مقال «هنا وعافية» ... على الطائرة

بقلم السيد العاصي





| بقلم السيد العاصي * |
منذ أن نجح الأخوان رايت في التحليق بطائرتهما في السابع عشر من ديسمبر عام 1907 من الطيران لمدة 12 ثانية في الولايات المتحدة الأميركية؛ فقد تطورت صناعة الطيران تطوراً عظيماً من حيث الشكل والمضمون حتى وصلت في الوقت الحالي إلى طائرة «إيرباص 380» الأكبر في العالم.
وصاحب التطور في الأحجام والطرز تطورٌ موازٍ في الخدمات والتي منها خدمات الأغذية والمشروبات. وهنا نستقرأ في إيجاز كيف بدأت تلك الخدمة حتى وصلت إلى ما وصلت اليه اليوم لتضاهي، بل وتزيد، على ما يقدم من خدمات الأغذية والمشروبات في أرقى الفنادق أو المطاعم على وجه الأرض.
بدأت خدمات الأغذية والمشروبات في الطيران شأنها شأن أي جديد يقدم بصورة بسيطة ليصبح صناعة كبيرة يتبارى فيها المتخصصون. فمن المتفق عليه بين المختصصين في هذا المجال أن أول بداية تظهر فيها الأغذية والمشروبات في صناعة الطيران كانت عام 1919 في رحلة بين انكلترا وفرنسا وتم تقديم بعض مشروب الشاي والكيك.
ومنذ ذلك التاريخ تطورت تلك الخدمة في صناعة الطيران لتصل الى صناعة يقدر استثمارها بنحو 12 مليار يورو، ويعمل فيها أكثر من 100 ألف عامل بشكل مباشر، وتقدم أكثر من 700 مليون وجبة سنوياً حول العالم، فهي حقاً صناعة عالميةً.
ودعونا في ايجاز نقارن بين خدمات الأغذية في الطيران وفي غيرها من المطاعم والفنادق من حيث أصناف الأطعمة ومستوى الجودة وسلامة الأغذية، والقائمين على الخدمة، فلنبدأ بأصناف الأطعمة والتي تؤكد أن لا شك لدى المسافر العادي أنه بإمكانه أن يتناول وجبته المفضلة ضمن قائمة الاختيارات حسب توافرها- مثل ما يفعله تماماً عند الذهاب لأي مطعم من المطاعم، بل من الجدير بالذكر أنه في حالة الطيران أو الخدمات الجوية يتم تقديم الوجبات الخاصة، سواء على اساس عقدي أو ديني مثل وجبات المسلمين أو اليهود او الهندوس، أو على اساس صحي أو مرضي، قليل الملح او من دون ملح، من دون كوليسترول... الخ، او على أساس عرقي مثل الوجبات والأطباق الهندية، الإيطالية مثلاً، ولكن في حالة المطعم أو الفندق فقد يكون من الصعب جداً على المطعم نفسه أن يقدم مختلف هذه الوجبات في الوقت نفسه.
أما مستوى الجودة وسلامة الأغذية فربما يعارضني الكثيرون ان صرحت بأن مستوى سلامة وجودة الأغذية المقدمة لنا كمسافرين أثنا الرحلات الجوية يفوق بأضعاف سلامة وجودة الأغذية المقدمة في أفخم الفنادق، وهذا ليس لشيء إلا انه في حالة أغذية الطيران فقد تم تصنيعها تحت اشتراطات صحية ونظم سلامة الأغذية المتعارف عليها عالمياً مثل الهاسب (HACCP) أو «الأيزو 22000» أو غيرها.
أما في حالة الفنادق فلا يطبق معظمها ما تطبقه شركات أغذية الطيران من نظم سلامة الأغذية، ولا يخفى على الجميع الجدل الدائر حول سلامة وصحة الأغذية في بلادنا العربية، فعلى سبيل المثال لا توجد في مصر جهة مختصة للرقابة على سلامة وصحة الأغذية، وان وجدت بعض الجهات المتفرعة عن بعض الوزارات مثل الصحة أو الزراعة أو التجارة. واما القائمون على الخدمة فيقوم على خدمة الأغذية أفراد طواقم الضيافة الجوية كأحد مهام وظيفتهم. ومن العجب في بعض الحالات أن يقوم فرد أو عضو الضيافة الجوية بتقديم وجبات تصل عدد الأطباق أو الأصناف فيها الى سبعة أو أكثر طبقاُ لمبادى الخدمة الكاملة.
والجدير بالذكر، ان الكويت اهتمت أخيراً بقطاع الطيران ومنحته التسهيلات والحوافز اللازمة لمواكبة النمو الذي تشهده القطاعات الاقتصادية الاخرى في ظل برنامج مدروس وفقا للخطة الاستراتيجية للتنمية المستدامة.
فالشركات العاملة بالكويت بهذا المجال تسير وفقا لمعايير الجودة العالمية التي تمنحها الانطلاق والتوسع في جميع النقاط والمطارات الجديدة. وهذا ما نراه من انتشار الخطوط الجوية الكويتية وطيران الجزيرة لتنافس الشركات الكبرى بالعالم من حيث الخدمة.
فتلاحظ اثناء سفرك في الطائرة سواء على متن «الكويتية» او «الجزيرة» بانك في مطعم متنقل تستطيع طلب وجبتك من سلطات وطبق رئيسي وحلويات وكذلك المشروبات الساخنة والباردة كأنك في مطعم ولكن طائر في الهواء مع وجود طاقم متدرب يمنحك الرفاهية، وخصوصاً في درجة رجال الأعمال.
ومن هذا المنطلق تعد صناعة الطيران من أهم الصناعات السياحية والفندقية بدولة الكويت، ولها من الأهمية ما لغيرها من الصناعات الكبيرة، وتفوقها وهي حجر الاساس لاستضافة الدولة الاحداث الكبرى والمؤتمرات ومدى نجاحها تتحدد بوجود الادارة التي تسير وفقا لمعايير الجودة.
* خبير وكاتب في الشؤون السياحية والفندقية بالخليج
Elsayed_elasy@yahoo.com
Facebook : Elsayed Elasy
منذ أن نجح الأخوان رايت في التحليق بطائرتهما في السابع عشر من ديسمبر عام 1907 من الطيران لمدة 12 ثانية في الولايات المتحدة الأميركية؛ فقد تطورت صناعة الطيران تطوراً عظيماً من حيث الشكل والمضمون حتى وصلت في الوقت الحالي إلى طائرة «إيرباص 380» الأكبر في العالم.
وصاحب التطور في الأحجام والطرز تطورٌ موازٍ في الخدمات والتي منها خدمات الأغذية والمشروبات. وهنا نستقرأ في إيجاز كيف بدأت تلك الخدمة حتى وصلت إلى ما وصلت اليه اليوم لتضاهي، بل وتزيد، على ما يقدم من خدمات الأغذية والمشروبات في أرقى الفنادق أو المطاعم على وجه الأرض.
بدأت خدمات الأغذية والمشروبات في الطيران شأنها شأن أي جديد يقدم بصورة بسيطة ليصبح صناعة كبيرة يتبارى فيها المتخصصون. فمن المتفق عليه بين المختصصين في هذا المجال أن أول بداية تظهر فيها الأغذية والمشروبات في صناعة الطيران كانت عام 1919 في رحلة بين انكلترا وفرنسا وتم تقديم بعض مشروب الشاي والكيك.
ومنذ ذلك التاريخ تطورت تلك الخدمة في صناعة الطيران لتصل الى صناعة يقدر استثمارها بنحو 12 مليار يورو، ويعمل فيها أكثر من 100 ألف عامل بشكل مباشر، وتقدم أكثر من 700 مليون وجبة سنوياً حول العالم، فهي حقاً صناعة عالميةً.
ودعونا في ايجاز نقارن بين خدمات الأغذية في الطيران وفي غيرها من المطاعم والفنادق من حيث أصناف الأطعمة ومستوى الجودة وسلامة الأغذية، والقائمين على الخدمة، فلنبدأ بأصناف الأطعمة والتي تؤكد أن لا شك لدى المسافر العادي أنه بإمكانه أن يتناول وجبته المفضلة ضمن قائمة الاختيارات حسب توافرها- مثل ما يفعله تماماً عند الذهاب لأي مطعم من المطاعم، بل من الجدير بالذكر أنه في حالة الطيران أو الخدمات الجوية يتم تقديم الوجبات الخاصة، سواء على اساس عقدي أو ديني مثل وجبات المسلمين أو اليهود او الهندوس، أو على اساس صحي أو مرضي، قليل الملح او من دون ملح، من دون كوليسترول... الخ، او على أساس عرقي مثل الوجبات والأطباق الهندية، الإيطالية مثلاً، ولكن في حالة المطعم أو الفندق فقد يكون من الصعب جداً على المطعم نفسه أن يقدم مختلف هذه الوجبات في الوقت نفسه.
أما مستوى الجودة وسلامة الأغذية فربما يعارضني الكثيرون ان صرحت بأن مستوى سلامة وجودة الأغذية المقدمة لنا كمسافرين أثنا الرحلات الجوية يفوق بأضعاف سلامة وجودة الأغذية المقدمة في أفخم الفنادق، وهذا ليس لشيء إلا انه في حالة أغذية الطيران فقد تم تصنيعها تحت اشتراطات صحية ونظم سلامة الأغذية المتعارف عليها عالمياً مثل الهاسب (HACCP) أو «الأيزو 22000» أو غيرها.
أما في حالة الفنادق فلا يطبق معظمها ما تطبقه شركات أغذية الطيران من نظم سلامة الأغذية، ولا يخفى على الجميع الجدل الدائر حول سلامة وصحة الأغذية في بلادنا العربية، فعلى سبيل المثال لا توجد في مصر جهة مختصة للرقابة على سلامة وصحة الأغذية، وان وجدت بعض الجهات المتفرعة عن بعض الوزارات مثل الصحة أو الزراعة أو التجارة. واما القائمون على الخدمة فيقوم على خدمة الأغذية أفراد طواقم الضيافة الجوية كأحد مهام وظيفتهم. ومن العجب في بعض الحالات أن يقوم فرد أو عضو الضيافة الجوية بتقديم وجبات تصل عدد الأطباق أو الأصناف فيها الى سبعة أو أكثر طبقاُ لمبادى الخدمة الكاملة.
والجدير بالذكر، ان الكويت اهتمت أخيراً بقطاع الطيران ومنحته التسهيلات والحوافز اللازمة لمواكبة النمو الذي تشهده القطاعات الاقتصادية الاخرى في ظل برنامج مدروس وفقا للخطة الاستراتيجية للتنمية المستدامة.
فالشركات العاملة بالكويت بهذا المجال تسير وفقا لمعايير الجودة العالمية التي تمنحها الانطلاق والتوسع في جميع النقاط والمطارات الجديدة. وهذا ما نراه من انتشار الخطوط الجوية الكويتية وطيران الجزيرة لتنافس الشركات الكبرى بالعالم من حيث الخدمة.
فتلاحظ اثناء سفرك في الطائرة سواء على متن «الكويتية» او «الجزيرة» بانك في مطعم متنقل تستطيع طلب وجبتك من سلطات وطبق رئيسي وحلويات وكذلك المشروبات الساخنة والباردة كأنك في مطعم ولكن طائر في الهواء مع وجود طاقم متدرب يمنحك الرفاهية، وخصوصاً في درجة رجال الأعمال.
ومن هذا المنطلق تعد صناعة الطيران من أهم الصناعات السياحية والفندقية بدولة الكويت، ولها من الأهمية ما لغيرها من الصناعات الكبيرة، وتفوقها وهي حجر الاساس لاستضافة الدولة الاحداث الكبرى والمؤتمرات ومدى نجاحها تتحدد بوجود الادارة التي تسير وفقا لمعايير الجودة.
* خبير وكاتب في الشؤون السياحية والفندقية بالخليج
Elsayed_elasy@yahoo.com
Facebook : Elsayed Elasy