| علي محمد الفيروز |
قفزت أسعار العقار في الأراضي الفلسطينية إلى مستويات قياسية في الآونة الاخيرة، مما أدى الى ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات في قطاع غزة بشكل كبير، فالمواطنون الذين يقطنون القطاع يرون أن البحث عن أسعار معقولة أصبح صعب المنال مقارنة بأسعار الأراضي في المدينة ومحيطها والتي تعاظمت بشكل كبير في العامين الماضيين، وربما يرجع ذلك إلى اقبال تجار الانفاق عليها بشكل لافت للنظر، ناهيك عن عدم المماطلة في الشراء المباشر، إذ إنهم يمكن أن يدفعوا مقابل أي قطعة أرض ثلاثة أضعاف المبلغ المطلوب بل ويستعجل في كتابة العقد ودفع المبلغ في غضون يومين! وهي كإحدى الوسائل التي يسلكها تجار الأنفاق لتبييض الأموال حسب رأي الخبراء الماليين والاقتصاديين، لاسيما في الأعوام الأربعة التي تلت اختطاف الجندي الإسرائيلي «جلعاد شاليط» في 25 يونيو (حزيران) 2006 وحتى أحداث أسطول الحرية في مايو «آيار» 2010م، وبالتالي أدى ارتفاع أسعار الأراضي في مدينة غزة الى عزوف شبه كامل في عملية بيع وشراء العقار لدى معظم السكان، وللتخلص من هذه المشكلة اتجه السكان للبحث عن أراض مناسبة في شمال ووسط وجنوب القطاع تحديداً، حيث ان الأسعار هناك أدنى بكثير من المدينة نفسها. وما يلفت النظر هنا ظهور تجار أو طبقة من الأثرياء في ساحة العقار وهم لم يكونوا أصلاً ضمن رجال الأعمال المصنفين أو التجار المعروفين في القطاع ولكن مهنة تجارة الأنفاق التي بدأت منذ القرار الإسرائيلي بفرض حصار خانق على القطاع بعد أسر الجندي شاليط وازدياد سيطرة حركة حماس على القطاع في يونيو 2007م جعلتهم يظهرون بشكل يلفت النظر ويثير استغراباً شديداً من خلال مظاهر عدة تدل على الثراء الفاحش بدءاً من امتلاكهم السيارات الفارهة وانتهاء بمنازلهم الفخمة الذي عكس ماضيهم، فهناك من كان عمله متواضعاً جداً ويعمل سائق سيارة أجرة ولكن مع اشتداد الحصار الإسرائيلي على القطاع جاءته فكرة حفر الأنفاق خصوصاً حين التعامل مع نفق يربط قطاع غزة مع رفح المصرية، وهي نقطة البداية التي غيّرت ظروف الكثيرين الى الأفضل، وبالأخص أصحاب الأنفاق الذين يتحكمون في عملية أسعار البضائع المهربة ورفعها الى أضعاف في فترة قياسية ما أدى الى تراكم ثرواتهم، وما ينطبق عليهم ينطبق على العشرات من أصحاب الأنفاق الآخرين، ويبلغ عددهم حالياً نحو 600 مليونير أو أكثر في القطاع وحده، وجميعهم يفضلون التوجه نحو الاستثمار في مجال العقار وشراء الأراضي الذي يعد إحدى عمليات تبييض الأموال بحيث يمكنهم ايداع أموالهم في البنوك بعد كل عملية بيع عقار بعد أن أصبحت مصادر هذه الأموال ذات صبغة شرعية وقانونية... وعلى الرغم من ضخامة هذه الأموال عند تجار الأنفاق في غزة إلا أن السلطة الفلسطينية مازالت عاجزة تماماً من عملية الاقتراض لتغطية عجزها المتراكم الذي يقدر بمليار ومئة مليون دولار، وتشير تقارير البنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي الى حاجة السلطة الفلسطينية إلى معونات طارئة هائلة وفورية لتجاوز أزمتها المالية بينما لم نجد أي معونة من هؤلاء التجار الذين تتراكم عليهم ثرواتهم يوماً بعد يوم من وراء حفر الأنفاق، ولم يعد بإمكان الحكومة الفلسطينية أن تقترض من البنوك لأنها ستكون في حالة خطر!!
ومن هنا طالب مسؤولو السلطة الدول المانحة أن تدفع مساعداتها للسلطة الفلسطينية بصفة عاجلة حتى تستطيع أن تيسر أمورها، تلك هي ضغوط سياسية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها وإسرائيل وأصدقائها من أجل أهداف معينة من ضمنها عرقلة جهود السلطة في الخطوات التصحيحية للأوضاع الراهنة في الملف الفلسطيني مثل التوجه للأمم المتحدة للمطالبة بحقوق الفلسطينيين وقبول خطوات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي بصمت، وأخيراً العودة الى طاولة المفاوضات بين الجانبين من دون شروط...
ولكل حادث حديث،،،
[email protected]