اغمريني... لأبتلّ كَما ينبغي

تصغير
تكبير
| فاطمة إحسان اللواتي |
إليكِ خبري هَذا المَسَاء
بعدَ السّلامِ المُتفاوضِ عَليهِ في مَا بَيننا
فِي الحِينِ الذي تُحيي فيهِ الرّصَاصةُ قتيلَهَا
وينحَنِي الحِبرُ الأسودُ تحيّة - للرّصاصَة
يسقطُ الجَسَد- بلا تبجِيلٍ لَسقطتهِ-
ويفصل طوفان الدّم بين ضفتين اثنتين
إحدَاهُما لا يُسَاوي فيهَا الإنسانُ قرصَ شعيرٍ
وأخرى نُذِر فيها المرءُ لحتفهِ
ليظلّ جُرحاً صُوفيّ الألَمِ عَلَى جَبين الأبَد
وَيُسألُ ذووهُ يومئذٍ عَمّا قصَد
وعَن نوَاياهُ، وخطاياهُ، وعَن الشامَة السّوداءِ فِي عنقهِ
أكَانتْ سوداءَ حقاً؟ أمْ أنّ فيهَا مَا يشِي بخيَانة البَلَد؟
دثريني- أيتهَا الحُمّى- مِن بردِ زمَانِي
اسكُنينِي جَمراً ودُخاناً، ففِي الحَالتيْن سأحترقْ
وفي الحَالتِين سأرتجفُ كَالأحياءِ المُتنكرينَ
فِي ثلاجَة المَوتى،
وأنتفضُ ثأراً للهوَاءِ المُعتقلِ في رئتيّ
لكَنائِس دَمعِي المُستباحَة ومَسَاجدِ أحزانِي
زملّينِي، كفنينِي، وانثرينِي رمَاداً
في عُيونِ سجّانِي وقاتِلي الجَانِي
عَلى حدّ الهَاويَة أسيرُ بلا وهنٍ ولا هُوينى
فلا تُساومِيني عَلى نِصفِ جسرٍ، ونصفِ هَاوية
واغمُرينِي، لأبتلّ كَما ينبغي
وأنسَى قدرتِي عَلى التنفسّ اللاهَوائيّ تحت المَاء
ثمّ اغمريني... جيّداً؛ لأتقنَ الهذيَان بكِ بلا حَرَجٍ
ولا رَهبة!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي