عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / ناخب بـ 350 فلساً !

تصغير
تكبير
لما فسدت أخلاق الناس، وطغى حب المال، انتشرت بين الناس جريمة. هي علامة على عظم الخيانة ونقص الديانة، ضُيعت بسببها الحقوق، وأُهين فيها الكريم، ورُفع بها اللئيم، ألا وهي الرشوة.

تذهب لإنجاز معاملة فتُعطل، ثم تسمع التلميح وأحيانا الجرأة في التصريح بأنها لن تنجز إلا بالمبلغ الفلاني، أصبح الناس يشتكون من سعة ذمة البعض في أخذ الرشوة دون تحرج، حتى دخلت الرشوة في المدارس والجمعيات التعاونية والوزارات وبعض المؤسسات التي سنقع تحت طائلة القانون إن ذكرنا اسمها.

من يعمل في أي وزارة أو مؤسسة، فليعلم بأنه موظف وجب عليه أداء العمل دون منة أو تفضل، ولا يحق له أخذ شيء من الناس. استعمل الرسول عليه الصلاة والسلام رجلا لجمع الزكاة، فلما أتى قسّم المال إلى جزأين وقال هذا لكم وهذا لي، فغضب عليه الصلاة والسلام وقال: ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فلينظر أيهدى إليه أم لا؟

لقد حاول البعض تهوين أمر الرشوة فأعطاها مسميات جديدة: هدية، إكرامية، أتعاب، أجر خدمات، تسهيل معاملة، عشان خاطرك....، إلا أنها في النهاية تبقى رشوة وإن تعددت مظاهرها أو تبدلت مسمياتها. نُقل عن علي بن أبي طالب قوله: يأتي على الناس زمان يُستحل فيه السحت بالهدية.

من أخطر المواقع التي قد تدخل لها الرشوة المؤسسة الدينية والقضائية، فقد يفتي العالم بخلاف ما يعلم إرضاء لحاكم أو تقربا لمسؤول، فيكون ممن باع دينه بعرض من الدنيا قليل، وخير شاهد الفتاوى التي يصدرها بعض مشايخ الشام دعما لنظام البطش في سورية، كما قد تصدر أحكام لا يتحقق فيها العدالة، وتهدر فيها حقوق الناس نتيجة لمنافع شخصية.

وكنت إذا خاصمت خصما كببته... على الوجه حتى خاصمتني الدراهم

فلما نازعتني الحكومة غُلبت... علي وقالت قم فإنك ظالم

هذه الأيام (فترة الانتخابات) هي مرتع خصب لضعاف النفوس الذين تهفو قلوبهم لكسب المال ولو من الرشوة، وقد تُقدم بصور مختلفة: مال، رحلة سفر، سيارة، مصاريف علاج، حقائب نسائية...، مقابل الحصول على الصوت الانتخابي، وأقول لمن باع ضميره أو له نية لبيع صوته تذكّر ثلاثة أمور، أولها أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لعن الراشي والمرتشي، وثانيها أن هذه صورة من صور التعاون على الإثم والعدوان، وثالثها أن كل سكوت عن الحق، أو نصرة للفساد يقوم بها النائب الراشي خلال فترة وجوده في المجلس سيلحقك إثمها، لأنك سبب في وصوله لهذا المنصب.

إن الناخب الذي يبيع صوته بـ 500 دينار، ليعلم أن قيمته أقل من 350 فلسا في اليوم، لأننا إذا ضربنا عدد أيام السنة وهي 365 يوماً في أربع سنوات، ثم قسمنا الخمسمائة دينار على عدد أيام السنوات الأربع وهي المدة التي سيقضيها النائب في المجلس كان الناتج 342 فلسا في اليوم، فكم أنت رخيص أيها الناخب.



رسالتي

كل إنسان يوم القيامة سيسأل عن أربعة أشياء ومنها عن ماله من أين اكتسبه وفي أي شيء أنفقه، فمن علم أنه مسؤول فليعد لهذا السؤال جوابا، وليحرص على أن يكون الجواب صوابا.



عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Twitter : @abdulaziz2002

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي