كمال علي الخرس / انتخابات وبدون وفرعيات

تصغير
تكبير
البلاد على أعتاب انتخابات جديدة، بعد مخاض سياسي كبير نتج عنه حل مجلس الامة وتعيين رئيس حكومة جديد. ومع الانتخابات الجديدة برزت عناوين كثيرة وقضايا قديمة جديدة من أهمها قضيتا الانتخابات الفرعية أو ما يسميها البعض التشاورية وقضية البدون.

بروز هاتين القضيتين يؤكد ان حل المشكلة في الكويت ليس في تغيير حكومة ورئيسها فقط أو في حل البرلمان وانتخاب اعضاء جدد، لكنه يؤكد على أن التغيير للأفضل يأتي من توجه ومنهج جديد مؤمل من الحكومة المستقبلية والمجلس المنتخب المقبل. تكرر الانتخابات الفرعية يؤكد على مشكلة قصور في الأداء من قبل مجاميع الناخبين ونواب المستقبل، ولا يمكن القاء اللوم على الحكومة وحدها في موضوع الفرعيات، وان كان لها دور سابق في تجاهله عمدا حتى تفاقم وتضخم، لكن لا يمكن محاكمة الحكومة الحالية بأثر رجعي، والحل هو بيد الشعب. ان سيف القانون الصارم لا يحل مشكلة صناديق الفرعيات، فقد ترى عين القانون مجموعة تجتمع في ديوانية أو شاليه أو خيمة وتقوم برصد عدد الصناديق وأوراق الاقتراع الداخلي وأسماء المشاركين، لكنها لا تستطيع رصد القلوب والضمائر. والفرعيات ليست موضوع قانون وصناديق ولكن موضوع قلوب وضمائر قبل ذلك، قلوب وضمائر تجتمع لاختيار الصالح لخدمة الناس والوطن وقول الكلمة الصادقة والبناءة ونصرة أي انسان مظلوم.

الآلاف اجتمعوا في ساحة الإرادة طلبا للتغيير والتجديد للأفضل، وان اختلف البعض مع بعض أساليبهم إلا ان فيهم الكثير خصوصا من الشباب ممن يسعى نحو التغيير للأفضل، والأفضل لا يكون بالتكتل نحو الدم، فالدم عزيز لكن قد يكون من بين من هم أبعد بالدم والقرابة العائلية من هو أصلح لكنه لا يملك أكثرية الدم، فمن الاجحاف للإنسان الكفؤ ومن الاجحاف للبلد والناس حرمان الأكفأ لان ليس له غالبية في الرحم. لقد تم تطوير الفرعية وتسميتها تشاورية، فرعية كانت أم تشاورية، فليتم التشاور لاختيار الأفضل من أبناء الدائرة وليس الأقرب رحما، مرة أخرى الرحم عزيز لكن الموضوع سياسيا يخص أرضا وشعبا بأكمله، وعنوان الأرض والشعب أشمل من موضوع القرابة بالرحم.

موضوع آخر أطل برأسه مجددا مع الانتخابات، وبروزه الآن يبين فشل المجالس السابقة والحكومات المتعاقبة في معالجة هذا الملف وهو قضية البدون. أي فشل هو وأي عار! وعشرات الآلاف يعيشون في أرض ولدوا فيها وترعرعوا وقد جاؤوا اليها ليس من كوكب آخر بل من الجوار الملاصق للكويت وهم ما زالوا محرومين من حقوق المواطنة بشكل مجحف. لماذا يكون قانون الجنسية سيفا صارما أمام هؤلاء ومطاطيا وناعما أمام آخرين؟! أليست العدالة هي ركيزة استقرار الاوطان؟ لماذا يعيش في أرض طيبة كريمة تفوح منها كل رائحة عطرة أناس منكسرون ولدوا فيها وعشقوها وتشربت بشرتهم بلون ترابها، وأراضي الدنيا تستقبلهم بالشرق والغرب ويحرمون من مسقط رأسهم؟

يذهبون الى دول وشعوب بعيدة عنهم وعن سماتهم غريبة، فيتم استقبالهم واسكانهم وتجنيسهم بعد فترة محددة ومحدودة، وفي أرضهم التي ولدوا فيها يقف أمامهم نواطير العنصرية ليقيسوا لهم كل يوم ثوب ولاء مفصلا حسب مقاس نفسيتهم الضيقة.

تتردد كلمة بدون وكلمة فرعية في الانتخابات الحالية، لتذكر الجميع بأن تغيير رئيس حكومة وانتخاب مجلس جديد لا ينزل موائد الخير من السماء، الخير يأتي مع رغبة صادقة وواعية من الجميع بمحاربة الرغبات الضيقة، والله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.



كمال علي الخرس

كاتب كويتي

kakmr@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي