جنبلاط «مُحرَج» وبري يعمل على «مخرج» والعين على... «حزب الله»

جلسة «المليارات اللبنانية» تُخضع الأكثرية والمعارضة لاختبار سياسي صعب

تصغير
تكبير
| بيروت ـ «الراي» |

على وقع العاصفة الثلجية الأقوى التي تضرب لبنان هذه السنة والتي «عانق» معها البساط الابيض السواحل والمرتفعات ابداء من علو 300 متر، انتظرت القوى السياسية عودة رئيس البرلمان نبيه بري امس، من زيارة لقبرص لاستئناف المساعي الآيلة الى إحلال تسوية سياسية ونيابية تجنّب مجلس النواب في جلسته الاثنين المقبل خوض مواجهة حادّة بين فريقيْ 8 و14 آذار من جهة وتوفّر على قوى الاكثرية من جهة اخرى مشهداً جديداً من عدم القدرة على تأمين «النصاب النيابي» اي على ممارسة غالبيتها في ملف الإنفاق الحكومي من خارج الموازنة.

وقالت مصادر مواكبة لهذه المساعي ان ثمة قوى عدة في فريقيْ الاكثرية والمعارضة ترغب في تجنّب المواجهة وتعوّل على دورٍ لبري في صوغ تفاهم يسبق الجلسة انطلاقاً من المعطيات الآتية:

أولاً: ان «كتلة المستقبل» (برئاسة فؤاد السنيورة) تقدّمت امس، باقتراح قانون معجّل يتضمن تسوية في «سلة واحدة» لكل ملف الانفاق المالي لحكومات الرؤساء السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، بما يشكل ورقة في يد بري، اذا مضى نحو استيلاد تسوية، بعدما قدم الاقتراح الاجوبة المطلوبة على اوجه انفاق الـ 11 مليار دولار العائدة لحكومتيْ السنيورة والذي يشكل جوهر الخلاف.

ثانياً: ان الوصول الى جلسة الاثنين من دون تسوية سيحرج أفرقاء أساسيين من بينهم بري الذي لا يرغب في تبديد دوره التوافقي الذي لعبه في الجلسة السابقة التي طار نصابها. كما ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يدفع بقوة نحو التسوية لانه لا يريد ان يخرج عن تحالفه من الاكثرية من جهة ولا اتخاذ موقف مناهض للمعارضة من جهة اخرى خصوصاً ان جنبلاط كان من ضمن حكومتيْ السنيورة (بين2005 و 2009).

هذا الواقع يرتدّ ايضاً على قوى الاكثرية الاخرى التي عليها ان تتحسب بعدم مماشاة جنبلاط لها في التصويت الاحادي، من جانب الاكثرية وحدها، على مشروع الانفاق العائد لحكومة ميقاتي وحده والمقدّر خلال سنة واحدة بنحو 6 مليارات دولار، بما لا يضمن لها الغالبية المطلوبة.

ثالثاً: يرغب ميقاتي تحديداً في إحلال هذه التسوية سعياً الى ترسيخ المناخ السياسي الهادىء الذي ساد بعد انتهاء الازمة الحكومية الاخيرة، لذلك، يمكن فهم الاعلانات المتكررة لوزير المال محمد الصفدي من ان الارقام العائدة لانفاق حكومتيْ السنيورة موجودة كلها في سجلات وزارة المال اي انها مفنّدة وموثّقة.

رابعاً: مع كل هذه المعطيات، لا يزال السؤال الاساسي المطروح هو عما اذا كان «حزب الله» يرغب بدوره في هذه التسوية ام سيأخذ جانب حليفه العماد ميشال عون في الدفع نحو تصويت من جانب واحد على مشروع تغطية إنفاق حكومة ميقاتي من خارج القاعدة الاثني عشرية ورفض دمج هذا المشروع بأي اقتراح عائد الى حكومتيْ السنيورة مع الاصرار على ان تتم قوننة إنفاق الـ 6 مليارات دولار على ان تشكل لجنة وزارية - نيابية لمناقشة سبل بت قضية الـ 11 مليار وتقديم كشوفات بكيفية الصرف.

وتقول الاوساط المواكبة ان اليومين المقبلين سيكونان حاسميْن في تظهير ملامح المشهد السياسي قبل انعقاد جلسة الاثنين علما انه سيتعين على بري هنا ان يقنع عون و»حزب الله» بأي تسوية ممكنة قبل الذهاب الى التصويت. وتضيف الاوساط انه في حال تم التوصل الى تسوية، على صعوبة هذا الاحتمال، فان الامر سيشكل تطوراً مهماً من شأنه ان يترك انعكاسات مريحة نظراً الى دلالته في تجميع إرادات سياسية مختلفة على تمتين واقع الاستقرار الداخلي في هذه المرحلة.

ولا تخفي الاوساط في المقابل حذرها من فشل جهود التسوية خصوصاً ان هذا الافتراض لا يزال الاقوى حتى الان، وفي حال استمراره سيفتح جلسة الاثنين على مبارزات ومفاجآت سلبية من شأنها ان تعيد اجواء الاحتقان بين فريقيْ 8 آذار و14 آذار وان تفتح مزيداً من التشنجات على ملفات عدة مترابطة سواء في الشأن المالي والاقتصادي وان في الخلفية السياسية التي تتحكم بهذه الخلافات.

وفي الفترة الفاصلة عن «اثنين المليارات»، سجّلت «جبهة» ميقاتي والعماد عون «توتراً جديداً»، وهذه المرة على محور الوزير الصفدي ووزير الطاقة جبران باسيل (صهر عون)، بلغ حدّ المبارزة «بالصوت العالي» خلال جلسة مجلس الوزراء اول من امس، على خلفية قرار وزير المال وقف العمل بسلفات الخزينة بدءاً من امس، الامر الذي رفضه وزير الطاقة والذي طلب تمرير بعض السلفات الى وزارته، واعترض على طريقة التعاطي معه والطلبات التي ارسلها الى وزارة المال، فرفض الصفدي هذه الاتهامات وقال موجهاً حديثه الى باسيل: «الطلبات من وزارتك تحتوي دائماً على خطأ»، فرد باسيل مؤكداً ان «هذا الامر غير صحيح»، فما كان من الصفدي ان رفع صوته داعياً الى «اقفال الحسابات كل يوم بيومه، لأن الوضع المالي لا يحتمل»، وقال قبل ان يتدخل ميقاتي لقفل هذا النقاش الحاد: «بدكن وزير غيري ابحثوا عن واحد، لا مشكلة عندي».

وربطت دوائر مراقبة بين هذا التطور وبين موقف الصفدي من ملف الإنفاق المالي من خارج الموازنة حيث كان دعا قبيل دخوله الجلسة الوزارية إلى تشريع آلية صرف مبلغ الـ 11 مليار دولار الذي أنفقته حكومتا السنيورة، ومن ثم إحالته إلى التدقيق، مشيراً إلى وجود مستندات في وزارة المال عائدة لعملية الصرف، وهذا ما يدحض وجهة نظر «الفريق العوني» الذي يعتبر أنه لا توجد كشوف بالحسابات.





باراغواناث: في لبنان حسّ

بالإفلات من العقاب



في «اول كلام» بالصوت والصورة للرئيس الجديد للمحكمة الخاصة بلبنان الذي كان خلف انطونيو كاسيزي بعد وفاته في اكتوبر الماضي، اعلن ديفيد باراغواناث ان «هناك مسؤولية كبيرة على عاتقنا لناحية معالجة شعور اللبنانين بوجود فلتان امني في لبنان نتيجة سلسلة اغتيالات بقيت بلا عقاب».

كلام باراغواناث جاء، فيما كانت بيروت تترقب تسلُّم القرارات الاتهامية في جريمة الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي (اغيتل في 21 يونيو 2005) ومحاولة اغتيال النائب مروان حماده (الاول من اكتوبر 2004) ومحاولة اغتيال الوزير السابق الياس المر (في 12 يوليو 2005) بعد المعلومات عن ان مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار (قبل تعيين خلفه نورمان فاريل) رفعها الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين للمصادقة عليها.

واوضح باراغواناث ان «اختصاص المحكمة الخاصة بلبنان هو النظر في جريمة 14 فبراير 2005 (اغتيال رفيق الحريري) التي تمثل حدثاً رئيسياً ومن اختصاصاتها الاخرى الجرائم الممتدة من الأول من اكتوبر 2004 الى 12 ديسمبر 2005 (اغتيال النائب جبران تويني)». وقال: «اذا تبينّ ان أياً من هذه الجرائم متلازمة مع جريمة 14 فبراير تكون المحكمة مختصة بالنظر فيها، وخلص قاضي الاجراءات التمهيدية حتى الآن الى وجود ثلاثة قضايا متلازمة بصورة اولية هي جورج حاوي مروان حماده والياس المر، اي ان الادلة في حال قبولها كافية كي تقرر المحكمة من دون اي شك معقول ان فرداً متهَماً مسؤول عن هذا الاعتداء». واضاف: «اما الاحداث التي وقعت بعد 12 ديمسبر 2005، فالمحكمة ليست صاحبة الاختصاص للنظر فيها ما لم يوافق على ذلك كل من لبنان والامم المتحدة ثم مجلس الامن».

واذ لفت الى ان غاية المحكمة الدولية «المساهمة في سيادة القانون في لبنان»، اكد «ان مهمتنا الرئيسية معالجة القضايا المرفوعة امامنا بإنصاف»، مشيراً الى «ان الاحداث التي شهدها لبنان ناتجة عن حس بالافلات من العقاب اثر وقوع سلسلة اغتيالات بقيت من دون عقاب».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي