الشرطة والمستشفيات في حال تأهب استعداداً لـ «الأربعاء الأحمر المتوهج»
الإيرانيون يحتفون بـ «جهار شنبه سوري» بالقفز فوق النيران

لوحة من العهد الصفوي تصور احتفاء الإيرانيين بمهرجان الأربعاء

حاجي فيروز يرقص في أحد شوارع طهران






| طهران - من أحمد أمين |
في آخر ليلة أربعاء من السنة الفارسية، يحتفي الإيرانيون بما يُعرف باسم «جهار شنبه سوري» وتعني كلمة «جهار شنبه» (الأربعاء) فيما تعني كلمة «سوري» (المهرجان او الاحمر المتوهج)، وتصاحب هذه المناسبة سلسلة طقوس واحتفالات تستعمل فيها المفرقعات والألعاب النارية المحظورة والمرخصة على نطاق واسع، ما يضع المستشفيات وقوى الأمن الداخلي في حال تأهب قصوى لمعالجة المصابين واعتقال من يروجون للمفرقعات غير المرخصة التي تحول شوارع المدن لما يشبه ساحات الحروب.
وكل سنة وما ان يقترب موعد «جهار شنبه سوري» حتى تبدأ التحذيرات وتعلن الشرطة عن أرقام هواتف الطوارئ وتستعد المستشفيات لاستقبال المصابين وجلهم عادة من الأطفال والشباب.
وقد درج الإيرانيون منذ آلاف السنين على وداع آخر شمس في السنة الفارسية بإقامة الطقوس الخاصة بهذه الليلة وايقاد النيران في كومات كبيرة من الأشواك البرية، التي تحرص معظم العوائل على القفز من فوقها مع ترديد عبارة «صفرتي لك وحمرتك لي»، وهذا المهرجان يعد ايذانا بقدوم الربيع والاحتفاء بالسنة الإيرانية الجديدة التي تبدأ هذا العام في 20 مارس.
وبدأ حطابون بالتوافد على المناطق الصحراوية لحصد باقات من الأشواك وبيعها للسيارات المارة على الطرقات الخارجية، لكن الغالبية العظمى من المحتفين بهذه المناسبة يستخدمون جذوع الأشجار والأخشاب الفائضة على الحاجة لصعوبة الحصول على الأشواك.
وكان قدامى الإيرانيين لايضرمون النيران سوى بالاعشاب والأشواك البرية، التي اثبت العلم اخيرا ان الدخان المتصاعد منها يعمل كمضاد حيوي.
وللقفز فوق ألسنة اللهب طقوسه وآدابه ايضا، إذ يبدأ الأجداد والآباء بالقفز اولا ومن ثم يأتي دور الأبناء، وتجتمع العوائل لاداء هذه الطقوس بشكل مشترك، في اجواء يتخللها الرقص والدبكات على انغام الموسيقى والاغاني وتوزيع الشرابت والحلويات واطلاق الألعاب النارية وتفجير المفرقعات التي تعد حديثة العهد وقد دخلت على هذا المهرجان بعد انتصار الثورة الاسلامية العام 1979.
ويزخر الاحتفاء بهذه المناسبة، بالعديد من التقاليد الجميلة التي اندثر معظمها ولم يبق سوى القليل منها، وما بقي من تقاليد يمكن مشاهدته فقط في الارياف والقرى والمدن الصغيرة التي مازالت متمسكة بعاداتها وتقاليدها القديمة ولم تتأثر كثيرا بالمدنية.
ومن تلك التقاليد، تقوم العائلة بوضع قطع نقدية في جرة الماء الفخارية التي مضى على استخدامها عام واحد، ومن ثم رميها من خلف جدار البيت إلى الزقاق، وذلك لتحقيق امرين الاول هو التخلص من الجرة القديمة وابدالها بأخرى جديدة، والثاني ينطوي على تكافل اجتماعي ومساعدة الفقراء والمعوزين في توفير مستلزمات العيد لعوائلهم، ومن اللافت في الحالة الثانية ان الفقراء لايأخذون كل القطع النقدية المتناثرة في الزقاق لاجل توفير الفرصة لفقير آخر.
والبعض يعمد إلى وضع كمية من الفحم الأسود علامة على الحظ السيئ، وقليل من الملح لتذر في عين الحاسد وقطعة نقد لتنهي ضيق ذات اليد في الجرة الفخارية ويقوم كل فرد من أفراد العائلة بإدارة الجرة لمرة واحدة حول نفسه، ثم يلقيها الأخير بعيدا من سطح المنزل ويقول «أيها الألم والبلاء اذهب بعيدا عن هذا البيت»، ويظن كثيرون أن إلقاء الجرة بعيدا يذهب الحسد والعوز وقلة الحظ.
وللفتيات في هذه التقاليد الحظ الاوفر، ولاسيما اللاتي يبحثن عن الزواج، إذ تقتضي تقاليد هذه الليلة بأن تقوم الفتاة مع غروب الثلاثاء بالوقوف أمام سبعة بيوت وتطرق كأسا فارغة بواسطة ملعقة، وعلى صاحب البيت الذي يسمع طرق الفتاة أن يهدي لها شيئا، وقد تكون الهدية «أرز، أو حلوى أو قطعة نقدية»، وإذا نجحت الفتاة في ذلك تتحقق أمنيتها، وتسمى هذه الطريقة «قاشق زني» أي (الطرق بالملاعق).
ولتقليد «فال كوشي» (التفأل بالتنصت) حكايته ايضا، إذ عادة ماتقف الفتاة الباحثة عن الزواج أو أي شخص آخر يرغب بمعرفة ماتبيت له السنة الجديدة، خلف باب المنزل مع التنصت لاحاديث وكلام المارة، فاذا كانت الاحاديث متفائلة وتنطوي على ابعاد ايجابية، فمعنى ذلك ان العام الجديد سيحمل معه للمتنصت بشائر جيدة.
أما «شال انداختن» (رمي الشال)، فهو تقليد حصري بالصبيان، إذ يبادر الشاب المولع بالفتاة إلى اختبار حظه وما إذا كانت عائلة الفتاة توافق على اقترانه بها ام لا، وذلك من خلال الوقوف خلف جدار بيت الحبيبة ورمي احد طرفي الشال إلى داخل البيت فيما يمسك هو بالطرف الاخر للشال الذي يربطه بحبل يزيد طوله احيانا على 4 امتار، ويحصل بعد ذلك على اشارة فيقوم بسحب الشال ويفتح العقدة التي عملتها عائلة الفتاة في طرفه، فاذا وجد في العقدة حلويات فذلك يعني القبول به وبامكانه التقدم لخطبة الفتاة، واذا وجد مخللات او اي مادة حامضة او مالحة فانه سيصاب بالإحباط، لان المخللات تعد رسالة رفض لطلبه. ورمي الشال وفقا لمؤرخين إيرانيين لم يكن فقط بهدف الاقتران بل انه يعتبر ايضا وسيلة للتفأل فاذا وجد الشاب في العقدة رغيف خبز فذلك يعني النعمة، والحلويات تعني السعادة، والرمان يعني كثرة الأبناء، والجوز يعني طول العمر، والفستق والبندق يعني الصبر والثبات مقابل الازمات، والكشمش يرمز إلى سنة ممطرة ووفرة في المياه، واذا كان في العقدة قطعة فضية فذلك يعني الحظ الحسن.
وتحتفي الطوائف والقوميات الإيرانية كافة، باستثناء اتباع الديانة الزردوشتية، بمهرجان الأربعاء او الأربعاء الاحمر، ولاسيما القفز على السنة اللهب، ويرفض الزردوشتيون هذه التقاليد لكونهم يعتقدون بقدسية النار وان القفز فوقها يعتبر مهينا لقدسيتها ومكانتها في ديانتهم، وهم بالطبع يؤكدون في الوقت نفسه بأن ما يروج حول عبادتهم للنار هو خطأ ولا صحة له وإنما هم يحترمونها لكونها مصدرا للنور والحرارة والطهر.
ويستغل العشرات من الرجال الشباب والصبيان قدوم هذه الليلة التي تحمل تباشير السنة الجديدة، بارتداء الملابس والقبعات الحمراء وطلي وجوههم وايديهم باللون الاسود، مجسدين الشخصية الفارسية التاريخية المسماة «حاجي فيروز»، وعادة مايقرع احد الشباب على طبل يحمله في حين يقوم صديقه باداء حركات راقصة، وبهذه الطريقة يكسبون قوتهم في شوارع المدن.
ومنذ تأسيس النظام الإسلامي في العام 1979، حرص كبار مراجع التقليد وعلماء الدين على حض المواطنين للتخلي عن الاحتفاء بهذه الليلة، ومنهم من قال بأنها تسبب الفساد وتلحق الاضرار والبعض الآخر ذهب إلى القول بانها خرافة، واعتبرها آخرون انها من عمل الحمقاء، ومنهم من أعلن تحريمها، لكن مع ذلك فإن كثيرا من أفراد الشعب الإيراني مازالوا ينتظرون مناسبة «جهار شنبه سوري» على أحر من الجمر ويحرصون على توفير مستلزمات الاحتفاء بها.
في آخر ليلة أربعاء من السنة الفارسية، يحتفي الإيرانيون بما يُعرف باسم «جهار شنبه سوري» وتعني كلمة «جهار شنبه» (الأربعاء) فيما تعني كلمة «سوري» (المهرجان او الاحمر المتوهج)، وتصاحب هذه المناسبة سلسلة طقوس واحتفالات تستعمل فيها المفرقعات والألعاب النارية المحظورة والمرخصة على نطاق واسع، ما يضع المستشفيات وقوى الأمن الداخلي في حال تأهب قصوى لمعالجة المصابين واعتقال من يروجون للمفرقعات غير المرخصة التي تحول شوارع المدن لما يشبه ساحات الحروب.
وكل سنة وما ان يقترب موعد «جهار شنبه سوري» حتى تبدأ التحذيرات وتعلن الشرطة عن أرقام هواتف الطوارئ وتستعد المستشفيات لاستقبال المصابين وجلهم عادة من الأطفال والشباب.
وقد درج الإيرانيون منذ آلاف السنين على وداع آخر شمس في السنة الفارسية بإقامة الطقوس الخاصة بهذه الليلة وايقاد النيران في كومات كبيرة من الأشواك البرية، التي تحرص معظم العوائل على القفز من فوقها مع ترديد عبارة «صفرتي لك وحمرتك لي»، وهذا المهرجان يعد ايذانا بقدوم الربيع والاحتفاء بالسنة الإيرانية الجديدة التي تبدأ هذا العام في 20 مارس.
وبدأ حطابون بالتوافد على المناطق الصحراوية لحصد باقات من الأشواك وبيعها للسيارات المارة على الطرقات الخارجية، لكن الغالبية العظمى من المحتفين بهذه المناسبة يستخدمون جذوع الأشجار والأخشاب الفائضة على الحاجة لصعوبة الحصول على الأشواك.
وكان قدامى الإيرانيين لايضرمون النيران سوى بالاعشاب والأشواك البرية، التي اثبت العلم اخيرا ان الدخان المتصاعد منها يعمل كمضاد حيوي.
وللقفز فوق ألسنة اللهب طقوسه وآدابه ايضا، إذ يبدأ الأجداد والآباء بالقفز اولا ومن ثم يأتي دور الأبناء، وتجتمع العوائل لاداء هذه الطقوس بشكل مشترك، في اجواء يتخللها الرقص والدبكات على انغام الموسيقى والاغاني وتوزيع الشرابت والحلويات واطلاق الألعاب النارية وتفجير المفرقعات التي تعد حديثة العهد وقد دخلت على هذا المهرجان بعد انتصار الثورة الاسلامية العام 1979.
ويزخر الاحتفاء بهذه المناسبة، بالعديد من التقاليد الجميلة التي اندثر معظمها ولم يبق سوى القليل منها، وما بقي من تقاليد يمكن مشاهدته فقط في الارياف والقرى والمدن الصغيرة التي مازالت متمسكة بعاداتها وتقاليدها القديمة ولم تتأثر كثيرا بالمدنية.
ومن تلك التقاليد، تقوم العائلة بوضع قطع نقدية في جرة الماء الفخارية التي مضى على استخدامها عام واحد، ومن ثم رميها من خلف جدار البيت إلى الزقاق، وذلك لتحقيق امرين الاول هو التخلص من الجرة القديمة وابدالها بأخرى جديدة، والثاني ينطوي على تكافل اجتماعي ومساعدة الفقراء والمعوزين في توفير مستلزمات العيد لعوائلهم، ومن اللافت في الحالة الثانية ان الفقراء لايأخذون كل القطع النقدية المتناثرة في الزقاق لاجل توفير الفرصة لفقير آخر.
والبعض يعمد إلى وضع كمية من الفحم الأسود علامة على الحظ السيئ، وقليل من الملح لتذر في عين الحاسد وقطعة نقد لتنهي ضيق ذات اليد في الجرة الفخارية ويقوم كل فرد من أفراد العائلة بإدارة الجرة لمرة واحدة حول نفسه، ثم يلقيها الأخير بعيدا من سطح المنزل ويقول «أيها الألم والبلاء اذهب بعيدا عن هذا البيت»، ويظن كثيرون أن إلقاء الجرة بعيدا يذهب الحسد والعوز وقلة الحظ.
وللفتيات في هذه التقاليد الحظ الاوفر، ولاسيما اللاتي يبحثن عن الزواج، إذ تقتضي تقاليد هذه الليلة بأن تقوم الفتاة مع غروب الثلاثاء بالوقوف أمام سبعة بيوت وتطرق كأسا فارغة بواسطة ملعقة، وعلى صاحب البيت الذي يسمع طرق الفتاة أن يهدي لها شيئا، وقد تكون الهدية «أرز، أو حلوى أو قطعة نقدية»، وإذا نجحت الفتاة في ذلك تتحقق أمنيتها، وتسمى هذه الطريقة «قاشق زني» أي (الطرق بالملاعق).
ولتقليد «فال كوشي» (التفأل بالتنصت) حكايته ايضا، إذ عادة ماتقف الفتاة الباحثة عن الزواج أو أي شخص آخر يرغب بمعرفة ماتبيت له السنة الجديدة، خلف باب المنزل مع التنصت لاحاديث وكلام المارة، فاذا كانت الاحاديث متفائلة وتنطوي على ابعاد ايجابية، فمعنى ذلك ان العام الجديد سيحمل معه للمتنصت بشائر جيدة.
أما «شال انداختن» (رمي الشال)، فهو تقليد حصري بالصبيان، إذ يبادر الشاب المولع بالفتاة إلى اختبار حظه وما إذا كانت عائلة الفتاة توافق على اقترانه بها ام لا، وذلك من خلال الوقوف خلف جدار بيت الحبيبة ورمي احد طرفي الشال إلى داخل البيت فيما يمسك هو بالطرف الاخر للشال الذي يربطه بحبل يزيد طوله احيانا على 4 امتار، ويحصل بعد ذلك على اشارة فيقوم بسحب الشال ويفتح العقدة التي عملتها عائلة الفتاة في طرفه، فاذا وجد في العقدة حلويات فذلك يعني القبول به وبامكانه التقدم لخطبة الفتاة، واذا وجد مخللات او اي مادة حامضة او مالحة فانه سيصاب بالإحباط، لان المخللات تعد رسالة رفض لطلبه. ورمي الشال وفقا لمؤرخين إيرانيين لم يكن فقط بهدف الاقتران بل انه يعتبر ايضا وسيلة للتفأل فاذا وجد الشاب في العقدة رغيف خبز فذلك يعني النعمة، والحلويات تعني السعادة، والرمان يعني كثرة الأبناء، والجوز يعني طول العمر، والفستق والبندق يعني الصبر والثبات مقابل الازمات، والكشمش يرمز إلى سنة ممطرة ووفرة في المياه، واذا كان في العقدة قطعة فضية فذلك يعني الحظ الحسن.
وتحتفي الطوائف والقوميات الإيرانية كافة، باستثناء اتباع الديانة الزردوشتية، بمهرجان الأربعاء او الأربعاء الاحمر، ولاسيما القفز على السنة اللهب، ويرفض الزردوشتيون هذه التقاليد لكونهم يعتقدون بقدسية النار وان القفز فوقها يعتبر مهينا لقدسيتها ومكانتها في ديانتهم، وهم بالطبع يؤكدون في الوقت نفسه بأن ما يروج حول عبادتهم للنار هو خطأ ولا صحة له وإنما هم يحترمونها لكونها مصدرا للنور والحرارة والطهر.
ويستغل العشرات من الرجال الشباب والصبيان قدوم هذه الليلة التي تحمل تباشير السنة الجديدة، بارتداء الملابس والقبعات الحمراء وطلي وجوههم وايديهم باللون الاسود، مجسدين الشخصية الفارسية التاريخية المسماة «حاجي فيروز»، وعادة مايقرع احد الشباب على طبل يحمله في حين يقوم صديقه باداء حركات راقصة، وبهذه الطريقة يكسبون قوتهم في شوارع المدن.
ومنذ تأسيس النظام الإسلامي في العام 1979، حرص كبار مراجع التقليد وعلماء الدين على حض المواطنين للتخلي عن الاحتفاء بهذه الليلة، ومنهم من قال بأنها تسبب الفساد وتلحق الاضرار والبعض الآخر ذهب إلى القول بانها خرافة، واعتبرها آخرون انها من عمل الحمقاء، ومنهم من أعلن تحريمها، لكن مع ذلك فإن كثيرا من أفراد الشعب الإيراني مازالوا ينتظرون مناسبة «جهار شنبه سوري» على أحر من الجمر ويحرصون على توفير مستلزمات الاحتفاء بها.