن والعشرين من يونيو الماضي أول لقاء علني لمعارضة الداخل تحت شعار «سورية للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية»، وبمشاركة عشرات الشخصيات المشهود لها مثل: ميشيل كيلو، لؤي حسين، فايز سارة، عارف دليلة، منذر خدام، الشيخ جودت سعيد، وغيرهم.

وكان من مقرراته الدعوة إلى «تحول ديموقراطي ورفض الحل الأمني»، واتهم المشاركون فيه بإضفاء شرعية على النظام السوري.

ولم يخرج «مؤتمر الإنقاذ الوطني» الذي عقدته شخصيات معارضة في اسطنبول في السادس عشر من يوليو عن سياق ما سبقه من مؤتمرات المعارضة، ذلك انه دعا إلى نقل السلطة في سورية سلمياً إلى حكومة وطنية وتشكيل هيئة وطنية للإنقاذ من 75 عضوا يمثلون كافة أطياف المعارضة السورية من الداخل والخارج لإدارة المرحلة الانتقالية.

لكن المؤتمر الذي كان الأكثر إثارة للجدل هو مؤتمر المعارضة السورية في باريس في يونيو، ونظمه الصحافي الفرنسي برنار هنري ـ ليفي الذي أيد حرب إسرائيل على قطاع غزة، ودافع المنظمون عن مؤتمرهم واستشهدوا بحضور مشاركين من مؤتمر انطاليا، لكن معارضين آخرين أصروا على انتقاداتهم للمؤتمر مثل رئيسة منتدى الأتاسي للتغيير الديموقراطي سهير الأتاسي التي قالت: إن «المعادي لحقوق الفلسطينيين لا يمكنه دعم ثورة سورية»، كذلك وصف المعارض هيثم المناع الذين حضروا بأنهم «مرتزقة».

ورغم الجدل بشأن مقررات هذا المؤتمر أو ذاك فإن مشتركات أساسية جمعت بين كل المؤتمرات تتلخص بالسعي لإسقاط النظام، والخلاف بينها كان على أن يتم إسقاط النظام فورا أو من خلال المرور بمرحلة انتقالية.



رابطة الكتاب السوريين

نشاط المعارضة وسعيها لخلق كيانات بديلة عن أخرى كانت موجودة في البلاد وتعتبر امتداداً للسلطة الاستبدادية، امتد ليصل إلى النقابات المهنية وخصوصا منها الإبداعية وجاء الإعلان عن تأسيس «رابطة الكتاب السوريين» بداية يناير الماضي كتأكيد على هذا التوجه.

والإعلان عن «رابطة الكتاب السوريين» تم عبر دعوة نشرها على صفحته على الفايسبوك المعارض السوري حازم نهار، المحسوب حينها على «هيئة التنسيق الوطنية» وقال إنها «رابطة ثقافية حرة، عضويتها متاحة لكل الكتاب السوريين من مختلف التيارات الأدبية والفكرية الراغبين في أن يكونوا أعضاء فيها»، كما أنها «مفتوحة لكتاب عرب وغير عرب مساندين للشعب السوري كأعضاء شرف».

وبلغ عدد الموافقين على الانضمام للرابطة الجديدة 53 ومن أبرزهم: صادق جلال العظم، طيب تيزيني، شوقي بغدادي، برهان غليون، ياسين الحاج صالح، ميشيل كيلو، عزيز العظمة، فرج بيرقدار، خالد خليفة، فايز سارة، خطيب بدلة.

وأوضح نهار أنه بالنسبة لـ «الكتاب الفلسطينيين ممن يقيمون في سورية فيتمتعون بالعضوية الكاملة في الرابطة، وينطبق عليهم ما ينطبق على إخوتهم من الكتاب السوريين».

وتحت عنوان دواعي التأسيس قال الدعوة: «بموازاة ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة والنهوض الوطني، نعتزم، نحن، مثقفون سوريون متنوعو الأصول والمشارب، تأسيس رابطة للكتاب السوريين الأحرار، تعبر عن مشاركتنا في الثورة السورية، وعن شعورنا بالحاجة إلى إطار ديموقراطي ومستقل لعموم الكتاب السوريين، يعبر عن الواقع الجديد لسورية التي تولد الآن في شوارع الحرية».

وأضافت: «عبر تأسيس الرابطة اليوم نعمل على أن تستعيد الثقافة دورها التغييري والنقدي والمحرر، ويستعيد المثقفون استقلالهم وقدرتهم على المبادرة والتجديد الفكري والجمالي والأخلاقي، وأن نضع أنفسنا في صف شعبنا والدفاع عن حريات مواطنينا وحقوقهم ووحدتهم».

وتابعت: «لقد عملت الثقافة طوال عقود جارية في بلاط النظام، وعمل غير قليل من المثقفين كشهود زور، ونتطلع إلى أن تكون رابطة الكتاب السوريين حاضنا لتفاعل التيارات الأدبية والفكرية المختلفة التي تزخر بها الحياة السورية، وإلى أن تكون إطارا عمليا لنقد وتفكيك ثقافة اللون الواحد التي كرسها استئثار حزب البعث الحاكم بالسلطات المادية والرمزية وسلوكه الشمولي الإقصائي الذي تجسد في «اتحاد الكتاب العرب» على مدار عقود من حكم التعسف الأمني».

وعبر أصحاب الدعوة والموقعين عليها عن «تطلعهم إلى أن تقوم الرابطة بتجسير الفجوة التي أقامها نظام البعث بين الكتاب والمبدعين السوريين إن داخل الجغرافيا السورية، أو من كان نصيبهم من الاستبداد حياة المنافي والتشرد في العالم».

واعتبرت الدعوة أن «البطش والقمع وتكميم الأفواه نال الجميع دون تفريق، وفوق ذلك عزلت المثقفين السوريين عن بعضهم خطوط وهمية تفصل الداخل عن الخارج والخارج عن الداخل، ومجهولية كبيرة بين الطرفين، أضعفت في المحصلة المكانة الثقافية والأدبية لسورية في العالم».

وانتهت الدعوة إلى التأكيد أن «الانجاز المنتظر لهذا الإطار يتمثل في إعادة بناء ما تهدم من الذات الثقافية السورية ضمن حركة الثقافة العربية، وبالتفاعل مع ما أنجزته وتنجزه اليوم الثورات العربية، وما يتيحه مجال عالمي يزداد تداخلا واتساعا من فرص ويطرحه من تحديات».

وناشد أصحاب المبادرة زملاءهم من «الكاتبات والكتاب الذين يوافقون على الانضمام إليها موافاتنا بمقترحاتهم للأولويات من المهام المرحلية للرابطة الواجب الاضطلاع بها في غضون الفترة الواقعة بين وقتنا الحاضر والمؤتمر الأول للرابطة المزمع عقده في دمشق مباشرة بعد تحقق أهداف السوريين في الانتقال من الوضع الديكتاتوري الحالي إلى العهد الديموقراطي المنتظر في بلادنا».







استقالات في صفوف المعارضة وضغوط دولية لمنع انشقاقها



لم تنجح محاولة المجلس الوطني لاستيعاب الانشقاق وتراجع المـــــشاركيــــن فيه بداية عن إعلانهم، حيث عاد المالح واللبواني والتلي إلى إعلان استقالتهم في الثالث عشر من مارس، قائلين إنهم «يئسوا من محاولة جعل جماعة المعارضة السياسية الرئيسية في الخارج لاعبا أكثر فاعـــلــــية في الانتفــــاضة ضد حــــكم الرئيــــس الأســــــد».

وقال المالح: «انه استقال من المجلس لأنه يموج بالفوضى وبسبب غياب الوضوح بشأن ما يمكن أن ينجزه حاليا، مضيفا: «ان المجلس لم يحقق تقدما يذكر في العمل على تسليح المعارضين».

وبين المالح انه «سمع كثيرا من الشكاوى بشأن الشفافية في عمل المجلس الوطني وشعر أن مواصلته العمل خارج المجلس ستكون أكثر فاعلية».

وإضافة إلى الثلاثة السابقين استقال الناشط سلام شواف من المجلس وقال: «إن الناس غاضبون من المجلس التنفيذي وهم لا يعرفون ما الذي يفعله وكيف ينفق الأموال الــــتي تعـــــطى له وما هو حجـــــم الأموال التي تلقاها».

وجاءت الاستقالات السابقة في وقت تزيد فيه قوى غربية وعربية الضغوط على المعارضة السورية لتوحيد صفوفها وإظهــــار أنه يمكـــــنها قـــــيادة الانتفاضة ضد نظام الأسد، لكن عضوا بالمجلس الوطني، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال إن 80 عضوا من أعضاء المجلس البالغ عددهم 270، يعتزمون الانشقاق عنه وربما يشكلون جماعة معارضة جديدة ستركز على تسليح مقاتلي المعارضة الذين يقاتلون قوات الحكومة في سورية، على أن يقود هذا التحرك الزعيم العشائري نواف البشير.

وعقد البشير لاحقا مؤتمرا صحافيا في اسطنبول أعلن فيه عن تشكيل كتلة التحرير والبناء، لكنه أصر أن ذلك لا يعني انشقاق كتلته عن المجلس الوطني.





ائتلاف من 5 مجموعات ... بلا اسم



في السابع عشر من مارس الماضـــــي أعـــلنــــت من اسطنبول خمس مجموعات معـــــارضة داخل المجلس الوطني تشكيل ائتلاف جديد دون أن يطلـــقوا عليه أي اســـــم، ونصــــت خارطة الطريق الـــــــتي وقعت عليها القوى الخمس على أن «خدمة الوطن تأتــــــي قبل مصلحــــة الأطراف» ودعت إلى «احــترام جميــــع الأطـــــياف الســـــياسية» وأعلـــــنوا عـــــزمهم عن تشكيل مكتب سياسي، مشددين أيضا ان ائتلافهم الجديد لا يعد بمثابة انـــــشقاق على المجلس الوطني وإنما بقصد تفعيل دعم العسكري للثوار داخل البلاد.

وضم الائتلاف كتلة التحرير والبناء التي يقودها نواف البشير، والحركة الوطنية للتغيير (ليبرالية)، والحركة من أجل الوطن (إسلامية) والكتلة الوطنية التركمانية، والحركة من أجل حياة جديدة (كردية).

ومع تواصل الانشقاقات ضمن المجلس الوطني وإعلان المنشقين أن الهدف من تحركهم هو عدم الرضا على ما أنجزه المجلس الوطني خلال الفترة الماضية، وأنهم ينطلقون لتشكيل القوى الجديدة لغاية تسليح الثوار، ظهرت تفسيرات تقول ان حالة الشقاق التي بدأت تطفو على السطح بين كوادر المجلس الوطني مردها أساس مالي ويأتي على خلفية تنافس هذه الكتل لتقديم نفسها على أنها السبيل الأفضل لتمرير التمويل اللازم من أجل شراء الأسلحة للثوار، خصوصا بعد تبني دول عربية علنا ومنها السعودية وقطر سياسة تسليح المعارضة السورية، وتم الترويج لهذا التفسير من قبل القوى الموالية للنظام السوري.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي