شعرت بسعادة غامرة عندما شاهدت مقابلة في التلفزيون لأحد الدكاترة اليابانيين الذين يزورون الكويت وهو يتحدث عن هدف زيارته للكويت وهو الاستفادة من تقنيات عمليات القلب المفتوح التي تتفوق فيها الكويت وانه بصدد نقل تلك التكنولوجيا الى اليابان. لقد عادت بي الذاكرة الى قرون مضت حيث كانت بلادنا محط أنظار العالم كله ويفد إليها ملايين البشر ليتعلموا في جامعاتنا ويستفيدوا من خبراتنا.
من يصدق بأن اليابانيين يأتوننا اليوم ليتعلموا منا؟!
انه حقاً لشعور جميل، فلسنا أقل من الآخرين فهماً ولا علماً ولكننا فقط بحاجة الى رعاية للمواهب والطاقات المبدعة، وان كنت لأشكر وزير الصحة على رعايته للمؤتمرات الطبية وآخرها مؤتمر علاج السمنة، وأشكر على الخصوص الدكتور إبراهيم الرشدان أخصائي أمراض القلب على أعماله الجليلة في تطوير العديد من التقنيات المتعلقة بعلاج أمراض القلب.
ولقد تزامن مع ذلك المؤتمر فعاليات مهمة عدة منها المعرض الدولي الرابع للاختراعات في الشرق الأوسط الذي شارك فيه 21 مخترعا كويتيا وحصدوا الكثير من الجوائز وهو لاشك مفخرة للكويت ويتطلب المزيد من الدعم، كما عقد مؤتمر CIGRE للهندسة الكهربائية في دول الخليج والذي ضم الكثير من الفعاليات المهمة لاسيما ما يتعلق بشبكة الربط الكهربائي الخليجية التي تحولت بفضل الله تعالى الى واقع أسوة بالدول المتقدمة.
لاشك ان الكويت تزخر بكفاءات متميزة وطاقات مبدعة وان تلك المؤتمرات والمعارض الكثيرة كانت نتيجة جهود مضنية بذلها كثير من المخلصين، ولكن وللأسف قد غطى على تلك الانجازات الكبيرة انشغال غالبية الناس بقضايا سياسية لانشك في أهميتها ولكننا نرفض ان تسحب البساط من تحت أيدينا وتتحول الى جدل عقيم ومجال لكسب البطولات وتهييج مشاعر الناس الى درجة تعطيل مظاهر الحياة وتوقيف كل شيء، حتى الطلبة أخرجوهم من مدارسهم لكي يشاركوا في الإضرابات والاعتصامات السياسية، وحتى نزلاء دور الرعاية جلبوهم لكي يتصدوا للمعارضين، بل وصل الأمر الى ان يتم تأسيس قنوات فضائية ليس لها هم إلا نقل الاعتصامات والمظاهرات على مدى الـ 24 ساعة وتضخيمها، وقنوات تبحث عن كل ما تراه من أمور قبيحة في البلد ومشاريع لم تكتمل لكي تضخمه وتبرزه للناس من أجل الحرب على الحكومة، بل وقنوات تبحث عن أسوأ أنواع الناس من الشتّامين والمهلوسين وأصحاب الكلام البذيء لتفتح لهم المجال لتمزيق نسيج المجتمع وضرب بعضنا ببعض والتشكيك في كل خير في بلادنا.
هكذا تقدّم اليابان
قصة الشاب الياباني «تاكيو أوساهيرا» تستحق التأمل، فقد سافر الى ألمانيا للدراسة بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وقد ركز جهوده على صنع محرك بعدما اشتراه ثم قام بتفكيكه قطعة قطعة، ثم تركيبه، وعندما رجع الى اليابان طلب الامبراطور الياباني مقابلته ليشكره على جهوده، لكنه اعتذر لكي يكمل مشروعه الذي استغرق منه تسع سنوات في ألمانيا وتسع سنوات في اليابان، ثم حمل محركاته اليابانية الصنع الى الامبراطور، وعندما اشتغلت قال الامبراطور وقد تهلل وجهه فرحا: هذه أجمل معزوفة سمعتها في حياتي، ومنذ ذلك اليوم سبقت اليابان دول العالم في الصناعة والتكنولوجيا، انه تشجيع الملوك لصناعات بلدانهم.
د. وائل الحساوي
[email protected]