الأكثرية فقدت قدرتها على تأمين النصاب فطارت جلسة «المليارات» ... والحريري يعلن غداً وثيقة سياسية لـ «المستقبل»

لبنان في قلب «الإعصار» السوري وارتداداته من خلال النزوح البشري و «النزوح السياسي» لجنبلاط

تصغير
تكبير
| بيروت - «الراي» |

حضرت التداعيات العسكرية والسياسية والانسانية للأزمة السورية بقوة امس في المشهد اللبناني الذي توزعت اهتماماته بين الأكلاف السياسية والامنية والاجتماعية لـ «النزوح الجماعي» لسوريين مدنيين وعسكريين في اتجاه المناطق اللبنانية الحدودية، وبين «النزوح السياسي» للزعيم الدرزي وليد جنبلاط في اتجاه «14 آذار» على متن مجريات الازمة السورية عينها، هو الذي كان «لجأ» الى تخوم «8 آذار» يوم رجح قرار سورية و«حزب الله» بقلب الأكثرية البرلمانية لاقصاء زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري عن رئاسة الحكومة.

فمع ملامسة عدد النازحين السوريين عتبة العشرة آلاف شخص، تكبر «كرة النار» بين ايدي السلطات اللبنانية العالقة بين ضغوط النظام في سورية و«عتبه» الدائم على التراخي الحدودي وبين «عيون» المجتمع الدولي الذي يطالب لبنان وبالحاح بالتقيد بالاتفاقات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية اللاجئين، وهو الامر الذي اثار اسئلة بالغة الحساسية حول الموقف المحتمل للحكومة في ضوء تصدير الازمة السورية المزيد من «مظاهرها» الى لبنان الذي كلما «نأى بنفسه» طاردته شظايا الانفجار المتمادي في جواره.

اما في «النزوح» السياسي للنائب جنبلاط، فقد ادى اصطفافه مع قوى 14 آذار في ملف الانفاق الحكومي من خارج الموازنة الى تعريض الغالبية النيابية التي يشكّل «بيضة القبان فيها» (عشرة نواب) الى نكسة جديدة بعدما ظهرت امس «اكثرية مع وقف التنفيذ» اذ عجزت مجدداً عن تأمين نصاب الجلسة النيابية التي «رُحّلت» للمرة الثانية الى 15 مارس.

وبالمقاطعة «غير المفاجئة» و«المحسوبة» لجنبلاط ونواب 14 آذار لجلسة البرلمان يوم امس احتجاجاً على عدم ربط مسار قوننة الـ 8900 مليار ليرة (نحو 6 مليارات دولار) التي صرفتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2011 من خارج القاعدة الاثني عشرية بمسار الـ 11 مليار دولار التي أنفقتها حكومتا الرئيس فؤاد السنيورة بين 2006 و2009 في سلة تشريعية واحدة، يكون رئيس «جبهة النضال» قطع مسافة جديدة في «النأي بالنفس» عن قوى 8 آذار التي بدت مع نوابها الـ 59 الذين حضروا الى البرلمان (غاب اضافة اليهم 3 نواب) أكثرية «معلّقة».

ورغم ان جنبلاط حرص على استباق غيابه وكتلته عن الجلسة النيابية باعلان ان «ذلك لا يعني اننا لم نعد جزءا من الأكثرية الحاكمة»، عازياً موقفه الى عدم رغبته في المشاركة في اي مشروع غلبة من فريق على آخر وموضحاً «اننا شاركنا في انفاق الحكومات منذ عام 2006 ، وكذلك وزراء حركة أمل وحزب الله قبل ان يستقيلوا لاحقاً، ولا لزوم لنتذاكى على بعضنا البعض»، فان دوائر سياسية ترى ان موقع الزعيم الدرزي لا بد ان يترك تأثيراً على مستوى رفع منسوب التوتر داخل الحكومة وان كان لن يؤدي الى سقوطها، لافتة في الوقت نفسه الى ان جنبلاط بتموْضعه هذا يوحي انه لن يساهم في تأمين النصاب السياسي ولا النيابي في البرلمان لاي مشروع بوجه 14 آذار ما يجعله عملياً يؤمّن للمعارضة «نصاب الفيتو» الذي يُفقد قوى 8 آذار «أنيابها النيابية».

وكانت الجلسة البرلمانية «طارت» من دون ان تبدأ لمجرّد عدم اكتمال نصاب انعقادها (65 نائباً) بعدما اطاحها مسبقاً موقف جنبلاط ونواب 14 آذار. واستعيض عن هذه الجلسة بلقاءات جانبية كان ابرزها اجتماع في مكتب رئيس البرلمان نبيه بري جمعه الى رئيس الحكومة ورئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون ورئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد والنائب سليمان فرنجية والنائب طلال ارسلان في محاولة لحديد ملامح «الخطوة التالية».

ووسط مؤشرات الى ان مسار الانفاق من خارج الموازنة محكوم بـ «طريق مسدود» في ظل اصرار عون ومعه «حزب الله» ومن خلفهما بري على بت مسالة الـ 6 مليارات دولار اولاً ثم بحث الـ 11 مليار في لجنة وزارية - نيابية مع تقديم كل الكشوفات، حاول رئيس البرلمان «تعديل» المخرج الذي اقترحه من خلال ابداء مستشاره الوزير علي حسن خليل الاستعداد لاحالة ملف المليارات الـ 11 على لجنة المال والموازنة أو اللجان النيابية المشتركة اذا كان ثمة خوف من المماطلة، وهو ما تصر 14 آذار على رفضه.

وفي حين اعتبر رئيس الحكومة تعليقاً على تأجيل جلسة مجلس النواب ان «هذه هي الديمقراطية في لبنان»، داعياً لانتظار 15 مارس لمعرفة ما ستؤول اليه الأوضاع، هاجم العماد عون من مقر البرلمان نواب 14 آذار وقال: «اصلًا هم قدموا قانوناً معجلاً مكرراً، وأستغرب كيف قدموا القانون وهربوا من الجلسة».

وفي سياق متصل، ورغم اللقاء الذي عُقد اول من امس بينه وبين العماد عون مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، حضّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمانن قبيل مغادرته الى قطر، جميع المسؤولين والقوى السياسية على «وضع القواعد التي توصل الى حل مشكلة الانفاق المالي الذي جرى في غياب اقرار الموازنات السنوية كي تنتظم المالية العامة وفق مسارها القانوني، فتنطلق المؤسسات لاستكمال اعمالها بما فيه مصلحة الوطن والمواطن»، في موقف فُهم على انه دعوة الى التوافق.

على صعيد آخر، تنتظر الاوساط السياسية اطلالة للرئيس سعد الحريري غداً في اللقاء المرتقب في بيت الوسط، لاعلان وثيقة سياسية لـ «تيار المستقبل» بعنوان «تيار المستقبل وآفاق الربيع العربي».

وستتضمن الكلمة التي يلقيها الحريري عبر شاشة عملاقة دعوة مباشرة الى كل الافرقاء اللبنانيين لتحصين الداخل وعدم ربط مصير اي فريق لبناني بالخارج، وخصوصا بالنظام السوري. وتحت عنوان «الدولة اولاً» سيدعو «حزب الله» الى جعل سلاحه في امرة الدولة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي