مفتاح خارطة الوجود



| بقلم: فاطمة إحسان صادق |
عندما يسقط البطل على أرضية المسرح و هو في غمرة انهماكه بتأدية دوره، و حتى عندما تكون تلك السقطة هي الأخيرة في عمر بطولاته، فهو ينال تصفيق الجمهور و هتافهم المتواصل. هكذا هم أصحاب البصمات الثابتة دوماً، تكون أدوارهم الرئيسية في الحياة في مطلع سلّم أولوياتهم بحيث لا يلحظ الناس الفرق بين تلك الأدوار و بينهم هم شخصياً، من شدة ارتباطهم بها و إخلاصهم في تأديتها على الوجه الأكمل. على الجانب الآخر هنالك من لا يزال يتابع سلسلة أدواره الطويلة ( المتواصلة أو المتقطعة ) على الخشبة نفسها، لكن لا أحد يأبه لوجوده أو عدمه لسبب واضح و هو غياب الأثر لهذا الدور في محيطه الاجتماعي و البيئي.
في صباح الثلاثاء من الأسبوع الماضي، بعد الحادية عشرة صباحاً كان خبر وفاة الدكتور أحمد الميّال أستاذ الجغرافيا قد صار حديث طلبة كلية العلوم الاجتماعية، وسط زخم مشاعر الصدمة و الحزن لاسيما من الطلبة الذين شهدوا وفاته أثناء قيامه بإلقاء المحاضرة عليهم، و بالرغم من عدم معرفتي الشخصية به إلا أن علمي لاحقاً بإصراره على إلقاء المحاضرة في ذلك اليوم بالرغم من اضطراب حالته الصحية، و شهادة طلبته له بالإنصاف معهم و حسن خلقه مع الجميع جعلني أزداد يقيناً بالفارق بين من وصفهم الشاعر بقوله ( قد مات قومٌ و ما ماتت مكارمهم ) و بين آخرين قال عنهم ( و عاش قومٌ و هم في الناس أمواتٌ).
هؤلاء الآخرون يتشبثون بمقاعدهم الوثيرة ؛ خوفاً من الانزلاق منها، يتخبطون بين الأحرف الهجائية المنفصلة قبل أسمائهم كالألف و الدال في محاولات هشة لإثبات الذات، ظناً منهم بأن التعنت و التصلّب في فرض الآراء و تقييد حريّات من يقعون في دائرة سُلطتهم تضيف إليهم أمجاداً إضافية، متناسين أن الأمجاد الحقيقية هي تلك التي تظل محفورة في قلوب الناس لتشهد لهم بها، حتى بعد أن تنساهم المقاعد الصّماء، و الوثائق الرّسمية التي بهرجت زيفهم بألوانها الصّاخبة ذات يوم.
لا تعريف واضحاً للحياة، فكل الكتب تقصُ علينا جزءاً أحادي الوجه منها، و كل الخرائط تدّعي بأن الحياة تقطن أرضها، دون أن يكون للصدق نصيبٌ في ادعائها، لكننا بشكلٍ أو بآخر ندرك الحياة بأرواحنا التي فُطِرت على حب الامتداد و الخلود، و نعرف أن الموت ليس إلا جسراً يوصلنا إلى الحياة السرمدية، و بالرغم من ذلك ننسى أحياناً أن نرسم معالم الصورة الحقيقية البرّاقة التي نود أن نكون عليها في الضفة الأخرى من الوجود.
@FatemaEhsan
عندما يسقط البطل على أرضية المسرح و هو في غمرة انهماكه بتأدية دوره، و حتى عندما تكون تلك السقطة هي الأخيرة في عمر بطولاته، فهو ينال تصفيق الجمهور و هتافهم المتواصل. هكذا هم أصحاب البصمات الثابتة دوماً، تكون أدوارهم الرئيسية في الحياة في مطلع سلّم أولوياتهم بحيث لا يلحظ الناس الفرق بين تلك الأدوار و بينهم هم شخصياً، من شدة ارتباطهم بها و إخلاصهم في تأديتها على الوجه الأكمل. على الجانب الآخر هنالك من لا يزال يتابع سلسلة أدواره الطويلة ( المتواصلة أو المتقطعة ) على الخشبة نفسها، لكن لا أحد يأبه لوجوده أو عدمه لسبب واضح و هو غياب الأثر لهذا الدور في محيطه الاجتماعي و البيئي.
في صباح الثلاثاء من الأسبوع الماضي، بعد الحادية عشرة صباحاً كان خبر وفاة الدكتور أحمد الميّال أستاذ الجغرافيا قد صار حديث طلبة كلية العلوم الاجتماعية، وسط زخم مشاعر الصدمة و الحزن لاسيما من الطلبة الذين شهدوا وفاته أثناء قيامه بإلقاء المحاضرة عليهم، و بالرغم من عدم معرفتي الشخصية به إلا أن علمي لاحقاً بإصراره على إلقاء المحاضرة في ذلك اليوم بالرغم من اضطراب حالته الصحية، و شهادة طلبته له بالإنصاف معهم و حسن خلقه مع الجميع جعلني أزداد يقيناً بالفارق بين من وصفهم الشاعر بقوله ( قد مات قومٌ و ما ماتت مكارمهم ) و بين آخرين قال عنهم ( و عاش قومٌ و هم في الناس أمواتٌ).
هؤلاء الآخرون يتشبثون بمقاعدهم الوثيرة ؛ خوفاً من الانزلاق منها، يتخبطون بين الأحرف الهجائية المنفصلة قبل أسمائهم كالألف و الدال في محاولات هشة لإثبات الذات، ظناً منهم بأن التعنت و التصلّب في فرض الآراء و تقييد حريّات من يقعون في دائرة سُلطتهم تضيف إليهم أمجاداً إضافية، متناسين أن الأمجاد الحقيقية هي تلك التي تظل محفورة في قلوب الناس لتشهد لهم بها، حتى بعد أن تنساهم المقاعد الصّماء، و الوثائق الرّسمية التي بهرجت زيفهم بألوانها الصّاخبة ذات يوم.
لا تعريف واضحاً للحياة، فكل الكتب تقصُ علينا جزءاً أحادي الوجه منها، و كل الخرائط تدّعي بأن الحياة تقطن أرضها، دون أن يكون للصدق نصيبٌ في ادعائها، لكننا بشكلٍ أو بآخر ندرك الحياة بأرواحنا التي فُطِرت على حب الامتداد و الخلود، و نعرف أن الموت ليس إلا جسراً يوصلنا إلى الحياة السرمدية، و بالرغم من ذلك ننسى أحياناً أن نرسم معالم الصورة الحقيقية البرّاقة التي نود أن نكون عليها في الضفة الأخرى من الوجود.
@FatemaEhsan