لم تكن هناك طريقة لتخفيف حالة الاحتقان السياسي الحاد التي تعيشها الكويت منذ فترة ليست باليسيرة، إلا باستقالة الحكومة وتغيير رئيس الوزراء واطلاق سراح الشباب المحتجزين وحل مجلس الأمة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ولا أتذكر أن حل مجلس الأمة كان من أغلى أمنيات الشعب الكويتي مثل هذا المجلس الذي عكس أسوأ حالات الفساد والإفساد المتعمد، وأدخل ومجلس الوزراء البلد في أسوأ أزمة سياسية، وحشد معارضة غير مسبوقة في تاريخ الكويت تمثل في تجمع الاثنين 28 نوفمبر الماضي والذي بلغ عدده قرابة الـ 90 ألفاً من كل مكونات وأطياف وفئات المجتمع في «فزعة» من أجل انقاذ الكويت في مرحلة دولية واقليمية وعربية غير مستقرة.
ففي ظل الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تتعرض لها الولايات المتحدة ودول اليورو، والتي أثارت مناخاً واسعاً ضد اجراءات التقشف الاقتصادي وتحميل الطبقات العاملة والفئات المهمشة أعباء هذه الأزمة، كما تعصف بالمنطقة العربية ثورات وحركات احتجاج واسعة النطاق من أجل الحرية والديموقراطية والعيش الكريم، وما لها من تأثيرات علينا مما يتطلب معه تغيير النهج واصلاح الإدارة السياسية والبدء في تنمية حقيقية تضع في أولوياتها الإنسان في التخطيط والنتائج.
ولكن تخفيف الاحتقان لا يعني الحل المطلوب من قبل الشعب الذي ارتفع سقف مطالبه، فيجب اعادة الاعتبار إلى تفعيل مواد الدستور واعطاء الحريات مساحة أكبر خاصة حرية التجمع والاعتصام والاضراب، ويجب القضاء على الفساد المستشري وكف يد الافساد والعبث بمقدرات الوطن والتوقف عن نهج الانفراد بالسلطة والقضاء على تناحر مراكز النفوذ داخل الأسرة والعودة إلى حكم الأمة.
وللاتجاه بالكويت قدماً لا يكفي الوقوف عند دستور الحد الأدنى بل يجب أن يتعداه إلى نظام ديموقراطي مكتمل، وهذا يتطلب اصلاحات دستورية آن أوانها، ويتطلب كذلك استعادة مجلس الوزراء لدوره في رسم السياسات العامة واختيار رجال دولة مقررين لا موظفين كبار.
ويتطلب النهج الجديد اصلاح قانون الانتخاب والقضاء على التوزيع غير العادل في الدوائر الانتخابية وملاحقة عملية شراء الأصوات والضمائر ورفع أيدي المتنفذين عن التأثير في نتائج الانتخابات والقضاء على مظاهر الاستقطابات القبلية والطائفية والعائلية وضمان نزاهة الانتخابات، ولا يمكن أن يكتمل النظام الديموقراطي دون اقرار قانون الأحزاب والجمعيات السياسية.
ولا يعني حل المجلسين أن الله عفا عما سلف، بل يجب محاسبة الأطراف النيابية والحكومية المتورطة في ملف الفساد وعلى رأسها ملف الإيداعات المليونية والتحويلات المالية، وسن قوانين لمكافحة الفساد.
وعلى مجلس الأمة ومجلس الوزراء القادمين وكذلك على القوى الوطنية والسياسية إيلاء الديموقراطية الاجتماعية والهموم المعيشية ومطالب الفئات المهمشة اهتماماً، ومنها البطالة وارتفاع الأسعار ومشكلة الاسكان وحل مشكلة البدون حلاً عادلاً وإنسانياً وحل مشكلة القبول في الجامعة واصلاح الخدمات الصحية والخدمات الأخرى، فلا فائدة من التركيز على الديموقراطية السياسية واهمال المطالب الديموقراطية الاجتماعية.
ومن المهم أن يُحسن الناخبون اختيارهم لضمان ايصال نواب يمثلون الأمة حقيقة يقرون تشريعات تضمن للشعب العيش الكريم والتقدم بما يخدم مصالح الوطن والمواطن.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com