محمد دحلان لـ «الراي»: منظمة التحرير أخطأت عندما سمحت لـ «حماس» بدخول الانتخابات






كشف عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة «فتح» محمد دحلان أنه تقدم أخيراً بمبادرة لتحريك العلاقة بين السلطة الفلسطينية من جهة وحركة «حماس» من جهة أخرى، مؤداها التراجع عن الانقلاب العسكري في غزة وتسليم مؤسسات السلطة بصورة انتقالية الى هيئة العمل الوطني المكونة من جميع قوى وفصائل الشعب الفلسطيني، منوهاً الى أن حركة «حماس» رفضتها، لأنها تريد الاستئثار بالسلطة الوهمية ولا تقوى على الاعتذار للشعب الفلسطيني.
وخاطب دحلان، في حواره مع «الراي» بالقاهرة، حركة «حماس» بالقول: «ان الباب لا يزال مفتوحاً أمامها للاستجابة للمبادرة. ونحن نراهن على ما تبقى من عقل ووعي لدى بعض أفراد الحركة رغم استسلامهم لغرائزهم في الحكم الوهمي».
وأضاف: «أنا أكثر الأشخاص خصومة مع «حماس»، ومع ذلك لا أرى أن العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة أو على عناصر (حماس) شيء مشرف لأحد، وأرى أن فقداننا لأي شاب من (حماس) خسارة للشعب الفلسطيني بغض النظر عن الخصومة».
ولم يستمر دحلان كثيرا في الحديث بلهجة ايجابية نوعيا عن حركة «حماس»، اذ شن هجوما حاداً على الحركة، مشيراً الى أنها «لا تنكر ولاءها لايران وليس سراً أنها تلقت 350 مليون دولار من طهران». وقال: «ان التصور بأن اسرائيل تريد التخلص من (حماس) خاطئ، لأن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين هو الذي خطط لانشاء حركة (حماس)».
وفي ما يتعلق بالمفاوضات مع اسرائيل، رأى دحلان «أن اسرائيل اتخذت قراراً حاسماً في أن تنطلق في عملية سلام ذات مغزى. لكن لا أفق جدياً لعملية سلام معها على المدى المنظور لأسباب عدة في مقدمها الوضع الداخلي الاسرائيلي».
واعتبر دحلان أن تعليق المفاوضات على خلفية العدوان على غزة ليس كافياً، لكنه نفى في الوقت نفسه تأييده لقطع المفاوضات. وهذا نص ما دار معه من حوار:
• بداية، كيف ترى الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة؟
- ثمة انفراد اسرائيلي كامل بالقطاع والضفة الغربية سياسياً وعسكرياً وأمنياً، ومن الواضح أن اسرائيل هيأت المجتمع الدولي لمثل هذا العدوان ولا تشعر أنها ملزمة. بل توقف عدوانها. وهي ان كانت قد علقت هذا العدوان أخيراً، فانني لا أرى أنها بالأساس قد أوقفته تماماً، فهي مستمرة في عمليات القتل والاغتيال والتدمير ومحاصرة غزة وتقطيع الضفة. هذا على الصعيد الميداني.
أما على الصعيد السياسي فأنا لا أرى أن اسرائيل جاهزة أو اتخذت قراراً حاسماً في أن تنطلق في عملية سلام ذات مغزى، واذا كان قد قيل في أنابوليس أن اسرائيل قد التزمت باطلاق عملية السلام فانني لا أرى في الحقيقة أفقاً جدياً لعملية السلام مع اسرائيل على المدى المنظور، لأسباب عدة في مقدمها الوضع الداخلي في اسرائيل وأسباب أخرى.
• اذاً أنت تؤيد قرار الرئيس محمود عباس بوقف جميع المفاوضات مع اسرائيل احتجاجاً على العدوان على غزة؟
- أبو مازن لم يوقف المفاوضات، لكنه علقها فقط. وشخصيا لا أعتبر أن تعليق المفاوضات كنتيجة للعدوان كافٍ، بل انني أرى أن المفاوضات التي جرت منذ أنابوليس وحتى الآن، لم تكن ذات جدوى أو مصداقية، وهذا لا يعني بالطبع أنني أؤيد قطع المفاوضات. لكنني مع ضرورة وضع أسس جادة والزام أميركا بأن تتدخل كي تكون هناك مفاوضات حقيقية وليس شعارات أو آليات تتعلق بتفاصيل ثانوية لا جوهرية، اذ ان قضايا الجوهر بالنسبة الينا هي القدس والحدود واللاجئين. أما الدخول في لجان على خدمات الصرف الصحي والكهرباء والمياه. فهذه كلها تفاصيل. ولهذا فان تقييمي أن اسرائيل منذ العام 2000 وليس منذ أن فاز الرئيس أبو مازن بالانتخابات الرئاسية، وضعت عملية السلام في الثلاجة، وأن أميركا تركتها أعواماً سبعة.
ورغم ذلك لم تنجح أميركا في أن تضع أسساً في أنابوليس لاطلاق عملية السلام، بل كان المؤتمر مجرد ندوة أو لقاء دولي ليس فيه جدول أعمال جدي، وليس فيه سقف زمني للمفاوضات. وحتى قضايا الحل النهائي لم تمتلك أميركا الارادة والقدرة على وضعها في البيان الرئاسي الذي تلاه الرئيس الأميركي بوش خلال هذا المؤتمر. وفي هذا أقول انه لم تكن هناك مفاوضات حقيقية، وأرى أن وضع أسس جادة لعملية السلام أو التفاوض لم يحدث حتى الآن.
• لكنك كنت من المؤيدين لأنابوليس حين دُعي اليه؟
- لا، لم أؤيد أنابوليس أبداً. أنا فقط أيدت الذهاب لهذا اللقاء الدولي أو الندوة. ولكن لم يكن لديّ أي سوء فهم في أن هذا المؤتمر الذي فشل قبل انعقاده.
• كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء الوضع الراهن؟
- أرى أن الالتفات للوضع الداخلي الفلسطيني هو القضية التي يجب أن تكون لها أولوية الآن، ثم وضع أسس جادة لعملية السلام أي أن نبدأ من حيث انتهينا في المفاوضات مع الاسرائيليين خلال فترة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، لأن غير ذلك مضيعة للوقت.
• بمناسبة حديثك عن الوضع الداخلي، حركة «حماس» وفي أعقاب العدوان السافر على قطاع غزة دعت على لسان رئيس المكتب السياسي خالد مشعل لاستئناف الحوار لتوحيد الصف الفلسطيني فيما السلطة في رام الله تصر على الحوار بشروط، الى متى يظل الوضع كما هو؟
- مشعل لم يدع لحوار لتوحيد الصف أو أي شيء، بل العكس هو فقط «فتح» شتيمة كاملة أو بالأدق حفل شتائم. فهو لم يتحدث سياسة أو منطقاً ولم يضع رؤية أو أفقاً، ولم يضع خطة أو برنامجاً ولم يجب عن تساؤل: كيف لم تستطع حركة «حماس» أن تدافع عن المقاومة أو أن تدافع عن الشعب الفلسطيني أثناء العدوان على غزة؟ وماذا فعلت سلطة «حماس». فها هي منفردة بالسلطة في القطاع. لقد جمعت «حماس» أسلحة حركة «فتح» كاملة، ثم طالبتها بالمشاركة في المقاومة في أعقاب العدوان الاسرائيلي على القطاع. في حين تفرغت في الوقت ذاته لكيل الاتهامات للرئيس أبو مازن ولـ «فتح». وباختصار حين عجزت حركة «حماس» عن الدفاع عن الشعب وجهت شتائمها باتجاه الرئيس أبو مازن بالمثل حين عجزت عن فك الحصار عن القطاع قامت باقتحام الحدود المصرية.
«حماس» ليس لديها خطة. لديها فقط طرف لا بد أن يدفع الثمن، وهو تارة أبو مازن وتارة أخرى الحدود المصرية.
• هل هذا يعني أنك تعتبر أن اقتحام الحدود المصرية كان مخططاً، وليس فقط بفعل ناتج من معاناة أهالي غزة من جراء الحصار الاسرائيلي؟
- بالطبع كان الاقتحام مخططاً، لأن المعاناة كانت موجودة منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات (رحمه الله)، والذي رغم أنه حوصر، ولكنه أدار الأزمة بعقلية سياسية وبتجنيد للمجتمع الدولي وتفعيل للقدرة العربية لحماية الشعب الفلسطيني. أما قصيرو النظر والذين لا يستطيعون أن يقدموا حلولاً للشعب الفلسطيني. ويكتفون بالقاء التهم تارة على مصر وتارة على أبو مازن وفي السابق أيضاً كانت التهم تلقى عليّ أيضاً، والآن وقد خرجت من العمل التنفيذي أصبح الهجوم على كل من أبو مازن وعزام الأحمد وأخيراً مصر والتي يرفعون علمها ويمتدحونها بالليل وفي النهار يسبونها، وهذه هي لعبة العاجزين. «حماس» فشلت عملياً في المقاومة وفشلت في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وفشلت في ادارة الشأن الفلسطيني.
• لكن في ظل تمسك كل من الرئيس محمود عباس بشروطه للحوار مع «حماس» واصرارها في المقابل على التحاور من دون شروط، ألا يوجد حل؟
- شخصياً قدمت أخيراً فكرة لتحريك العلاقة بين «فتح» والرئاسة في رام الله من جهة و«حماس» من جهة أخرى رغم انقلابها على الشرعية. وقلت ان الشروط الكثيرة لعودة الحوار رغم أحقيتها وعدالتها، فلنأخذ منها فقط بنداً واحداً، وهو التراجع عن الانقلاب وتسليم مؤسسات السلطة الفلسطينية بصورة انتقالية الى هيئة العمل الوطني المشكلة من قوى وطنية وفصائل متعددة بغزة، ثم بعد ذلك نبدأ حوارات معمقة ونحل جميع القضايا العالقة.
• وماذا كان رد «حماس» على تلك المبادرة؟
- «حماس» رفضت، لأنها تريد أن تستأثر بالسلطة الوهمية في قطاع غزة لا تستطيع أن تقنع شبابها وعناصرها أن ما فعلوه كان خطأ وجريمة، فهي تخجل من نفسها ولا تقوى على الاعتذار للشعب الفلسطيني عن جرائم اغتيال وقتل 500 فلسطيني «فتحاوي» خلال الانقلاب.
ورغم ذلك أقول ان الباب لا يزال مفتوحاً أمام «حماس» للاستجابة للمبادرة والتراجع عن الانقلاب وادخال هيئة العمل الوطني التي هي جسم من جميع القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية لقطاع غزة طرفاً في الأزمة، وهو يقلل من شروط الطرفين «فتح» و«حماس»، وربما يكون جسراً نحو حوار أكثر عمقاً وأكثر جدية.
• البعض يقول ان «فتح» «مرتاحة» لاقدام اسرائيل على تصفية قيادات وكوادر «حماس» واستمرارها في حصار غزة باعتباره الرهان الوحيد على سقوط الحركة؟
- نحن لا نراهن على مثل هذه التصورات، وانما نراهن على ما تبقى من عقل ووعي لدى بعض أفراد حركة «حماس»، رغم استسلامهم لغرائزهم في الحكم الوهمي وبعض الشعارات التي لا يمكن أن تطبق على الأرض، وهذا أولاً. وثانياً: ان من يعتقد أن اسرائيل تريد الخلاص من حركة «حماس» هو مخطئ بالتأكيد، لأن اسرائيل هي التي أوصلت «حماس» للانقلاب، بل هي التي أنشأت تلك الحركة، وهذا لم يعد سراً وقيادات «حماس» أنفسهم يعرفون كيف أنشئت حركة «حماس» من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين، وقد صدرت كتب تؤكد ذلك آخرها كتاب صدر أخيراً بلندن لكاتب لبناني معروف يتناول ذلك الأمر. أي أنه لم يعد سراً، وشخصياً عايشت اطلاق حركة «حماس». ففي العام 1979 كنت طالباً في الجماعة الاسلامية مع «الاخوان» حين بدأوا تأسيس الحركة حين أنشئت، وكنا نحن الفتحاوية نعتقل في السجون الاسرائيلية في ما كان المنتسبون الى هؤلاء أو ما يُعرف بالمجمع الاسلامي قبل تكوين حركة «حماس» يتهموننا بأننا خونة ونفرط بالدم الفلسطيني ولا نقدر أوضاعنا كشعب، لأننا نقاوم.
ولننظر الآن الى المواقف المتناقضة لتلك الحركة الآن، فهي لا تريد التزامات منظمة التحرير الفلسطينة وقلنا «طيب ماشي»، ولكنها أيضاً تريد دعم السلطة وأبو مازن، وهي تخون العرب، لأنها ترفض المبادرة العربية للسلام التي اجتمع عليها العرب كلهم، وفي الوقت نفسه تطلب دعماً عربياً. ثم تريد وتتوقع من اسرائيل أن تزودها بالوقود والغذاء والمياه وهذا منطق لا يستوي. وأنا هنا لست بصدد أن أقارن بين «حماس» واسرائيل، ولكن أنا أقول ان هناك مصالح مشتركة كبرى. وبصراحة «حماس» أقل خسارة لاسرائيل.
• هل تعتبر أن العملية الديموقراطية في الأراضي الفلسطينية هي التي أدت الى الأزمة الحالية، بمعنى أن «حماس» ما كان ينبغي أن تشارك في الانتخابات من دون أن توافق على الاتفاقيات التي أقرتها منظمة التحرير؟
- في رأيي أن منظمة التحرير أخطأت، وكذلك قيادة السلطة حين وافقت لـ «حماس» على الدخول الى الانتخابات من دون أن تعترف بالمنظمة. فلا يجوز أن أكون أنا صاحب المشروع والمنظمة هي التي أسست عملية السلام والانتخابات كانت جزءاً منها. وحركة «حماس» جاءت نتاجاً لـ «اتفاق أوسلو»، لأنه قبل هذا الاتفاق لم تكن هناك انتخابات أو مجلس تشريعي. الا أن «حماس» تتنكر لجميع هذه الأسس وتقول يجب على العالم أن يبدأ من نقطة الصفر.
ولو كان مشروع حركة «حماس» عملياً وجدياً ومنتجاً ويوفر دماء فلسطينية لكنت مشيت وراءه. «بس يعطونا مشروعاً». فالآن لا أحد يعرف لـ «حماس» مشروعاً سوى خطاباتهم التي تظهر في التلفزيون، وهذا لا يقدم أو يؤخر في حل القضية الفلسطينية.
• تؤكد دائما أن ««حماس»» تخدم أجندات خارجية. ما دليلك على هذا الاتهام؟
- «حماس» لا تنكر ولاءها والتزامها تجاه ايران وبرنامجها السياسي. وليس سراً أن ايران دفعت نقداً مبلغ 350 مليون دولار لـ «حماس». وأعلن خالد مشعل وقت تصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة الأميركية وايران أنه على استعداد للدفاع عن الأخيرة.
• ألا تعتبر أن ثمة مفارقة حقيقية في التصعيد الاسرائيلي على غزة، وهي أن حجم التعاطف الدولي قل عن السابق اذا ما قورن مثلاً بما حدث اثر استشهاد الطفل محمد الدرة؟
- المعركة مع اسرائيل ليست معركة عضلات، بل معركة عقل بالأساس وقليل من العضلات. وهي ترتبط بعلاقات دولية واقليمية وتجنيد للمجتمع الدولي. وللأسف الشديد نحن جميعا خسرنا معركتنا، ونحن و«حماس» خسرنا معركة الرأي العام مع اسرائيل. والمفهوم الغربي لا يدقق في المصطلحات فعبارة أن «حماس» تقصف اسرائيل من وجهة نظر الغرب يعني أن الأخيرة تضرب من جهة الأولى بصواريخ ام كروز أو توماهوك، وهم لا يعرفون أنها مجرد صواريخ 90 في المئة منها يرجع على أبناء غزة. والله لو أرى أن هذه المقاومة مجدية وتؤذي اسرائيل سأكون أول شخص يخرج ويؤيدها علنا. والدليل أن حركة الجهاد الاسلامي قبل أعوام ثلاثة نفذت عملية عسكرية في الخليل، وكنت حينذاك مسؤول أمن، ورغم موقعي الرسمي أيدت هذه العملية علناً، لأنها كانت ناجحة واستهدفت عسكريين اسرائيليين.
وقلت حينها انه من حق الفلسطيني أن يقاوم وهؤلاء المستهدفون في العملية كانوا من جيش الاحتلال. لكن لا ينبغي أن تضرب صاروخاً لا يفيد بشيء ومقابله نأخذ نحن 300 صاروخ اسرائيلي من الوزن الثقيل، ويتم تجريف الأراضي واغتيال النساء والأطفال وتشريد العائلات. فالعمل العسكري تكمن عبقريته وأهميته في ما يحقق من نتائج تحدث قليلا من التوازن. أنا مع أشكال المقاومة المنتجة الفعالة والمؤذية لاسرائيل.
• في رأيك. أين ذهبت جماعات السلام داخل اسرائيل، ولماذا اختفى دورها الاحتجاجي والمطالبات بالتهدئة أخيراً؟
- لأن الشعب الاسرائيلي اقتنع بمنطق باراك الدموي الذي لا يؤمن بعملية السلام. فباراك هو صاحب شعار لا يوجد شريك لاسرائيل لكي تتفاوض معه. وجميع مصائب الشعب الفلسطيني أو معظمها لم تبدأ من عهد شارون، بل من عهده هو وقت أن كان رئيساً للوزراء. والآن يعود الينا هذا الـ «باراك» في وضع أخطر من وضعه السابق. فهو الآن وزير للدفاع. فمنصب رئيس الوزراء تحكمه التزامات دولية ويخضع للضغوط. ولكن باراك كوزير دفاع يدعي أنه يدافع عن الشعب الاسرائيلي، وبالتالي منطقه هو السائد في اسرائيل وهو منطق قائم.
وكما ذكرت على أنه لا يوجد شريك حقيقي لاسرائيل في عملية السلام لتتفاوض معه لا سلطة ولا حركة «فتح» ولا حركة «حماس». لذا نقول انه يجب على «حماس» أن تنتهز هذه الفرصة وهذه المبادرة التي بادرنا اليها فقط باعلان تراجعها عن الانقلاب، وهذا ليس عيباً في حقهم أو هزيمة. هذه فضيحة أنتم ارتكبتموها والتراجع عنها يعتبر نصف تكفير عن الخطأ.
• هل تتوقع أن يقوم الشعب الفلسطيني بانتفاضة ثالثة اذا استمر التصعيد العسكري الاسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية؟.
- لا... وهنا أتساءل: هل المطلوب أن يموت الشعب الفلسطيني كي تمارس الفصائل الفلسطينية هوايتها مع اسرائيل. أنا ضد انتفاضة ثالثة، وأعتقد أن الفلسطيني غير جاهز لها، بل أقول انه لا يريد انتفاضة ثالثة، اذ حين يقيم الشعب الفلسطيني ماذا كسب من الانتفاضة الثانية فلا يجد سوى التراجع ومقارنة بما حققه في الانتفاضة الأولى من مكاسب. فالانتفاضة الأولى كانت مشروعاً وطنياً وفعالاً وناجحاً، وأدير من قبل شباب يافعين استطاعوا أن يقهروا اسرائيل بالحجر والتظاهر وأحيانا باستخدام السلاح. أما في الانتفاضة الثانية، فنحن قد انسقنا الى المربع الذي تريده اسرائيل لنا، وهو المواجهة العسكرية، ونحن خاسرون فيه.
• في رأيك ما هو الحل لوقف معاناة الشعب الفلسطيني في ظل عدم جهوزيته للانتفاضة وتعليق المفاوضات واستمرار النزاع الداخلي؟
- أنا أكثر شخص في خصومة مع «حماس»، ومع ذلك لا أرى العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة أو على عناصر «حماس» شيئاً مشرفاً لأحد، بل هذا هو مهين للجميع. وأرى أن فقداننا لأي شاب من «حماس» هو خسارة للشعب الفلسطيني بغض النظر عن الخصومة الداخلية.
فحين يتدخل عدوان خارجي اسرائيلي يجب أن يتوحد الدم. ولذلك بادرت وأنا المعروف والمصنف بأنني من أكثر المتشددين ضد «حماس»، وقلت يجب أن نعيد اللحمة بأي ثمن والحد الأدنى للثمن هو التراجع عن الانقلاب والعودة للشرعية والوحدة.