بدر ناصر العتيبي / الشرهة في المجتمع المُدان

تصغير
تكبير

في المجتمع الكويتي اليوم لا تعرف حقيقة من يدين من؟ فتش عن الشرهة بمفهموها الشعبي وستجد من يشير إليها كأصابع الاتهام كل على الآخر، فالمواطن يرجعها إلى النائب الذي قصر بتحمل مسؤوليته كمشرع ورقابي، والنائب لا يتورع من إلصاقها بالحكومة بين الفينة والأخرى التي خذلته بتنصلها من تحمل مسؤوليتها كسلطة تنفيذية، وأستاذ الجامعة في آخر أبحاثه أو مقابلاته الصحافية يرجحها إلى المواطن كفرد من أفراد المجتمع الذي يتمترس خلف عيوب كثيرة لا يمكن إنكارها أو حتى الاعتراف بها مثل الهزيمة التي لا أب لها، أما الإنتصار فله ألف أب!

لا أعرف حقيقة إذا كانت ستطول مشكلة الكويت وشعبها مع هذه الشرهة كمصطلح شعبي يحمل أبعاداً إيجابية أحياناً، رغم إصرار البعض على التمسك بجانبها السلبي فقط، والذي يمكن ربطه مباشرة بموضوع تحمل المسؤولية، لأنه سيشكل، وللأسف، على المدى القصير أو البعيد عائقاً من دون شك في طريق إصلاح الدولة إدارياً من خلال تفشي الفساد وتوغله في مؤسساتها التي تفتقد إلى الشفافية المطلوبة للنهوض بدورها الذي يفترض أن تقوم به حتى تنصلح الحال في البلاد، فالمسؤول يدين مرؤوسيه من خلالها، في حين لا يمكن إغفال تلويح بعض الموظفين بها كورقة إثبات تدل على أنها واحدة من أولى مسؤوليات ذلك المدير أو الوكيل أو غيره وفق ترتيب تصاعدي أو تنازلي تمليه مصلحة هذا المسؤول أياً كان ثقله في الهروب من تحمل أعباء تلك المسؤولية الملقاة على عاتقه، والتي لا يستشعر إلا بخفتها دائماً في سبيل تحقيق مصالحه الشخصية للوصول إلى مآرب آنية قد لا تتعدى حدود إحساسه بخطر فقدان نعيمها!

يبدو أن الحديث عن الشرهة ذو شجون وقد يطول ويطول في بلد صغير مثل الكويت حيث ستجد من يشاطرك الرأي أكثر، وقد يطالب فوراً بتضافر الجهود إلى عقد مؤتمر شعبي عام بعنوان «الشرهة على منو» لمعرفة خطورة تداعياتها أو الوقوف على أسبابها للحد من آثارها السلبية على البلاد والعباد، لأنها مرتبطة، كما أسلفنا، ونكرر، بموضوع تحمل المسؤولية والذي خصه رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بأحاديث نبوية شريفة ككلكم راعٍٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، وإن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه وغيرهما، كما لا يمكن المرور على الخطاب القرآني الكريم من دون التذكير بقوله تعالى: «وقفوهم إنهم مسؤولون». وصدق الله العظيم.


بدر ناصر العتيبي

كاتب ومهندس كويتي

bader_otaibi@hotmail.com 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي