الإمام الحسين (ع) رمز الوحدة الوطنية
عاشوراء الحسين (ع) والسلام والأمن والأمان

السيد أبو القاسم الديباجي





| بقلم: السيد أبو القاسم الديباجي * | يدعو الامام الحسين (ع) بثورته وعاشورائه الى حفظ دماء المسلمين وحرمة المسلمين وشخصية المسلمين، فالإمام الحسين (ع) لم يكن يبحث عن الحرب، وهو القائل: « إني أكره أن أبدأهم بقتالٍ»، لحرمة إباحة دماء المسلمين، وهو الذي بكى على أعدائه لأنهم سيدخلون النار بسبب قتله، فخروجه ما كان إلا من أجل السلام والاصلاح و الإنسانية، إذ لم يبدأ القوم بقتالٍ قط، كجده (ص) التي كانت حروبه كلها حروباً دفاعيةً وليست هجومياً، وكأني به يردد قول الحق - سبحانه وتعالى- (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ، لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)[المائدة:27-28].
فالحرب لم تبدأ في كربلاء إلا بعد هجوم الأعداء نحو الحسين (ع) و أصحابه، ومنذ خروجه من المدينة وطيلة سفره وحتى يوم عاشوراء كان يلقي الخطب وذلك للدعوة الى الصلح والسلام وعدم هدر الدماء.
وعندما خاطب الحسين (ع) ضمائرهم بقوله: «إذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمن الأرض»، وجدناهم قد أبوا إلاّ قتله!! وما كان لهم ذلك وإنما هم الذين انهزموا، وبقي الحسين صرخة حقٍ وسلام يترنم بها كل باحثٍ عن القيم والفضائل؛ بعد أن قُتِل (ع) جسداً - في معركته من أجل السلام والأمن والأمان، إذاً فالحسين (ع) داعية سلام، لا داعية حرب، لأنه يعلم بأن من أحيا نفساً فقد أحيا الناس جميعاً.
نعم، كلّما أمعنّا النظر أكثر في قضية عاشوراء وثورة الامام الحسين (ع)، فسنجد أنّ تلك الثورة تتّسع للتفكير والبيان أكثر فأكثر. وكلّما ازددنا تفكيراً في هذه النهضة الكبرى، فستظهر أمامنا حقائق جديدة لم نكن نعرفها من قبل.
فالامام (ع) وجد نفسه مسؤولاً أمام الخالق رب العالمين وتجاه الخلق لايصال الرسالة الملقاة على عاتقه ألا وهي هداية الناس وإرشادهم.
والإرشاد والهداية عادة تكون بالموعظة، وبالحديث وبالكلام أو بالقلم وأمثال ذلك لكن في قضية الامام الحسين (ع) تجاوز الامر هذه القضايا وهذه الامور بل الامام الحسين (ع) هو المثير والمؤثر وإرشاده إثارة.
وفي كلام الإمام علي (ع) نقرأ : ليثير دفائن العقول.
هنا يوجد فرق بين الدفينة وبين المدفون، المدفون محله المقابر لأنه ميت، يقولون: فلان مدفون بالمقبرة، ونبش القبر حرام ولا يجوز لحرمة الميت.
أما بالنسبة للدفينة فنذكر هذا المثال لمعرفة ماهية الدفينة، نفترض أنه وقع زلزال وتهدّم البناء ودفن الناس أحياء تحت أنقاض البناء، هؤلاء الناس يقولون لهم الدفائن وليس المدفونين، ومن الواجب وأوجب الواجبات بأن يهرع الناس الى مساعدتهم وإخراجهم من تحت التراب وأنقاض البناء المنهدم.
مسألة الدفينة هنا في ثورة الامام الحسين (ع) هي أنه لابد لقائد الثورة الاثارة والتي هي من شأنه وإخراج الدفائن، فهي موجودة وحيّة ولكن لا بد من إثارتها واخراجها من تحت التراب.
والدفينة موجودة في النفوس، وفي نفسك أيها القارئ العزيز، فأنت عندك دفينة وعندك كنز في ذاتك وفي نفسك، ولابد للشخص العالم العارف الحكيم المصلح الذي يكتشف هذا الكنز وهذه الدفينة بكشفها واخراجها من المحل الذي أصبح عليه الغبار الآن مثلاً في المدارس الاطفال يذهبون الى المدارس ولا يعلمون شيئاً ولكنهم كنوز ودفائن العقول، ثم يقوم المعلم والاستاذ برفع هذا الغبار والمانع وإخراج هذه الدفينة والكنز، فالاستعدادات موجودة في هذا الطفل، فيبدأ الطفل بالقراءة والكتابة وشيئا فشيئاً يتعلم جميع العلوم وينتقل من مرحلة الى مرحلة ويخرج الدفائن بالترتيب، حتى يصل الى المقامات العالية في جميع مجالات العلم وتصبح له مكانة في المجتمع.
إذاً الدفائن موجودة ولكن لابد أن نجد من يقدر على إخراجها من تحت الانقاض، ومن أولئك الذين واجب عليهم ومسؤولين أمام الله عزّ وجل إخراج هذه الدفائن الوالدان، ومع الاسف في السابق كان الوالدان يدفنان هذه الاستعدادات، حيث اذا عرف الولد وفهم شيئاً يقولان له اسكت واصمت ولا تتكلم، ثم يصل الامر الى ضربه فيدفنانه مرة أخرى، والاعداء كان دورهم هكذا. وهنا نعرف مدى عمق الفاجعة والكارثة التي كانت تعيشها الامة الاسلامية آنذاك.
والدفينة كانت موجودة في أولاد الامام الحسين (ع) وفي أصحابه، والامام (ع) كان يعرف ذلك فقام بكشف واخراج هذه الدفائن، وقدّم لنا وللعالم والبشرية جمعاء أفضل وأروع قدوة وأسوة في سبيل الاصلاح والسلام وحفظ الكرامة الانسانية والمشتركات الانسانية واحياء القيم والمبادئ والقوانين الاسلامية.
ولو تأمّلنا في ملحمة كربلاء فسنجد أنّ الإمام الحسين (ع) ما برح يذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال، وفي أحلك الظروف، فقد طلب الإمام الحسين (ع) من أعدائه أن يمهلوه سواد ليلة عاشوراء لكي يتوجّه إلى الله بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، ولقد بات الإمام الحسين (ع) وأصحابه تلك الليلة ولهم دوي كدويّ النحل، فلم يمنعهم ملاقاة العدو الذي لا يرحم من التوجّه إلى الله تعالى.
يوم عاشوراء عند القتال يلتفت أحد أصحاب الإمام الحسين (ع) فيقول : إني اُحبّ ألا أموت إلاّ وقد صلّيت معك هذه الصلاة التي دنا وقتها، فيقول له (ع) : ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلّين الذاكرين، سلوهم ان يكفوا عنا حتى نصلي.
نعم إنّ الإمام الحسين (ع) كان دائم التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى في جميع الحالات، حتّى عند استشهاده (ع) لم يشغله شيء عن ذكر الله والدعاء، وعلينا أن نستفيد منه هذا الدرس في التوجّه الدائم إلى الله تبارك وتعالى في جميع الأحوال.
وهكذا حفظ لنا الإمام الحسين (ع) الدين، ناصعاً مشرقاً واضحاً ومباركا، بفضل ارشاداته واخلاقه وكمال إيمانه بالله تعالى، وعشقه له، وتعلقه به، واستعداده لخوض المنايا في سبيله وسبيل مبادئه العليا، وثباته على ذلك كله حتى أتاه اليقين، تجسيدا لقول جده (ص) : حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا.
* الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي
فالحرب لم تبدأ في كربلاء إلا بعد هجوم الأعداء نحو الحسين (ع) و أصحابه، ومنذ خروجه من المدينة وطيلة سفره وحتى يوم عاشوراء كان يلقي الخطب وذلك للدعوة الى الصلح والسلام وعدم هدر الدماء.
وعندما خاطب الحسين (ع) ضمائرهم بقوله: «إذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمن الأرض»، وجدناهم قد أبوا إلاّ قتله!! وما كان لهم ذلك وإنما هم الذين انهزموا، وبقي الحسين صرخة حقٍ وسلام يترنم بها كل باحثٍ عن القيم والفضائل؛ بعد أن قُتِل (ع) جسداً - في معركته من أجل السلام والأمن والأمان، إذاً فالحسين (ع) داعية سلام، لا داعية حرب، لأنه يعلم بأن من أحيا نفساً فقد أحيا الناس جميعاً.
نعم، كلّما أمعنّا النظر أكثر في قضية عاشوراء وثورة الامام الحسين (ع)، فسنجد أنّ تلك الثورة تتّسع للتفكير والبيان أكثر فأكثر. وكلّما ازددنا تفكيراً في هذه النهضة الكبرى، فستظهر أمامنا حقائق جديدة لم نكن نعرفها من قبل.
فالامام (ع) وجد نفسه مسؤولاً أمام الخالق رب العالمين وتجاه الخلق لايصال الرسالة الملقاة على عاتقه ألا وهي هداية الناس وإرشادهم.
والإرشاد والهداية عادة تكون بالموعظة، وبالحديث وبالكلام أو بالقلم وأمثال ذلك لكن في قضية الامام الحسين (ع) تجاوز الامر هذه القضايا وهذه الامور بل الامام الحسين (ع) هو المثير والمؤثر وإرشاده إثارة.
وفي كلام الإمام علي (ع) نقرأ : ليثير دفائن العقول.
هنا يوجد فرق بين الدفينة وبين المدفون، المدفون محله المقابر لأنه ميت، يقولون: فلان مدفون بالمقبرة، ونبش القبر حرام ولا يجوز لحرمة الميت.
أما بالنسبة للدفينة فنذكر هذا المثال لمعرفة ماهية الدفينة، نفترض أنه وقع زلزال وتهدّم البناء ودفن الناس أحياء تحت أنقاض البناء، هؤلاء الناس يقولون لهم الدفائن وليس المدفونين، ومن الواجب وأوجب الواجبات بأن يهرع الناس الى مساعدتهم وإخراجهم من تحت التراب وأنقاض البناء المنهدم.
مسألة الدفينة هنا في ثورة الامام الحسين (ع) هي أنه لابد لقائد الثورة الاثارة والتي هي من شأنه وإخراج الدفائن، فهي موجودة وحيّة ولكن لا بد من إثارتها واخراجها من تحت التراب.
والدفينة موجودة في النفوس، وفي نفسك أيها القارئ العزيز، فأنت عندك دفينة وعندك كنز في ذاتك وفي نفسك، ولابد للشخص العالم العارف الحكيم المصلح الذي يكتشف هذا الكنز وهذه الدفينة بكشفها واخراجها من المحل الذي أصبح عليه الغبار الآن مثلاً في المدارس الاطفال يذهبون الى المدارس ولا يعلمون شيئاً ولكنهم كنوز ودفائن العقول، ثم يقوم المعلم والاستاذ برفع هذا الغبار والمانع وإخراج هذه الدفينة والكنز، فالاستعدادات موجودة في هذا الطفل، فيبدأ الطفل بالقراءة والكتابة وشيئا فشيئاً يتعلم جميع العلوم وينتقل من مرحلة الى مرحلة ويخرج الدفائن بالترتيب، حتى يصل الى المقامات العالية في جميع مجالات العلم وتصبح له مكانة في المجتمع.
إذاً الدفائن موجودة ولكن لابد أن نجد من يقدر على إخراجها من تحت الانقاض، ومن أولئك الذين واجب عليهم ومسؤولين أمام الله عزّ وجل إخراج هذه الدفائن الوالدان، ومع الاسف في السابق كان الوالدان يدفنان هذه الاستعدادات، حيث اذا عرف الولد وفهم شيئاً يقولان له اسكت واصمت ولا تتكلم، ثم يصل الامر الى ضربه فيدفنانه مرة أخرى، والاعداء كان دورهم هكذا. وهنا نعرف مدى عمق الفاجعة والكارثة التي كانت تعيشها الامة الاسلامية آنذاك.
والدفينة كانت موجودة في أولاد الامام الحسين (ع) وفي أصحابه، والامام (ع) كان يعرف ذلك فقام بكشف واخراج هذه الدفائن، وقدّم لنا وللعالم والبشرية جمعاء أفضل وأروع قدوة وأسوة في سبيل الاصلاح والسلام وحفظ الكرامة الانسانية والمشتركات الانسانية واحياء القيم والمبادئ والقوانين الاسلامية.
ولو تأمّلنا في ملحمة كربلاء فسنجد أنّ الإمام الحسين (ع) ما برح يذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال، وفي أحلك الظروف، فقد طلب الإمام الحسين (ع) من أعدائه أن يمهلوه سواد ليلة عاشوراء لكي يتوجّه إلى الله بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، ولقد بات الإمام الحسين (ع) وأصحابه تلك الليلة ولهم دوي كدويّ النحل، فلم يمنعهم ملاقاة العدو الذي لا يرحم من التوجّه إلى الله تعالى.
يوم عاشوراء عند القتال يلتفت أحد أصحاب الإمام الحسين (ع) فيقول : إني اُحبّ ألا أموت إلاّ وقد صلّيت معك هذه الصلاة التي دنا وقتها، فيقول له (ع) : ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلّين الذاكرين، سلوهم ان يكفوا عنا حتى نصلي.
نعم إنّ الإمام الحسين (ع) كان دائم التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى في جميع الحالات، حتّى عند استشهاده (ع) لم يشغله شيء عن ذكر الله والدعاء، وعلينا أن نستفيد منه هذا الدرس في التوجّه الدائم إلى الله تبارك وتعالى في جميع الأحوال.
وهكذا حفظ لنا الإمام الحسين (ع) الدين، ناصعاً مشرقاً واضحاً ومباركا، بفضل ارشاداته واخلاقه وكمال إيمانه بالله تعالى، وعشقه له، وتعلقه به، واستعداده لخوض المنايا في سبيله وسبيل مبادئه العليا، وثباته على ذلك كله حتى أتاه اليقين، تجسيدا لقول جده (ص) : حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا.
* الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي