«مات ملك... ليعيش!»

تصغير
تكبير
| بقلم: زهراء اليتيم |

«مات ملك ليعيش الملك» لطالما ترددت على مسامعي هذه المقولة من معلمة التاريخ.

وكانت تشير لزمان الأسرة الملكية وكانت تشير في كيفية تنصيبهم لملك جديد يتولى أمور وشؤون البلاد، وإلغاء كافة شؤون ومهام الملك السابق دون أي سابق إنذار، بمعنى ان وجوده وعدمه واحد.

كما يدعون الحزب الجديد «عاوز كده»، ضحكت ساخرة حينها لأن الأسرة الملكية انتهى عصرها وعصر الأحزاب أيضا انتهى.

ولكنني اليوم بدأت فعلا أتفهم ما كانت تشير وترمي إليه حين تعلمت أول درس من دروس الحياة.

قالوها لي: «إللي يشتغل وإللي ما يشتغل أبدا ما من تقدير»، والعذر في ذلك كل واحد له حزب ينتمي له، تساءلت بعض الشيء هل فعلا الأمر بدأ ينجرف الى هذا المنحنى؟! في كافة مناحي الحياة العلمية والعملية وفق مقتضيات عصرنا والظروف التي نعيشها.ونجد أنفسنا نردد كلام الست أم كلثوم «لسه فاكر قلبي...».

المشكلة كمنت عندي حين بدأت في المطالعة لمسيرة بعض رجالات الدولة العظماء في المناحي العلمية والسياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.

في الأمس كانوا كالملوك، نجد أنفسنا ما بين الحين والآخر لا غنى عنهم نستفيد من علومهم ودراساتهم وأبحاثهم، وها نحن نجد اليوم منا من يقف ليردد له أغنية «فات الميعاد» لماذا؟

دهشت! بالفعل وهنا السؤال المتكرر في كل مقال لي وأريد الجواب الوافي على سلسلة من أمور بدأت بالفعل تدهشني!

أسرع وأبسط جواب وصلني لأي الأحزاب ينتمي؟ فإن لم يكن معنا فهو ضدنا. إذا ما نتعلمه أمر، والحياة تجرفنا لأمور أخرى، نتعلم في دراسة الاعلام على سبيل المثال لا الحصر كيفية نقل ما يجسده العظماء والأدباء والمتميزون من موروثات تفيد المجتمع وتعود بالنفع على عامة الشعب، سواء عبر نقل نظرياتهم و أخبارهم ومسيرتهم العظيمة، ونفاجأ أننا أكثر من يبتعد عنهم وعن قراءة ما يبدون من نظريات تفيدنا شخصيا ونقلها لمقارنتها بالأوضاع الراهنة بحجة ان السياسة العامة لوسيلة الإعلام الحالية التي نعمل بها، تقتضي منا التكلم في موضوعات والنهي عن موضوعات أخرى إذن كيف نقول (حرية الرأي مكفولة... إذا هي أحزاب).

من جانب آخر لا أعلم لماذا؟ بالأمس كان هو المعلم الأول الذي نستفيد منه لرسم سياسة مناهجنا في العلم والعمل، وحين تقلدنا درجة منصبه ها نحن نركن بجهودهم كافة خلف الأدراج، ونركز فقط على متطلبات ما ننتمي إليه من فكر وانتماء قبلي طائفي، إذا هي أحزاب.

رغبنا بالأمس تعلم كيفية كتابة التقارير والتعاميم من مسؤولينا واليوم نحرر التعاميم على الكافة دون اللجوء حتى لأخذ مشورة من يكبرنا خبرة وسنا في مجال العمل الذي نعمل فيه.

حجتنا الأولى «لو دامت لك لما اتصلت لغيرك» صح لا خلاف ولكن «لا تكن مغرورا فتندم ولا تكن واثقا فتصدم».

والشاهد بالشاهد يذكر حين كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر متقلدا منصبه كرئيس، اهتم بتولي شؤون الدولة من الناحية الثقافية والعلمية، فأتى ليخرج بعهده عظماء مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وطه حسين وإحسان عبد القدوس وغيرهم، سطروا لنا من منابع ثقافتهم العلوم والآداب، وها هي ذكراهم خالدة إلى يومنا هذا ولا يمكن الاستغناء عنها، أما في مجتمعنا الأمر بدا عكس ذلك، أخذ الاهتمام بالجانب الشكلي دون المضمون ها نحن نتذكرهم متى ما أردنا فقط أن نظهر الجانب الإعلامي الذي يبرزنا وينكر الآخر، لنقول اننا سباقون في رفع راية «مات ملك ليعيش الملك» فما المانع لو حاولنا بالفعل عدم نكران ما قدموا وما ينسب لهم من جهود، متشكرين ومتفضلين علينا كما كان للملوك من دور لنهضة البلاد.



إعلامية ونقابية سابقة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي