طلبة لـ «الراي»: كيف لنا التحصيل في ظل بيئة ملوثة؟... فليتحرك المعنيون

موقع الشويخ الجامعي... رائحة تزكم الأنوف

تصغير
تكبير
| كتبت وضحى سعد |

هل وصل الفساد إلى حد الاستهتار بصحة وعقول طلبة العلم وحاملي شعلة المعرفة؟ هل باتت صحة المواطنين آخر هموم الحكومات؟ لماذا دائما ننتظر أن تصل أزمة ما إلى درجة «الطفح» حتى نقرر أن نحلها ونبحث في أسبابها؟... مشكلة جون الكويت القريب من موقع الشويخ الجامعي خلف المنطقة الحرة عانى الإهمال حتى نزف، وتلوثت شواطئه بغازات ونفايات متعددة أثرت على الحياة البحرية، وشوهت

مظهرها حتى باتت أكثر المناطق تلوثا بعد أن كانت حاضنة طبيعية للأسماك، وما يحزن أن الجهات المعنية غير جادة في حل تلك الأزمة، فالميزانيات الضخمة تصرف لمشاريع تتوقف دون معرفة الأسباب، والأزمة في تزايد مستمر.

طلبة جامعة الكويت تساءلوا عن مصدر رائحة المجاري في موقع الشويخ الجامعي من أول يوم وطئت فيه أرجلهم الموقع... عيب في الإمدادات؟ ربما، تسرب من الأنابيب؟ قد يكون، خطأ في التصميم؟ يجوز، ولكنهم لم يخطر في بالهم لحظة واحدة أن يكون السبب هو جون الكويت الذي من المفترض أن يجلب لهم نسيم البحر العليل بدلا من تلك الرائحة التي تزكم الانوف.

لنر معا ما خلصت إليه «الراي» في هذا الشأن من الطلبة:

فاطمة أكبر من كلية العلوم الإدارية، تحدثت عن سوء اختيار موقع الجامعة فقالت «إنه قريب من الميناء الذي يحتاج إلى شاحنات والتي تمر على طول شارع الغزالي المؤدي إلى الجامعة وتعيق مرور الطلبة كما يصدر عنها دخان كثيف يؤثر بشكل سلبي على صحة الطلبة لدرجة أنني فكرت أن أرفع شكوى إلى الجهة المعنية حيث إنها كثيرا ما تسبب الحوادث المرورية»، وتساءلت: «كيف يتم تخصيص ممر للسيارات العادية والشاحنات في نفس الوقت؟، ما دور كل من وزارتي الأشغال والبيئة في هذا العبث بصحة وأمن الطلبة؟»، مشيرة إلى أن «موقع الشويخ الجامعي يعج برائحة المجاري المنتشرة في أكثر من موقع مما يضجرهم».

وبدورها، قالت بدور عدنان من كلية الآداب: «آتي إلى موقع الشويخ كثيرا حيث إنني لم أقدم على التخصص مما يعطيني مجالا لآخذ مواد مسبقة موجودة هناك، وقد لاحظت وجود رائحة المجاري التي تظهر واضحة في بعض الأيام وتقل في أيام أخرى، وتضايفني بشكل كبير وتفقدني القدرة على التركيز حتى الابتسامة»، مضيفة: «من حقنا كطلبة أن نعيش في بيئة صحية غير ملوثة بأبخرة وغازات سامة تؤثر على صحتنا ومستوانا التعليمي وتشكل واجهة سيئة لجامعة رائدة في الخليج كجامعة الكويت».

أما الطالب عبدالله الفلاح من كلية العلوم الاجتماعية فأعرب عن استيائه وزملائه من عيوب موقع الشويخ الجامعي، مبينا انه كان يتمنى ألا تظهر من الأساس، وفي مداخله من زميله عبدالله الخميس طالب وزير التربية بـ «التحرك لتلافي تلك المشاكل البيئية والالتفات إلى آثارها البيئية والصحية، وخصوصا أن صحة الطلبة ليست بالأمر اليسير، فكثير من الطلبة عانوا أزمات الربو نتيجة عدم تفعيل قانون منع التدخين في الحرم الجامعي وعدم وضع عقوبة رادعة للطالب الذي يتلف صحة الطلبة بتجاهله لأنظمة الجامعة وتدخينة المستمر في الأماكن المغلقة مثل الكافتيريا».

وبينما اتفق خالد الابراهيم مع زملائه حيث بين أن «الطلبة من حقهم معرفة مصدر الرائحة المنتشرة في موقع الشويخ الجامعي»، أكدت كوثر المتروك الطالبة بكلية العلوم الاجتماعية أنها تصاب بضيق في التنفس لاستنشاقها الهواء ملوث داخل الحرم الجامعي، مطالبة بضرورة «زيادة الزراعات العطرية كحل موقت لهذه المشكلة، لتكون الجامعة واجهة مشرفة للكويت كما انه يجب على الهيئة العامة للبيئة والجهات المعنية بالبيئة التنسيق مع إدارة الجامعة عبر الأساتذة والمتخصصين لحل تلك المشكلة بدلا من أن تتفاقم».

جون الكويت

بدوره، كشف رئيس قسم علوم الأرض في كلية العلوم والمدير السابق للهيئة العامة للبيئة الدكتور محمد الصرعاوي أن انتشار مادة كبريتيد الهيدروجين التي تتمثل في الغازات المنبعثة من مناهل الصرف الصحي يرجع إلى صرف كمية عالية من مياه المجاري غير المعالجة إلى البيئة البحرية من خلال مجرور الغزالي، مشيرا إلى أن هذه المادة عادة ما تنشط بسبب ركود التيارات البحرية وقلة الأمواج وإلى زيادة النسبة العالية من الطين الناعم، وهي تعتبر منطقة لا تتعرض للتيارات والأمواج العالية، بالإضافة إلى وجود مصادر أخرى كالصرف الصناعي من الوحدات غير القانونية في منطقة شويخ الصناعية وكثرت الزيوت التي تصب مباشرة من بعض ضعاف النفوس إلى شبكة المجاري.

ولفت الصرعاوي إلى أن مجرور الغزالي هو أسوأ مجرور في منطقة الخليج العربي ويصب مباشرة في جون الكويت فتصل كمية كبيرة من السوائل في الجون بحدود 500 إلى 700 متر مكعب يوميا، مشيرا إلى أن ملوثات أخرى كالناقلات النفطية والبواخر التجارية فضلا عن عملية تعميق الممرات المائية في جون الكويت والتي تحدث عكار الرسوبيات القاعية المحملة بالملوثات الكيميائية والتي تتسبب لاحقا بالعديد من المشاكل البيئية على المدى البعيد كما لها انعكاسات مدمرة على الكائنات البحرية.

غازات سامة

كما بين الصرعاوي أن معظم الغازات المنبعثة من المرادم أو من المياه الراكدة مثل غاز H2S و CH3 تعتبر من الغازات السامة الخطرة ولها تأثير على صحة الإنسان إذا تم استنشاقها فوق المعدلات المسموح بها وتسبب أيضا الإغماء والدوخة والحساسية المفرطة ولها انعكاسات سلبية عدة على صحة الإنسان كما أنها تؤدي إلى إصابة العين بالحساسية فضلا عن تقرحات الجلد.

وذكر أن بعض تلك الغازات تتفاعل مع مكونات عمود الهواء لا سيما في الرطوبة العالية والحرارة الشديدة ما يسهل تطاير غازات سامة وخطرة في الأجواء تدخل ضمن الهيدروكربونات العطرية وتسمى بالغازات الدفيئة وتسبب تغيرات مناخية على المدى البعيد.

وشدد الصرعاوي على أهمية التعاون الدولي والإقليمي من جميع الجهات المعنية بالبيئة وغيرها من الجهات الضابطة والمراقبة، مستشهدا باليابان التي ساهمت في حل تلك الأزمة موجها شكره لهم من خلال غرفة التجارة والصناعة الكويتية حيث ان العديد من المشاريع المهمة جمعت بينهم إلا أنها لم تستكمل.

تضافر الجهود

وعن الجهود المبذولة مع جامعة الكويت لحل تلك المعضلة قال «لقد تم بالفعل التنسيق مع جامعة الكويت من خلال عمل البحوث الميدانية المشتركة فضلا عن رسائل الماجستير التي أكدت جميعها شدة التلوث في كل من جون الصليبخات وجون الكويت، ولابد من عمل برنامج استراتيجي لتطبيق ما جاء من توصيات في تلك الأبحاث على المديين القريب والبعيد، ومنها زيادة الرقابة البيئية من قبل كل من الهيئة العامة للبيئة والهيئة العامة للصناعة وهيئة الزراعة، وتفعيل دور خفر السواحل والموانئ، ومعالجة مجرور الغزالي بصورة عاجلة وجذرية من خلال التحكم بنسب الملوثات وإطالة المجرور إلى المياه العميقة للحد من تزايد الملوثات، وبناء نوافير كبيرة والتحريك الصناعي للتيارات البحرية.

وكشف الصرعاوي أنه تم صرف ستة ملايين ونصف المليون دينار لمعالجة السفن الملوثة والغامرة خلال عام 2005.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي