بيــارق ورديــة

فاطمة احسان صادق


احسان صادق |$0
ليس للمرأة يوم، فنحن نحتفي بها كل يوم، ليس للأم يوم فنحن نكرمها كل يوم، وتتكرر الأسطوانة في كل مناسبة عالمية، لكن سؤالاً يطرح نفسه هنا،ألسنا نحتفي بالوطن كل يومٍ أيضاً، فلماذا نخصص يوماً في العام للاحتفال به؟ لا تتعلق المسألة بحصر قيمة ما نحتفل لأجله في يومٍ واحد، لكن كثرة ما يستدعي اهتمامنا يشتتنا عن الكثير مما ينبغي التأمل في قيمته، بالتالي يصبح تكريس يوم معين مجدياً لاعادة تقديرنا للأمور وللتزود بمعلومات اضافية حول القضايا العالمية المشتركة.$0
على الضفة الأخرى حال مناقضٌ تماماً حيث يأخذ البعض القضايا بصورة مختلفة عما هي عليه في الواقع، كما هو الحال في قضية المرأة التي يصادف اليوم العالمي لها الثامن من مارس من كل عام، فينادي البعض باسترجاع حقوق المرأة المسلوبة، وحين تسألهم ما هي تلك الحقوق على وجه التحديد؟ لا تلقى غير اجابات عائمة لا طائل منها، ان لم تكن تلك الحقوق معروفة فلماذا الحماس الزائد لأجلها؟ وان كانت ضرورية أليس من الواجب معرفتها بشكل جيد بدلاً من التخبط العشوائي في محاولة الوصول اليها؟$0
قضية المرأة في مجتمعاتنا ليست قضية منفصلة عن باقي قضاياه الانسانية، فالكثير مما تتعرض له المرأة من الظلم في دول العالم الثالث يشاركها الرجل فيه، وكلاهما في الواقع ضحية الموروثات البالية، التي يجدان التقيد بها واجباً يفرضه عليهما الواقع الاجتماعي أحياناً حتى لو لم تكن تتفق مع المنطق، لكن هذا بالطبع ليس مبرراً لاستمرار الانكماش تحت مظلة المجتمع بحجة الخوف من العواقب، فالواقع الانساني لا يتغير بمجرد اطلاق العنان للأمنيات، وانما بنشر الوعي وبذل التضحيات، مصداقاً لقوله تعالى « اِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ « [ الرعد : 11 ]، يجدر بالذكر أن ذلك كله لا يُلغي حقيقة كون المرأة هي الطرف الأكثر تضرراً والأقل نصيباً في حصولها على العدالة الاجتماعية، رغم ادعاءات من يقف معترضاً على مصطلح « حقوق المرأة « بحجة أن المرأة قد نالت أكثر من حقوقها أصلاً.$0
تعد الحقوق الاجتماعية للمرأة على رأس الأولويات التي ينتج عن الحصول عليها امكان استعادة بقية الحقوق الأخرى، فبمجرد أن تكون للمرأة صورة منصفة في المجتمع، تتمكن ببساطة من ممارسة دورها الحيوي في الميادين الحياتية المختلفة، ثقافية كانت أو سياسية أو مهنية، فالحق السياسي للمرأة على سبيل المثال لن تكون له قيمته اذا لم يتزامن مع تقدير المجتمع للمشاركة السياسية للمرأة بصفتها عنصر اثراء للعملية التنموية، أو على الأقل بالنظر اليها على أنها ليست أقل كفاءةً من الرجل في هذا المجال.$0
تغيرت لهجة الخطاب في السنوات الأخيرة من طرف المطالِبات من الاناث بحقوق المرأة، حيث غدت أكثر جديّة وتحاملاً من أي وقت سبق، ولعلّ السبب في ذلك هو تراكمات الظلم الاجتماعي على مر العصور ؛ مما أدى الى أحادية النظرة عندهن، بحيث صار الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن الواقع الاجتماعي الحالي، بالرغم من اختلاف ذلك عن الواقع الذي يقول بأن المرأة شريكة في التسبب باستمراره، فالمرأة هي أول من يقف في وجه المرأة عندما يرغب ابنها في الزواج من مطلقة على سبيل المثال، وهي من لا يقتنع بكفاءة المرأة في الشأن السياسي، فتمتنع عن مساندتها بالرغم من ضرورة ذلك لتحقيق الأهداف المشتركة لكليهما كنساء.$0
في عصرٍ تزايدت فيه الأعباء وتداخلت مع بعضها البعض، شاركت المرأة الرجل في تحمل الأعباء الاقتصادية، وشاركته سعيه لتنمية المجتمع ؛ حباً وكرامة، وكلها أعباء مُضافة الى مسؤوليتها الأولى في المنزل، ومن كمال الانصاف أن يشاركها الرجل في تحمله ولو لجزء من تلك الأعباء المنزلية والأسرية، فالعطاء اللا محدود يخلد في الأبدية عندما يقابله تقدير متبادل من الطرف الآخر، وهكذا تسير القاعدة « كُن لها علياً تكن لك فاطمة».$0
تظل سنة الحياة مبنية أبداً على الانسجام والتكامل، وهو ما لا يتحقق بمعاداة الآخر المختلف عنا - وانما بتوظيف اختلافه عنا في توكيله للقيام بالأدوار التي يجيدها بشكل أفضل منا، وهذا ما ينطبق تماماً على قضية حقوق المرأة ودورها في المجتمع، بحيث تصل اليها بفضل دعم الرجل لها، وكسب تأييده، دون أن تفقد هويتها وكيانها الخاص.$0
$0
جامعة الكويت - كلية العلوم الاجتماعية$0
@FatemaEhsan
ليس للمرأة يوم، فنحن نحتفي بها كل يوم، ليس للأم يوم فنحن نكرمها كل يوم، وتتكرر الأسطوانة في كل مناسبة عالمية، لكن سؤالاً يطرح نفسه هنا،ألسنا نحتفي بالوطن كل يومٍ أيضاً، فلماذا نخصص يوماً في العام للاحتفال به؟ لا تتعلق المسألة بحصر قيمة ما نحتفل لأجله في يومٍ واحد، لكن كثرة ما يستدعي اهتمامنا يشتتنا عن الكثير مما ينبغي التأمل في قيمته، بالتالي يصبح تكريس يوم معين مجدياً لاعادة تقديرنا للأمور وللتزود بمعلومات اضافية حول القضايا العالمية المشتركة.$0
على الضفة الأخرى حال مناقضٌ تماماً حيث يأخذ البعض القضايا بصورة مختلفة عما هي عليه في الواقع، كما هو الحال في قضية المرأة التي يصادف اليوم العالمي لها الثامن من مارس من كل عام، فينادي البعض باسترجاع حقوق المرأة المسلوبة، وحين تسألهم ما هي تلك الحقوق على وجه التحديد؟ لا تلقى غير اجابات عائمة لا طائل منها، ان لم تكن تلك الحقوق معروفة فلماذا الحماس الزائد لأجلها؟ وان كانت ضرورية أليس من الواجب معرفتها بشكل جيد بدلاً من التخبط العشوائي في محاولة الوصول اليها؟$0
قضية المرأة في مجتمعاتنا ليست قضية منفصلة عن باقي قضاياه الانسانية، فالكثير مما تتعرض له المرأة من الظلم في دول العالم الثالث يشاركها الرجل فيه، وكلاهما في الواقع ضحية الموروثات البالية، التي يجدان التقيد بها واجباً يفرضه عليهما الواقع الاجتماعي أحياناً حتى لو لم تكن تتفق مع المنطق، لكن هذا بالطبع ليس مبرراً لاستمرار الانكماش تحت مظلة المجتمع بحجة الخوف من العواقب، فالواقع الانساني لا يتغير بمجرد اطلاق العنان للأمنيات، وانما بنشر الوعي وبذل التضحيات، مصداقاً لقوله تعالى « اِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ « [ الرعد : 11 ]، يجدر بالذكر أن ذلك كله لا يُلغي حقيقة كون المرأة هي الطرف الأكثر تضرراً والأقل نصيباً في حصولها على العدالة الاجتماعية، رغم ادعاءات من يقف معترضاً على مصطلح « حقوق المرأة « بحجة أن المرأة قد نالت أكثر من حقوقها أصلاً.$0
تعد الحقوق الاجتماعية للمرأة على رأس الأولويات التي ينتج عن الحصول عليها امكان استعادة بقية الحقوق الأخرى، فبمجرد أن تكون للمرأة صورة منصفة في المجتمع، تتمكن ببساطة من ممارسة دورها الحيوي في الميادين الحياتية المختلفة، ثقافية كانت أو سياسية أو مهنية، فالحق السياسي للمرأة على سبيل المثال لن تكون له قيمته اذا لم يتزامن مع تقدير المجتمع للمشاركة السياسية للمرأة بصفتها عنصر اثراء للعملية التنموية، أو على الأقل بالنظر اليها على أنها ليست أقل كفاءةً من الرجل في هذا المجال.$0
تغيرت لهجة الخطاب في السنوات الأخيرة من طرف المطالِبات من الاناث بحقوق المرأة، حيث غدت أكثر جديّة وتحاملاً من أي وقت سبق، ولعلّ السبب في ذلك هو تراكمات الظلم الاجتماعي على مر العصور ؛ مما أدى الى أحادية النظرة عندهن، بحيث صار الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن الواقع الاجتماعي الحالي، بالرغم من اختلاف ذلك عن الواقع الذي يقول بأن المرأة شريكة في التسبب باستمراره، فالمرأة هي أول من يقف في وجه المرأة عندما يرغب ابنها في الزواج من مطلقة على سبيل المثال، وهي من لا يقتنع بكفاءة المرأة في الشأن السياسي، فتمتنع عن مساندتها بالرغم من ضرورة ذلك لتحقيق الأهداف المشتركة لكليهما كنساء.$0
في عصرٍ تزايدت فيه الأعباء وتداخلت مع بعضها البعض، شاركت المرأة الرجل في تحمل الأعباء الاقتصادية، وشاركته سعيه لتنمية المجتمع ؛ حباً وكرامة، وكلها أعباء مُضافة الى مسؤوليتها الأولى في المنزل، ومن كمال الانصاف أن يشاركها الرجل في تحمله ولو لجزء من تلك الأعباء المنزلية والأسرية، فالعطاء اللا محدود يخلد في الأبدية عندما يقابله تقدير متبادل من الطرف الآخر، وهكذا تسير القاعدة « كُن لها علياً تكن لك فاطمة».$0
تظل سنة الحياة مبنية أبداً على الانسجام والتكامل، وهو ما لا يتحقق بمعاداة الآخر المختلف عنا - وانما بتوظيف اختلافه عنا في توكيله للقيام بالأدوار التي يجيدها بشكل أفضل منا، وهذا ما ينطبق تماماً على قضية حقوق المرأة ودورها في المجتمع، بحيث تصل اليها بفضل دعم الرجل لها، وكسب تأييده، دون أن تفقد هويتها وكيانها الخاص.$0
$0
جامعة الكويت - كلية العلوم الاجتماعية$0
@FatemaEhsan