الأجوبة المفيدة / عن أسئلة العقيدة

الدكتور وليد العلي





زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان، يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.
وللتواصل على (تويتر) @drwaleed _ alali او ايميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)
الفرج بعد الشدة
في ذكرى التحرير (2- 2)
أيها المكرب أيها المحزون: اياك اياك ان يفتر لسانك من دعوة ذي النون، فإنها كلمات تنشرح بها الصدور وتقر بها العيون، فقد اخرج احمد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «مررت بعثمان بن عفان رضي الله عنه في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يرد عليّ السلام، فأتيت امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت: يا امير المؤمنين هل حدث في الاسلام شيء؟ هل حدث في الاسلام شيء؟ فقال عمر: لا، وماذاك؟ فقال سعد لا، إلا اني مررت بعثمان آنفا في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يرد عليّ السلام، فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك ألا تكون رددت على اخيك السلام؟ فقال عثمان: ما فعلت. فقال سعد: بلى، حتى حلف وحلفت، ثم ان عثمان ذكر فقال: بلى، واستغفر الله واتوب اليه، انك مررت بي آنفا وانا احدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة: فقال سعد: فأنا انبئك بها، ان رسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا اول دعوة، ثم جاء اعرابي فشغله، حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما اشفقت ان يسبقني الى منزله، ضربت بقدمي الارض، فالتفت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا، ابو اسحق؟ فقال سعد: نعم يا رسول الله، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: فحه؟ فقال سعد: لا والله، إلا انك ذكرت لنا اول دعوة ثم جاء هذا الاعرابي فشغلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم دعوة ذي النون اذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له).
ومن عبق آل بيت النبوة الاطهار اسوق لكم هذا الخبر من الاخبار، فقد حج الخليفة ابو جعفر المنصور سنة سبع واربعين ومئة، فقدم المدينة فقال لحاجبه ابي الفضل الربيع بن يونس: ابعث الى جعفر بن محمد من يأتينا به تعبا، قتلني الله ان لم اقتله، فتغافل عنه الربيع لينساه، ثم اعاد ذكره للربيع، وقال ارسل اليه من يأتي به متعبا، فتشاغل عنه، ثم ارسل ابو جعفر إلى الربيع برسالة قبيحة في جعفر، وامره ان يبعث اليه، ففعل الربيع، فلما اتاه جعفر الصادق، قال له الربيع: يا ابا عبدالله، اذكر الله، فإنه قد ارسل اليك التي لا سوى لها - يعني: القتل - فقال جعفر لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم اعلم الربيع ابا جعفر حضور جعفر فلما دخل جعفر الصادق على أبي جعفر المنصور اوعده، وقال: اي عدو الله، اتخذك اهل العراق اماما يجبون اليك زكاة اموالهم، وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل؟ قتلني الله ان لم اقتلك فقال جعفر الصادق: يا امير المؤمنين ان سليمان اعطى فشكر، وان ايوب ابتلي فصبر، وان يوسف ظلم فغفر، وانت من ذلك السنخ - اي من ذلك الأصل الكريم - فقال المنصور للصادق، الي وعندي ابا عبدالله البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم افضل ما جزى ذوي الارحام عن ارحامهم، ثم تناول ابو جعفر يد جعفر فأجلسه معه على فراشه، ثم قال علي: بالمنجفة - وهو الوعاء الواسع - فأتي بدهن فيه غالية - وهو الطيب - فغلفه بيد جعفر حتى خلت لحيته قاطرة ثم قال ابوجعفر: في حفظ الله وفي كلاءته، ثم قال: يا ربيع الحق ابا عبدالله جائزته وكسوته، وقال: انصرف ابا عبدالله في حفظ الله وفي كنفه، قال الربيع: فانصرف جعفر ولحقته فقلت له: اني قد رأيت قبل ذلك ما لم تره، ورأيت بعد ذلك ما قدر رأيت، وقد رأيت تحرك شفتيك فما الذي قلت يا ابا عبدالله حين دخلت؟ فقال جعفر الصادق قلت: اللهم احرسني بعينك التي لاتنام واكنفني بركنك الذي لايرام، واغفر لي بقدرتك عليّ، لا اهلك وانت رجائي، رب كم من نعمة انعمت بها عليّ قل لك عندها شكري؟ وكم من بلية ابتليتني بها قل عندها صبري؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بلائه صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي ابدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى عددا، اسألك ان تصلي على محمد وعلى آل محمد ابدا، اللهم انك اكبر واجل ممن اخاف واحذر، اللهم بك ادفع في نحره، واستعيذ بك من شره، اللهم اعني على ديني بالدنيا، واعني على آخرتي بالتقوى واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني الى نفسي في ما حضرته، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك واعطني ما لا ينقصك انك انت الوهاب، اسألك فرجا قريبا، وصبرا جميلا، ورزقا واسعا، والعافية من جميع البلاء، وشكر العافية).
ومما في حكم الشعر في تفريج الشدائد والمصائب: ما اثر عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه في قوله:
اذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها
ولا اغني بحيلته الأريب
اتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات اذا تناهت
فموصول بها المفرج القريب
واننا ولاشك نستذكر في مثل هذه الايام من كل عام، ما افاضه الله علينا من الاكرام والانعام، حيث فرج شدتنا واذهب عنا الاحزان والآلام، وحررنا من قبضة اهل البطش والإجرام.
فلنقدر لهذه النعمة قدرها فهي لعمر الله من آلائه العظام، فقد تأذن الله لمن شكر بالزيادة والتمام، فطوبى لعبد آمن بالله وعمل صالحا ثم استقام، فأطاع الله وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم ومن تأمر عليه من امام، فإن التفاف الرعية حول الراعي بالحب والوئام، مع اجتماع الكلمة ووحدة الصف والالتئام: خير عدة تقابل الامة بها كيد اعدائها اللئام.
اللهم آمنا في الوطن، وادفع عنا الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن.
وللتواصل على (تويتر) @drwaleed _ alali او ايميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)
الفرج بعد الشدة
في ذكرى التحرير (2- 2)
أيها المكرب أيها المحزون: اياك اياك ان يفتر لسانك من دعوة ذي النون، فإنها كلمات تنشرح بها الصدور وتقر بها العيون، فقد اخرج احمد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «مررت بعثمان بن عفان رضي الله عنه في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يرد عليّ السلام، فأتيت امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت: يا امير المؤمنين هل حدث في الاسلام شيء؟ هل حدث في الاسلام شيء؟ فقال عمر: لا، وماذاك؟ فقال سعد لا، إلا اني مررت بعثمان آنفا في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يرد عليّ السلام، فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك ألا تكون رددت على اخيك السلام؟ فقال عثمان: ما فعلت. فقال سعد: بلى، حتى حلف وحلفت، ثم ان عثمان ذكر فقال: بلى، واستغفر الله واتوب اليه، انك مررت بي آنفا وانا احدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة: فقال سعد: فأنا انبئك بها، ان رسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا اول دعوة، ثم جاء اعرابي فشغله، حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما اشفقت ان يسبقني الى منزله، ضربت بقدمي الارض، فالتفت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا، ابو اسحق؟ فقال سعد: نعم يا رسول الله، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: فحه؟ فقال سعد: لا والله، إلا انك ذكرت لنا اول دعوة ثم جاء هذا الاعرابي فشغلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم دعوة ذي النون اذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له).
ومن عبق آل بيت النبوة الاطهار اسوق لكم هذا الخبر من الاخبار، فقد حج الخليفة ابو جعفر المنصور سنة سبع واربعين ومئة، فقدم المدينة فقال لحاجبه ابي الفضل الربيع بن يونس: ابعث الى جعفر بن محمد من يأتينا به تعبا، قتلني الله ان لم اقتله، فتغافل عنه الربيع لينساه، ثم اعاد ذكره للربيع، وقال ارسل اليه من يأتي به متعبا، فتشاغل عنه، ثم ارسل ابو جعفر إلى الربيع برسالة قبيحة في جعفر، وامره ان يبعث اليه، ففعل الربيع، فلما اتاه جعفر الصادق، قال له الربيع: يا ابا عبدالله، اذكر الله، فإنه قد ارسل اليك التي لا سوى لها - يعني: القتل - فقال جعفر لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم اعلم الربيع ابا جعفر حضور جعفر فلما دخل جعفر الصادق على أبي جعفر المنصور اوعده، وقال: اي عدو الله، اتخذك اهل العراق اماما يجبون اليك زكاة اموالهم، وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل؟ قتلني الله ان لم اقتلك فقال جعفر الصادق: يا امير المؤمنين ان سليمان اعطى فشكر، وان ايوب ابتلي فصبر، وان يوسف ظلم فغفر، وانت من ذلك السنخ - اي من ذلك الأصل الكريم - فقال المنصور للصادق، الي وعندي ابا عبدالله البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم افضل ما جزى ذوي الارحام عن ارحامهم، ثم تناول ابو جعفر يد جعفر فأجلسه معه على فراشه، ثم قال علي: بالمنجفة - وهو الوعاء الواسع - فأتي بدهن فيه غالية - وهو الطيب - فغلفه بيد جعفر حتى خلت لحيته قاطرة ثم قال ابوجعفر: في حفظ الله وفي كلاءته، ثم قال: يا ربيع الحق ابا عبدالله جائزته وكسوته، وقال: انصرف ابا عبدالله في حفظ الله وفي كنفه، قال الربيع: فانصرف جعفر ولحقته فقلت له: اني قد رأيت قبل ذلك ما لم تره، ورأيت بعد ذلك ما قدر رأيت، وقد رأيت تحرك شفتيك فما الذي قلت يا ابا عبدالله حين دخلت؟ فقال جعفر الصادق قلت: اللهم احرسني بعينك التي لاتنام واكنفني بركنك الذي لايرام، واغفر لي بقدرتك عليّ، لا اهلك وانت رجائي، رب كم من نعمة انعمت بها عليّ قل لك عندها شكري؟ وكم من بلية ابتليتني بها قل عندها صبري؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بلائه صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي ابدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى عددا، اسألك ان تصلي على محمد وعلى آل محمد ابدا، اللهم انك اكبر واجل ممن اخاف واحذر، اللهم بك ادفع في نحره، واستعيذ بك من شره، اللهم اعني على ديني بالدنيا، واعني على آخرتي بالتقوى واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني الى نفسي في ما حضرته، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك واعطني ما لا ينقصك انك انت الوهاب، اسألك فرجا قريبا، وصبرا جميلا، ورزقا واسعا، والعافية من جميع البلاء، وشكر العافية).
ومما في حكم الشعر في تفريج الشدائد والمصائب: ما اثر عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه في قوله:
اذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها
ولا اغني بحيلته الأريب
اتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات اذا تناهت
فموصول بها المفرج القريب
واننا ولاشك نستذكر في مثل هذه الايام من كل عام، ما افاضه الله علينا من الاكرام والانعام، حيث فرج شدتنا واذهب عنا الاحزان والآلام، وحررنا من قبضة اهل البطش والإجرام.
فلنقدر لهذه النعمة قدرها فهي لعمر الله من آلائه العظام، فقد تأذن الله لمن شكر بالزيادة والتمام، فطوبى لعبد آمن بالله وعمل صالحا ثم استقام، فأطاع الله وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم ومن تأمر عليه من امام، فإن التفاف الرعية حول الراعي بالحب والوئام، مع اجتماع الكلمة ووحدة الصف والالتئام: خير عدة تقابل الامة بها كيد اعدائها اللئام.
اللهم آمنا في الوطن، وادفع عنا الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن.